الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(677) باب معنى قوله صلى الله عليه وسلم:
"على رأس مائة سنة لا يبقى نفس منفوسة ممن هو موجود الآن"
5637 -
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، صلاة العشاء، في آخر حياته. فلما سلم قام فقال:"أرأيتكم ليلتكم هذه؟ فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد" قال ابن عمر: فوهل الناس في مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك، فيما يتحدثون من هذه الأحاديث، عن مائة سنة. وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد. يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن.
5638 -
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول، قبل أن يموت بشهر:"تسألوني عن الساعة؟ وإنما علمها عند الله. وأقسم بالله! ما على الأرض من نفس منفوسة تأتي عليها مائة سنة".
5639 -
وفي رواية عن ابن جريج، بهذا الإسناد. ولم يذكر: قبل موته بشهر.
5640 -
وفي رواية عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ذلك قبل موته بشهر. أو نحو ذلك:"ما من نفس منفوسة، اليوم، تأتي عليها مائة سنة، وهي حية يومئذ". وعن عبد الرحمن صاحب السقاية، عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم. بمثل ذلك. وفسرها عبد الرحمن قال: نقص العمر.
5641 -
عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك، سألوه عن الساعة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تأتي مائة سنة، وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم".
5642 -
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "ما من نفس منفوسة، تبلغ مائة سنة". فقال سالم: تذاكرنا ذلك عنده. إنما هي كل نفس مخلوقة يومئذ.
-[المعنى العام]-
الموت حق، نؤمن بوقوعه لكل مخلوق حي إيمانا بدهيا محسوسا، لكن الذي يخفى علينا وقت وقوعه بنا {إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير} [لقمان: 34] ولو علم الناس نهاية عمرهم لأهملوا العمل، حتى يقرب الأجل، فأخفى الموعد، ليتوقع الكيس قربه، فيسعى ليل نهار، وليعمل لدنياه، كأنه يعيش أبدا، ويعمل لآخرته كأنه يموت غدا.
ولما كان الإنسان مطبوعا على حب الاستطلاع، ومعرفة المجهول، ويخاف الفجأة القاضية كثر السؤال عن الساعة، وموعدها، من منكريها، ومن المؤمنين بها، وكان الجواب واحدا، {علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة} [الأعراف: 187] ولكن إذا جاء الأجل لا تستأخرون ساعة ولا تستقدمون، فعيشوا ما تعيشون، ولن يعيش أحد منكم - معشر الصحابة المخاطبين - أكثر من مائة عام أوحى إلي ربي بذلك، وهو علام الغيوب.
-[المباحث العربية]-
(أرأيتكم ليلتكم هذه؟ ) أي أخبركم عن ليلتكم هذه؟ وعن آجالكم ابتداء منها؟ ودلالة "أرأيتكم" على "أخبركم" عن طريق مجاز مرسل، علاقته اللازمية، إذ يلزم من الرؤية الإخبار بالمرئي غالبا، وكانت هذه الليلة قبل أن يموت صلى الله عليه وسلم بشهر، كما جاء في الرواية الثانية، وملحقيها، وكانت هذه المقالة بعد أن صلى بهم العشاء، وكأنه صلى الله عليه وسلم ينعي لهم نفسه، ويبين أن الكل سيموت، طال الأجل أو قصر، وكانت هذه المقالة جوابا عن الساعة، وبعد عودته صلى الله عليه وسلم من تبوك.
(فإن على رأس مائة سنة منها، لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد) في الرواية
الثانية "تسألوني عن الساعة، وإنما علمها عند الله، وأقسم بالله. ما على الأرض من نفس منفوسة، تأتي عليها مائة سنة" وفي ملحقها "ما من نفس منفوسة اليوم تأتي عليها مائة سنة وهي حية يومئذ" وفي الرواية الثالثة "لا يأتي مائة سنة، وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم" وفي الرواية الرابعة "ما من نفس منفوسة تبلغ مائة سنة" قال الراوي: "إنما هي كل نفس مخلوقة يومئذ" ومعنى "نفس منفوسة" أي مولودة.
(فوهل الناس في مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك، فيما يتحدثون من هذه الأحاديث عن مائة سنة، وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحدا" يريد بذلك أن ينخرم القرن)"وهل" بفتح الهاء، يهل بكسرها، من باب ضرب، أي غلط، وذهب وهمه إلى خلاف الصواب، وهو المراد هنا، أما وهل بكسر الهاء يهل بفتحها، من باب حذر، فمعناه، فزع، والوهل بالفتح الفزع، والمعنى أن الصحابة أخذوا يفسرون هذا الحديث تفسيرات خاطئة في مجالسهم إذا تناولوا هذه الأحاديث، فمنهم من يظن أنهم سيعيشون مائة سنة، فظن بعضهم أن أعمار من سيولد قد تصل مائة سنة، ولا تزيد عن مائة سنة، وإنما المراد أن كل نفس منفوسة من الآدميين كانت تلك الليلة حية على الأرض، لا تعيش بعد تلك الليلة فوق مائة سنة، سواء كان عمرها في تلك الليلة قليلا أو كثيرا، وليس فيه نفي عيش أحد يوجد بعد تلك الليلة فوق مائة سنة.
وقول الراوي: "يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن" معناه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد بهذا انقضاء الأحياء الموجودين المعاصرين أهل هذا القرن، وذهابهم قبل مائة عام من هذه المقالة، يقال: انخرم العام، أي ذهب وانقضى، وانخرم القوم، أي فنوا وذهبوا.
-[فقه الحديث]-
قال النووي: احتج بهذا الحديث من شذ من المحدثين، فقال: الخضر عليه السلام ميت. والجمهور على حياته، كما سبق في باب فضائله، ويتأولون هذه الأحاديث على أنه كان على البحر، لا على الأرض (وهذا مردود، لأن البحر من الأرض) أو أن هذه الأحاديث من العام المخصوص. اهـ.
أو المراد ممن على الأرض من المخاطبين ومن على شاكلتهم، أي الصحابة، أي لا يبقى أحد من الصحابة بعد مائة سنة، ولذلك بحثنا في الباب السابق، في نهاية القرن، وآخر الصحابة موتا، ولم نبحث آخر الناس في جميع بقاع الأرض موتا.
1 -
وقال النووي: في الحديث احتراز من الملائكة: فإنهم لا يدخلون في النفس المنفوسة على ظهر الأرض.
2 -
وفيه الأسلوب الحكيم، وهو الجواب على ما ينبغي أن يسأل عنه، لا عما سئل عنه، فإنهم سألوا عن الساعة، متى هي؟ فأجيبوا بأن ساعة كل مخلوق موته، وساعتهم جميعا بوجه عام قبل مائة سنة.
3 -
وفيه مناقشة الصحابة بعضهم بعضا في مجالسهم عن معاني الأحاديث.
4 -
وأنهم قد يخطئون في فهمها.
والله أعلم