المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(621) باب في صفاته الخلقية، وصفة شعره وشيبته - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ٩

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌(599) باب قتل الحيات والأبتر والوزغ والهرة وسقي البهائم

- ‌كتاب الأدب من الألفاظ وغيرها

- ‌(600) باب سب الدهر - تسمية العنب كرما - قول: عبدي وأمتي - استعمال المسك

- ‌كتاب الشعر

- ‌(601) باب الشعر واللعب بالنرد

- ‌كتاب الرؤيا

- ‌(602) باب الرؤية والحلم، وتأويل الرؤيا

- ‌كتاب الفضائل

- ‌(603) باب فضل نسب النبي صلى الله عليه وسلم وتسليم الحجر عليه قبل النبوة وتفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق

- ‌(604) باب في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(605) باب توكله صلى الله عليه وسلم على الله تعالى وعصمة الله تعالى له من الناس

- ‌(606) باب بيان مثل ما بعث به صلى الله عليه وسلم من الهدى والعلم

- ‌(607) باب شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته ومبالغته في تحذيرهم مما يضرهم وإذا أراد الله رحمة أمة قبض نبيها قبلها

- ‌(608) باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وسلم وصفاته

- ‌(609) باب إكرامه صلى الله عليه وسلم بقتال الملائكة معه

- ‌(610) باب من شجاعته صلى الله عليه وسلم

- ‌(611) باب جوده صلى الله عليه وسلم

- ‌(612) باب حسن خلقه صلى الله عليه وسلم

- ‌(613) باب في سخائه صلى الله عليه وسلم

- ‌(614) باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال، وتواضعه وفضل ذلك

- ‌(615) باب حيائه صلى الله عليه وسلم

- ‌(616) باب تبسمه صلى الله عليه وسلم وحسن عشرته

- ‌(617) باب رحمته صلى الله عليه وسلم بالنساء، والرفق بهن

- ‌(618) باب قربه صلى الله عليه وسلم من الناس، وتبركهم به، وتواضعه لهم

- ‌(619) باب مباعدته صلى الله عليه وسلم للآثام، واختياره من المباح أسهله، وانتقامه لله تعالى عند انتهاك حرماته

- ‌(620) باب طيب رائحته صلى الله عليه وسلم، ولين مسه وطيب عرقه، والتبرك به

- ‌(621) باب في صفاته الخلقية، وصفة شعره وشيبته

- ‌(622) باب إثبات خاتم النبوة، وصفته، ومحله من جسده صلى الله عليه وسلم

- ‌(623) باب قدر عمره صلى الله عليه وسلم، وإقامته بمكة والمدينة

- ‌(624) باب في أسمائه صلى الله عليه وسلم

- ‌(625) باب علمه صلى الله عليه وسلم بالله، وشدة خشيته له

- ‌(626) باب وجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم، وتوقيره، وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه

- ‌(627) باب وجوب امتثال ما قاله شرعا، دون ما ذكره صلى الله عليه وسلم من معايش الدنيا على سبيل الرأي

- ‌(628) باب فضل النظر إليه صلى الله عليه وسلم

- ‌(629) باب فضائل عيسى عليه السلام

- ‌(630) باب من فضائل إبراهيم الخليل، ولوط، عليهما السلام

- ‌(631) باب من فضائل موسى عليه السلام، ويونس، ويوسف، وزكريا، والخضر، عليهم السلام

- ‌كتاب فضائل الصحابة

- ‌(632) باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌(633) باب من فضائل عمر رضي الله عنه

- ‌(634) باب من فضائل عثمان رضي الله عنه

- ‌(635) باب فضائل علي رضي الله عنه

- ‌(636) باب من فضائل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌(637) باب من فضائل طلحة والزبير رضي الله عنهما

- ‌(638) باب من فضائل أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

- ‌(639) باب من فضائل الحسن والحسين رضي الله عنهما

- ‌(640) باب من فضائل زيد بن حارثة، وابنه أسامة، رضي الله عنهما

- ‌(641) باب من فضائل عبد الله بن جعفر رضي الله عنه

- ‌(642) باب من فضائل خديجة رضي الله عنها

- ‌(643) باب فضائل عائشة رضي الله عنها

- ‌(644) تابع باب فضائل عائشة رضي الله عنها حديث أم زرع

- ‌(645) باب من فضائل فاطمة رضي الله عنها

- ‌(646) باب من فضائل أم سلمة رضي الله عنها

- ‌(647) باب من فضائل زينب أم المؤمنين رضي الله عنها

- ‌(648) باب من فضائل أم أيمن رضي الله عنها

- ‌(649) باب من فضائل أم سليم وبلال رضي الله عنهما

- ‌(650) باب من فضائل عبد الله بن مسعود وأمه رضي الله عنهما

- ‌(651) باب من فضائل أبي بن كعب وجماعة من الأنصار رضي الله عنهم

- ‌(652) باب من فضائل سعد بن معاذ رضي الله عنه

- ‌(653) باب من فضائل أبي دجانة: سماك بن خرشة رضي الله عنه

- ‌(654) باب من فضائل عبد الله بن عمرو بن حرام، والد جابر رضي الله عنهما

- ‌(655) باب من فضائل جليبيب رضي الله عنه

- ‌(656) باب من فضائل أبي ذر رضي الله عنه

- ‌(657) باب من فضائل جرير بن عبد الله رضي الله عنه

- ‌(658) باب من فضائل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما

- ‌(659) باب من فضائل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما

- ‌(660) باب من فضائل أنس بن مالك رضي الله عنه

- ‌(661) باب من فضائل عبد الله بن سلام رضي الله عنه

- ‌(662) باب من فضائل حسان بن ثابت رضي الله عنه

- ‌(663) باب من فضائل أبي هريرة رضي الله عنه

- ‌(664) باب من فضائل حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه

- ‌(665) باب من فضائل أصحاب الشجرة، أهل بيعة الرضوان، رضي الله عنهم

- ‌(666) باب من فضائل أبي موسى وأبي عامر الأشعريين رضي الله عنهما

- ‌(667) باب من فضائل أبي سفيان صخر بن حرب رضي الله عنه

- ‌(668) باب من فضائل جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس رضي الله عنهما

- ‌(669) باب من فضائل سلمان وبلال وصهيب رضي الله عنهم

- ‌(670) باب من فضائل الأنصار رضي الله عنهم

- ‌(671) باب من فضائل غفار وأسلم وجهينة وأشجع ومزينة وتميم ودوس وطيئ

- ‌(672) باب خيار الناس

- ‌(673) باب من فضائل نساء قريش

- ‌(674) باب مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه، رضي الله عنهم

- ‌(675) باب بيان أن بقاء النبي صلى الله عليه وسلم أمان لأصحابه، وبقاء أصحابه أمان للأمة

- ‌(676) باب فضل الصحابة، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم

- ‌(677) باب معنى قوله صلى الله عليه وسلم:

- ‌(678) باب تحريم سب الصحابة

- ‌(679) باب من فضائل أويس القرني رضي الله عنه

- ‌(680) باب وصية النبي صلى الله عليه وسلم بأهل مصر

- ‌(681) باب فضل أهل عمان

- ‌(682) باب ذكر كذاب ثقيف

- ‌(683) باب فضل فارس

- ‌(684) باب بيان قوله صلى الله عليه وسلم: "الناس كإبل مائة

- ‌كتاب البر والصلة والآداب

- ‌(685) باب بر الوالدين

- ‌(686) باب تقديم الوالدين على التطوع بالصلاة، وغيرها، وفضل بر الوالدين

- ‌(687) باب فضل صلة أصدقاء الأب والأم، ونحوهما

- ‌(688) باب تفسير البر والإثم

الفصل: ‌(621) باب في صفاته الخلقية، وصفة شعره وشيبته

(621) باب في صفاته الخلقية، وصفة شعره وشيبته

5280 -

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم. وكان المشركون يفرقون رءوسهم. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر به، فسدل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته. ثم فرق بعد.

5281 -

عن البراء رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا مربوعا. بعيد ما بين المنكبين. عظيم الجمة إلى شحمة أذنيه. عليه حلة حمراء. ما رأيت شيئا قط أحسن منه صلى الله عليه وسلم.

5282 -

عن البراء رضي الله عنه قال: ما رأيت من ذي لمة أحسن في حلة حمراء من رسول الله صلى الله عليه وسلم شعره يضرب منكبيه. بعيد ما بين المنكبين. ليس بالطويل ولا بالقصير. قال أبو كريب: له شعر.

5283 -

عن البراء رضي الله عنه يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها. وأحسنه خلقا. ليس بالطويل الذاهب ولا بالقصير.

5284 -

عن قتادة رضي الله عنه قال: قلت لأنس بن مالك: كيف كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كان شعرا رجلا. ليس بالجعد ولا السبط، بين أذنيه وعاتقه.

5285 -

عن أنس رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يضرب شعره منكبيه.

5286 -

عن أنس رضي الله عنه قال: كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أنصاف أذنيه.

ص: 186

5287 -

عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضليع الفم. أشكل العين. منهوس العقبين. قال: قلت لسماك: ما ضليع الفم؟ قال: عظيم الفم. قال: قلت: ما أشكل العين؟ قال: طويل شق العين. قال: قلت: ما منهوس العقب؟ قال قليل لحم العقب.

5288 -

عن أبي الطفيل رضي الله عنه قال: قلت له: أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. كان أبيض. مليح الوجه. رضي اللهم تعالى عنها. مات أبو الطفيل سنة مائة. وكان آخر من مات من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

5289 -

عن أبي الطفيل رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وما على وجه الأرض رجل رآه غيري. قال: فقلت له: فكيف رأيته؟ قال: كان أبيض مليحا مقصدا.

5290 -

عن ابن سيرين قال: سئل أنس بن مالك: هل خضب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: إنه لم يكن رأى من الشيب إلا. قال ابن إدريس: كأنه يقلله. وقد خضب أبو بكر وعمر بالحناء والكتم.

5291 -

عن ابن سيرين قال: سألت أنس بن مالك: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خضب؟ فقال: لم يبلغ الخضاب. كان في لحيته شعرات بيض. قال: قلت له: أكان أبو بكر يخضب؟ قال: فقال: نعم. بالحناء والكتم.

5292 -

عن محمد بن سيرين قال: سألت أنس بن مالك: أخضب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال إنه لم ير من الشيب إلا قليلا.

5293 -

عن ثابت قال: سئل أنس بن مالك: عن خضاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لو

ص: 187

شئت أن أعد شمطات كن في رأسه فعلت. وقال: لم يختضب. وقد اختضب أبو بكر بالحناء والكتم. واختضب عمر بالحناء بحتا.

5294 -

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: يكره أن ينتف الرجل الشعرة البيضاء من رأسه ولحيته. قال: ولم يختضب رسول الله صلى الله عليه وسلم. إنما كان البياض في عنفقته، وفي الصدغين، وفي الرأس نبذ.

5295 -

105

عن أنس رضي الله عنه، أنه سئل عن شيب النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما شانه الله ببيضاء.

5296 -

عن أبي جحيفة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه منه بيضاء. ووضع زهير بعض أصابعه على عنفقته. قيل له: مثل من أنت يومئذ؟ فقال: أبري النبل وأريشها.

5297 -

عن أبي جحيفة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض قد شاب. كان الحسن بن علي يشبهه.

5298 -

وفي رواية عن أبي جحيفة بهذا. ولم يقولوا: أبيض قد شاب.

5299 -

عن جابر بن سمرة رضي الله عنه سئل عن شيب النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كان إذا دهن رأسه لم ير منه شيء. وإذا لم يدهن رئي منه.

-[المعنى العام]-

صان الله تعالى رسله من الصفات الذميمة والمنفرة في الخلقة، لأن رسالتهم تستدعي رغبة الناس فيهم، وعدم نفورهم منهم، وليس في صفات أجسامهم تشريع يمكن أن يعمل به ويقتدى، وإنما التشريع في ذلك هو الحكم بحسن ما كانوا عليه من صفات، وعدم ذم مثيلاتها عند البشر.

ص: 188

فالطول البائن والقصر البائن ليسا هو الوضع الأحسن في الخلقة، بل الأحسن الوسطية المائلة قليلا نحو الطول.

والنحافة وغلظ الجسم ليسا من الوضع الأحسن، اللهم إلا نحافة العقبين، لما في ذلك من يسر المشي والجري.

والشيب علامة على ظهور الضعف بعد القوة، وعدمه هو الأحسن.

والشعر للإنسان من سمات الجمال، وقد كان صلى الله عليه وسلم يحافظ على نظافته ودهنه وتطييبه، وتسريحه، وفرقه، بعد أن كان يسدله.

وللعرف والعادة والبيئة دخل كثير في الصورة التي تنبغي للمسلم بالنسبة إلى شعره، فقد تحبذ بيئة طول شعر الرجل، وتستنكر حلقه، وقد تحبذ بيئة أخرى حلق شعر الرجل وتستنكر طوله.

كذلك خضاب الشعر بالسواد أو بالصفرة، أو بالحمرة، للبيئة أثر كبير في قبوله أو رفضه.

وقد تتأثر البيئة بتقليد الكافرين، فتحب ما هم عليه، وفي هذه الحالة لا تجيز الشريعة التشبه بهم، واستصحاب قصد ذلك يسيء إلى إسلام المسلم.

فلله العزة ولرسوله وللمؤمنين، ومن العزة استقلال الشخصية حتى في المظهر واللباس. والله الهادي سواء السبيل.

(ملحوظة) سبق في كتاب اللباس ما له صلة بهذا الباب فمن شاء فليراجعه.

-[المباحث العربية]-

(كان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم) أي يرسلون شعر رءوسهم على جباههم، قال النووي: قال العلماء: المراد هنا إرساله على الجبين، واتخاذه كالقصة، بضم القاف وتشديد الصاد المفتوحة، و"يسدلون" بفتح الياء، يقال: سدل بفتح الدال يسدل بضمها وكسرها، أي أرسل، وسدل شعره وثوبه إذا أرسله ولم يضم جوانبه، قال القاضي: والمراد به هنا إرساله على الجبين.

"وأشعار" بفتح الهمزة جمع شعر بفتح الشين مع سكون العين وفتحها، مذكران، وهو ما ينبت على الجسم مما ليس بصوف ولا وبر، للإنسان وغيره، ويجمع أيضا على شعور، والواحدة من الشعر شعرة، بفتح الشين وسكون العين.

(وكان المشركون يفرقون رءوسهم)"يفرقون" بفتح الياء وضم الراء وكسرها، وفرق رأسه وشعره بفتح الفاء والراء، أي ألقى شعره إلى جانبي رأسه، فلم يترك منه شيئا على جبهته، وفي الكلام مضاف محذوف، أي يفرقون شعر رءوسهم.

(وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر به) لصلتهم بالشرائع والكتب، وهل الحب كان بوحي أو من نفسه؟ وهل كان ذلك على الوجوب أو الندب؟ سيأتي تفصيله في فقه الحديث.

ص: 189

(فسدل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته) أي شعر ناصيته.

(ثم فرق بعد) أي فرق شعر رأسه بعد أن كان يسدل.

(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا مربوعا) وعند البخاري "كان ربعة" بفتح الراء وسكون الباء، أي مربوعا، والتأنيث باعتبار النفس، يقال: رجل ربعة، وامرأة ربعة، وقد فسر في الحديث بأنه ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير والمراد بالطويل البائن المفرط في الطول، مع اضطراب القامة، وفي رواية "كان ربعة، وهو إلى الطول أقرب" وفي رواية "رجل بين رجلين" وعند ابن أبي خيثمة "لم يكن أحد يماشيه من الناس ينسب إلى الطول إلا طاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولربما اكتنفه الرجلان الطويلان، فيطولهما، فإذا فارقاه نسبا إلى الطول، ونسب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الربعة" وفي الرواية الرابعة "ليس بالطويل الذاهب، ولا بالقصير".

(بعيد ما بين المنكبين) أي عريض الظهر.

(عظيم الجمة، إلى شحمة أذنيه)"الجمة" بضم الجيم وتشديد الميم المفتوحة الشعر الذي نزل إلى المنكبين، وفي رواية "كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق الوفرة، ودون الجمة""الوفرة" أقل من الجمة وهي الشعر النازل إلى شحمة الأذنين، و"اللحمة" التي ألمت بالمنكبين، و"شحمة الأذن" الجزء اللين في أسفلها، وهو معلق القرط منها، وفي الرواية الثالثة "شعره يضرب منكبيه" وفي الرواية الخامسة "كان شعرا رجلا" بفتح الراء وكسر الجيم وقد تسكن، "أي سلسا متسرحا بين الجعودة والسبوطة "ليس بالجعد ولا السبط" والجعودة في الشعر أن لا يتكسر ولا يسترسل، والسبوطة ضده، في رواية للبخاري "ليس بجعد قطط ولا بسط". "بين أذنيه وعاتقه" وفي الرواية السابعة "كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أنصاف أذنيه" قال القاضي والجمع بين هذه الروايات أن ما يلي الأذن هو الذي يبلغ شحمة أذنيه وهو الذي بين أذنيه وعاتقه، وما خلفه هو الذي يضرب منكبيه، قال: وقيل: ذلك لاختلاف الأوقات، فإذا غفل عن تقصيرها بلغت المنكب، وإذا قصرها كانت إلى أنصاف الأذنين، فكان الشعر يقصر ويطول بحسب ذلك، والعاتق ما بين المنكبين والعنق.

(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها، وأحسنه خلقا) بفتح الخاء، قال النووي: قال أبو حاتم وغيره: هكذا تقول العرب "وأحسنه" - أي كان الظاهر أن يقول: وأحسنهم - يريدون: وأحسنهم، ولكن لا يتكلمون به، وإنما يقولون: أجمل الناس وأحسنه، ومنه الحديث "خير نساء ركبن الإبل نساء قريش، وأشفقه على ولد، وأعطفه على زوج" وحديث أبي سفيان "عندي أحسن نساء العرب وأجمله" أي وأجمل هذا الجنس.

(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضليع الفم) فسره الراوي في الحديث بعظيم الفم، قال النووي: كذا قاله الأكثرون، وهو الأظهر، قالوا: والعرب تمدح ذلك الرجل، وتذم فيه صغر الفم، وهو معنى قول ثعلب: واسع الفم، وقال شمر: عظيم الأسنان.

ص: 190

(أشكل العين) بسكون الشين وفتح الكاف، وفسره الراوي في الحديث بطول شق العين، قال القاضي: وهذا من الراوي باتفاق العلماء، غلط ظاهر، وصوابه، ما اتفق عليه العلماء أن الشكلة حمرة في بياض العينين، وهو محمود، والشهلة بالهاء حمرة في سواد العين.

(منهوس العقبين) فسره الراوي بقليل لحم العقبين، و"منهوس" بالسين عند الجمهور، وروي بالشين، وهما متقاربان.

(كان أبيض مليح الوجه) في الرواية العاشرة "كان أبيض مليحا مقصدا" بفتح القاف والصاد المشددة، وهو الذي ليس بجسيم ولا نحيف، ولا طويل ولا قصير.

(هل خضب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ )"خضب" بفتحات يخضب بكسر الضاد خضبا وخضبة، يقال: خضب الشيء غير لونه بحمرة أو صفرة أو غيرهما، ويقال: اختضب الرجل واختضبت المرأة، من غير ذكر الشعر، والمراد هنا تغيير لون شعر الرأس واللحية بالحناء والأصابغ الأخرى.

(إنه لم يكن رأى من الشيب إلا

) وكأنه أشار بأصابعه إلى قلة الشيب، ليستغني بالإشارة عن العبارة، وفي الرواية الثانية عشرة "لم يبلغ الخضاب" أي لم يبلغ شيبه ما يحتاج إلى الخضاب.

(كان في لحيته شعرات بيض) وفي الرواية الثالثة عشرة "إنه لم ير من الشيب إلا قليلا" وفي الرواية الرابعة عشرة "لو شئت أن أعد شمطات كن في رأسه فعلت. لم يختضب" يقال: شمط بفتح الشين وكسر الميم وأشمط، أي صار سواد شعره، مخالطا لبياضه، والمراد هنا الشعرات البيضاء، والمراد من الرأس هنا جزؤها، وحددته الرواية الثانية عشرة باللحية، وحددته الرواية الخامسة عشرة بالعنفقة وبالصدغين، وقالت:"وفي الرأس نبذ" أي شعرات منبوذة نادرة شاذة، وحددته الرواية السابعة عشرة بالعنفقة إشارة، وفي الرواية التاسعة عشرة "كان إذا دهن رأسه لم ير منه شيء" أي شيب "وإذا لم يدهن رئي منه" قال النووي: اختلاف الروايات في قدر شيبه صلى الله عليه وسلم ويجمع بينها بأنه كان شيئا يسيرا، فمن أثبت شيبه، أخبر عن ذلك اليسير، ومن نفاه أراد أنه لم يكثر فيه.

(وقد خضب أبو بكر وعمر بالحناء والكتم) بفتح الكاف والتاء المخففة، قال النووي: هذا هو المشهور، وقال أبو عبيده: هو بتشديد التاء وهو نبات يصبغ به الشعر، يحول بياضه أو حمرته إلى الدهمة، وقوله "بالحناء والكتم" أي مخلوطين، وقوله "واختضب عمر بالحناء بحتا" أي منفردا، غير مخلوط بالكتم أو غيره.

(ما شانه الله ببيضاء)"ما شانه" بدون همز، أي ما شانه الله بشعرات بيضاء كثيرة.

(كنت أبري النبل وأريشها)"أبري" بفتح الهمزة وسكون الباء، كبري القلم ليدخل النبل في جسم المرمي، و"أريشها" بفتح الهمزة وكسر الراء وإسكان الياء، أي أجعل للنبل ريشا.

والريش السن والنصل المدبب الذي يركب في طرف النبل والسهم.

ص: 191

-[فقه الحديث]-

-[يؤخذ من أحاديث الباب]-

1 -

من الرواية الأولى مشروعية فرق الشعر، قال النووي: قال العلماء: والفرق سنة، لأنه الذي رجع إليه النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: فالظاهر أنه رجع إليه بوحي، لقوله "إنه كان يوافق أهل الكتاب فيما لم يؤمر به" أي إنه لم يعدل عن موافقتهم إلا بأمر، قال القاضي: حتى قال بعضهم: نسخ السدل، فلا يجوز فعله، ولا اتخاذ الناصية والجمة. قال: ويحتمل أن المراد جواز الفرق، لا وجوبه، أي ولا استحبابه، قال: ويحتمل أن الفرق كان باجتهاد في مخالفة أهل الكتاب، لا بوحي، ويكون الفرق مستحبا، ولهذا اختلف السلف فيه، ففرق شعره جماعة منهم، واتخذ الجمة آخرون، قال: وقد جاء في الحديث "أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم لمة، فإن انفرقت فرقها، وإلا تركها" قال مالك: فرق الرجل أحب إلي. هذا كلام القاضي عياض: قال النووي: والحاصل أن الصحيح المختار جواز السدل والفرق، وأن الفرق أفضل.

2 -

استحباب مخالفة أهل الكتاب فيما لم يرد عنه شيء في شرعنا، قال القاضي: واختلف العلماء في تأويل موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل عليه شيء، فقيل: فعله استئلافا لهم في أول الإسلام، وموافقة لهم على مخالفة عبدة الأوثان، فلما أغنى الله تعالى عن استئلافهم، وأظهر الإسلام على الدين كله، صرح بمخالفتهم في غير شيء، منها صبغ الشيب، وقال آخرون: يحتمل أنه أمر باتباع شرائعهم فيما لم يوح إليه شيء، وإنما كان هذا فيما علم أنهم لم يبدلوه، إذ كانوا في زمانه متمسكين ببقايا من شرائع الرسل، فكانت موافقتهم أحب إليه من موافقة عبدة الأوثان، فلما أسلم غالب عباد الأوثان أحب صلى الله عليه وسلم حينئذ مخالفة أهل الكتاب.

3 -

استدل بعضهم بالحديث على أن شرع من قبلنا شرع لنا، ما لم يرد شرعنا بخلافه، وقال آخرون: بل هذا دليل على أنه ليس بشرع لنا، لأنه قال: يحب موافقتهم، فأشار إلى خيريته، ولو كان شرعا لنا لتحتم اتباعه، وعلى التسليم ففي نفس الحديث أنه رجع عن ذلك آخرا.

4 -

ومن الرواية الثانية والثالثة والرابعة أن جسمه صلى الله عليه وسلم لم يكن بالطويل المفرط، ولا بالقصير الظاهر، بل كان وسطا، يميل إلى الطول.

5 -

ومن الرواية الثانية والثالثة أنه صلى الله عليه وسلم كان عريض الظهر، بعيد ما بين المنكبين.

6 -

ومن الرواية الثانية والثالثة والخامسة والسادسة والسابعة أنه صلى الله عليه وسلم كان طويل الشعر، يصل شعره أحيانا منكبيه.

7 -

ومن الرواية الخامسة أن شعره صلى الله عليه وسلم كان سلسا، ليس جعدا ولا بسطة.

8 -

ومن الرواية الحادية عشرة والثانية عشرة والثالثة عشرة والرابعة عشرة أن الشيب في شعره كان قليلا، وفي رواية لأنس "توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء".

9 -

وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخضب الشيب.

ص: 192

10 -

وأن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما خضبا بالحناء والكتم.

11 -

ومن الرواية الثامنة أنه كان أشكل العين، أي في بياضها حمرة.

12 -

وأنه كان عظيم الفم والأسنان.

13 -

وأنه كان قليل لحم العقب.

14 -

ومن الرواية التاسعة والعاشرة أنه كان أبيض مليح الوجه، وفي الباب السابق تفصيل للون بشرته صلى الله عليه وسلم.

15 -

ومن الرواية الخامسة عشرة كراهة أن ينتف الرجل الشعرة البيضاء من رأسه ولحيته، قال النووي: وهذا متفق عليه، قال أصحابنا وأصحاب مالك: يكره ولا يحرم.

16 -

ومن الرواية السادسة عشرة أن الشيب ليس ممدوحا، وليس من الجمال.

17 -

ومن الرواية السابعة عشرة أن الشعرات البيضاء كانت على عنفقته صلى الله عليه وسلم.

18 -

ومن الرواية الثامنة عشرة أن الحسن بن علي رضي الله عنهما كان يشبهه صلى الله عليه وسلم في الخلقة.

19 -

ومن الرواية التاسعة عشرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدهن شعره.

والله أعلم

ص: 193