الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(687) باب فضل صلة أصدقاء الأب والأم، ونحوهما
5666 -
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رجلا من الأعراب لقيه بطريق مكة. فسلم عليه عبد الله، وحمله على حمار كان يركبه، وأعطاه عمامة كانت على رأسه. فقال ابن دينار: فقلنا له: أصلحك الله! إنهم الأعراب وإنهم يرضون باليسير. فقال عبد الله: إن أبا هذا كان ودا لعمر بن الخطاب. وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أبر البر صلة الولد أهل ود أبيه".
5667 -
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أبر البر أن يصل الرجل ود أبيه".
5668 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه كان إذا خرج إلى مكة كان له حمار يتروح عليه، إذا مل ركوب الراحلة. وعمامة يشد بها رأسه. فبينا هو يوما على ذلك الحمار. إذ مر به أعرابي. فقال: ألست ابن فلان بن فلان؟ قال: بلى. فأعطاه الحمار وقال: اركب هذا. والعمامة، قال: اشدد بها رأسك. فقال له بعض أصحابه: غفر الله لك! أعطيت هذا الأعرابي حمارا كنت تروح عليه، وعمامة كنت تشد بها رأسك! فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه، بعد أن يولي" وإن أباه كان صديقا لعمر.
-[المعنى العام]-
كان ابن عمر رضي الله عنهما معنيا بالتصدق بأحب الأشياء لديه، حتى روي أنه كان يشتري السكر، ويتصدق به، فقيل له: ولم السكر؟ قال: لأني أحبه، والله تعالى يقول:{لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} [آل عمران: 92] وها هو في هذا الحديث يتصدق على أهل ود أبيه بأعز ما معه، حماره الذي يركبه، ويستروح به، حين يمل أو يتعب من ركوبه ناقته، وكان يستصحبه مع ناقته في
سفره، ينتقل منها إليه في بعض الطريق. ومرة استصحبه معه من المدينة إلى مكة، وركبه في طريق من طرقها، فرأى رجلا من أهل البادية يمشي على رجليه كان والده يزور أباه عمر بن الخطاب، وكان عمر يحبه، فوقف، وناداه، وسلم عليه، وسأله عن حاله، ونزل عن الحمار، وأعطاه له، وقال له: اركب، فهو لك، وخلع ابن عمر عمامة كان يلفها حول رأسه، من أجمل ما يملك، كانت تحفظ له هيبته، وتحميه من الشمس، خلعها ووهبها للأعرابي، فعجب مرافقوه، واستكثروا ما أعطاه للأعرابي، فقالوا له: إنه أعرابي من أهل البادية، والقليل من الصلة تكفيهم، وهذا عطاء عليه كثير؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن من أبر البر، وإن خير ما تبر به أباك بعد أن يولي أن تصل أهل من كان يوده في حياته" وقد كان والد هذا الأعرابي صديقا لعمر بن الخطاب.
-[المباحث العربية]-
(أن رجلا من الأعراب لقيه بطريق مكة، فسلم عليه عبد الله، وحمله على حمار، كان يركبه، وأعطاه عمامة كانت على رأسه) في الرواية الثالثة عن ابن عمر رضي الله عنهما "أنه كان إذا خرج إلى مكة" من المدينة "كان له حمار" يستصحبه معه "يتروح عليه، إذا مل ركوب الراحلة، وعمامة يشد بها رأسه، فبينا هو يوما على ذلك الحمار، إذ مر به أعرابي، فقال: ألست ابن فلان بن فلان؟ قال: بلى: فأعطاه الحمار، وقال: اركب هذا، والعمامة، قال: اشدد بها على رأسك".
(فقال ابن دينار) الراوي عن ابن عمر، والمرافق له في هذه الرحلة.
(فقلنا له: أصلحك الله: إنهم الأعراب، وأنهم يرضون باليسير) وما أعطيته كثير. والقائل ابن دينار، وأسند القول لنفسه ولأصحابه، لموافقتهم إياه، وفي الرواية الثالثة "فقال له بعض أصحابه: غفر الله لك. أعطيت هذا الأعرابي حمارا كنت تروح عليه، وعمامة كنت تشد بها رأسك"؟ وهذا كثير.
(فقال عبد الله: إن أبا هذا كان ودا لعمر) قال القاضي: رويناه بضم الواو، وكسرها، أي صديقا من أهل مودته، وهي محبته.
(وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أبر البر صلة الولد أهل ود أبيه) في الرواية الثانية "أبر البر أن يصل الرجل ود أبيه" و"من" فيها مقدرة، وفي الرواية الثالثة "إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه، بعد أن يولي، وإن أباه كان صديقا لعمر" قال النووي: الواو هنا في "ود أبيه" مضمومة. اهـ. فهو مصدر.
-[فقه الحديث]-
1 -
في الحديث فضل صلة أصدقاء الأب، والإحسان إليهم، وإكرامهم، وهو متضمن لبر الأب، وإكرامه، لكونه بسببه، ويلتحق به أصدقاء الأم والأجداد والمشايخ والزوج والزوجة.
2 -
وفيه قوة ودقة عمل ابن عمر بالسنة.
3 -
وفيه أن بر أقارب الميت ينفع الميت، وقد روى أبو داود وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه "أن رجلا من بني سلمة جاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، هل بقي علي من بر أبوي شيء، أبرهما بعد وفاتهما؟ قال: نعم. الصلاة عليهما" أي الدعاء لهما "والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما".
وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى في بر أصدقاء خديجة بعد وفاتها، رضي الله عنها.
والله أعلم