المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نص المقري (ت 1041 هـ)أحمد بن محمد المقري التلمسانيفي كتابهنفح الطيبمن غصن الأندلس الرطيب - قادة فتح الأندلس - جـ ١

[محمود شيت خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌الأندلس وما جاورهاوجزر البحر الأبيض المتوسطقبل الفتح الإسلاميّ وفي أيامه

- ‌الموقع والحدود

- ‌1 - الأندلس

- ‌أ - الموقع:

- ‌ب - مصطلح الأندلس ومدلوله:

- ‌2 - المدن

- ‌1 - جزيرة طَرِيْف Tarifa:

- ‌2 - الجزيرة الخضراء Algeciras:

- ‌3 - طُلَيْطِلة Toledo:

- ‌3 - قَرْطَاجَنَّة الجزيرة Cartagena:

- ‌4 - بَنْبُلُونَة Pamplona:

- ‌5 - قُرْطُبَة Cordova:

- ‌6 - شَقُنْدَة Secunda:

- ‌7 - شَذُوْنَة Sidonia:

- ‌8 - إسْتِجَة Ecija:

- ‌9 - قَادِس Cadiz:

- ‌10 - مُرْسِيَة Murcia:

- ‌11 - شَرِيش Xeres - Jerez:

- ‌12 - المَدُوْر، Almodovar:

- ‌13 - إِشْبِيْلِيَة Sevilla ، Seville:

- ‌14 - مَالَقَة Malaga:

- ‌15 - إِلْبِيْرَة Elvira:

- ‌16 - غَرْنَاطة Granada:

- ‌17 - تُدْمِيْر Tudmir:

- ‌18 - أُوْرْيُوْلَة Orihuela:

- ‌19 - جَيَّان Jaen:

- ‌20 - جِلِّيْقِيَّة Galicia:

- ‌21 - أسْتُرْقَة Astorga:

- ‌22 - طَلَبِيْرَة Talavera:

- ‌23 - أَكْشُوْنُبَة Ocsonoba:

- ‌24 - قَرْمُوْنَة Carmona:

- ‌25 - رَعواق Alcala Guadaira:

- ‌26 - لَبْلَة Niebla:

- ‌27 - بَاجَة Beja:

- ‌28 - مَارِدَة Merida:

- ‌29 - لَقَنْت Alicante:

- ‌30 - قَشْتَالَة Castile - Castilla:

- ‌31 - سَرَقُسْطَة Zaragoza:

- ‌32 - وَشْقَة Huesca:

- ‌33 - لارِدَة Larida:

- ‌34 - طَرَّكُوْنَة Tarragna:

- ‌35 - بَرْشَلُوْنَة Barcelona:

- ‌36 - أماية Amaya:

- ‌37 - لِيُوْن Leon:

- ‌38 - بَلَنْسِيَة Valencia:

- ‌39 - أُرْبُوْنَة Narbonne:

- ‌40 - قَرْقَشُوْنَة Carcassone:

- ‌41 - بَلانة Villena:

- ‌42 - مُوْلَة Mula:

- ‌43 - بسْقَرَة Bigastre:

- ‌44 - إِلُة Ello:

- ‌45 - لُوْرَقَة Lorca:

- ‌46 - يَابُرَة Evora:

- ‌47 - شَنْتَرِيْن Santarein - Santaren:

- ‌48 - قُلُمْرِيَّة Coimira:

- ‌49 - أَشْتُورِش Austurias:

- ‌50 - لشبونة Lisbon:

- ‌51 - بَطَلْيُوْس Badjoz:

- ‌52 - مدينة وَلِيْد Valladolid:

- ‌53 - المَرِيَّة Almeria:

- ‌54 - وادي الحجارة = مدينة الفَرَج Guadalajara:

- ‌55 - مدينة سالم Medinaceli:

- ‌56 - دَانِيَة Dania:

- ‌57 - تُطِيْلَة Tadela:

- ‌58 - طَرْطُوْشَة Tortosa:

- ‌59 - شَنْت يَاقُب Santiago:

- ‌60 - سَلْمَنْكَة Salmanca:

- ‌61 - قُوْرِيَّة Coria:

- ‌62 - بَرْغَش Burgos:

- ‌63 - قَسْطَلُوْنَة Castallon:

- ‌64 - أُسْتُوْرِيْس Asturias:

- ‌65 - أُبَّدَة Ubeda:

- ‌66 - بَيَّاسَة Baeza:

- ‌67 - بَرْبُشْتَر Berbastro:

- ‌68 - بَرْبَطانِيَة Boltania:

- ‌69 - بُبَشْتَر Bobastro:

- ‌70 - بَقِيْرَة Viguera:

- ‌71 - بَرْمِنَّش Bermndo:

- ‌72 - قَبْرَة Cabra:

- ‌73 - بَيَّانَة Bayanne:

- ‌74 - قَلَهُرَّة Calahorra:

- ‌75 - قلعة أيوب Calatayud:

- ‌76 - قلعة رَباح Calatrava:

- ‌77 - جبل طارق Gibraltar:

- ‌78 - المُُنَكَّب Almunacar:

- ‌79 - شَوْذَر Jodar:

- ‌80 - مَجْرِيْط (مدريد الآن) Magerit:

- ‌81 - مِيْرتُلَة Mertola:

- ‌82 - مُنْت شُوْن Monzon:

- ‌83 - مُنْت لُوّن Mentileon:

- ‌84 - تُرْجِيْلَة Trujillo:

- ‌85 - شَنْتَمَرِيَّة الشَّرق Santa Maria de Albarracin:

- ‌86 - شَنْتَمَرِيَّة الغرب Santa Maria de Algarve:

- ‌87 - شَنْتَبَرِيَّة Santaver:

- ‌88 - طُولوز Toulouse:

- ‌89 - شَاطِبَة Xativa - Jativa:

- ‌90 - طُرُّش Torrox:

- ‌91 - بُرْذِيل (بوردو الآن) Bordeaux:

- ‌92 - الأرض الكبيرة:

- ‌93 - المنارة: برج هِرَقْل Torre de Hercules:

- ‌94 - بَرْبَشْتَر Berbastro:

- ‌95 - أُقْلِيش Acles:

- ‌96 - قوْنْكَة Ceuenca:

- ‌97 - البَسِيْطَة Albacete:

- ‌98 - شَنْتَجَالَة Chinchilla:

- ‌99 - ليون Leon:

- ‌100 - طَلَمَنْكَة Salamanqua:

- ‌101 - زَمُّوْرَة Zamora:

- ‌102 - كُوْرْنِيَّة Corigna:

- ‌103 - الحُمَّة Alhoma:

- ‌104 - أراغون Aragon:

- ‌105 - نبارة (نافار) Navarre:

- ‌106 - تِرُوْل Teruel:

- ‌107 - جَرِيْقَة Gerica:

- ‌3 - الثّغور الأندلسيّة

- ‌أ - الثّغر الأعلى:

- ‌ب - الثغر الأوسط:

- ‌ج - الثغر الأدنى:

- ‌4 - جبال الأندلس

- ‌5 - الأنهار

- ‌أ - نهر إبْرُهْ Ebro:

- ‌ب - الوادي الكبير Guadilquivir:

- ‌ج - نهر تَاجُهْ Togo:

- ‌د - النهر الأبيض:

- ‌و - المجمل:

- ‌السكان

- ‌الموارد الاقتصادية

- ‌1 - المناخ العام:

- ‌2 - الموارد الزراعية والحيوانية:

- ‌3 - المعادن والأحجار الكريمة:

- ‌4 - المصنوعات الأندلسيّة والتّصدير:

- ‌تاريخ الأندلس قبل الفتح الإسلاميوفي أيامه الأولى

- ‌1 - في أوروبا وإفريقيَّة

- ‌أ - البرابرة:

- ‌ب - أجناسهم وممالكهم:

- ‌ح - وصولهم إلى أوروبّة:

- ‌د - القوط الغربيون في إيطاليا:

- ‌هـ - في إسبانيا:

- ‌و- الفاندال في إفريقية:

- ‌ز - سقوط رومة:

- ‌ج - مقتل آدوفاكر:

- ‌ط - اضطراب أحوال الفاندال:

- ‌ي - القوط الغربيون في إسبانيا:

- ‌ك - الفرنجة في فرنسة:

- ‌ل - الهيطل (الهون):

- ‌م - الخلاصة:

- ‌2 - في إسبانيا

- ‌أ - القوط الغربيون في أواخر أيامهم:

- ‌ب - دولة القوط الغربيين في إسبانيا:

- ‌ج - لُذَرِيق:

- ‌د - أحوال إسبانيا تحت حكم القوط:

- ‌هـ - مجلس طُلَيْطُلَة:

- ‌و- المجتمع الإسباني أيام القوط:

- ‌ز - الحالة الثقافية:

- ‌يُلْيَان

- ‌1 - شخصيته:

- ‌2 - يليان والمسلمون الفاتحون:

- ‌فتح الأندلس

- ‌1 - الموقف العام:

- ‌2 - فتح طَرِيْف:

- ‌3 - فتح طارق بن زياد:

- ‌4 - الفتح المشترك بين موسى وطارق:

- ‌5 - فتح موسى بن نصير:

- ‌6 - فتح مغيث الرومي:

- ‌7 - فتح عبد العزيز بن موسى بن نصير:

- ‌8 - فتح عبد الأعلى بن موسى بن نصير:

- ‌9 - فتح عبد الله بن موسى بن نصير:

- ‌10 - فتح السمح بن مالك الخولاني:

- ‌عبرة الفتح

- ‌1 - التوقيت:

- ‌2 - أسباب النصر:

- ‌حضارة العرب والمسلمين في الأندلس

- ‌1 - الجذور:

- ‌2 - العرب في أوج مجدهم:

- ‌3 - مدينة النور والحب:

- ‌4 - علوم العرب وآدابهم:

- ‌الكارثة

- ‌طارق بن زيادفاتح شطر الأنْدلُس

- ‌نسبه وأيامه الأولى

- ‌في فتح طنْجَة

- ‌1 - مقدمات الفتح

- ‌أ - الأسباب:

- ‌ب - الاستطلاع:

- ‌2 - الفتح

- ‌أ - الخطّة العامَّة:

- ‌ب - المناوشات التمهيدية:

- ‌أ - الموقف العام:

- ‌أولاً: موقف القُوْط:

- ‌ثانياً. موقف المسلمين:

- ‌4 - خطبة طارق وحرق السُّفن

- ‌أ - الخطبة:

- ‌أولاً: الرّفض:

- ‌ثانياً: القبول:

- ‌ثالث‌‌اً. في المصادروالمراجع:

- ‌اً. في المصادر

- ‌نص ابن حبيبعبد الملك بن حبيب الألبيري (ت 238 هـ)في كتابه استفتاح الأندلس

- ‌ نص ابن قُتَيبة (ت 276 هـ)في كتابهالإمامة والسياسة

- ‌نص أبي بكر الطرطوشي (ت 520 هـ)في كتابهسراج الملوك

- ‌نص أبي محمد بن إبراهيم (ابن خيرة) المراعينيالأشبيلي (ت 564 هـ)في كتابهريحان الألباب وريعان الشبابفي مراتب الآداب

- ‌نص ابن خلكّان (ت 681 هـ)في كتابهوفيّات الأعيان وأنباء أبناء الزمان

- ‌نصّ ابن الشباط (ت 681 هـ)محمد بن علي بن محمد بن الشباط المصري التوزريفي كتابه صلة السّمط وسمة المرط في شرح سمط الهدىفي الفخر المحمّديّ

- ‌نصّ ابن هُذَيْل (ت 763 هـ)علي بن عبد الرحمن بن هُذَيْلفي كتابهتحفة الأنفس وشعار أهل الأندلس

- ‌نصّ المقَّرِي (ت 1041 هـ)أحمد بن محمد المقّري التِلمِسانيفي كتابهنفح الطيبمن غُصن الأندلس الرّطيب

- ‌(ب). في المراجع:

- ‌ب - حرق السُّفن:

- ‌5 - سير المعركة الحاسمةمعركة وادي بَرْباط أو وادي لَكُّهْ

- ‌أ - قوّات الطرفين:

- ‌أولاً: المسلمون:

- ‌ثانياً. القوط:

- ‌ب - التوقيت:

- ‌ج - ميدان القتال:

- ‌د - سير القتال:

- ‌6 - فتوح طارق قبل عبور موسى بن نُصَيْرإلى الأندلس

- ‌أ - الموقف العام بعد المعركة الحاسمة:

- ‌ب - فتوح المدن الثانوية:

- ‌ج - فتح قُرْطُبة:

- ‌د - فتح طُلَيْطُلَة

- ‌7 - فتوحات طارق بعد عبور موسى بن نُصَيْرإلى الأندلس

- ‌أ - بين موسى وطارق:

- ‌ب - فتوح موسى قبل لقاء طارق:

- ‌ج - لقاء القائدين:

- ‌د - الفتح المشترك بين القائدين:

- ‌الإنسان

- ‌1 - عودة القائدين إلى دمشق

- ‌أ - العودة:

- ‌ب - أسباب استدعاء موسى وطارق:

- ‌2 - الرّجل

- ‌القائد

- ‌1 - سماته القيادية عامة:

- ‌فما هي مجمل تلك المزايا

- ‌2 - طارق ومزايا القيادة العامة:

- ‌3 - في تطبيق مبادئ الحرب

- ‌أ - اختيار المقصد وإدامته

- ‌ب - التّعَرض

- ‌ج - المباغتة

- ‌د - تحشيد القوّة

- ‌هـ - الاقتصاد في المجهود

- ‌و- الأمن

- ‌ز - المرونة

- ‌ح - إدامة المعنويات

- ‌ط - الأمور الإدارية

- ‌ي - التّعاون

- ‌4 - نقطة الضعف:

- ‌5 - مجمل السِّمات:

- ‌أ - سِماته الخاصة:

- ‌ب - سِماته العامة:

- ‌طارق في التاريخ

- ‌نسبه وأيامه الأولى

- ‌الفاتح

- ‌الإنسان

- ‌القائد

- ‌طَرِيْف في التاريخ

- ‌مغِيْث الرُّومِيّفاتح قُرْطُبَة

- ‌نسبه وأيامه الأولى

- ‌الفاتح

- ‌الإنسان

- ‌القائد

- ‌مُغِيْث في التاريخ

- ‌فهرس الجزء الأول

الفصل: ‌نص المقري (ت 1041 هـ)أحمد بن محمد المقري التلمسانيفي كتابهنفح الطيبمن غصن الأندلس الرطيب

(8)

‌نصّ المقَّرِي (ت 1041 هـ)

أحمد بن محمد المقّري التِلمِساني

في كتابه

نفح الطيب

من غُصن الأندلس الرّطيب

فلما بلغ طارقاً دنوُّه، قام في أصحابه، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم حثّ المسلمين على الجهاد، ورغّبهم، ثم قال:

"أيها الناس، أين المفر؟ البحر من ورائكم، والعدوّ أمامكم، وليس لكم والله إلاّ الصدق والصبر، واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام في مأدبة اللِّئام. وقد استقبلكم عدوّكم بجيشه وأسلحته، وأقواته موفورة، وأنتم لا وَزَرَ لكم إلاّ سيوفكم، ولا أقوات إلاّ ما تستخلصونه من أيدي عدوّكم، وإن امتدّت الأيام على افتقاركم ولم تنجزوا لكم أمراً ذهبت ريحكم، وتعوّضت القلوب من رُعبها منكم الجراءة عليكم، فادفعوا عن أنفسكم خذلان هذه العاقبة من أمركم بمناجزة هذا الطاغية، فقد ألقت به إليكم مدينته الحصينة، وإنّ انتهاز الفرصة فيه لممكن إن سمحتم لأنفسكم بالموت. وإني لم أُحذّركم أمراً أنا عنه بنجوة، ولا حملتكم على خُطة أرخص متاع فيها النفوس (إلاّ وأنا)(1) أبدأ بنفسي. واعلموا أنكم إن صبرتم على الأشقّ قليلاً، استمتعم بالأرفهِ الألذِّ طويلاً، فلا ترغبوا بأنفسكم عن نفسي، فما حظكم فيه

(1) زيادة عن ابن خلكان.

ص: 276

بأوفى من حظي. وقد بلغكم ما أنشأت هذه الجزيرة من الحور الحسان، من بنات اليونان، الرافلات في الدّر والمرجان، والحُلَل المنسوجة بالعِقْيان، المقصورات في قصور الملوك ذوي التيجان، وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين من المؤمنين عُرباناً، ورضيكم لملوك هذه الجزيرة أصهاراً وأختاناً، ثقة منه بارتياحكم للطعان، واستماحكم بمجالدة الأبطال والفرسان، ليكون حظه منكم ثواب الله على إعلاء كلمته، وإظهار دينه بهذه الجزيرة، وليكون مَغْنَمها خالصة لكم من دونه ومن دون المؤمنين سواكم. والله تعالى وليّ إنجادكم على ما يكون لكم ذكراً لكم في الدارين، واعلموا أني أوّل مجيب إلى ما دعوتكم إليه، وأني عند مُلْتَقى الجمعين حامل على طاغية القوم لذريق فقاتله إن شاء الله تعالى، فاحملوا معي، فإن هلكتُ بعده فقد كفيتكم أمره، ولم يعْوزكم بطلٌ عاقل تسندون أموركم إليه، وإن هلكتُ قبل وصولي إليه فاخلفوني في عزيمتي هذه، واحملوا بأنفسكم عليه، واكتفوا الهم من فتح هذه الجزيرة بقتله، فإنهم بعده يُخْذلُون" (1).

تلك هي ثمانية مصادر معتمدة، سجلت خطبة طارق، ونسبتها إليه، دون أن تشك في نسبتها أو تشكك في نسبتها إلى طارق، وليس كما ادعى قسم من المستشرقين والمستغربين، أن المقّري في: نفح الطيب، هو وحده الذي سجلها:"أقدم مصدر للخطبة، فيما نعلم، كتاب المقّري المتوفي سنة (1041 هـ)، أي بعد أكثر من تسعة قرون من تاريخ الخطبة، وهو زمن أخطر من أن يُستهان به"(2)، إذ تبين لنا أن الذين سجلوها فعلوا ذلك قبل صاحب نفح الطيب بأكثر من تسعمائة سنة ابتداء من سنة (238 هـ) كما ورد في هذه الدراسة.

(1) نفح الطيب تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد (1/ 225 - 226) - القاهرة - 1367 هـ، وتحقيق الدكتور إحسان عباس (1/ 241 - 242)، بيروت - 1388 هـ.

(2)

د. أحمد بسام الساعي - خطبة طارق بن زياد هل قالها حقاً؟ (97) - مجلة العربي الكويتية - العدد: 293 جمادى الآخرة 1403 هـ - نيسان (أبريل) 1983 م.

ص: 277

ولا أدّعي أنّني استطعت تسجيل المصادر المعتمدة كافة التي سجلت الخطبة، فهذا ما أتمنى أن يفعله غيري من الباحثين بإذن الله، وقد اعتمدت في تسجيل نصوص الخطبة على باحثين سبقوني، وقد أشرت إلى أسمائهم وأسماء مؤلفاتهم ومقالاتهم ليعود الفضل إلى أصحاب الفضل، وسأعود إلى ذكرهم في الحديث عن المراجع الحديثة التي نسبت الخطبة إلى طارق ودافعت عن هذه النسبة إلى طارق.

وقبل أن أختتم الحديث عن الخطبة في المصادر، أريد أن أركِّز على نقطتين:

وردت كلمة: (عرباناً) في نص: ابن خلكان، ونص ابن الشباط، ونص المقري، وقد وردت في بعض النسخ بالزاي المعجمة (عُزْبان: جمع عَزَب)، وعلى هذا الوجه ينتفي الشك الذي أثاروه، فقالوا:(لم يكونوا عرباناً، بل كانوا برابرة). وحتى لو بقيت كما هي، فلا تدل على النسب العربي بقدر دلالتها على الفخر بهذا النسب، الذي قصده طارق، بنسبه هؤلاء البربر إلى العرب رفعاً لمعنوياتهم وأقدارهم، باعتبار أن العرب يومئذ هم الدعاة والحماة والخلفاء والقادة والمجاهدون والفاتحون، وكل إنسان يحب أن ينتسب إليهم، ليحظى بهذه المكانة الرفيعة.

ومن المدهش حقاً، أن البربر - على الرغم من محاولات الاستعمار الحديث - لا يؤلمهم أن يقال عنهم: إنهم عرب، بل يؤلمهم أن يقال عنهم: إنهم ليسوا عرباً. (1)

وهناك أدلة كثيرة على أن العرب والبربر من أرومة واحدة، يلتقون بأنسابهم وأحسابهم بالعرب الأقدمين، وبأمهم الرءوم: جزيرة العرب. (2)

وأساليب البلاغة العربية كثيرة، فإذا قال قائد لرجاله: أنتم أسود، تقوية لمعنوياتهم، وحثاً لهم على الثبات، فقد لا يفهم غير العربي مثل هذا التعبير،

(1) عقبة بن نافع الفهري (35) بيروت، 1392 هـ.

(2)

انظر التفاصيل في: عقبة بن نافع (23 - 53).

ص: 278

لأنه لا يفهم العربية، أما ألاّ يفهم العربي مثل هذا التعبير، فالأمر مختلف جداً. وكذلك بالنسبة لتعبير:(عرباناً) التي وردت في خطبة طارق، فإذا عجز غير العربي عن فهم هذا التعبير كما ينبغي، وفهمه بمعناه اللّفظي لا بمعناه المجازي، فله ما يسوّغ هذا العجز عن الفهم، أما العربي، فلا مسوّغ له بمتابعة من لم يفهم، وهو الذين يجب أن يفهم.

ومع ذلك، فإن الذين لم يفهموا هذا التعبير أو فهموه، قد بالغوا كثيراً في استنتاج أن الخطبة ليست لطارق، استناداً على كلمة:(عرباناً)، فليس من السهل ردّ الحقائق بالظنون.

وإذا كان فتح المسلمين، لبلد من بلاد النصارى، كبلاد الأندلس مثلاً، وبقاؤهم فيه قروناً طويلة - كما هو معروف - حافزاً للمستشرقين من غير المسلمين على تصيُّد ما يستطيعون، به الشك والتشكيك في تاريخ الفتح الأندلسي وتاريخ المسلمين في الأندلس، فما الحافز للمسلمين في تقليد الشاكِّين والمشكِّكين؟؟

ومن غير المعقول أن نطبِّق الأفكار الشائعة في هذا القرن حول التفرقة بين الأقوام، على القرن الهجري الأول، الذي ساد فيه الإخاء الإسلامي، وأصبح التفاضل بين الأفراد بالتقوى لا بالنسب فلا فضل لعربي على أعجمي إلاّ بالتقوى، فما أراد طارق بتعبير:(عرباناً) نسباً، بل أراد غير ذلك، وعلى الباحث دراسته كما كان لا كما يريده أن يكون، ليستخلص الواقع ويبتعد عن الخيال.

تلك هي النقطة الأولى.

أما النقطة الثانية، فهي أن أسس خطاب طارق واحدة في النصوص الثمانية التي سجلتها المصادر المعتمدة الثمانية، ولكنّها تختلف في بعض الكلمات وبعض التعابير بما لا يمسّ بأسس معاني الخطاب، كما تختلف في حجم الخطاب طولاً وقصراً، والظاهر أن قسماً من المؤلفين سجّلوه حرفياً دون أن يختصروا منه شيئاً، وقسماً منهم سجّلوا أبرز ما ورد في الخطاب من

ص: 279