الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فرنسة. ولما رأت رومة أنّ القوط الغربيين قد قَوُوا كثيراً وأصبحوا لها مصدر قلق دائم، لم تجد بدّاً من مصانعتهم والرضا باستقلالهم، فأقرّتهم على النزول في جنوبي فرنسة، على أن يتخلّوا عن سائر الأراضي التي استولوا عليها.
هـ - في إسبانيا:
وكان على القوط الغربيين يومئذٍ، ملك قدير، هو ثيودوسيوس الأول (419 م- 451 م)، فحاسن السوابيين، واقتسم معهم السيطرة على إسبانيا، ثم سكت عن استيلائهم على منازل الفاندال الشمالية، بينما كان هو يتوسع في الجنوب، ويدفع الفاندال عن إسبانيا كلها.
و- الفاندال في إفريقية:
وفي أيام غونداريك بن غود (406 - 428 م) ملك الفاندال، اشتد ضغط القوط الغربيون في إسبانيا على الفاندال. وأخذ الفاندال منذ ذلك الحين بمغادرة إسبانيا، فنزلوا أول ما نزلوا في الجزائر الشرقية (423)، فلما توفي غونداريك خلفه أخوه غايسيريك أو غانسيريك (428 - 477 م).
في هذه الأثناء، كان النزاع يعصف في الإمبراطورية الشرقية، كما كان الضعف قد أقعد الإمبراطورية الغربية: كان النزاع الديني بين الأريوسيين وبين الكنيسة الجامعة (1) على أشده قي كل مكان، في شرقي أوربّة، وفي غربيها. وكان الوطنيون من أهل إفريقية ثائرين على الإمبراطورية الغربية، فتوقف ورود القمح الإفريقي إلى رومة وهُدِّدت روما بمجاعة، ثم إن الدفاع الروماني كان قد ضعف مع شيخوخة رومة. ويبدو فوق هذا كله، أن نزاعاً نَشِبَ بين بونيفاسيوس الحاكم العسكري في إفريقية، وبين والنتينيان الثالث إمبراطور
(1) الكنيسة الجامعة: القائلون بأن المسيح هو الله بالذات، خصوم الأريوسيين.
رومة (425 - 455 م)، فيقال: إن بونيفاسيوس عمد إلى استدعاء غايسيريك للنزول في إفريقية، إغاظة لوالنتينيان.
وفي أيار (مايو) من سنة (429 م)، أبحر غايسيريك من جزيرة طريف (1) قي نحو ثمانين ألفاً من قومه، فيهم نحو ألف وخمسمائة مقاتل. ويبدو أن بونيفاسيوس قاومهم في المغرب الأوسط، بجيش جمعه على عجل سنة (430 م)، استطاع غايسيريك أن يستولى على الشاطئ الإفريقي بعد مقاومة. ومع أن الفاندال فقدوا عدداً كبيراً من قومهم في هذه المغامرة، إلاّ أنهم قلّصوا حكم الرومان عن إفريقية. ووجد الإمبراطور والنتينيان نفسه عاجزاً عن رد الفاندال، فعقد معاهدة (11 شباط- فبراير- 435 م) أقرّهم فيها على النزول في المغرب، على أن يتطوّعوا في جيش الإمبراطورية.
واستقر الفاندال في المغرب، دون أن يتمكن الرومان من فرض نصوص معاهدتهم على الفاندال، للضعف الذي كانوا فيه، فهاجم غايسيريك قرطاجنة وفتحها (19 تشرين الأول- أكتوبر- 439 م) من غير أن يلقى مقاومة تذكر. وأعلن غايسيريك نفسه ملكاً في قرطاجنة، واتخذها عاصمة له. ثم إنه تشدّد في سياسته الدينية، فأبعد الكاثوليكيين من الأشراف ورجال الدين عن البلاد، واستعبد العامة من الكاثوليكيين ممن لم يرضوا مغادرة البلاد، أو لم يكونوا قادرين على مغادرتها. وكذلك صادر أموال الكاثوليكيين وأملاكهم، وأعطاها للأريوسيين.
وفي سنة (440 م)، هاجم غايسيريك جزيرتي سردينيا وصقلية، فبعث الروم البيزنطيون أسطولاً لاستنقاذهما منه. فلما وصل ذلك الأسطول إلى صقلية، اضطُرّ الروم إلى ردِّه، لأن الهون والفرس كانوا قد أخذوا يهاجمون تخوم الإمبراطورية، ثم اضطر والنتينيان الثالث إلى عقد معاهدة جديدة مع غايسيريك (442 م)، يعترف فيها بسيادة الفاندال الكاملة على الشاطئ
(1) Tarifar Traducta Julia