الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طارق عن الانطلاق شمالاً أو شرقاً أو غرباً للفتح، خوفاً من محاولة القوط قطع مواصلات قوات طارق، وحتى لا يتعرض جناحا قوات طارق الأيمن والأيسر لخطر تعرض المقاومة القوطية المحتملة، مما يسبب لها خسائر فادحة بالأرواح.
والواقع، أن موسى كان يعمل مع طارق من أول نزوله الأندلس، بتعاون وثيق، وأن خروج طارق للقاء موسى عند طَلَبِيرَة لم يكن لمجرّد اللقاء، بل لغرض آخر حربي سنعرفه، وقد أتم الرجلان الفتح على أحسن ما يكون القادة تعاوناً. (1)
ب - فتوح موسى قبل لقاء طارق:
نزل موسى في جبل الفتح (جبل طارق)، ثم دخل الجزيرة الخضراء وأقام فيها أياماً للراحة والتأهب، فلما عزم السير، جمع حوله رايات العرب ووجوه الكتائب، وعددها يزيد على عشرين راية، فأجمعوا السير إلى إِشْبِيلِية وغزو ما بقي من غربي الأندلس حتى أكْشُوْنبة (2).
وزحف موسى إلى شَذُوْنة، ومنها سار إلى قَرْمُوْنَة ورَعْواق (3)( Guadaira Alca) ففتحها، وبهذا أمِّنت خطوط مواصلات المسلمين من الجزيرة الخضراء إلى قرطبة، إذ أصبحت سلسلة مدائن الجزيرة وشَذونة ورعواق وقَرْمُونة وإسْتجّة وقرطبة في يد المسلمين، وأصبح بإمكان موسى أن يتجه نحو الغرب
(1) انظر التفاصيل في: قادة فتح المغرب العربي (1/ 251 - 255) وفجر الإسلام (87)
(2)
أكشونبة: مدينة بالأندلس، يتصل عملها بعمل لشبونة، وهي غربي قرطبة، انظر التفاصيل في معجم البلدان (1/ 317) وفيه وردت أكسبونبة.
(3)
ورد اسم هذه المدينة في المصادر العربية بصيغ مختلفة: رعوان، زعواق، رَعواق، ويبدو أن الصواب هي: رعواق، وهي قلعة جوادايرا، انظر: نفح الطيب برواية ابن حيان (1/ 270) وأخبار مجموعة (16) وفيهما ذكر فتح قرمونة قبل إشبيلية، وانظر فجر الأندلس (92).
ليفتح إشْبِيلِية كبيرة مدائن شبه الجزيرة بعد طُليطلة إذ ذاك.
واتجه موسى بقواته إلى إِشْبيلِية، ففتحها المسلمون بعد بضعة أشهر من الحصار، ويبدو أن سكانها فتحوا أبوابها للمسلمين بعد أن طال الحصار واشتد القتال. وأما حاميتها القوطية، فانسحبت إلى لَبْلَة (1) على مصب وادي آنة، ومنها إلى أَكْشُونِبَة ثم إلى بَاجَة (2)، وهناك استقرّت تنتظر الحوادث.
وسار موسى على رأس قواته قاصداً مارِدَة (3)، متبعاً طريقاً رومانياً قديماً كان يصل البلدتين، واستولى في طريقه على بلدة تسمى لَقَنْت (4) سلّم له أهلها دون مقاومة، فسموا لذلك: موالي موسى (5).
ولما أدرك موسى ماردة، وجدها أحصن وأقوى مما ظنّها، فقد كان الهاربون من فلول القوط قد تجمعوا فيها، لأنها بلد بعيد صعب المنال وعر المسالك، فأقام موسى محاصراً البلد بقية الصيف والشتاء التالي، ولم يسلّم البلد إلاّ في الأول من شهر شوال سنة أربع وتسعين الهجرية (30 حزيران -
(1) لبلة: قصبة كورة بالأندلس كبيرة، يتصل عملها بعمل أكشونبة وهي شرق من أكشونبة وغرب من قرطبة، بينها وبين قرطبة على طريق إشبيلية خمسة أيام، أربعة وأربعون فرسخاً، وهي بريّة بحرية، انظر معجم البلدان (7/ 319).
(2)
باجة: مدينة من أعمال الأندلس، تتصل بنواحي ماردة، وهي ضمن اثنتي عشرة مدينة قاعدتها ماردة، انظر المشترك وضعاً والمفترق صقعاً (33) وجغرافية الأندلس وأوروبا (63).
(3)
كورة متصلة من نواحي الأندلس، متصلة بحوز فِرّيش بين الغرب والجوف من أعمال قرطبة، واحدى القواعد التي تخيرتها الملوك للسكنى، وهي مدينة رائعة كثيرة الرخام، فيها آثار قديمة، انظر التفاصيل في معجم البلدان (7/ 360).
(4)
لقنت: حصنان من أعمال ماردة بالأندلس: لقنت الكبرى، ولقنت الصغرى، وكلّ واحدة تنظر إلى صاحبتها، انظر معجم البلدان (7/ 336). وقال ابن القوطية:"ثمّ قصد من إشبيلية، إلى لقنت، إلى الموضع المعروف بفجّ موسى، في أوّل لقنت إلى ماردة"، انظر افتتاح الأندلس (9).
(5)
فتح الأندلس (11)، وانظر تعليق ( Joaquin de Gonzales) بخصوص هذه العبارة (93) من الترجمة، وانظر فجر الأندلس (93).