الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شواطئ الأنهار الجارية. ففيها ذلك الجمال الذي تألفه كل نفس، وتسعد به كل روح.
كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ يفسر هذا على وجهين. إما أن هؤلاء رأوا ما رزقوه في الآخرة شبيها بما رزقوه في الدنيا، من حيث المظهر، وإما أنهم يعدون ما ينالونه في الآخرة رزقا وعدوا به في الدنيا لقاء حسن عملهم.
وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً أي أن الثمرات التي رزقوا بها جاءت مشابهة لما عهدوا في مظهرها، وإن اختلفت في حقيقتها.
وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ أزواج جمع زوج، والمرأة زوج الرجل، والرجل زوج المرأة.
وَهُمْ فِيها خالِدُونَ أي ظافرون بنعيم أبديّ لا يزول.
26 - إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً ...... الآية
لما ذكر الله تعالى الذباب والعنكبوت في كتابه وضرب به مثلا ضحكت اليهود وقالوا: ما يشبه هذا كلام الله فنزل إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا
أي لا يترك ضرب المثل بالبعوضة ترك من يستحي أن يتمثل بها لحقارتها. وأصل الحياء تغير وانكسار يعتري الإنسان من تخوف ما يعاب به ويذم. ولا يجوز على الخالق التغير وخوف الذم، فالذي يصدق على الإنسان ويجوز في حقه، لا يجوز في حق الله. فالإنسان في مقاييسه ينظر باحتقار للحشرات، ويحسب أن نظرته هذه تصدق على الله، خالق كل شيء.
ويجوز أن تقع هذه العبارة في كلام الكفرة إذ يسألون: أما يستحي ربّ محمد أن يضرب مثلا بالذباب والعنكبوت؟ فجاءت على سبيل المقابلة، وإطباق الجواب على السؤال.
(ما) إبهامية، وهي التي إذا اقترنت باسم نكرة أبهمته إبهاما وزادته عموما كقولك:
«أعطني كتابا ما» ، تريد أيّ كتاب.
(بعوضة) عطف بيان لمثلا.
(فما فوقها) أي فما تجاوزها وزاد عليها في المعنى الذي ضربت فيه مثلا، وهو القلة والحقارة، وربما تفسر أيضا بأن ما فوقها هو ما زاد عليها في الحجم، فكأنه بذلك يرد على ما استنكروه من ضرب المثل بالذباب والعنكبوت، وهما أكبر منها حجما.
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ، وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا
(أمّا) حرف فيه معنى الشرط، ولذا يجاب بالفاء. وفائدته في الكلام أنه يعطيه زيادة في التوكيد. تقول زيد ذاهب، فإذا أردت توكيده، وأنه لا محالة ذاهب، قلت: أما زيد فذاهب. ولذا فسرها سيبويه بقوله: مهما يكن من شيء فزيد ذاهب. وهذا التفسير يفيد كونه تأكيدا، وأنه في معنى الشرط. وفي إيراد الجملتين مصدرتين به إحماد عظيم لشأن المؤمنين، واعتداد بليغ بعلمهم أنه الحق، ونعي على الكافرين إغفالهم التفكر والتدبر، واندفاعهم بالكلمة الحمقاء. وفرق كبير بين هذا التعبير وبين أن يقول: فالذين آمنوا يعلمون أنه الحق، والذين كفروا يقولون
…
و (مثلا) منصوب على التمييز أو على الحال.
يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً إن المؤمنين الذين عادتهم الإنصاف والنظر في الأمور بعين العقل، إذا سمعوا بهذا التمثيل علموا أنه الحق، أما الكفار الذين غلب الجهل على عقولهم فهم إذا سمعوه كابروا وعاندوا، وقابلوه بالإنكار وحكموا عليه بالبطلان، فذلك هو سبب هدى المؤمنين وضلال الفاسقين.
وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ الفسق هو الخروج عن القصد. والفاسق في الشريعة هو الخارج عن الأمر بارتكاب الكبيرة، وهذا في مذهب أهل السنة. أما في مذهب المعتزلة فهو نازل لين المنزلتين، أي بين منزلة المؤمن والكافر.