الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(675) باب بيان أن بقاء النبي صلى الله عليه وسلم أمان لأصحابه، وبقاء أصحابه أمان للأمة
5625 -
عن أبي بردة عن أبيه رضي الله عنه قال: صلينا المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم قلنا: لو جلسنا حتى نصلي معه العشاء! قال: فجلسنا فخرج علينا. فقال: "مازلتم ها هنا؟ " قلنا: يا رسول الله! صلينا معك المغرب. ثم قلنا: نجلس حتى نصلي معك العشاء. قال: "أحسنتم أو أصبتم" قال: فرفع رأسه إلى السماء، وكان كثيرا مما يرفع رأسه إلى السماء. فقال:"النجوم أمنة للسماء. فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد. وأنا أمنة لأصحابي. فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون. وأصحابي أمنة لأمتي. فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون".
-[المعنى العام]-
يقول الله تعالى {وعلامات وبالنجم هم يهتدون} [النحل: 16] سبحانه هيأ الأسباب للمسببات، وجعل للنتائج مقدمات وجعل للساعة أشراطا وعلامات، فانتثار الكواكب، وتكوير الشمس، وانكدار النجوم، كل ذلك من علامات الساعة، وهناك علامات لا نراها، ربطها الإسلام بما نراه، فإذا رأينا النجوم قد ذهبت من السماء في الليلة المظلمة الخالية من السحاب علمنا أن السماء انفطرت وانشقت، وطالما كانت النجوم موجودة ظاهرة لنا آمنا أن السماء موجودة كذلك، وحصل لنا اطمئنان على الحياة الدنيا.
والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين كانوا في أمن وأمان من وقوع عذاب جماعي بهم، ما دام الرسول صلى الله عليه وسلم بينهم، مصداقا لقوله تعالى:{وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم} [الأنفال: 33] وعلم حذيفة وعمر وبعض الصحابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن وجود أبي بكر وعمر في حياتهم باب حائل بينهم وبين الفتن التي تموج موج البحر، وقد حصل كل ذلك، وسبحان علام الغيوب.
-[المباحث العربية]-
(فرفع رأسه إلى السماء) لأنه سيتكلم عنها.
(وكان كثيرا مما يرفع رأسه إلى السماء) في أصول مسند أحمد "وكان كثيرا ما يرفع رأسه إلى السماء" بدون "من" وهي أظهر، فإن "ما" مصدرية، والمصدر اسم "كان" والتقدير: وكان رفعه رأسه إلى السماء كثيرا.
(النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد) بفتح الهمزة والميم والنون. قال العلماء: الأمنة والأمن والأمان بمعنى يقال: أمن بكسر الميم، يأمن بفتحها، أمنا وأمانا وأمانة، وأمنا بفتح الميم، وإمنا بكسر الهمزة وسكون الميم، وأمنة. اطمأن ولم يخف، والمعنى وجود النجوم في السماء علامة من علامات بقائها، لأن السماء نفسها غير مرئية، فما دامت النجوم باقية فالسماء باقية، فإذا النجوم انكدرت وتناثرت كشطت السماء وانشقت وانفطرت وذهبت.
(وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون) من الفتن والحروب، وارتداد من ارتد من الأعراب، واختلاف القلوب، ونحو ذلك مما أنذر به صريحا، وقد وقع كل ذلك.
(وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون) من ظهور البدع في الدين والفتن فيه، وطلوع قرن الشيطان، وظهور الروم وغيرهم عليهم، وانتهاك المدينة ومكة، وهذه كلها من معجزاته صلى الله عليه وسلم، كذا قال النووي. وفيه نظر، لأن كل ما ذكره حصل والصحابة أحياء، لم يذهبوا، ولم يكن وجود الصحابة مانعا من الردة، ولا من قتل عثمان رضي الله عنه، ولا من قتل عشرة آلاف من كبارهم في معركة الجمل وحدها، ولا من انتهاك مكة والمدينة على يد الحجاج، ولا من ظهور الخوارج.
ولعل المراد من أصحابه أصحاب معينون - أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، كحديث حذيفة عن الفتنة وأن عمر كان الباب الذي يغلقها، وأن هذا الباب ينكسر بموته رضي الله عنه.
-[فقه الحديث]-
في الحديث معجزة ظاهرة من معجزاته صلى الله عليه وسلم.
وفيه فضيلة لصحابته رضي الله عنهم.
وأن ذهاب النجوم، وانتثار الكواكب، مرتبط بانفطار السماء، وقيام الساعة.
وما كان عليه الصحابة من انتظار الصلاة بعد الصلاة.
واستحباب ذلك، من إقراره صلى الله عليه وسلم لهم، وتحسينه فعلهم.
وأن وجود النبي صلى الله عليه وسلم وحياته أمان لأمته، وصدق الله العظيم إذ يقول:{وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم} [الأنفال: 33].
والله أعلم