الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(623) باب قدر عمره صلى الله عليه وسلم، وإقامته بمكة والمدينة
5304 -
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن ولا بالقصير. وليس بالأبيض الأمهق ولا بالآدم. ولا بالجعد القطط ولا بالسبط. بعثه الله على رأس أربعين سنة. فأقام بمكة عشر سنين، وبالمدينة عشر سنين، وتوفاه الله على رأس ستين سنة. وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء.
5305 -
وفي رواية عن أنس بن مالك رضي الله عنه، بمثل حديث مالك بن أنس، وزاد في حديثهما: كان أزهر.
5306 -
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين. وأبو بكر وهو ابن ثلاث وستين. وعمر وهو ابن ثلاث وستين.
5307 -
عن عائشة رضي الله عنها؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابن ثلاث وستين سنة. وقال ابن شهاب: أخبرني سعيد بن المسيب. بمثل ذلك.
5308 -
عن عمرو قال قلت لعروة كم كان النبي صلى الله عليه وسلم بمكة؟ قال: عشرا. قال: قلت: فإن ابن عباس يقول: ثلاث عشرة.
5309 -
عن عمرو قال: قلت لعروة: كم لبث النبي صلى الله عليه وسلم بمكة؟ قال: عشرا. قلت: فإن ابن عباس يقول: بضع عشرة. قال: فغفره، وقال: إنما أخذه من قول الشاعر.
5310 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث بمكة ثلاث عشرة. وتوفي وهو ابن ثلاث وستين.
5311 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه. وبالمدينة عشرا. ومات وهو ابن ثلاث وستين سنة.
5312 -
عن أبي إسحق قال: كنت جالسا مع عبد الله بن عتبة. فذكروا سني رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال بعض القوم: كان أبو بكر أكبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عبد الله: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين. ومات أبو بكر وهو ابن ثلاث وستين. وقتل عمر وهو ابن ثلاث وستين. قال: فقال رجل من القوم، يقال له عامر بن سعد: حدثنا جرير قال: كنا قعودا عند معاوية. فذكروا سني رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال معاوية: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة. ومات أبو بكر وهو ابن ثلاث وستين. وقتل عمر وهو ابن ثلاث وستين.
5313 -
عن جرير أنه سمع معاوية يخطب فقال: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين. وأبو بكر وعمر. وأنا ابن ثلاث وستين.
5314 -
عن عمار مولى بني هاشم قال: سألت ابن عباس: كم أتى لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات؟ فقال ما كنت أحسب مثلك من قومه يخفى عليه ذاك. قال: قلت: إني قد سألت الناس فاختلفوا علي. فأحببت أن أعلم قولك فيه. قال: أتحسب؟ قال: قلت: نعم. قال: أمسك أربعين بعث لها. خمس عشرة بمكة. يأمن ويخاف. وعشر من مهاجره إلى المدينة.
5315 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابن خمس وستين.
5316 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة خمس عشرة سنة. يسمع الصوت، ويرى الضوء، سبع سنين، ولا يرى شيئا. وثمان سنين يوحى إليه. وأقام بالمدينة عشرا.
-[المعنى العام]-
يشتهر العرب بالمعمرين الذين يبلغون ما فوق السبعين، ربما لبيئة الصحراء، قليلة الأمراض، نقية الهواء، وربما لقلة مشاغلهم ومشاكلهم.
والأعمار الحقيقية لا تقاس بالسنين، فالأزمنة ظروف لما يحدث فيها، وقيمتها بقيمة ما يشغلها.
فلو أن عملا ما تم في شهر مع إنسان، وتم هو نفسه مع إنسان آخر في عام كانت قيمة العام عند هذا مساوية لقيمة الشهر عند ذاك.
ومن هنا نعجب كل العجب لما أحدثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإنسانية من نهضة وتطور في زمن يقل عن ثلاثة وعشرين عاما، فقد أوحي إليه صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين.
كانت ساعاته بأيام عند غيره، وما رجع من غزوة إلا وري بأخرى، وما جلس في المسجد إلا دعا ونصح وبلغ، يلقى جبريل، ويلقى أصحابه، ويلقى أعداءه، ويدير مملكة يحاربها خصوم ألداء من جهات متعددة، ويطبق شريعة الله، ويقضي بين الناس، وهو القائد في الحرب، الوالد في السلم، ولقد عظمت المسئولية لعظمة المسئول.
حقا. إن المرء ليعجب، ولا يعجب من سؤال الصحابة بعضهم بعضا عن عمره صلى الله عليه وسلم، ما قضاه منه في مكة بعد البعثة وقبل الهجرة، وما قضاه صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعد الهجرة.
صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
-[المباحث العربية]-
(بعثه الله على رأس أربعين سنة) أي أوحى إليه عند تمامه أربعين سنة.
(فأقام بمكة عشر سنين) أي بعد بدء الوحي.
(وبالمدينة عشر سنين) ابتداء من الهجرة، حتى الوفاة.
(وتوفاه الله على رأس ستين سنة) من تاريخ ولادته.
(كم كان النبي صلى الله عليه وسلم بمكة؟ ) أي كم سنة أقام بمكة بعد أن بعث؟ وفي ملحق الرواية الرابعة "كم لبث النبي صلى الله عليه وسلم بمكة"؟
(فإن ابن عباس يقول: بضع عشرة) فسر البضع في الرواية السادسة بثلاث ولفظها "مكث بمكة ثلاث عشرة" أي بعد أن بعث.
(قال: فغفره) بفتح الغين، وتشديد الفاء المفتوحة، أي دعا عروة لابن عباس بالمغفرة، قال النووي: هكذا هو في جميع نسخ بلادنا "فغفره" أي قال: غفر الله له، وهذه اللفظة يقولونها غالبا لمن غلط في شيء. فكأنه قال: أخطأ غفر الله له. قال القاضي: وفي رواية ابن ماهان "فصغره" بصاد ثم غين، أي استصغره عن معرفة هذا، وعن إدراكه وضبطه.
(وقال: إنما أخذه من قول الشاعر) أي استمد ابن عباس هذا القول من قول الشاعر، وليس له علم بذلك، والشاعر المقصود هنا هو أبو قيس، صرمة بن أبي أنس، حيث يقول:
ثوى في قريش بضع عشرة حجة
يذكر، لو يلقى خليلا مواتيا
أي يتمنى أن يلقى صاحبا يسلم ويتبعه، قال القاضي: وقد وقع هذا البيت في بضع نسخ صحيح مسلم، وليس هو في عامتها. قال النووي: وأبو قيس هذا أنصاري من بني النجار، كما قال ابن إسحق، قال: كان قد ترهب في الجاهلية، ولبس المسوح، وفارق الأوثان، واغتسل من الجنابة، واتخذ بيتا له مسجدا، لا يدخل عليه حائض ولا جنب، وقال: أعبد رب إبراهيم، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة أسلم، فحسن إسلامه، وهو شيخ كبير، وكان قوالا بالحق، وكان معظما لله تعالى في الجاهلية يقول الشعر في تعظيمه سبحانه وتعالى. اهـ.
(فذكروا سني رسول الله صلى الله عليه وسلم بكسر السين وكسر النون مخففة، وأصلها "سنين" حذفت النون للإضافة، لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، أي تذاكروا عمر النبي صلى الله عليه وسلم، وعدد السنين التي عاشها.
(كان أبو بكر أكبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا خطأ باتفاق الجمهور.
(مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين، وأبو بكر وعمر) الخبر محذوف للعلم به من المقام، أي وأبو بكر وعمر ماتا وكل منهما ابن ثلاث وستين.
(وأنا ابن ثلاث وستين) يقول معاوية: وأنا الآن ابن ثلاث وستين. والجملة مستأنفة، يقصد وأنا أتوقع موافقتهم، فأموت في سنتي هذه، قيل: عاش سبعا وسبعين سنة.
(عن عمار، مولى بني هاشم، قال: سألت ابن عباس: كم أتى لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات؟ ) أي كم من الدهر والسنين أتى على حياته صلى الله عليه وسلم يوم مات؟
(ما كنت أحسب مثلك من قومه يخفى عليه ذاك) ظن ابن عباس أن عمارا يسأل لخفاء الأمر عليه، ليعلم، والحقيقة أن عمارا كان يسأل للتقرير، وليتأكد من الخبر الشائع عن شذوذ ابن عباس بقوله. ولذلك كان جوابه: إني قد سألت الناس - أي الصحابة - فاختلفوا علي، فأحببت أن أعلم قولك في هذا الأمر.
(قال: أتحسب) بضم السين، من الحساب، أي أتعرف الجمع؟
(أربعين بعث لها) أي بعث عندها. أضف إليها.
(خمس عشرة بمكة، يأمن ويخاف) أي بعد أن أوحي إليه أقام بمكة خمس عشرة سنة، يسر بالدعوة ويجهر بها.
(وعشر من مهاجرة إلى المدينة)"عشر" غير منون، على نية الإضافة، أي وعشر سنين، مبتدئة من تاريخ هجرته إلى وفاته.
(أقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة خمس عشرة سنة، يسمع الصوت، ويرى الضوء سبع سنين، ولا يرى شيئا، وثمان سنين يوحى إليه) قال القاضي: أي يسمع صوت الهاتف به من الملائكة، ويرى نور الملائكة، أو نور آيات الله، حتى رأى الملك بعينيه، وشافهه بوحي الله تعالى.
-[فقه الحديث]-
يحسن بنا أن نسرد الأقوال منضبطة، ثم نرجح أو نجمع بينها، أو نختار.
فعن تاريخ ميلاده صلى الله عليه وسلم يقول النووي: ولد عام الفيل على الصحيح المشهور، وقيل: بعد الفيل بثلاث سنين، وقيل: بأربع سنين، وادعى القاضي عياض الإجماع على عام الفيل، وليس كما ادعى.
واتفقوا على أنه ولد يوم الإثنين في شهر ربيع الأول، واختلفوا: هل هو ثاني الشهر؟ أم ثامنه؟ أم عاشره؟ اهـ. وهذه الأقوال غير منسجمة، فإذا كان هناك اتفاق على يوم الإثنين أمكن تحديد وضعه من الشهر هكذا. ثانيه أو تاسعه؟ أو سادس عشره؟ . أما أن يكون الإثنين ثانيا أو ثامنا أو عاشرا أو ثاني عشره فغير معقول.
وسبب هذا الاختلاف أن العرب لم يكونوا يكتبون، ولا يقيدون المواليد، والإنسان يحتاج تاريخ الميلاد غالبا عندما يصبح مهما، أي بعد ميلاده بفترة، تنسى تاريخ الميلاد غالبا.
أما تاريخ وفاته صلى الله عليه وسلم فقد اتفقوا على أنه توفي يوم الإثنين، الثاني عشر من شهر ربيع الأول، ضحى.
وأما متى بعث؟ وعند أي سنة من عمره أوحي إليه، فالصواب المشهور أنه صلى الله عليه وسلم بعث على رأس أربعين من عمره، وحكى القاضي عياض عن ابن عباس وسعيد بن المسيب رواية شاذة "أنه صلى الله عليه وسلم بعث على رأس ثلاث وأربعين سنة.
ولعل هذه الرواية حسبت البعثة من تاريخ عودة الوحي بعد أن فتر.
واتفقوا على أنه صلى الله عليه وسلم أقام بالمدينة بعد الهجرة عشر سنين.
والخلاف الواضح في الروايات إنما هو في المدة التي أقامها بمكة بعد البعثة، مما ترتب على هذا الخلاف خلاف في عمره صلى الله عليه وسلم ككل.
فالرواية الأولى تصرح بأنه صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بعد البعثة عشر سنين، وبعث على رأس الأربعين، وأقام بالمدينة عشر سنين، فتوفي على رأس الستين، وهي مروية عن أنس رضي الله عنه.
وفي البخاري عن عائشة وابن عباس.
والرواية الرابعة وملحقها تنسب لعروة أنه صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بعد البعثة عشر سنين وأن عروة أنكر على ابن عباس قوله "ثلاث عشرة" وعليه فعروة يعتبر عمره صلى الله عليه وسلم حين وفاته ستين سنة، على خلاف ما عليه الجمهور، وما نسب إلى ابن عباس في الرواية الرابعة والخامسة والسادسة يتفق مع قول الجمهور، وقد روي أيضا في البخاري عن عائشة رضي الله عنها.
أما الرواية التاسعة فتنسب لابن عباس أن الإقامة بمكة بعد البعثة خمس عشرة سنة، والبعثة على رأس الأربعين، فيكون عمره صلى الله عليه وسلم حين الوفاة خمسا وستين، وقد صرحت بذلك الرواية العاشرة، فيكون هذا رأيا لابن عباس مخالفا للجمهور.
فتحصل من هذا:
قول بأنه صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابن ستين سنة.
وقول بأنه صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابن خمس وستين سنة.
وقول بأنه صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابن ثلاث وستين سنة.
قال النووي: وهو أصح الأقوال وأشهرها، رواه مسلم هنا من رواية عائشة وأنس وابن عباس، رضي الله عنهم.
وتأول الجمهور الروايات الأخرى، تأول رواية الستين بأنه اقتصر فيها على العقود، وترك الكسر، وتأول روايات الخمس والستين بالجبر إلى نصف العقد، أو أن هذه الروايات حصل فيها اشتباه، فلصاحبها روايات بخلافها.
قال الحافظ ابن حجر: والحاصل أن كل من روى عنه من الصحابة ما يخالف المشهور - وهو ثلاث وستون - جاء عنه المشهور، وهم ابن عباس وعائشة وأنس.
ثم قال: ومن الشذوذ ما رواه عمر بن شبة أنه عاش إحدى أو اثنتين وستين، ولم يبلغ ثلاثا وستين وكذا رواه ابن عساكر من وجه آخر أنه عاش اثنتين وستين ونصفا، وهذا يصح على قول من قال: ولد في رمضان، وهو قول شاذ.
والله أعلم