الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ، كِراماً كاتِبِينَ (1).
يقول: «ومن الغيب الذي يجب علينا الإيمان به ما أنبأنا به في كتابه: أنّ علينا حفظة يكتبون أعمالنا حسنات وسيئات، ولكن ليس علينا أن نبحث عن حقيقة هؤلاء، ومن أي شيء خلقوا، وما هو عملهم في حفظهم وكتابتهم، هل عندهم أوراق وأقلام ومواد كالمعهود عندنا
…
وهو يبعد فهمه؟ أو هناك ألواح ترسم فيها الأعمال؟ وهل الحروف والصور التي ترسم هي على نحو ما نعهد؟ أو إنما هي أرواح تتجلى لها الاعمال فتبقى فيها بقاء المداد في القرطاس إلى أن يبعث الله الناس؟ كل ذلك لا نكلف العلم به، وإنما نكلف الإيمان بصدق الخبر وتفويض الأمر في معناه إلى الله، والذي يجب علينا اعتقاده من جهة ما يدخل في عملنا، هو: أنّ أعمالنا تحفظ وتحصى، لا يضيع منها نقير ولا قطمير» (2).
وعند ما تعرّض لقول الله تعالى أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ، إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ (3) نجده يقول:«وقد يروي المفسرون هنا حكايات في تصوير إرم ذات العماد، كان يجب أن ينزه عنها كتاب الله، فإذا وقع إليك شيء من كتبهم، ونظرت في هذا الموضع منها، فتخط ببصرك ما تجده في وصف إرم، وإياك أن تنظر فيه» (4).
معالجة القضايا الاجتماعية
والاستاذ الإمام يقف عند بعض آيات القرآن التي يمكن أن تؤخذ منها طرق
(1) سورة الانفطار 10 و 11
(2)
تفسير جزء (عم) ص 36
(3)
سورة الفجر 6، 7
(4)
تفسير جزء (عم) ص 79
معالجة الامراض الاجتماعية، فيفيض في تصوير خطر العلة الاجتماعية التي يتحدث عنها، ويرشد إلى وسائل علاجها والتخلص منها بوحي مما يفهمه من القرآن الكريم نفسه.
أنظر إليه عند تفسير قول الله تعالى إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (1) كيف يوضع معنى البرّ وما يكون به الانسان من الأبرار، فيقول:«فلا يعد الشخص برا ولا بارا حتى يكون للناس من كسبه ومن نفسه نصيب، فلا يغترن أولئك الكسالى الخاملون، الذين يظنون أنهم يدركون مقام الأبرار بركعات من الخشية خاليات، وبتسبيحات وتكبيرات وتحميدات ملفوظات غير معقولات؛ وصيحات غير لائقات بأهل المروءة من المؤمنين والمؤمنات، ثم بصوم أيام معدودات، لا يجتنب فيها إيذاء كثير من المخلوقات، مع عدم مبالاة الواحد منهم بشأن الدين قام أم سقط، ارتفع أو انحط، ومع حرصه وطمعه وتطلعه لما في أيدي الناس، واعتقاده الاستحقاق لما عندهم، لا لشىء سوى أنهم عاملون في كسب المال وهو غير عامل، وهم يجرون على سنة الحق وهو مستمسك بسنة الباطل، وهم يتجملون بحلية العمل وهو منها عاطل، فهؤلاء ليسوا من الأبرار، بل يجدر بهم أن يكونوا من الفجار» (2) ومثلا عند ما تعرض لقوله تعالى
…
وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (3) تجده يقرر «أن قوله تعالى ولا يحض على طعام المسكين، كناية عن الذي لا
(1) سورة الانفطار 13
(2)
تفسير جزء (عم) ص 37
(3)
سورة الماعون 3