الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(624) باب في أسمائه صلى الله عليه وسلم
5317 -
عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أنا محمد. وأنا أحمد. وأنا الماحي الذي يمحى بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على عقبي. وأنا العاقب". والعاقب الذي ليس بعده نبي.
5318 -
عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن لي أسماء. أنا محمد. وأنا أحمد. وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر. وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي. وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد". وقد سماه الله رءوفا رحيما.
5319 -
وفي حديث شعيب ومعمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي حديث عقيل: قال: قلت: للزهري: وما العاقب؟ قال: الذي ليس بعده نبي. وفي حديث معمر وعقيل: الكفرة. وفي حديث شعيب: الكفر.
5320 -
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمي لنا نفسه أسماء. فقال: "أنا محمد، وأحمد، والمقفي، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة".
-[المعنى العام]-
كثير من الأسماء يلحظ واضعوها مشتقها ومعناها، تيمنا وتفاؤلا ورغبة في أن يكون المسمى له نصيب من اسمه، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يغير الأسماء القبيحة أو التي تبعث الشؤم في نفس السامع إلى أسماء حسنة مبشرة.
لقد توفي عبد الله والد محمد صلى الله عليه وسلم ومحمد في بطن أمه، فلما ولد سماه جده عبد المطلب محمدا، رجاء أن يحمد في السموات وفي الأرض، وكان الرهبان يبشرون الناس بأن نبيا في ذاك الزمان
سيبعث، واسمه محمد، فبدأ الآباء يسمون أبناءهم محمدا، أملا في أن يكون هو النبي صلى الله عليه وسلم المنتظر، حتى بلغ اسم محمد في تلك الآونة خمسة عشر، بعد أن لم يكن معروفا عند العرب، وكانت توراة عيسى بشرت بهذا النبي صلى الله عليه وسلم وسمته "أحمد" قال عيسى عليه السلام {ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد} [الصف: 6].
وقد جرت العادة بأن يسمى العظماء أسماء مشتقة من مجال عظمتهم، تسجيلا لهذه الأعمال مرتبطة بأصحابها في سجل التاريخ، فسمي عمر رضي الله عنه بالفاروق، وسمي أبو بكر رضي الله عنه بالصديق، وهكذا كان من أسمائه صلى الله عليه وسلم "الماحي" لأنه يمحو ظلام الكفر عن رقعة كبرى من الأرض، و"الحاشر" الذي سيقود العالم في الحشر يوم القيامة، و"العاقب" الذي كان بعد الأنبياء ولا نبي بعده و"المقفي" أي التابع للرسل السابقين، والمتبوع من أمته، و"نبي التوبة" و"نبي الرحمة" لما تفضل الله به على أمته من قبول توبتهم إذا عصوا فتابوا رحمة بهم.
وهو المبشر المنذر الداعي إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
ولو ذهبنا نسمي رسول الله صلى الله عليه وسلم بما وصفه الله به من صفات المجد والشرف لبلغنا بأسمائه ألفا أو يزيد، صلى الله وسلم وبارك عليه.
-[المباحث العربية]-
(أنا محمد) قال أهل اللغة: يقال: رجل محمد، ومحمود، إذا كثرت خصاله المحمودة، فهذا منقول من صفة الحمد، من باب التفعيل، يقال: حمد بتشديد الميم المكسورة وضم الحاء، وهو بمعنى محمود، وفيه معنى المبالغة، أي الذي حمد مرة بعد مرة، أو الذي تكاملت فيه الخصال المحمودة. قال القاضي عياض: لم يكن العرب يسمون محمدا، إلا قرب ميلاده صلى الله عليه وسلم، لما سمعوا من الكهان والأحبار، أن نبيا سيبعث في ذلك الزمان، يسمى محمدا، فرجوا أن يكون في أبنائهم، فسموا أبناءهم بذلك، قال: وهم ستة لا سابع لهم، ورد الحافظ ابن حجر هذا الحصر، وأوصلهم خمسة عشر نفسا، وسردهم في فتح الباري، وقد تكرر اسم محمد في القرآن الكريم.
(وأنا أحمد) وذكر هذا الاسم في القرآن، حكاية عن قول عيسى عليه السلام {ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد} وهو أفعل تفضيل في الأصل، ثم صار علما منقولا من صفة، ومعناه أحمد الحامدين، قالوا: وسبب ذلك ما ثبت في الصحيح أنه يفتح عليه في المقام بمحامد لم يفتح بها على أحد قبله، وقيل: الأنبياء حمادون، وهو أحمدهم، أي أكثرهم حمدا، أو أعظمهم في صفة الحمد.
قال القاضي عياض: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم "أحمد" قبل أن يكون "محمدا" كما وقع في الوجود، لأن تسميته "أحمد" وقعت في الكتب السالفة، وتسميته "محمدا" وقعت في القرآن العظيم، وذلك أنه حمد ربه قبل أن يحمده الناس، وكذلك في الآخرة، يحمد ربه، فيشفعه، فيحمده الناس، وقد خص بسورة الحمد، وبلواء الحمد، وبالمقام المحمود، وشرع له الحمد بعد الأكل والشرب، وبعد الدعاء، وبعد القدوم من السفر، وسميت أمته الحمادين، فجمعت له معاني الحمد وأنواعه، صلى الله عليه وسلم.
(وأنا الماحي الذي يمحى بي الكفر) في الرواية الثانية "وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر" قيل: المراد إزالة الكفر من جزيرة العرب، فـ "ال" في "الكفر" عهدية، أي كفر أهل الجزيرة، والتقييد بذلك لأن الكفر لم ينمح به من جميع البلاد، وقيل: إنه محمول على الأغلب، أي ينمحي به أغلب الكفر، وفي رواية "يمحو الله به الكفرة" والمراد كفر الكفرة، ففي الكلام مضاف محذوف، وقيل المراد من المحو المحو العام، بمعنى الظهور بالحجة والغلبة، كما قال الله تعالى {ليظهره على الدين كله} [الصف: 9] وجاء في حديث آخر تفسير الماحي بأنه الذي محيت به سيئات من اتبعه، ففي الكلام مضاف محذوف أيضا، أي محيت به سيئات الكفر السابقة على الإيمان، فهو كقوله تعالى {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} [الأنفال: 38] والحديث الصحيح "الإسلام يهدم ما قبله".
(وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على عقبي) وفي الرواية الثانية "على قدمي" قال النووي: اتفقت النسخ على أنها "على قدمي" لكن ضبطوه بتخفيف الياء على الإفراد، وتشديدها على التثنية، وأما الرواية الأولى فهي في معظم النسخ، وفي بعضها "قدمي" كالثانية، قال العلماء: معناهما يحشرون على أثري، وزمان نبوتي ورسالتي، ولبس بعدي نبي، وقيل: يتبعوني، وقيل: معناه إنه أول من يحشر، كما جاء في الحديث الآخر "أنا أول من تنشق عنه الأرض"، وفي رواية "وأنا حاشر، بعثت مع الساعة" وهي تؤيد الرأي الأول.
(وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد) من الأنبياء، ففي الرواية الأولى يفسرها الراوي بقوله "والعاقب الذي ليس بعده نبي" وفي ملحق الرواية الثانية "قال عقيل: قلت للزهري: وما العاقب؟ قال: الذي ليس بعده نبي" فهذا التفسير ظاهره الإدراج. بخلاف ما في الرواية الأولى، ويؤيدها رواية الترمذي، ولفظها "الذي ليس بعدي نبي".
(وقد سماه الله رءوفا رحيما) قال البيهقي في الدلائل: هذه العبارة مدرجة من قول الزهري.
(والمقفي) بكسر الفاء المشددة، قال شمر: هو بمعنى العاقب، وقال ابن الأعرابي: هو المتبع للأنبياء، يقال: قفوته، أقفوه، وقفيته بتشديد الفاء المفتوحة، أقفيه، إذا اتبعته، وقافية كل شيء آخره.
(ونبي التوبة، ونبي الرحمة) أي النبي الذي جاء بالتوبة لأمته، وبالتراحم أكثر من أي نبي آخر، قال تعالى {رحماء بينهم} [الفتح: 29] وقال {وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة} [البلد: 17].
-[فقه الحديث]-
ذكر أبو بكر بن العربي في كتابه: الأحوذي في شرح الترمذي عن بعضهم أن لله تعالى ألف اسم، وللنبي صلى الله عليه وسلم ألف اسم، ثم ذكر منها على التفصيل بضعة وستين، وفي رواية للبخاري "لي خمسة أسماء" وذكر الخمسة التي في الرواية الأولى، وزاد عند ابن سعد "الخاتم" لكن فسر عند البيهقي
"العاقب" بالخاتم، وزعم بعضهم أن حصر العدد ليس من قوله صلى الله عليه وسلم، وإنما ذكره الراوي بالمعنى، قال الحافظ ابن حجر: وفيه نظر، لتصريحه في الحديث بقوله "إن لي خمسة أسماء" والذي يظهر أنه أراد أن لي خمسة أسماء أختص بها، لم يسم بها أحد قبلي، أو خمسة أسماء معظمة أو مشهورة في الأمم الماضية، لا أنه أراد الحصر فيها.
قال: ومما وقع من أسمائه في القرآن بالاتفاق: الشاهد، والمبشر والنذير، والمبين، والداعي إلى الله، والسراج المنير، وفيه أيضا: المذكر والرحمة، والنعمة، والهادي، والشهيد، والأمين، والمزمل، والمدثر، وله في الأحاديث: المتوكل، قال: ومن أسمائه المشهورة: المختار، والمصطفى، والشفيع، والمشفع، والصادق، والمصدوق.
قال: وغالب الأسماء التي ذكرها المصنفون وصف بها صلى الله عليه وسلم، ولم يرد الكثير منها على سبيل التسمية، مثل "اللبنة" لحديث "فكنت أنا اللبنة"
وفي بعض الأحاديث "نبي الملحمة" و"نبي الجهاد".
والله أعلم