الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العقيدة تؤخذ من القرآن
يرى الاستاذ الامام، أن القرآن الكريم هو الميزان الذي توزن به العقائد لتعرف قيمتها، ويقرر انه يجب على من ينظر في القرآن أن ينظر إليه كأصل تؤخذ منه العقيدة، ويستنبط منه الرأي، وينعي على ما كان من اكثر المفسرين، من تسلط العقيدة عليهم، ونظرتهم للقرآن من خلالها، حتى تأولوا القرآن بما يشهد لعقائدهم، ويتمشى معها. وفي هذا يقول «إذا وزنّا ما في أدمغتنا من الاعتقاد بكتاب الله تعالى، من غير أن ندخلها اولا فيه، يظهر لنا كوننا مهتدين أو ضالين. وأما إذا أدخلنا ما في أدمغتنا في القرآن، وحشرناها فيه أولا، فلا يمكننا أن نعرف الهداية من الضلال، لاختلاط الموزون بالميزان، فلا يدري ما هو الموزون به.
«أريد أن يكون القرآن أصلا تحمل عليه المذاهب والآراء في الدين، لا أن تكون المذاهب أصلا والقرآن هو الذي يحمل عليها، ويرجع بالتأويل أو التحريف إليها، كما جرى عليه المخذولون، وتاه فيه الضالون (1)
طريقة الأستاذ الامام في دروس التفسير
يحدثنا تلميذه السيد محمد رشيد رضا عن طريقة الاستاذ الإمام في دروس التفسير فيقول: «كانت طريقته في قراءة الدرس على مقربة مما ارتآه في كتابة التفسير، وهو أن يتوسع فيما أغفله أو قصر فيه المفسرون، ويختصر فيما برزوا فيه من مباحث الالفاظ، والاعراب، ونكت البلاغة، وفي الروايات التي تدل عليها، ولا تتوقف على فهمها الآيات (2) وكان الاستاذ الإمام يعتمد في دروسه وكتابته في التفسير على عقله الحر، وكان- كما يقول عنه بعض الكاتبين- «لا يلتزم في التفسير كتابا، وإنما يقرأ في المصحف، ويلقي ما يفيض الله على قلبه (3)
(1) تفسير سورة الفاتحة
(2)
تفسير المنار ج 1
(3)
محمد عبده لعثمان أمين
وكان من دأبه أنه لا يرجع إلى كتاب التفسير قبل إلقاء دروسه، حتى لا يتأثر بفهم غيره، وكل ما كان منه أنه إذا ما عرض له وجه غريب من الاعراب او كلمة غريبة في اللغة، رجع إلى بعض كتب التفسير، ليرى ما كتب في ذلك، وقد حدث عن نفسه بذلك فقال «إنني لا أطالع عند ما أقرأ، لكنني ربما أتصفح كتاب تفسير إذا كان هناك وجه غريب في الاعراب، أو كلمة غريبة في اللغة (1).
ثم نجد تلميذه السيد محمد رشيد رضا يذكر أن الاستاذ الامام كان «يتوكأ في ذلك يعني في دروسه في التفسير- على عبارة تفسير الجلالين الذي هو أوجز التفاسير، فكان يقرأ عبارته فيقرّها، أو ينتقد منها ما يراه منتقدا ثم يتكلّم في الآية أو الآيات المنزلة في معنى واحد بما فتح الله عليه، ما فيه هداية وعبرة (2).
والاستاذ الإمام لم يقف عند ما كتبه قدماء المفسرين، ولم يلغ عقله أمام عقولهم، بل ندّد بمن يكتفي في التفسير بالنظر في اقوال المتقدمين فيقول «التفسير عند قومنا اليوم ومن قبل اليوم بقرون، هو عبارة عن الاطلاع على ما قاله بعض العلماء في كتب المفسرين على ما في كلامهم من اختلاف يتنزه عنه القرآن.
وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (3) وليت أهل العناية بالاطلاع على كتب التفسير يطلبون لأنفسهم معنى تستقر عليه أفهامهم في العلم بمعاني الكتاب ثم يبثونه في الناس ويحملونهم عليه، ولكنهم لم يطلبوا ذلك، وإنما طلبوا صناعة يفاخرون بالتفنن فيها، ويمارون فيها من يباريهم في طلبها، ولا يخرجون لإظهار البراعة في تحصيلها عن حدّ الإكثار من القول، واختراع الوجوه من التأويل، والإغراب في الإبعاد عن مقاصد التنزيل.
(1) تفسير المنار ج 1
(2)
المنار ج 1
(3)
سورة النساء 82