المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(645) باب من فضائل فاطمة رضي الله عنها - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ٩

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌(599) باب قتل الحيات والأبتر والوزغ والهرة وسقي البهائم

- ‌كتاب الأدب من الألفاظ وغيرها

- ‌(600) باب سب الدهر - تسمية العنب كرما - قول: عبدي وأمتي - استعمال المسك

- ‌كتاب الشعر

- ‌(601) باب الشعر واللعب بالنرد

- ‌كتاب الرؤيا

- ‌(602) باب الرؤية والحلم، وتأويل الرؤيا

- ‌كتاب الفضائل

- ‌(603) باب فضل نسب النبي صلى الله عليه وسلم وتسليم الحجر عليه قبل النبوة وتفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق

- ‌(604) باب في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(605) باب توكله صلى الله عليه وسلم على الله تعالى وعصمة الله تعالى له من الناس

- ‌(606) باب بيان مثل ما بعث به صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم

- ‌(607) باب شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته ومبالغته في تحذيرهم مما يضرهم وإذا أراد الله رحمة أمة قبض نبيها قبلها

- ‌(608) باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وصفاته

- ‌(609) باب إكرامه صلى الله عليه وسلم بقتال الملائكة معه

- ‌(610) باب من شجاعته صلى الله عليه وسلم

- ‌(611) باب جوده صلى الله عليه وسلم

- ‌(612) باب حسن خلقه صلى الله عليه وسلم

- ‌(613) باب في سخائه صلى الله عليه وسلم

- ‌(614) باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال، وتواضعه وفضل ذلك

- ‌(615) باب حيائه صلى الله عليه وسلم

- ‌(616) باب تبسمه صلى الله عليه وسلم وحسن عشرته

- ‌(617) باب رحمته صلى الله عليه وسلم بالنساء، والرفق بهن

- ‌(618) باب قربه صلى الله عليه وسلم من الناس، وتبركهم به، وتواضعه لهم

- ‌(619) باب مباعدته صلى الله عليه وسلم للآثام، واختياره من المباح أسهله، وانتقامه لله تعالى عند انتهاك حرماته

- ‌(620) باب طيب رائحته صلى الله عليه وسلم، ولين مسه وطيب عرقه، والتبرك به

- ‌(621) باب في صفاته الخلقية، وصفة شعره وشيبته

- ‌(622) باب إثبات خاتم النبوة، وصفته، ومحله من جسده صلى الله عليه وسلم

- ‌(623) باب قدر عمره صلى الله عليه وسلم، وإقامته بمكة والمدينة

- ‌(624) باب في أسمائه صلى الله عليه وسلم

- ‌(625) باب علمه صلى الله عليه وسلم بالله، وشدة خشيته له

- ‌(626) باب وجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم، وتوقيره، وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه

- ‌(627) باب وجوب امتثال ما قاله شرعا، دون ما ذكره صلى الله عليه وسلم من معايش الدنيا على سبيل الرأي

- ‌(628) باب فضل النظر إليه صلى الله عليه وسلم

- ‌(629) باب فضائل عيسى عليه السلام

- ‌(630) باب من فضائل إبراهيم الخليل، ولوط، عليهما السلام

- ‌(631) باب من فضائل موسى عليه السلام، ويونس، ويوسف، وزكريا، والخضر، عليهم السلام

- ‌كتاب فضائل الصحابة

- ‌(632) باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌(633) باب من فضائل عمر رضي الله عنه

- ‌(634) باب من فضائل عثمان رضي الله عنه

- ‌(635) باب فضائل علي رضي الله عنه

- ‌(636) باب من فضائل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌(637) باب من فضائل طلحة والزبير رضي الله عنهما

- ‌(638) باب من فضائل أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

- ‌(639) باب من فضائل الحسن والحسين رضي الله عنهما

- ‌(640) باب من فضائل زيد بن حارثة، وابنه أسامة، رضي الله عنهما

- ‌(641) باب من فضائل عبد الله بن جعفر رضي الله عنه

- ‌(642) باب من فضائل خديجة رضي الله عنها

- ‌(643) باب فضائل عائشة رضي الله عنها

- ‌(644) تابع باب فضائل عائشة رضي الله عنها حديث أم زرع

- ‌(645) باب من فضائل فاطمة رضي الله عنها

- ‌(646) باب من فضائل أم سلمة رضي الله عنها

- ‌(647) باب من فضائل زينب أم المؤمنين رضي الله عنها

- ‌(648) باب من فضائل أم أيمن رضي الله عنها

- ‌(649) باب من فضائل أم سليم وبلال رضي الله عنهما

- ‌(650) باب من فضائل عبد الله بن مسعود وأمه رضي الله عنهما

- ‌(651) باب من فضائل أبي بن كعب وجماعة من الأنصار رضي الله عنهم

- ‌(652) باب من فضائل سعد بن معاذ رضي الله عنه

- ‌(653) باب من فضائل أبي دجانة: سماك بن خرشة رضي الله عنه

- ‌(654) باب من فضائل عبد الله بن عمرو بن حرام، والد جابر رضي الله عنهما

- ‌(655) باب من فضائل جليبيب رضي الله عنه

- ‌(656) باب من فضائل أبي ذر رضي الله عنه

- ‌(657) باب من فضائل جرير بن عبد الله رضي الله عنه

- ‌(658) باب من فضائل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما

- ‌(659) باب من فضائل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما

- ‌(660) باب من فضائل أنس بن مالك رضي الله عنه

- ‌(661) باب من فضائل عبد الله بن سلام رضي الله عنه

- ‌(662) باب من فضائل حسان بن ثابت رضي الله عنه

- ‌(663) باب من فضائل أبي هريرة رضي الله عنه

- ‌(664) باب من فضائل حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه

- ‌(665) باب من فضائل أصحاب الشجرة، أهل بيعة الرضوان، رضي الله عنهم

- ‌(666) باب من فضائل أبي موسى وأبي عامر الأشعريين رضي الله عنهما

- ‌(667) باب من فضائل أبي سفيان صخر بن حرب رضي الله عنه

- ‌(668) باب من فضائل جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس رضي الله عنهما

- ‌(669) باب من فضائل سلمان وبلال وصهيب رضي الله عنهم

- ‌(670) باب من فضائل الأنصار رضي الله عنهم

- ‌(671) باب من فضائل غفار وأسلم وجهينة وأشجع ومزينة وتميم ودوس وطيئ

- ‌(672) باب خيار الناس

- ‌(673) باب من فضائل نساء قريش

- ‌(674) باب مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه، رضي الله عنهم

- ‌(675) باب بيان أن بقاء النبي صلى الله عليه وسلم أمان لأصحابه، وبقاء أصحابه أمان للأمة

- ‌(676) باب فضل الصحابة، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم

- ‌(677) باب معنى قوله صلى الله عليه وسلم:

- ‌(678) باب تحريم سب الصحابة

- ‌(679) باب من فضائل أويس القرني رضي الله عنه

- ‌(680) باب وصية النبي صلى الله عليه وسلم بأهل مصر

- ‌(681) باب فضل أهل عمان

- ‌(682) باب ذكر كذاب ثقيف

- ‌(683) باب فضل فارس

- ‌(684) باب بيان قوله صلى الله عليه وسلم: "الناس كإبل مائة

- ‌كتاب البر والصلة والآداب

- ‌(685) باب بر الوالدين

- ‌(686) باب تقديم الوالدين على التطوع بالصلاة، وغيرها، وفضل بر الوالدين

- ‌(687) باب فضل صلة أصدقاء الأب والأم، ونحوهما

- ‌(688) باب تفسير البر والإثم

الفصل: ‌(645) باب من فضائل فاطمة رضي الله عنها

(645) باب من فضائل فاطمة رضي الله عنها

5486 -

عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وهو يقول: "إن بني هشام ابن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب فلا آذن لهم ثم لا آذن لهم. ثم لا آذن لهم. إلا أن يحب ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم فإنما ابنتي بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها".

5487 -

عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما فاطمة بضعة مني. يؤذيني ما آذاها".

5488 -

عن علي بن الحسين رضي الله عنه أنهم حين قدموا المدينة من عند يزيد بن معاوية مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما لقيه المسور بن مخرمة فقال له: هل لك إلي من حاجة تأمرني بها؟ قال: فقلت له: لا قال له: هل أنت معطي سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فإني أخاف أن يغلبك القوم عليه وايم الله! لئن أعطيتنيه لا يخلص إليه أبدا حتى تبلغ نفسي إن علي بن أبي طالب خطب بنت أبي جهل على فاطمة فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس في ذلك على منبره هذا وأنا يومئذ محتلم فقال: "إن فاطمة مني وإني أتخوف أن تفتن في دينها: " قال: ثم ذكر صهرا له من بني عبد شمس فأثنى عليه في مصاهرته إياه فأحسن. قال: "حدثني فصدقني. ووعدني فأوفى لي. وإني لست أحرم حلالا ولا أحل حراما ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله مكانا واحدا أبدا".

5489 -

عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه أن علي بن أبي طالب خطب بنت أبي جهل

ص: 411

وعنده فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سمعت بذلك فاطمة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت له: إن قومك يتحدثون أنك لا تغضب لبناتك وهذا علي ناكحا ابنة أبي جهل. قال المسور: فقام النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته حين تشهد. ثم قال: "أما بعد فإني أنكحت أبا العاص بن الربيع فحدثني فصدقني وإن فاطمة بنت محمد مضغة مني وإنما أكره أن يفتنوها. وإنها والله! لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عند رجل واحد أبدا" قال: فترك علي الخطبة.

5490 -

عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا فاطمة ابنته فسارها فبكت: ثم سارها فضحكت. فقالت عائشة: فقلت لفاطمة: ما هذا الذي سارك به رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكيت ثم سارك فضحكت؟ قالت: سارني فأخبرني بموته فبكيت ثم سارني فأخبرني أني أول من يتبعه من أهله فضحكت.

5491 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت: كن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عنده لم يغادر منهن واحدة فأقبلت فاطمة تمشي ما تخطئ مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا. فلما رآها رحب بها فقال: "مرحبا بابنتي" ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم سارها. فبكت بكاء شديدا فلما رأى جزعها سارها الثانية فضحكت فقلت لها: خصك رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين نسائه بالسرار ثم أنت تبكين فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: ما كنت أفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره قالت: فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما حدثتني ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: أما الآن فنعم أما حين سارني في المرة الأولى فأخبرني أن جبريل كان يعارضه القرآن في كل سنة مرة أو مرتين وإنه عارضه الآن مرتين "وإني لا أرى الأجل إلا قد اقترب. فاتقي الله واصبري. فإنه نعم السلف أنا لك" قالت: فبكيت بكائي الذي رأيت. فلما رأى جزعي سارني الثانية فقال: "يا فاطمة! أما ترضي أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة" قالت: فصحكت ضحكي الذي رأيت.

5492 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت: اجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم فلم يغادر منهن

ص: 412

امرأة فجاءت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "مرحبا بابنتي" فأجلسها عن يمينه أو عن شماله. ثم إنه أسر إليها حديثا. فبكت فاطمة. ثم إنه سارها، فضحكت أيضا فقلت لها: ما يبكيك؟ فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن. فقلت لها حين بكت: أخصك رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديثه دوننا ثم تبكين؟ وسألتها عما قال فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا قبض سألتها. فقالت: إنه كان حدثني أن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل عام مرة وإنه عارضه به في العام مرتين "ولا أراني إلا قد حضر أجلي. وإنك أول أهلي لحوقا بي. ونعم السلف أنا لك" فبكيت لذلك. ثم إنه سارني فقال: "ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة؟ " فضحكت لذلك.

-[المعنى العام]-

السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تكنى أم أبيها أصغر بنات النبي صلى الله عليه وسلم وأحبهن إليه ولدت والكعبة تبنى والنبي صلى الله عليه وسلم ابن خمس وثلاثين على المشهور وقيل سنه إحدى وأربعين من مولد الرسول صلى الله عليه وسلم تزوجها علي رضي الله عنه أوائل المحرم سنة ثنتين وأصدقها درعه التي أعطاه إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر. وفي زواجها بعث معها رسول الله صلى الله عليه وسلم بخميلة ووسادة من جلد حشوها ليف ورحاءين وسقاءين وانقطع نسل النبي صلى الله عليه وسلم إلا من فاطمة عاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر ودفنت بالبقيع، وقيل: في زاوية في دار عقيل وبين قبرها وبين الطريق سبعة أذرع كانت في تشييعها أول من غطي نعشها من النساء في الإسلام فقد روي أنها قالت لأسماء بنت عميس: يا أسماء إني استقبحت ما يصنع بالنساء أنه يطرح على المرأة الثوب فيصفها فقالت أسماء: يا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أريك شيئا رأيته بأرض الحبشة؟ فدعت بجريد رطب فوقسته ثم طرحت عليه ثوبا فقالت فاطمة: ما أحسن هذا وأجمله فإذا أنا مت فاجعلوا علي هذا.

كانت رضي الله عنها أشبه الناس كلاما ومشية برسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت إذا دخلت عليه قام إليها فقبلها ورحب بها كما كانت تصنع هي به صلى الله عليه وسلم.

وهو صلى الله عليه وسلم القائل: فاطمة بضعة مني: يقلقني ما يقلقها ويؤذيني ما يؤذيها، ويرضيني ما يرضيها ويبسطني ما يبسطها ويقبضني ما يقبضها وقد حماها صلى الله عليه وسلم من أن يتزوج عليها زوجها حماية لها من تغاير النساء بإذن من الله تعالى فقال لعلي حين علم رغبته في الزواج من ابنة أبي جهل قال لعلي: لا آذن لك ولا آذن لك ولا آذن لك أن تجمع بين ابنة رسول الله وبين ابنة عدو الله فصرف علي نظره عن الزواج عليها حتى ماتت رضي الله عنها.

ولم يكن أحد من أولاد النبي صلى الله عليه وسلم حيا حين وفاته إلا فاطمة وأحس صلى الله عليه وسلم وهو في مرض الموت جزع فاطمة عليه وحسرتها وآلامها عند موته فأراد تخفيف الصدمة عليها وتهيئتها

ص: 413

لاستقبال الفجيعة وإعلامها بالمصيبة قبل حصولها فأسر إليها أنه يتوقع حضور الأجل في هذا المرض فبكت بكاء شديدا فأسر إليها أنها أول أهله لحوقا به فسرت كثيرا وضحكت رضي الله عنها وأرضاها.

-[المباحث العربية]-

(إن بني هاشم بن المغيرة) كذا وقع عند مسلم "بني هاشم" وعند البخاري "بني هشام" قال الحافظ ابن حجر: والصواب "هشام" لأنه جد المخطوبة. اهـ.

وبنو هشام هم أعمام بنت أبي جهل لأنه أبو الحكم عمرو بن هشام بن المغيرة وقد أسلم أخواه الحارث بن هشام وسلمة بن هشام عام الفتح وحسن إسلامهما وقد خطب علي رضي الله عنه بنت أبي جهل من عمها الحارث بن هشام فقال له: لا نزوجك على فاطمة إلا أن يأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم والظاهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأذن له ثم خطب الناس يبين سبب عدم إذنه لئلا تذهب النفوس مذاهب غير سليمة فسبب الخطبة استئذان بني هشام وقيل: إن سبب الخطبة ما أشيع عن خطبة علي ابنة أبي جهل قبل أن يستأذن بنو هشام ففي روايتنا الرابعة عن الزهري عن علي بن الحسين "أن علي خطب بنت أبي جهل على فاطمة فلما سمعت بذلك فاطمة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن قومك يتحدثون أنك لا تغضب لبناتك" وفي رواية ابن حبان "إن الناس يزعمون أنك لا تغضب لبناتك""وهذا علي ناكحا ابنة أبي جهل" كذا في مسلم "ناكحا" بالنصب على الحال وأطلقت عليه وصف "ناكح" مجازا على سبيل مجاز المشارفة أي مشرف على النكاح وقيل: على سبيل تنزيل غير الواقع المصمم على وقوعه منزلة الواقع فقام النبي صلى الله عليه وسلم فخطب على المنبر"

(استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب) وقد أخرج الحاكم أن عليا رضي الله عنه استشار النبي صلى الله عليه وسلم بشأنها بعد أن خطبها من عمها سأله عنها فقال له صلى الله عليه وسلم: أعن حسبها تسألني؟ فقال: لا ولكن أتأمرني بها؟ قال: لا. فاطمة مضغة مني ولا أحسب إلا أنها تحزن أو تجزع فقال علي: لا آتي شيئا تكرهه" قال الحافظ ابن حجر: ولعل هذا الاستئذان وقع بعد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بما خطب ولم يحضر على الخطبة المذكورة فاستشار فلما قال له: لا لم يتعرض بعد ذلك لطلبها ولهذا جاء في رواية "فترك علي الخطبة" وفي رواية "فسكت علي عن ذلك" اهـ. قلت: ولا مانع من كون الخطبة بعد استشارة علي رضي الله عنه وبعد وعده بعدم الزواج منها إذ لم تكن الخطبة لمنع علي وإنما كانت لبيان الحكم والحكمة قطعا لنشر الخبر وتأويلاته. والله أعلم.

واختلف في اسم ابنة أبي جهل فقيل جويرية وهذا الأشهر وقيل العوراء وقيل" الحنفاء وقيل جرهمة وقيل: جميلة.

(فلا آذن لهم ثم لا آذن لهم ثم لا آذن لهم) كرر ذلك ثلاثا للتأكيد أو لرفع المجاز وأن يكون عدم الإذن مؤقتا و"لا" نافية والفاء في جواب شرط مقدر أي إذا كانوا يستأذنون فلا آذن.

(إلا أن يحب ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم) الاستثناء مفرغ من

ص: 414

عموم الأحوال أو الأزمنة، أي لا آذن في حال من الأحوال أو في وقت من الأوقات، إلا في حال طلاقه ابنتي أو في وقت طلاقه ابنتي فآذن حيث لا يحتاج شرعا إلى إذني حينئذ، وليس المراد تعلق الإذن بحب علي ذلك بل بوقوعه، أي إلا أن يقع من ابن أبي طالب طلاق ابنتي.

(فإنما ابنتي بضعة مني، يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها)"بضعة" بفتح الباء قال النووي: لا يجوز غيره وقال الحافظ ابن حجر: وحكي ضمها وكسرها أيضا وسكون الضاد أي قطعة وفي الرواية الرابعة "وإن فاطمة بنت محمد مضغة مني" والمضغة في الأصل قطعة اللحم قدر ما يمضغ و"يريبني" بفتح الياء، "ما رابها" من "راب" الثلاثي ووقع في رواية البخاري "يريبني ما أرابها" بضم الياء من "أراب" الرباعي، والريب ما دخلك من شيء خفت عقباه قال الفراء وغيره: راب وأراب بمعنى وقيل: رابني الأمر تيقنت منه الريبة وأرابني شككني وأوهمني وأما قوله "ويؤذيني ما آذاها" أي يؤلمني ما يؤلمها وفي رواية للبخاري "فمن أغضبها أغضبني" وفي رواية "فمن آذاها فقد آذاني" وفي رواية "يؤذيني ما آذاها وينصبني ما أنصبها" من النصب وهو التعب وعند الحاكم "يقبضني ما يقبضها، ويبسطني ما يبسطها".

(لقيه المسور بن مخرمة، فقال له: هل لك إلي من حاجة تأمرني بها؟ قال: فقلت له: لا) تقدير الكلام: قال علي بن الحسين: لقيني المسور فقال لي: هل لك إلي من حاجة ومساعدة، فقلت له: لا والمسور من شيعة علي.

(قال له: هل أنت معطي سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أخاف أن يغلبك القوم عليه وايم الله! لئن أعطيتنيه لا يخلص إليه أبدا حتى تبلغ نفسي)"معطي" بضم الميم وسكون العين وكسر الطاء وتشديد الياء والذي يظهر أن المراد بالسيف المذكور "ذو القفار" وكان عند علي بن الحسين وأراد المسور أنه لو أودع عنده السيف لا يمكن أحدا منه حتى تزهق روحه يبالغ بذلك في تعصبه لعلي بن الحسين وأنه مستعد لبذل نفسه دون السيف رعاية لود ابن فاطمة فأراد بذلك صيانة سيف النبي صلى الله عليه وسلم وحفظه لعلي بن الحسين لئلا يأخذه منه أعداؤه.

(إن علي بن أبي طالب خطب بنت أبي جهل على فاطمة) إلخ ومناسبة هذا الكلام لقصة السيف من جهة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحترز عما يوجب التكدير بين الأقرباء أي فكذلك كان ينبغي أن تعطيني السيف حتى لا يحصل بينك وبين أقربائك كدورة بسببه، أو كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحب رفاهية خاطر فاطمة رضي الله عنها فأنا أيضا أحب رفاهية خاطرك لكونك ابن ابنها فأعطني السيف حتى أحفظه لك وهذا الأخير هو المعتمد.

(فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس في ذلك على منبره هذا وأنا يومئذ محتلم) قال ابن سيد الناس: هذا غلط والصواب ما وقع عند الإسماعيلي بلفظ "كالمحتلم" قال: لأن المسور لم يحتلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لأنه ولد بعد ابن الزبير فيكون عمره عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ثماني سنين قال الحافظ ابن حجر: وفيه نظر أي في ادعاء الغلط نظر إذ يمكن حملها على المبالغة والمراد التشبيه بالمحتلم، فتلتئم رواية "محتلم" مع رواية "كالمحتلم" أي إنه كالمحتلم في الحذق والفهم والحفظ.

ص: 415

(وإني أتخوف أن تفتن في دينها) فتقع منها المعصية بسبب الغيرة، يعني أنها لا تصبر على الغيرة فيقع منها في حق زوجها في حال الغضب ما لا يليق بحالها في الدين وفي الرواية الرابعة "وإني أكره أن يفتنوها".

(ثم ذكر صهرا له من بني عبد شمس) هو أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف، أمه هالة بنت خويلد أخت خديجة تزوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من رجال مكة المعدودين مالا، وأمانة وتجارة أسلمت زينب ولم يسلم حارب في صفوف الكفار يوم بدر فكان من الأسرى ولما بعثت قريش فداء أسراهم بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بقلادة لها، كانت أمها خديجة أدخلتها بها على أبي العاص فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة وقال للمسلمين: إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها قلادتها؟ ففعلوا فاشترط عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرسل زينب إلى المدينة وأن يخلي سبيلها فوفي وفعل.

وفي جمادى سنة ست من الهجرة خرج أبو العاص بن الربيع في عير لقريش إلى الشام فبعث النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة في سبعين ومائة راكب فلقوا العير بناحية العيص وفيهم أبو العاص فقالوا له: يا أبا العاص إنك في شرف من قريش وأنت صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فهل لك أن تسلم فتغنم ما معك من أموال أهل مكة؟ قال: بئسما أمرتموني به أن أنسخ ديني بغدرة، فأسروه وجماعة وأخذوا العير وعادوا إلى المدينة وربط الأسرى بالمسجد وعلمت به زينب فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح نادت زينب: إني أجرت أبا العاص بن الربيع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل سمعتم ما سمعت؟ قالوا: نعم. قال: والذي نفس محمد بيده ما علمت شيئا مما كان حتى سمعت وإنه يجير على المسلمين أدناهم وقد أجرنا من أجارت ثم أمرها أن لا يقربها، فطلبت أن يرد على أبي العاص ما كان في القافلة ففعل فمضى أبو العاص إلى مكة فأدى الحقوق لأهلها ثم قام فقال: يا أهل مكة هل أوفيت ذمتي لكم؟ قالو: اللهم نعم فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ثم قدم المدينة مهاجرا قبل الفتح بقليل فدفع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجته.

رزق أبو العاص من زينب ولدا يسمى عليا مات في حياة أبيه وقد ناهز الاحتلام وبنتا تسمى أمامة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحملها في صلاته وعاشت حتى تزوجها علي رضي الله عنه بعد وفاة خالتها فاطمة وتوفي أبو العاص في خلافة أبي بكر سنة اثنتي عشرة من الهجرة.

(فأثنى عليه في مصاهرته إياه فأحسن قال: حدثني فصدقني ووعدني فأوفى لي) الصهر يطلق على الزوج وأقاربه وأقارب المرأة وهو مشتق من صهرت الشيء وأصهرته إذا قربته والمصاهرة مقاربة بين الأجانب والمتباعدين وقوله "فأحسن" أي أحسن الثناء عليه، وكان مما قال في ثنائه: حدثني فصدقني، يشير بذلك إلى ما مضى في القصة عند فك أسره ببدر وأنه لن يسلم حتى يعتقد ويصدق، ومع ذلك أحسن عشرة زينب وأحبها وأرادت قريش منه أن يطلقها فأبى ومما قاله صلى الله عليه وسلم في ثنائه "ووعدني فأوفى لي" إشارة إلى ما سبق في القصة من وفائه بإخلاء سبيل زينب، ووفائه بالإسلام بعد أن يؤدي لقريش حقوقها.

(وإني لست أحرم حلالا، ولا أحل حراما) بعدم إذني لعلي أن يتزوج على فاطمة أي لا

ص: 416

أقول شيئا يخالف حكم الله فإذا أحل شيئا لم أحرمه وإذا حرم شيئا لم أحلله فعدم إذني لعلي ليس تحريما عليه ما أحل وسيأتي في فقه الحديث مزيد إيضاح لذلك.

(ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله مكانا واحدا أبدا) وفي رواية "ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عند رجل أبدا" وفي الرواية الرابعة "عند رجل واحد أبدا".

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا فاطمة ابنته) أي فأتت، وكان ذلك في مرضه الأخير وفي الرواية السادسة "كن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عنده" في التعبير الجمع بين الضمير الفاعل والاسم الظاهر، كقوله "يتعاقبون فيكم ملائكة" لم يغادر منهن واحدة" أي كن كلهن مجتمعات "فأقبلت فاطمة تمشي" ما تخطئ مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فلما رآها رحب بها فقال: مرحبا بابنتي ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله" في الرواية السابعة "فجاءت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم" (فسارها فبكت ثم سارها فضحكت) وفي الرواية السادسة "ثم سارها فبكت بكاء شديدا فلما رأى جزعها سارها الثانية فضحكت" وفي الرواية السابعة "ثم إنه أسر إليها حديثا، فبكت فاطمة، ثم إنه سارها فضحكت أيضا".

(قالت عائشة: فقلت لفاطمة: ما هذا الذي سارك به رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكيت؟ ثم سارك فضحكت؟ قالت: سارني فأخبرني بموته فبكيت ثم سارني فأخبرني أني أول من يتبعه من أهل فضحكت) سألت عائشة فاطمة عقب المسارتين فامتنعت عن الإجابة فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها السؤال نفسه مرة ثانية فاعتذرت عن الإجابة فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها مرة ثالثة فأجابت فالجواب المذكور هنا جواب السؤال في المرة الثالثة ففي الرواية السادسة "فقلت لها: خصك رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين نسائه بالسرار ثم أنت تبكين؟ فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها: ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما حدثتني ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: أما الآن فنعم أما حين سارني في المرة الأولى فأخبرني أن جبريل كان يعارضه القرآن في كل سنة مرة أو مرتين (كذا في الرواية السادسة قال النووي: وذكر المرتين شك من بعض الرواة والصواب حذفها كما في باقي الرواية) وإنه عارضه الآن مرتين وإني لا أرى (بضم الهمزة أي لا أظن الأجل إلا قد اقترب فاتقي الله واصبري وإنه نعم السلف أنا لك (والسلف المتقدم) قالت: فبكيت بكائي الذي رأيت فلما رأى جزعي سارني الثانية فقال: يا فاطمة أما ترضي (قال النووي: هكذا هو في النسخ "ترضي" وهو لغة والمشهور "ترضين") أن تكوني سيدة نساء المؤمنين؟ أو سيدة نساء هذه الأمة؟ قالت: فضحكت الذي رأيت" وفي الرواية السابعة قريب من ذلك.

ص: 417

-[فقه الحديث]-

الروايات الأربع الأوليات في رغبة علي الزواج من ابنة أبي جهل على زوجته فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم وعنها يقول النووي:

أعلم صلى الله عليه وسلم بإباحة نكاح بنت أبي جهل لعلي بقوله صلى الله عليه وسلم في روايتنا الثالثة "لست أحرم حلالا" ولكن نهى عن الجمع بينهما لعلتين منصوصتين إحداهما: أن ذلك يؤدي إلى إيذاء فاطمة فيتأذى حينئذ النبي صلى الله عليه وسلم فيهلك من أذاه فنهى عن ذلك لكمال شفقته على علي وعلى فاطمة (والنص على هذه العلة قوله في الرواية الأولى والثانية "فإنما ابنتي بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها") والثانية: خوف الفتنة عليها بسبب الغيرة. اهـ. والنص على هذه العلة قوله في الرواية الرابعة "وإنما أكره أن يفتنوها" وسواء أراد النووي أن العلة مجموع الأمرين وأن كلا منهما جزء علة أو أراد أن كلا منهما علة مستقلة توجب المعلول، فإن المعنى أن النهي عن الجمع بين فاطمة وبين بنت أبي جهل حينئذ ليس لذاته، وإنما لما يؤدي إليه والشيء قد يكون مباحا في ذاته لكنه يمنع وينهى عنه إذا كان وسيلة لمحرم، من قبيل إعطاء الوسيلة حكم الغاية، كالخطوات فإنها إن كانت للصلاة كان لها الأجر وإن كانت لفاحشة كان عليها الوزر قال ابن التين: أصح ما تحمل عليه هذه القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم على علي أن يجمع بين ابنته وبين ابنة أبي جهل لأنه علل بأن ذلك يؤذيه وأذيته حرام بالاتفاق، ومعنى قوله "لا أحرم حلالا" أي هي حلال له لو لم تكن عنده فاطمة وأما الجمع بينهما الذي يستلزمه تأذي النبي صلى الله عليه وسلم لتأذي فاطمة به فلا اهـ. ومعنى هذا أن فاطمة لو رضيت بذلك، لم يمنع علي من التزويج بها أو بغيرها.

ثم قال النووي: وقيل: ليس المراد به النهي عن جمعهما، بل معناه أنه صلى الله عليه وسلم يعلم أن من فضل الله أنه قضى أنهما لا تجتمعان (فكأن قوله "والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله مكانا واحدا أبدا" ليس نهيا ولكنه إخبار عما سيحصل، لوثوق المخبر بالخبر).

ثم قال: ويحتمل أن المراد النهي وتحريم جمعهما ويكون من جملة محرمات النكاح الجمع بين بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله ويكون معنى "لا أحرم حلالا" أي لا أقول شيئا يخالف حكم الله فإذا أحل شيئا لم أحرمه وإذا حرمه لم أحلله ولم أسكت عن تحريمه لأن سكوتي تحليل له. اهـ. أي هذا الجمع حرام من عند الله فأنا لا أحلل ولا أحرم من عند نفسي.

قال الحافظ ابن حجر: والذي يظهر لي أنه لا يبعد أن يعد في خصائص النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يتزوج على بناته، ويحتمل أن يكون ذلك خاصا بفاطمة عليها السلام.

-[ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم]-

1 -

تحريم أذى من يتأذى النبي صلى الله عليه وسلم بتأذيه لأن أذى النبي صلى الله عليه وسلم حرام اتفاقا قليله وكثيره.

2 -

وفيه حجة لمن يقول بسد الذرائع.

3 -

وفيه بقاء عار الآباء في أعقابهم لقوله "بنت عدو الله" فإن فيه إشعارا بأن للوصف تأثيرا في المنع مع أنها كانت مسلمة، حسنة الإسلام.

ص: 418

4 -

احتج بهذا بعضهم، فمنع كفاءة من مس أباه الرق ثم أعتق، بمن لم يمس أباها الرق، ومن مسه الرق بمن لم يمسها الرق أي بل مس أباها فقط.

5 -

وفيه أن الغيراء إذا خشي عليها أن تفتن في دينها كان لوليها أن يسعى في إزالة ذلك وذب الرجل عن ابنته في دفع الغيرة عنها والإنصاف لها، وقد استشكل اختصاص فاطمة بذلك، مع أن الغيرة كانت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ولم يخش عليهن ما خشي على فاطمة؟ وأجيب بأن فاطمة كانت إذ ذاك فاقدة من تركن إليه ممن يؤنسها ويزيل وحشتها من أم أو أخت بخلاف أمهات المؤمنين فإن كل واحدة منهن كانت ترجع إلى من يحصل لها ذلك على أن زوجهن صلى الله عليه وسلم كان عنده من الملاطفة وتطييب القلوب وجبر الخواطر ما لم يكن عند غيره فكانت كل واحدة منهن ترضى منه جميع ما يصدر منه لحسن خلقه، بحيث لو وجد منها ما يخشى وجوده من الغيرة لزال عن قرب.

6 -

وفيه إكرام من ينتسب إلى الخير أو الشرف أو الديانة.

7 -

وفي قصة المسور والسيف في الرواية الثالثة تبرك الصحابة بأدوات النبي صلى الله عليه وسلم.

8 -

وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يورث، ولم يبع ما ترك، بل ترك بيد من صار إليه، ولو كان ميراثا لبيع وقسم.

9 -

وفيه الأخذ بالعموم حتى يظهر خلافه فإن عليا رضي الله عنه أخذ بعموم الجواز فخطب بنت أبي جهل فلما ظهر له خلافه ترك الخطبة.

10 -

وفي الرواية الثالثة والرابعة منقبة للعاص بن الربيع.

11 -

وفضيلة الإحسان في المصاهرة.

12 -

وفي الرواية الخامسة والسادسة والسابعة معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم بل معجزتان إذ أخبر صلى الله عليه وسلم ببقاء فاطمة بعده، وبأنها أول أهله لحوقا به، ووقع كذلك.

13 -

وفي ضحك فاطمة رضي الله عنها إيثارهم الآخرة وسرورهم بالانتقال إليها.

14 -

وفيه فضيلة لفاطمة رضي الله عنها.

15 -

وأنها أفضل بناته صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها وعن الصحابة أجمعين.

ص: 419