المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

من مجاهدين مجرّبين لهم في ميادين الجهاد باع طويل. كما تدرّب - قادة فتح الأندلس - جـ ١

[محمود شيت خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌الأندلس وما جاورهاوجزر البحر الأبيض المتوسطقبل الفتح الإسلاميّ وفي أيامه

- ‌الموقع والحدود

- ‌1 - الأندلس

- ‌أ - الموقع:

- ‌ب - مصطلح الأندلس ومدلوله:

- ‌2 - المدن

- ‌1 - جزيرة طَرِيْف Tarifa:

- ‌2 - الجزيرة الخضراء Algeciras:

- ‌3 - طُلَيْطِلة Toledo:

- ‌3 - قَرْطَاجَنَّة الجزيرة Cartagena:

- ‌4 - بَنْبُلُونَة Pamplona:

- ‌5 - قُرْطُبَة Cordova:

- ‌6 - شَقُنْدَة Secunda:

- ‌7 - شَذُوْنَة Sidonia:

- ‌8 - إسْتِجَة Ecija:

- ‌9 - قَادِس Cadiz:

- ‌10 - مُرْسِيَة Murcia:

- ‌11 - شَرِيش Xeres - Jerez:

- ‌12 - المَدُوْر، Almodovar:

- ‌13 - إِشْبِيْلِيَة Sevilla ، Seville:

- ‌14 - مَالَقَة Malaga:

- ‌15 - إِلْبِيْرَة Elvira:

- ‌16 - غَرْنَاطة Granada:

- ‌17 - تُدْمِيْر Tudmir:

- ‌18 - أُوْرْيُوْلَة Orihuela:

- ‌19 - جَيَّان Jaen:

- ‌20 - جِلِّيْقِيَّة Galicia:

- ‌21 - أسْتُرْقَة Astorga:

- ‌22 - طَلَبِيْرَة Talavera:

- ‌23 - أَكْشُوْنُبَة Ocsonoba:

- ‌24 - قَرْمُوْنَة Carmona:

- ‌25 - رَعواق Alcala Guadaira:

- ‌26 - لَبْلَة Niebla:

- ‌27 - بَاجَة Beja:

- ‌28 - مَارِدَة Merida:

- ‌29 - لَقَنْت Alicante:

- ‌30 - قَشْتَالَة Castile - Castilla:

- ‌31 - سَرَقُسْطَة Zaragoza:

- ‌32 - وَشْقَة Huesca:

- ‌33 - لارِدَة Larida:

- ‌34 - طَرَّكُوْنَة Tarragna:

- ‌35 - بَرْشَلُوْنَة Barcelona:

- ‌36 - أماية Amaya:

- ‌37 - لِيُوْن Leon:

- ‌38 - بَلَنْسِيَة Valencia:

- ‌39 - أُرْبُوْنَة Narbonne:

- ‌40 - قَرْقَشُوْنَة Carcassone:

- ‌41 - بَلانة Villena:

- ‌42 - مُوْلَة Mula:

- ‌43 - بسْقَرَة Bigastre:

- ‌44 - إِلُة Ello:

- ‌45 - لُوْرَقَة Lorca:

- ‌46 - يَابُرَة Evora:

- ‌47 - شَنْتَرِيْن Santarein - Santaren:

- ‌48 - قُلُمْرِيَّة Coimira:

- ‌49 - أَشْتُورِش Austurias:

- ‌50 - لشبونة Lisbon:

- ‌51 - بَطَلْيُوْس Badjoz:

- ‌52 - مدينة وَلِيْد Valladolid:

- ‌53 - المَرِيَّة Almeria:

- ‌54 - وادي الحجارة = مدينة الفَرَج Guadalajara:

- ‌55 - مدينة سالم Medinaceli:

- ‌56 - دَانِيَة Dania:

- ‌57 - تُطِيْلَة Tadela:

- ‌58 - طَرْطُوْشَة Tortosa:

- ‌59 - شَنْت يَاقُب Santiago:

- ‌60 - سَلْمَنْكَة Salmanca:

- ‌61 - قُوْرِيَّة Coria:

- ‌62 - بَرْغَش Burgos:

- ‌63 - قَسْطَلُوْنَة Castallon:

- ‌64 - أُسْتُوْرِيْس Asturias:

- ‌65 - أُبَّدَة Ubeda:

- ‌66 - بَيَّاسَة Baeza:

- ‌67 - بَرْبُشْتَر Berbastro:

- ‌68 - بَرْبَطانِيَة Boltania:

- ‌69 - بُبَشْتَر Bobastro:

- ‌70 - بَقِيْرَة Viguera:

- ‌71 - بَرْمِنَّش Bermndo:

- ‌72 - قَبْرَة Cabra:

- ‌73 - بَيَّانَة Bayanne:

- ‌74 - قَلَهُرَّة Calahorra:

- ‌75 - قلعة أيوب Calatayud:

- ‌76 - قلعة رَباح Calatrava:

- ‌77 - جبل طارق Gibraltar:

- ‌78 - المُُنَكَّب Almunacar:

- ‌79 - شَوْذَر Jodar:

- ‌80 - مَجْرِيْط (مدريد الآن) Magerit:

- ‌81 - مِيْرتُلَة Mertola:

- ‌82 - مُنْت شُوْن Monzon:

- ‌83 - مُنْت لُوّن Mentileon:

- ‌84 - تُرْجِيْلَة Trujillo:

- ‌85 - شَنْتَمَرِيَّة الشَّرق Santa Maria de Albarracin:

- ‌86 - شَنْتَمَرِيَّة الغرب Santa Maria de Algarve:

- ‌87 - شَنْتَبَرِيَّة Santaver:

- ‌88 - طُولوز Toulouse:

- ‌89 - شَاطِبَة Xativa - Jativa:

- ‌90 - طُرُّش Torrox:

- ‌91 - بُرْذِيل (بوردو الآن) Bordeaux:

- ‌92 - الأرض الكبيرة:

- ‌93 - المنارة: برج هِرَقْل Torre de Hercules:

- ‌94 - بَرْبَشْتَر Berbastro:

- ‌95 - أُقْلِيش Acles:

- ‌96 - قوْنْكَة Ceuenca:

- ‌97 - البَسِيْطَة Albacete:

- ‌98 - شَنْتَجَالَة Chinchilla:

- ‌99 - ليون Leon:

- ‌100 - طَلَمَنْكَة Salamanqua:

- ‌101 - زَمُّوْرَة Zamora:

- ‌102 - كُوْرْنِيَّة Corigna:

- ‌103 - الحُمَّة Alhoma:

- ‌104 - أراغون Aragon:

- ‌105 - نبارة (نافار) Navarre:

- ‌106 - تِرُوْل Teruel:

- ‌107 - جَرِيْقَة Gerica:

- ‌3 - الثّغور الأندلسيّة

- ‌أ - الثّغر الأعلى:

- ‌ب - الثغر الأوسط:

- ‌ج - الثغر الأدنى:

- ‌4 - جبال الأندلس

- ‌5 - الأنهار

- ‌أ - نهر إبْرُهْ Ebro:

- ‌ب - الوادي الكبير Guadilquivir:

- ‌ج - نهر تَاجُهْ Togo:

- ‌د - النهر الأبيض:

- ‌و - المجمل:

- ‌السكان

- ‌الموارد الاقتصادية

- ‌1 - المناخ العام:

- ‌2 - الموارد الزراعية والحيوانية:

- ‌3 - المعادن والأحجار الكريمة:

- ‌4 - المصنوعات الأندلسيّة والتّصدير:

- ‌تاريخ الأندلس قبل الفتح الإسلاميوفي أيامه الأولى

- ‌1 - في أوروبا وإفريقيَّة

- ‌أ - البرابرة:

- ‌ب - أجناسهم وممالكهم:

- ‌ح - وصولهم إلى أوروبّة:

- ‌د - القوط الغربيون في إيطاليا:

- ‌هـ - في إسبانيا:

- ‌و- الفاندال في إفريقية:

- ‌ز - سقوط رومة:

- ‌ج - مقتل آدوفاكر:

- ‌ط - اضطراب أحوال الفاندال:

- ‌ي - القوط الغربيون في إسبانيا:

- ‌ك - الفرنجة في فرنسة:

- ‌ل - الهيطل (الهون):

- ‌م - الخلاصة:

- ‌2 - في إسبانيا

- ‌أ - القوط الغربيون في أواخر أيامهم:

- ‌ب - دولة القوط الغربيين في إسبانيا:

- ‌ج - لُذَرِيق:

- ‌د - أحوال إسبانيا تحت حكم القوط:

- ‌هـ - مجلس طُلَيْطُلَة:

- ‌و- المجتمع الإسباني أيام القوط:

- ‌ز - الحالة الثقافية:

- ‌يُلْيَان

- ‌1 - شخصيته:

- ‌2 - يليان والمسلمون الفاتحون:

- ‌فتح الأندلس

- ‌1 - الموقف العام:

- ‌2 - فتح طَرِيْف:

- ‌3 - فتح طارق بن زياد:

- ‌4 - الفتح المشترك بين موسى وطارق:

- ‌5 - فتح موسى بن نصير:

- ‌6 - فتح مغيث الرومي:

- ‌7 - فتح عبد العزيز بن موسى بن نصير:

- ‌8 - فتح عبد الأعلى بن موسى بن نصير:

- ‌9 - فتح عبد الله بن موسى بن نصير:

- ‌10 - فتح السمح بن مالك الخولاني:

- ‌عبرة الفتح

- ‌1 - التوقيت:

- ‌2 - أسباب النصر:

- ‌حضارة العرب والمسلمين في الأندلس

- ‌1 - الجذور:

- ‌2 - العرب في أوج مجدهم:

- ‌3 - مدينة النور والحب:

- ‌4 - علوم العرب وآدابهم:

- ‌الكارثة

- ‌طارق بن زيادفاتح شطر الأنْدلُس

- ‌نسبه وأيامه الأولى

- ‌في فتح طنْجَة

- ‌1 - مقدمات الفتح

- ‌أ - الأسباب:

- ‌ب - الاستطلاع:

- ‌2 - الفتح

- ‌أ - الخطّة العامَّة:

- ‌ب - المناوشات التمهيدية:

- ‌أ - الموقف العام:

- ‌أولاً: موقف القُوْط:

- ‌ثانياً. موقف المسلمين:

- ‌4 - خطبة طارق وحرق السُّفن

- ‌أ - الخطبة:

- ‌أولاً: الرّفض:

- ‌ثانياً: القبول:

- ‌ثالث‌‌اً. في المصادروالمراجع:

- ‌اً. في المصادر

- ‌نص ابن حبيبعبد الملك بن حبيب الألبيري (ت 238 هـ)في كتابه استفتاح الأندلس

- ‌ نص ابن قُتَيبة (ت 276 هـ)في كتابهالإمامة والسياسة

- ‌نص أبي بكر الطرطوشي (ت 520 هـ)في كتابهسراج الملوك

- ‌نص أبي محمد بن إبراهيم (ابن خيرة) المراعينيالأشبيلي (ت 564 هـ)في كتابهريحان الألباب وريعان الشبابفي مراتب الآداب

- ‌نص ابن خلكّان (ت 681 هـ)في كتابهوفيّات الأعيان وأنباء أبناء الزمان

- ‌نصّ ابن الشباط (ت 681 هـ)محمد بن علي بن محمد بن الشباط المصري التوزريفي كتابه صلة السّمط وسمة المرط في شرح سمط الهدىفي الفخر المحمّديّ

- ‌نصّ ابن هُذَيْل (ت 763 هـ)علي بن عبد الرحمن بن هُذَيْلفي كتابهتحفة الأنفس وشعار أهل الأندلس

- ‌نصّ المقَّرِي (ت 1041 هـ)أحمد بن محمد المقّري التِلمِسانيفي كتابهنفح الطيبمن غُصن الأندلس الرّطيب

- ‌(ب). في المراجع:

- ‌ب - حرق السُّفن:

- ‌5 - سير المعركة الحاسمةمعركة وادي بَرْباط أو وادي لَكُّهْ

- ‌أ - قوّات الطرفين:

- ‌أولاً: المسلمون:

- ‌ثانياً. القوط:

- ‌ب - التوقيت:

- ‌ج - ميدان القتال:

- ‌د - سير القتال:

- ‌6 - فتوح طارق قبل عبور موسى بن نُصَيْرإلى الأندلس

- ‌أ - الموقف العام بعد المعركة الحاسمة:

- ‌ب - فتوح المدن الثانوية:

- ‌ج - فتح قُرْطُبة:

- ‌د - فتح طُلَيْطُلَة

- ‌7 - فتوحات طارق بعد عبور موسى بن نُصَيْرإلى الأندلس

- ‌أ - بين موسى وطارق:

- ‌ب - فتوح موسى قبل لقاء طارق:

- ‌ج - لقاء القائدين:

- ‌د - الفتح المشترك بين القائدين:

- ‌الإنسان

- ‌1 - عودة القائدين إلى دمشق

- ‌أ - العودة:

- ‌ب - أسباب استدعاء موسى وطارق:

- ‌2 - الرّجل

- ‌القائد

- ‌1 - سماته القيادية عامة:

- ‌فما هي مجمل تلك المزايا

- ‌2 - طارق ومزايا القيادة العامة:

- ‌3 - في تطبيق مبادئ الحرب

- ‌أ - اختيار المقصد وإدامته

- ‌ب - التّعَرض

- ‌ج - المباغتة

- ‌د - تحشيد القوّة

- ‌هـ - الاقتصاد في المجهود

- ‌و- الأمن

- ‌ز - المرونة

- ‌ح - إدامة المعنويات

- ‌ط - الأمور الإدارية

- ‌ي - التّعاون

- ‌4 - نقطة الضعف:

- ‌5 - مجمل السِّمات:

- ‌أ - سِماته الخاصة:

- ‌ب - سِماته العامة:

- ‌طارق في التاريخ

- ‌نسبه وأيامه الأولى

- ‌الفاتح

- ‌الإنسان

- ‌القائد

- ‌طَرِيْف في التاريخ

- ‌مغِيْث الرُّومِيّفاتح قُرْطُبَة

- ‌نسبه وأيامه الأولى

- ‌الفاتح

- ‌الإنسان

- ‌القائد

- ‌مُغِيْث في التاريخ

- ‌فهرس الجزء الأول

الفصل: من مجاهدين مجرّبين لهم في ميادين الجهاد باع طويل. كما تدرّب

من مجاهدين مجرّبين لهم في ميادين الجهاد باع طويل.

كما تدرّب على الفنون العسكرية العملية: ركوب الخيل، والرمي بالسهام، والتصويب الدقيق، والضرب بالسيوف، والطعن بالرماح، والسباحة، وتحمل المشاق العسكرية: سيراً على الأقدام مسافات طويلة، والحرمان من الطعام والشراب مدة من الزمن، وتحمل التقلبات الجوية حراً وبرداً ومطراً وثلجاً، "وتدرّب على الركوب، وأخذ نفسه بالإقدام في مضايق الحروب، حتى تخرّج في ذلك تخرجاً أهّله للتقدم على الجيش

" (1).

ولكن مثل هذا التدريب العسكري وحده لا يكفي، لأنه تدريب (فردي)، فلابد من تلقي التدريب الإجمالي، وهو ممارسة الجهاد قائداً أو جندياً في ساحات الجهاد، ليطبق ما تعلمه (فرداً) من فنون عسكرية نظرية وعملية على القتال ضمن المقاتلين تطبيقاً عملياً، إذ لا فائدة من التدريب الفردي، إلاّ إذا طُبّق عملياً في التدريب الإجمالي، وأفضل أنواع هذا التدريب هو ممارسة القتال عملياً.

وقد كان أسلوب التدريب على القتال شائعاً في أيام الأمويين بالنسبة لأولاد الخلفاء ومَن حولهم، وبالنسبة لأولاد المسلمين كافة، فكان من نصيب مغيث أن يتدرب في ميادين الجهاد الإفريقي والمغربي والأندلسي، كما سنرى ذلك وشيكاً.

‌الفاتح

دخل مغيث الأندلس مع طارق بن زياد (2)، وكان الوليد بن عبد الملك هو الذي وجّهه إلى الأندلس ................................................

(1) نفح الطيب (3/ 12 - 13) عن الحجازي.

(2)

نفح الطيب (3/ 12).

ص: 437

غازياً (1)، ولا نعلم بالضبط متى وجّهه إلى هذا الواجب، وكان عبور طارق إلى الأندلس في يوم الإثنين الخامس من شهر رجب سنة اثنتين وتسعين الهجرية (2)(27 نيسان - أبريل - سنة 711 م)، فلابد من أن يكون مغيث قد بُعث إلى إفريقية والمغرب قبل هذا التاريخ. وكان موسى بن نصير قد فاتح الوليد بن عبد الملك بفتح الأندلس واستأذنه بفتحها، فكتب إليه الوليد:"أن خضها بالسرايا حتى ترى وتختبر شأنها، ولا تغرِّر بالمسلمين في بحر شديد الأهوال"(3). وبعث موسى في رمضان من سنة إحدى وتسعين الهجرية (710 م) سرية استطلاعية إلى جنوبي الأندلس، بقيادة طريف الملقب بأبي زُرعَة (4)، وهو مسلم من البربر (5)، فمن المحتمل أن الوليد بعثه قبيل الشروع في عمليات فتح الأندلس إلى تلك المنطقة، للإشراف على سير تلك العمليات، ومن المرجح أنه أرسله بعد فتح طنجة التي كانت سنة تسع وثمانين الهجرية (6)، وقبل عبور طريف إلى الأندلس، أي في أوائل سنة إحدى وتسعين الهجرية.

وكان مغيث على خيل طارق بن زياد (7)، وبعد أن فتح مدينة إسْتَجّة (8)، فزق جيوشه من هذه المدينة، فبعث مغيثاً إلى قرطبة، وكانت من أعظم مدائنهم، في سبعمائة فارس، لأن المسلمين ركبوا جميعاً خيل القوط، ولم

(1) نفح الطيب (3/ 14).

(2)

نفح الطيب (1/ 119) والبيان المغرب (2/ 6).

(3)

نفح الطيب (1/ 253) والبيان المغرب (2/ 6) ووفيات الأعيان (5/ 320)، وأنظر التاريخ الأندلسي (46).

(4)

ترجمته المفصلة في كتابنا: قادة فتح الأندلس والبحار.

(5)

نفح الطيب (1/ 160 و 229) والروض المعطار (8 و 127) والبيان المغرب (2/ 5)، وأنظر التاريخ الأندلسي (45).

(6)

ابن الأثير (4/ 540).

(7)

فتوح مصر والمغرب (279).

(8)

إستجّة: اسم كورة بالأندلس، متصلة بأعمال ريّة، بينها وبين قرطبة عشرة فراسخ، وأعمالها متّصلة بأعمال قرطبة، أنظر التفاصيل في معجم البلدان (1/ 224).

ص: 438

يبق فيهم راجل، وفَضَلت عنهم الخيل. وكَمن المسلمون بعُدْوَة نهر شَقُنْدَة ( Secunda) في غَيْضَة أرْز شافحة، وأرسلوا الأدلاّء فأمسكوا راعي غنم، فسئل عن قرطبة، فقال:"رحل عنها عظماء أهلها إلى طُلَيْطِلَة، وبقي فيها أميرها في أربعمائة فارس من حُماتهم مع ضعفاء أهلها". وسُئل عن سورها، فأخبر أنه حصين عال فوق أرضها، غير أنه فيه ثُغرة، ووصفها لهم (1). وشقندة هذه، هي حيّ الرّبَض (الضاحية) في جنوبي قرطبة، في الضفة الأخرى من نهر الوادي الكبير (2)( Guadalquivir) مقابل قرطبة. وتربّص المسلمون على الضفة اليسرى من نهر الوادي الكبير بالقوط، وأخذوا يستطلعون أخبار القوط، ويجمعون المعلومات عنهم قبل أن يعبروا النهر ويهاجموا البلد. وكان أهل قرطبة كارهين لأمر القوط عامة، لأن القوط كانوا مختصين أنفسهم بالجزء الغربي من البلد، وتركوا جزءه الشرقي لأهل البلد الأصليين، كما كان الرومان قبلهم يفعلون (3)، وأقاموا سوراً بينهم وبين أهل البلد الأصليين حتى لا يقرب هؤلاء مساكنهم كأنهم منبوذون. وكان البلد حصيناً حوله سور من الحجر الضخم، ولكن الظاهر أنه كان متداعياً في بعض أجزائه، فيه ثغرات يمكن النفوذ منها، وكان الجزء الذي يقابل القنطرة التي تقع على النهر، والتي كانت مهدّمة في حينه من السور وما وراءه من البلد، هو الجزء المخصص لسكان البلد الأصليين من الإيبيريين الرومان، وفيه الكنيسة الجامعة (الكاتدرائية). ولم يصعب على المسلمين الإتصال بنفر من سكان قرطبة المحليين، وبمعونة هؤلاء استطاعوا العبور في ليلة من ليالي آب (أغسطس)(4) غزيرة المطر، وكان عبور المسلمين نهر الوادي الكبير في

(1) البيان المغرب (2/ 9 - 10) ونفح الطيب (1/ 260 - 261).

(2)

جغرافية الأندلس وأوروبا (139).

(3)

Saavedra. OP. Cit. P. 81-82

(4)

يقول الرازي: "وأقبل المسلمون رويداً حتى عبروا نهر قرطبة ليلاً، وقد أغفل حرس المدينة احتراس السور، فلم يظهروا عليه، ضيقاً بالذي نالهم من المطر والبرد، =

ص: 439

مواجهة باب القنطرة، أو باب الصورة، نسبة إلى تمثال أسد كان قائماً على مقربة من السور، وظل قائماً أيام المسلمين، وجعل مغيث ورجاله يدورون حول السور يلتمسون ثغرة فيه يدخلون منها إلى قرطبة (1).

وحاول المسلمون التعلق بالسور، فلم يجدوا مُتَعلّقا، ورجعوا إلى الراعي في دلالتهم على الثغرة التي ذكرها، فأراهم إياها، فإذا بها غير متسهّلة التسنّم، إلاّ أنه كانت في أسفلها شجرة تين مكّنت أفنانها من التعلّق بها، فصعد رجل من أشِدّاء المسلمين في أعلاها، ونزع مغيث عمامته فناوله طرفَها، وأعان بعض الناس بعضاً، حتى كثروا على السّور. وركب مغيث ووقف من خارج، وأمر أصحابه المرتقين للسور بالهجوم على الحرس، ففعلوا وقتلوا نفراً منهم، وكسروا أقفال الباب، وفتحوه. ودخل مغيث ومَنْ معه، وفتحوا المدينة عَنْوَة (2).

وهاجم مغيث ومَن معه من المسلمين قصر الملك (3)، وقد بلغ الملك دخول المسلمين المدينة، فبادر بالفرار عن البلاط في أصحابه، وهم في زهاء أربعمائة فارس، وكانوا مقيمين مع الحاكم في الجزء الغربي من قرطبة، الذي سيعرف في أيام المسلمين بالمدينة أو القصبة (يسمى اليوم لافيليا = المدينة)، وكان الملك مقيماً وحده في قصر منيف من الضاحية التي ستعرف أيام المسلمين برَبَض الورّاقين، وأسرع الملك إلى حاميته القوطية، فطارده المسلمون، ففز بجنده إلى كنيسة قريبة تسمى كنيسة اشيسكلو ( San Acisclo)(4) وتحصَّن فيها، فحاصرها المسلمون. واستمر الحصار

= فترجّل القوم حتى عبروا النهر، وليس بين النهر والسّور إلاّ مقدار ثلاثين ذراعاً"، أنظر نفح الطيب (1/ 261).

(1)

فجر الأندلس (80 - 81).

(2)

نفح الطيب (1/ 261) وأنظر البيان المغرب (2/ 10).

(3)

حاكم المدينة، وقصر الملك هو البلاط:( Palatum) عن اللاتينية كما هو معروف.

(4)

يسمي صاحب الأخبار المجموعة هذه الكنيسة: شنت أجلح، وقد ورد في تقويم قرطبة لعريب الذي نشره دوزي، أنّ هذه الكنيسة هي سان أثيسكلو بالعجمية، أنظر =

ص: 440

نحو ثلاثة أشهر، حتى استطاع المسلمون قطع الماء عن المحصورين، وكان يجري إلى الكنيسة في مجرى تحت الأرض، وقصة اكتشاف مصدر هذا الماء، أن مغيثاً ضاق بطول حصار المدينة، فتقدم إلى رجل أسود من رجاله اسمه رَباح، وكان ذا بأس ونَجْدَة، وأمره بالكُمون في جنان إلى جانب الكنيسة ملتفّة الأشجار، لعلّه يظفر بعلج يقف به على خبر القوم، ففعل وبصر به أهل الكنيسة فأسروه وحبسوه في الكنيسة. ومكث في إسارهم سبعة أيام اطّلع خلالها على مصدر الماء الذي يأتي عبر قناة، ثم فرّ من الكنيسة ليلاً، وأخبر مغيثاً عن موضع الماء ومصدره، فأمر مغيث بطلب قناة الماء في الجهة التي أشار إليها الأسود حتى أصابوها، فقطعوها عن جَرْيتها إلى الكنيسة، وسدّوا منافذها. وأيقن المحصورون في الكنيسة بالهلاك، فدعاهم مغيث إلى الإسلام أو الجزية، فأبوا عليه، فأوقد النار عليهم حتى أحرقهم، فسمّيت: كنيسة الحرقى (1)، ومن المستبعد أن يُقدم المسلمون على حرق الكنيسة، وفيها نحو أربعمائة فارس من القوط، لأن الكنيسة ظلت بعد ذلك في أيام المسلمين زماناً طويلاً، وليس فيها للنار أثر (2)، ولم يسبق للمسلمين الإقدام على حرق الكنائس على مَن فيها من البشر، ولا مسوِّغ بحرقها بعد انقطاع الماء عنها، لأن استسلام حاميتها بعد انقطاع الماء عنهم أصبح مضموناً، وثباتهم لن يطول إلاّ ريثما ينفذ ماؤهم، وإلاّ ماتوا عطشاً، فلا يُقدم على حرق الكنيسة، في مثل هذا الموقف الراهن الذي تعيشه، بانقطاع الماء عنها، مسلم ولا غير مسلم أيضاً.

ويبدو أن قصة حرق الكنيسة لم تحظ بتصديق المصادر المعتمدة، فلم تذكر في مصدر من المصادر الإسلامية (3)، لأنها متهافتة لا ترقى إلى حقيقة

= الأخبار المجموعة (12)، وأنظر سافدرا (85) هامش (1).

(1)

نفح الطيب (1/ 263) برواية الرازي.

(2)

فجر الأندلس (82).

(3)

أنظر مثلاً: البيان المغرب (2/ 10).

ص: 441

من حقائق التاريخ.

ورغب ملك قرطبة أن يتخلص من الموقف الحرج الخطر الذي حاق برجاله، عند إيقانه أنه هالك إذا بقي معهم، ففرّ عن رجاله وحده بعد أن استغفلهم، ورام اللّحاق بطُلَيْطِلَة. وعلم مغيث بهرب الملك، فبادر الركض خلفه وحده، فلحقه بقرب قرية تُطِيلَة هارباً وحده، وهي قرية قريبة من قرطبة، وكان تحت هذا الهارب فرس أصفر ذريع الخَطْوِ. والتفت الملك ودُهِش لما رأى مغيثاً يطارده مطاردة عنيفة بلا هوادة، فزاد في حثّ فرسه، فقصر به، فسقط عن الفرس، واندقَّت عنقه، فقعد على ترسه مستأسراً، قد هاضته السقطة، فقبض عليه مغيث، وسلبه سلاحه، وحبسه عنده ليقدم به على أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك، ولم يؤسر من ملوك الأندلس غيره، لأن بعضهم استأمن، وبعضهم هرب. إلى جِلِّيقِيَّة (1). وفي رواية: أن مغيثاً استنزل أهل الكنيسة، بعد أسره لمليكهم، فضرب أعناقهم جميعاً، فمن أجل ذلك عُرفت بكنيسة الأسرى (2)، وأنه اختار القصر لنفسه والمدينة لأصحابه (3). وسكن مغيث قصر الملك الذي أصبح فيما بعد مقام الأمراء والخلفاء، بعد أن عُدّل وأضيفت إليه أجزاء كثيرة. وقد ترك المسلمون كنيسة الأسرى لنصارى قرطبة، فظلت أكبر كنائسهم في عاصمة الأندلس الإسلامية، طالما بقيت المدينة في حوزة المسلمين (4).

ومن الواضح أن المقصود بملك قرطبة، هو حاكم قرطبة، ولكن المصادر العربية تلقبه بلقب الملك، لأنه أكبر مسئول رسمي في المدينة، والواقع أنه كان في الأندلس ملك واحد، وكان على المناطق حكام، يرتبطون بالملك،

(1) جليقيّة: ناحية قرب ساحل البحر المحيط من ناحية شمالي الأندلس في أقصاه من جهة الغرب، أنظر معجم البلدان (3/ 131).

(2)

نفح الطيب (1/ 262 - 265) وأنظر البيان المغرب (2/ 10).

(3)

نفح الطيب (1/ 265).

(4)

فجر الأندلس (82).

ص: 442