الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
5 - نزول القرآن
يصف القرآن وصول آياته إلى الرسول الكريم بأنه نزول أو تنزيل. وقد تقدم أن التنزيل من أسماء القرآن الكريم. أما الآيات التي تحدثت عن النزول فكثيرة، لا نستطيع استقصاءها هنا. فمنها قوله تعالى:
وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً (النحل: 89) وقوله تعالى:
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا (الانسان: 23) والأصل في النزول هو الانحطاط من علو. والاستعمال هنا مجازي. فوصول رسالة الخالق إلى الرسول شبيه بالنزول، لأنه بلاغ من مقام العزة إلى عبد اصطفاه ربه هو الرسول عليه السلام. فنزول القرآن على الرسول معناه وصوله إليه من جانب الخالق.
وقد جرت محاولات مختلفة عند اللغويين للتفريق بين الإنزال والنزول والتنزيل.
فقيل إن الإنزال يعني النزول دفعة واحدة، وأن التنزيل هو النزول بتدرج. ومثل هذه التفسيرات مشتقة من بعض الاستعمالات القرآنية لمادة نزل. فقوله تعالى:
إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ قد فسّر- بناء على بعض الأحاديث- بأن القرآن أنزل دفعة واحدة إلى بيت العزة في السماء الدنيا.
ففي حديث عن ابن عباس أخرجه النسائي والحاكم والبيهقي أنه قال:
«أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم أنزل بعد ذلك في عشرين سنة» . أي أن القرآن- بعد أن أنزل الى سماء الدنيا، نزل منجما على الرسول منذ بداية بعثته حتى قبل وفاته بأيام.
وهناك أحاديث تذكر للقرآن تنزلات ثلاثا أما أولها فهو إلى اللوح المحفوظ، وأما ثانيها فهو النزول إلى سماء الدنيا، وأما ثالثها فهو النزول المنجّم على الرسول إبان
بعثته.
وليس في القرآن الكريم إشارة إلى شيء من هذا ولكن هكذا وردت بعض الأحاديث عن الصحابة مفسرة للآيات التي عينت ميقاتا لنزول القرآن منها قوله تعالى:
إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ وقوله:
إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
وقوله:
شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هذه الأحاديث تفسر معنى نزول القرآن في ليلة القدر، وفي شهر رمضان وارتباط ذلك بنزول الكتاب الكريم مفرقا على الرسول خلال مدة بعثته.
وهناك من الأقوال ما يرى أنه ابتدئ بإنزال القرآن في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك منجما في أوقات مختلفة من سائر الأزمان على النبي.
ولست أريد أن أطيل الوقوف عند الخلافات المتعددة في هذه المسائل، فتحقيقها بالدليل التاريخي البحت يعد من المحال. ولا بد من الأخذ بنص القرآن الكريم فيما أخبرنا به، وخلاصته أن القرآن نزل على الرسول عن طريق الوحي.
والثابت لدينا أن هذا النزول كان منجما أي مفرقا على أزمان مختلفة. وقد ذكر القرآن الكريم ذلك صراحة في قوله تعالى:
وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا وقوله تعالى:
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً، كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ، وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا ولقد ذكرت الروايات أن هاتين الآيتين نزلتا حين عاب اليهود والمشركون على النبي نزول القرآن مفرقا، فكان نزول هاتين الآيتين ردا عليهم. فلعل المقصود بإنزال القرآن في رمضان هو ابتداء نزوله.