الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(601) باب الشعر واللعب بالنرد
5133 -
عن عمرو بن الشريد، عن أبيه قال: ردفت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: "هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شيء؟ " قلت: نعم. قال: "هيه" فأنشدته بيتا. فقال "هيه" ثم أنشدته بيتا فقال هيه حتى أنشدته مائة بيت.
5134 -
عن الشريد قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه. فذكر بمثله.
5135 -
عن عمرو بن الشريد عن أبيه قال: استنشدني رسول الله صلى الله عليه وسلم. بمثل حديث إبراهيم بن ميسرة وزاد قال: "إن كاد ليسلم" وفي حديث ابن مهدي قال: "فلقد كاد يسلم في شعره".
5136 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أشعر كلمة تكلمت بها العرب: كلمة لبيد.
4 -
ألا كل شيء ما خلا الله باطل.
5137 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد 4 ألا كل شيء ما خلا الله باطل. وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم.
5138 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أصدق بيت قاله الشاعر 4 ألا كل شيء ما خلا الله باطل. وكاد ابن أبي الصلت أن يسلم.
5139 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أصدق بيت قالته الشعراء 4 ألا كل شيء ما خلا الله باطل
5140 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد 4 ألا كل شيء ما خلا الله باطل ما زاد على ذلك.
5141 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يمتلئ جوف الرجل قيحا يريه، خير من أن يمتلئ شعرا" قال أبو بكر: إلا أن حفصا لم يقل: يريه.
5142 -
عن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا يريه، خير من أن يمتلئ شعرا".
5143 -
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينا نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرج، إذ عرض شاعر ينشد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خذوا الشيطان أو أمسكوا الشيطان، لأن يمتلئ جوف رجل قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا".
5144 -
عن سليمان بن بريدة، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه".
-[المعنى العام]-
الشعر كلام موزون مقفى، له قواعده وبحوره، اهتم به العرب وأدباؤهم، واستعملوه في أغراض كثيرة، منها الفاحش كالهجاء والغزل والتشبيب بالنساء، ومنها الحسن كالمدح المقبول والوصف السليم والدعوة للجهاد، والدفاع عن الحق وعن الإسلام، والحداء للإبل وغير ذلك واشتغلت به العرب، وجعلت له ميادين وأسواقا، ينشده الشعراء، ويطلب إنشاده المحبون له، ويتغنى به المغنون، ويحفظه ويردده الكثيرون، ويسير به الركبان.
وجاء الإسلام بالقرآن وبعلومه الشرعية، فكان لا بد من صرف الهمم إلى الشريعة على حساب
الشعر، وبخاصة الفاحش منه فكانت هذه الأحاديث التي تمتدح الحسن منه وتنفر من القبيح وتنفر من تضييع الوقت فيما يضر وفيما لا فائدة فيه.
-[المباحث العربية]-
(عن عمرو بن الشريد) بفتح الشين وكسر الراء مخففة، وهو الشريد بن سويد الثقفي.
(ردفت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما) أي ركبت خلفه، يقال: ردفه بكسر الدال، يردفه بفتحها ردفا بفتح الراء وسكون الدال، وردفه بفتح الراء والدال يردفه بضم الدال، ردفا بفتح فسكون، وفي ملحق الرواية "أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه" أي أركبني خلفه.
(هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شيء)؟ قال النووي: وقع في معظم النسخ "شيئا" بالنصب، وعليها يقدر فيه محذوف، أي هل معك من شيء، فتنشدني شيئا؟
واسم أبي الصلت ربيعة بن عوف الثقفي، كان ممن طلب الدين، ونظر في الكتب، ويقال: إنه ممن دخل في النصرانية، وأكثر في شعره من ذكر التوحيد، والبعث ويوم القيامة، وزعم الكلاباذي أنه كان يهوديا، وروى الطبراني عن أبي سفيان أنه سافر مع أمية، فذكر قصته، وأنه سأله عن عتبة بن ربيعة، وعن سنه ورياسته، فأعلمه أنه متصف بذلك، فقال: أزري به ذلك. فغضب أبو سفيان، فأخبره أمية أنه نظر في الكتب أن نبيا يبعث من العرب، أظل زمانه، قال: فرجوت أن أكونه، قال: ثم نظرت، فإذا هو من بني عبد مناف، فنظرت فيهم، فلم أر مثل عتبة، فلما قلت لي: إنه رئيس، وإنه جاوز الأربعين، عرفت أنه ليس هو، قال أبو سفيان: فما مضت الأيام حتى ظهر محمد صلى الله عليه وسلم، فقلت لأمية، قال: نعم، إنه لهو، قلت: أفلا نتبعه؟ قال: أستحي من ثقيف، إني كنت أقول لهم: إنني أنا هو، ثم أصير تابعا لغلام من بني عبد مناف؟ وذكر أبو الفرج الأصبهاني: أنه قال عند موته: أنا أعلم أن الحنفية حق، ولكن الشك يداخلني في محمد. وعاش أمية حتى أدرك وقعة بدر، ورثى من قتل بها من الكفار، ومات أمية بعد ذلك سنة تسع، وقيل: مات في حصار الطائف سنة ثمان.
(قال: هيه) بكسر الهاء، وإسكان الهاء الثانية، قالوا: والهاء الأولى بدل من الهمزة، وأصله "إيه" وهي كلمة للاستزادة من الحديث المعهود، قال ابن السكيت: هي للاستزادة من حديث أو عمل معهودين، قالوا: وهي اسم فعل أمر، مبني على الكسر، فإن وصلتها نونتها، فقلت إيه حدثنا، أي زدنا من هذا الحديث، فإن أردت الاستزادة من غير معهود نونت، فقلت: إيه، لأن التنوين للتنكير، وأما "إيها" بالنصب، فمعناه الكف، والأمر بالسكوت، ومقصود الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم استحسن شعر أمية، واستزاد من إنشاده، لما فيه من الإقرار بالوحدانية والبعث، وفي ملحق الرواية "استنشدني رسول الله صلى الله عليه وسلم" أي طلب مني أن أنشده شعرا.
(أشعر كلمة تكلمت بها العرب) وفي الرواية الثالثة والسادسة "أصدق كلمة" وفي الرواية الرابعة والخامسة "أصدق بيت" فيحتمل أن يراد بالكلمة البيت الذي ذكر شطره، ويحتمل أن يريد
القصيدة كلها، ورواية "أشعر" لا اعتراض عليها، ولكن اعترض على رواية "أصدق" إذ كيف يوصف كل شيء - ما خلا الله - بالبطلان؟ مع اندراج الطاعات والعبادات في ذلك، وهي حق، لا باطل، ويكون الكلام صادقا؟ وأجيب بأن المراد من "ما خلا الله" ما عداه وعدا صفاته الذاتية والفعلية، من رحمته وعذابه وغير ذلك، ثم إن الشطر الثاني عليه اعتراض أيضا، فقد ذكر ابن إسحاق عن عثمان بن مظعون أنه لما رجع من الهجرة الأولى إلى الحبشة، ودخل مكة في جوار الوليد بن المغيرة، ورأى المشركين يؤذون المسلمين، وهو آمن، رد على الوليد جواره، فبينما هو جالس في مجلس لقريش وفد عليهم لبيد بن ربيعة - قبل أن يسلم - فقعد ينشدهم من شعره، فقال لبيد:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
فقال عثمان بن مظعون: صدقت، فقال لبيد: وكل نعيم لا محالة زائل.
فقال عثمان كذبت. نعيم الجنة لا يزول اهـ. فكيف يوصف قول لبيد بالصدق؟ وبالأصدق؟ وقد يجاب بأن مراد الرسول صلى الله عليه وسلم بوصف الصدق الشطر الأول الذي ذكره، أو أن المراد من "ما خلا الله" أي ما عداه وعدا صفاته الذاتية والفعلية من رحمته وعذابه، بما في ذلك الجنة والنار.
أسلم لبيد بعد ذلك، وسكن الكوفة، ومات بها في خلافة عثمان، وعاش مائة وخمسين سنة.
وذكره البخاري في الصحابة، قال القسطلاني: وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة وفد قومه، بنو جعفر، فأسلم، وحسن إسلامه. اهـ. وقيل: إن عمر سأله عما قاله من الشعر في الإسلام، فقال: قد أبدلني بالشعر سورة البقرة، ولم يقل شعرا منذ أسلم.
(لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا يريه خير من أن يمتلئ شعرا) قال النووي: قال أهل اللغة والغريب "يريه" بفتح الياء وكسر الراء، من الورى، وهو داء يفسد الجوف، ومعناه قيحا يأكل جوفه، ويفسده.
(من لعب بالنردشير) هو النرد، عجمي معرب، و"شير" معناه حلو، وهي لعبة معروفة باسم الطاولة صندوق وحجارة، و (زهر)
-[فقه الحديث]-
قال النووي عن الشعر، نظمه، واستنشاده، وإنشاده: فيه جواز إنشاد الشعر الذي لا فحش فيه، وسماعه، سواء شعر الجاهلية وغيرهم، وأما المذموم من الشعر الذي لا فحش فيه، إنما هو الإكثار منه، وكونه غالبا على الإنسان، فأما يسيره، فلا بأس بإنشاده وسماعه وحفظه.
أما عن الرواية السابعة وما بعدها، فيقول: قال أبو عبيد: قال بعضهم: المراد بهذا الشعر شعر هجي به النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو عبيد والعلماء كافة: هذا تفسير فاسد، لأنه يقتضي أن المذموم من الهجاء أن يمتلئ منه، دون قليله، وقد أجمع المسلمون على أن الكلمة الواحدة من هجاء النبي صلى الله عليه وسلم موجبة للكفر. قالوا: بل الصواب أن المراد أن يكون الشعر غالبا عليه، مستوليا عليه، بحيث يشغله عن القرآن
وغيره من العلوم الشرعية، وعن ذكر الله تعالى، وهذا مذموم من أي شعر كان، فأما إذا كان القرآن والحديث وغيرهما من العلوم الشرعية هو الغالب عليه، فلا يضر حفظ اليسير من الشعر مع هذا، لأن جوفه ليس ممتلئا شعرا.
ثم قال: واستدل بعض العلماء بهذا الحديث على كراهة الشعر مطلقا، قليله وكثيره، وإن كان لا فحش فيه، وتعلق بقوله صلى الله عليه وسلم:"خذوا الشيطان" وقال العلماء كافة: هو مباح ما لم يكن فيه فحش ونحوه، قالوا: وهو كلام، حسنه حسن، وقبيحه قبيح، وهذا هو الصواب، فقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم الشعر، واستنشده، وأمر به حسان في هجائه المشركين، وأنشده أصحابه بحضرته، في الأسفار وغيرها، وأنشده الخلفاء وأئمة الصحابة وفضلاء السلف، ولم ينكره أحد منهم على إطلاقه، وإنما أنكروا المذموم منه، وهو الفحش، ونحوه، قال: وأما تسمية هذا الرجل - الذي سمعه ينشد - شيطانا، فلعله كان كافرا، أو كان الشعر هو الغالب عليه، أو كان شعره هذا من المذموم، وبالجملة فتسميته شيطانا قضية عين، تتطرق إليها الاحتمالات المذكورة وغيرها، ولا عموم لها، فلا يحتج بها. وفي الحديث منقبة للبيد الصحابي الجليل والله أعلم.
النقطة الثانية في هذا الباب: البعد عن لعب النرد ونحوه، قال النووي: وهذا الحديث حجة للشافعي والجمهور في تحريم اللعب بالنرد، وقال أبو إسحاق المروزي، من أصحابنا: يكره، ولا يحرم، وأما الشطرنج فمذهبنا أنه مكروه، ليس بحرام، وهو مروي عن جماعة من التابعين، وقال مالك وأحمد: حرام، قال مالك: هو شر من النرد، وألهى عن الخير وقاسوه على النرد، وأصحابنا يمنعون القياس، ويقولون: هو دونه.
نعم التشبيه في قوله "فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه" ينفر منه، ويفر به من الحرمة، لذا أضاف النووي إلى النص عبارة "في حال أكله منهما" وكأن التشبيه بالأكل من لحم الخنزير ودمه، وهو حرام باتفاق، وتشبيه الشيء بالمحرم القطعي دليل التحريم، قال بعضهم: لأن غمس اليد في اللحم يكون غالبا في حالة الأكل.
والتحقيق أن التشبيه ليس بالأكل، وإلا لقال: فكأنما أكل لحم خنزير، وإنما هو تشبيه حركات اللاعب، وتناوله لآلات اللعب، ونقله للحجارة "القشاط" تبعا لأرقام الزهر، بغمس اليد في النجاسة، وغمس اليد في النجاسة مستقذر، ليس بمحرم فيكون التشبيه للتنفير.
والبحث الدقيق يكون في الحكمة والعلة، أهي ما في الألعاب من التغرير والحظ؟ فالمنع للطاولة ونحوها مما يعتمد على الحظ، دون الشطرنج والورق (الكوتشينة) والحجارة في التراب (السيجة) و (الضمنة) والكرة بأنواعها والرمي، وسباق الجري، ونحو ذلك، أم هي اللهو وضياع الوقت، بقدر زائد على الترويح؟ فيشمل جميع الألعاب، إذا زادت عن قدر الحاجة النافعة؟ أم هي ما تحدثه بين المتلاعبين من الحقد والغل والغضب والإثارة؟ فتمنع إذا أحدثت ذلك، أو حين توقعه؟ أم هي ما يحدث غالبا من غرامة تلحق المغلوب للغالب؟ فتمنع إن كانت كذلك.
إن اللعب في حد ذاته ليس حراما، فقد قال الغزالي ومن بعده الزبيدي بعد أن ساق حديث لعب السودان بالدرق والحراب: فيه نص صريح على أن اللعب ليس بحرام، ولا يخفى عادة الحبشة في الرقص واللعب، كما استدل بحديث الصحيحين "دونكم يا بني أرفدة" وقال: هذا أمر باللعب، والتماس له، فكيف يقدر كونه حراما؟ ثم ختم الباب بقوله: فاللهو من حيث هو ليس بحرام، كيف وقد كانت الأنصار يحبون اللهو ولم يمتنعوا من محبته؟ بل أقروا عليه في قوله صلى الله عليه وسلم "أما علمت أن الأنصار يعجبهم اللهو"؟ وقال: وأما حديث "كل شيء يلهو به الرجل باطل" فالباطل ما لا فائدة فيه، وغالب المباحات لا فائدة فيها.
قال الغزالي: على أني أقول: اللهو مروح للقلب، ومخفف عنه أعباء الفكر، والعطلة معينة على العمل، واللهو معين على الجد، ولا يصبر على الجد المحض، والحق المر، إلا نفوس الأنبياء، عليهم السلام، فاللهو دواء للقلب من داء الإعياء والملال، فينبغي أن يكون مباحا، ولكن لا ينبغي أن يستكثر منه، كما لا يستكثر من الدواء. انتهى بتصرف، وهو كلام حسن، إذا أضيف إليه خلو اللهو من الإثارة الضارة غير الشرعية، من الحظ، والتغرير، والخداع، والحقد واللهو عن واجب ديني أو دنيوي، وتضييع الوقت مع الحاجة إليه.
والله أعلم.