المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الأندلس وما جاورهاوجزر البحر الأبيض المتوسطقبل الفتح الإسلاميّ وفي أيامه

- ‌الموقع والحدود

- ‌1 - الأندلس

- ‌أ - الموقع:

- ‌ب - مصطلح الأندلس ومدلوله:

- ‌2 - المدن

- ‌1 - جزيرة طَرِيْف Tarifa:

- ‌2 - الجزيرة الخضراء Algeciras:

- ‌3 - طُلَيْطِلة Toledo:

- ‌3 - قَرْطَاجَنَّة الجزيرة Cartagena:

- ‌4 - بَنْبُلُونَة Pamplona:

- ‌5 - قُرْطُبَة Cordova:

- ‌6 - شَقُنْدَة Secunda:

- ‌7 - شَذُوْنَة Sidonia:

- ‌8 - إسْتِجَة Ecija:

- ‌9 - قَادِس Cadiz:

- ‌10 - مُرْسِيَة Murcia:

- ‌11 - شَرِيش Xeres - Jerez:

- ‌12 - المَدُوْر، Almodovar:

- ‌13 - إِشْبِيْلِيَة Sevilla ، Seville:

- ‌14 - مَالَقَة Malaga:

- ‌15 - إِلْبِيْرَة Elvira:

- ‌16 - غَرْنَاطة Granada:

- ‌17 - تُدْمِيْر Tudmir:

- ‌18 - أُوْرْيُوْلَة Orihuela:

- ‌19 - جَيَّان Jaen:

- ‌20 - جِلِّيْقِيَّة Galicia:

- ‌21 - أسْتُرْقَة Astorga:

- ‌22 - طَلَبِيْرَة Talavera:

- ‌23 - أَكْشُوْنُبَة Ocsonoba:

- ‌24 - قَرْمُوْنَة Carmona:

- ‌25 - رَعواق Alcala Guadaira:

- ‌26 - لَبْلَة Niebla:

- ‌27 - بَاجَة Beja:

- ‌28 - مَارِدَة Merida:

- ‌29 - لَقَنْت Alicante:

- ‌30 - قَشْتَالَة Castile - Castilla:

- ‌31 - سَرَقُسْطَة Zaragoza:

- ‌32 - وَشْقَة Huesca:

- ‌33 - لارِدَة Larida:

- ‌34 - طَرَّكُوْنَة Tarragna:

- ‌35 - بَرْشَلُوْنَة Barcelona:

- ‌36 - أماية Amaya:

- ‌37 - لِيُوْن Leon:

- ‌38 - بَلَنْسِيَة Valencia:

- ‌39 - أُرْبُوْنَة Narbonne:

- ‌40 - قَرْقَشُوْنَة Carcassone:

- ‌41 - بَلانة Villena:

- ‌42 - مُوْلَة Mula:

- ‌43 - بسْقَرَة Bigastre:

- ‌44 - إِلُة Ello:

- ‌45 - لُوْرَقَة Lorca:

- ‌46 - يَابُرَة Evora:

- ‌47 - شَنْتَرِيْن Santarein - Santaren:

- ‌48 - قُلُمْرِيَّة Coimira:

- ‌49 - أَشْتُورِش Austurias:

- ‌50 - لشبونة Lisbon:

- ‌51 - بَطَلْيُوْس Badjoz:

- ‌52 - مدينة وَلِيْد Valladolid:

- ‌53 - المَرِيَّة Almeria:

- ‌54 - وادي الحجارة = مدينة الفَرَج Guadalajara:

- ‌55 - مدينة سالم Medinaceli:

- ‌56 - دَانِيَة Dania:

- ‌57 - تُطِيْلَة Tadela:

- ‌58 - طَرْطُوْشَة Tortosa:

- ‌59 - شَنْت يَاقُب Santiago:

- ‌60 - سَلْمَنْكَة Salmanca:

- ‌61 - قُوْرِيَّة Coria:

- ‌62 - بَرْغَش Burgos:

- ‌63 - قَسْطَلُوْنَة Castallon:

- ‌64 - أُسْتُوْرِيْس Asturias:

- ‌65 - أُبَّدَة Ubeda:

- ‌66 - بَيَّاسَة Baeza:

- ‌67 - بَرْبُشْتَر Berbastro:

- ‌68 - بَرْبَطانِيَة Boltania:

- ‌69 - بُبَشْتَر Bobastro:

- ‌70 - بَقِيْرَة Viguera:

- ‌71 - بَرْمِنَّش Bermndo:

- ‌72 - قَبْرَة Cabra:

- ‌73 - بَيَّانَة Bayanne:

- ‌74 - قَلَهُرَّة Calahorra:

- ‌75 - قلعة أيوب Calatayud:

- ‌76 - قلعة رَباح Calatrava:

- ‌77 - جبل طارق Gibraltar:

- ‌78 - المُُنَكَّب Almunacar:

- ‌79 - شَوْذَر Jodar:

- ‌80 - مَجْرِيْط (مدريد الآن) Magerit:

- ‌81 - مِيْرتُلَة Mertola:

- ‌82 - مُنْت شُوْن Monzon:

- ‌83 - مُنْت لُوّن Mentileon:

- ‌84 - تُرْجِيْلَة Trujillo:

- ‌85 - شَنْتَمَرِيَّة الشَّرق Santa Maria de Albarracin:

- ‌86 - شَنْتَمَرِيَّة الغرب Santa Maria de Algarve:

- ‌87 - شَنْتَبَرِيَّة Santaver:

- ‌88 - طُولوز Toulouse:

- ‌89 - شَاطِبَة Xativa - Jativa:

- ‌90 - طُرُّش Torrox:

- ‌91 - بُرْذِيل (بوردو الآن) Bordeaux:

- ‌92 - الأرض الكبيرة:

- ‌93 - المنارة: برج هِرَقْل Torre de Hercules:

- ‌94 - بَرْبَشْتَر Berbastro:

- ‌95 - أُقْلِيش Acles:

- ‌96 - قوْنْكَة Ceuenca:

- ‌97 - البَسِيْطَة Albacete:

- ‌98 - شَنْتَجَالَة Chinchilla:

- ‌99 - ليون Leon:

- ‌100 - طَلَمَنْكَة Salamanqua:

- ‌101 - زَمُّوْرَة Zamora:

- ‌102 - كُوْرْنِيَّة Corigna:

- ‌103 - الحُمَّة Alhoma:

- ‌104 - أراغون Aragon:

- ‌105 - نبارة (نافار) Navarre:

- ‌106 - تِرُوْل Teruel:

- ‌107 - جَرِيْقَة Gerica:

- ‌3 - الثّغور الأندلسيّة

- ‌أ - الثّغر الأعلى:

- ‌ب - الثغر الأوسط:

- ‌ج - الثغر الأدنى:

- ‌4 - جبال الأندلس

- ‌5 - الأنهار

- ‌أ - نهر إبْرُهْ Ebro:

- ‌ب - الوادي الكبير Guadilquivir:

- ‌ج - نهر تَاجُهْ Togo:

- ‌د - النهر الأبيض:

- ‌و - المجمل:

- ‌السكان

- ‌الموارد الاقتصادية

- ‌1 - المناخ العام:

- ‌2 - الموارد الزراعية والحيوانية:

- ‌3 - المعادن والأحجار الكريمة:

- ‌4 - المصنوعات الأندلسيّة والتّصدير:

- ‌تاريخ الأندلس قبل الفتح الإسلاميوفي أيامه الأولى

- ‌1 - في أوروبا وإفريقيَّة

- ‌أ - البرابرة:

- ‌ب - أجناسهم وممالكهم:

- ‌ح - وصولهم إلى أوروبّة:

- ‌د - القوط الغربيون في إيطاليا:

- ‌هـ - في إسبانيا:

- ‌و- الفاندال في إفريقية:

- ‌ز - سقوط رومة:

- ‌ج - مقتل آدوفاكر:

- ‌ط - اضطراب أحوال الفاندال:

- ‌ي - القوط الغربيون في إسبانيا:

- ‌ك - الفرنجة في فرنسة:

- ‌ل - الهيطل (الهون):

- ‌م - الخلاصة:

- ‌2 - في إسبانيا

- ‌أ - القوط الغربيون في أواخر أيامهم:

- ‌ب - دولة القوط الغربيين في إسبانيا:

- ‌ج - لُذَرِيق:

- ‌د - أحوال إسبانيا تحت حكم القوط:

- ‌هـ - مجلس طُلَيْطُلَة:

- ‌و- المجتمع الإسباني أيام القوط:

- ‌ز - الحالة الثقافية:

- ‌يُلْيَان

- ‌1 - شخصيته:

- ‌2 - يليان والمسلمون الفاتحون:

- ‌فتح الأندلس

- ‌1 - الموقف العام:

- ‌2 - فتح طَرِيْف:

- ‌3 - فتح طارق بن زياد:

- ‌4 - الفتح المشترك بين موسى وطارق:

- ‌5 - فتح موسى بن نصير:

- ‌6 - فتح مغيث الرومي:

- ‌7 - فتح عبد العزيز بن موسى بن نصير:

- ‌8 - فتح عبد الأعلى بن موسى بن نصير:

- ‌9 - فتح عبد الله بن موسى بن نصير:

- ‌10 - فتح السمح بن مالك الخولاني:

- ‌عبرة الفتح

- ‌1 - التوقيت:

- ‌2 - أسباب النصر:

- ‌حضارة العرب والمسلمين في الأندلس

- ‌1 - الجذور:

- ‌2 - العرب في أوج مجدهم:

- ‌3 - مدينة النور والحب:

- ‌4 - علوم العرب وآدابهم:

- ‌الكارثة

- ‌طارق بن زيادفاتح شطر الأنْدلُس

- ‌نسبه وأيامه الأولى

- ‌في فتح طنْجَة

- ‌1 - مقدمات الفتح

- ‌أ - الأسباب:

- ‌ب - الاستطلاع:

- ‌2 - الفتح

- ‌أ - الخطّة العامَّة:

- ‌ب - المناوشات التمهيدية:

- ‌أ - الموقف العام:

- ‌أولاً: موقف القُوْط:

- ‌ثانياً. موقف المسلمين:

- ‌4 - خطبة طارق وحرق السُّفن

- ‌أ - الخطبة:

- ‌أولاً: الرّفض:

- ‌ثانياً: القبول:

- ‌ثالث‌‌اً. في المصادروالمراجع:

- ‌اً. في المصادر

- ‌نص ابن حبيبعبد الملك بن حبيب الألبيري (ت 238 هـ)في كتابه استفتاح الأندلس

- ‌ نص ابن قُتَيبة (ت 276 هـ)في كتابهالإمامة والسياسة

- ‌نص أبي بكر الطرطوشي (ت 520 هـ)في كتابهسراج الملوك

- ‌نص أبي محمد بن إبراهيم (ابن خيرة) المراعينيالأشبيلي (ت 564 هـ)في كتابهريحان الألباب وريعان الشبابفي مراتب الآداب

- ‌نص ابن خلكّان (ت 681 هـ)في كتابهوفيّات الأعيان وأنباء أبناء الزمان

- ‌نصّ ابن الشباط (ت 681 هـ)محمد بن علي بن محمد بن الشباط المصري التوزريفي كتابه صلة السّمط وسمة المرط في شرح سمط الهدىفي الفخر المحمّديّ

- ‌نصّ ابن هُذَيْل (ت 763 هـ)علي بن عبد الرحمن بن هُذَيْلفي كتابهتحفة الأنفس وشعار أهل الأندلس

- ‌نصّ المقَّرِي (ت 1041 هـ)أحمد بن محمد المقّري التِلمِسانيفي كتابهنفح الطيبمن غُصن الأندلس الرّطيب

- ‌(ب). في المراجع:

- ‌ب - حرق السُّفن:

- ‌5 - سير المعركة الحاسمةمعركة وادي بَرْباط أو وادي لَكُّهْ

- ‌أ - قوّات الطرفين:

- ‌أولاً: المسلمون:

- ‌ثانياً. القوط:

- ‌ب - التوقيت:

- ‌ج - ميدان القتال:

- ‌د - سير القتال:

- ‌6 - فتوح طارق قبل عبور موسى بن نُصَيْرإلى الأندلس

- ‌أ - الموقف العام بعد المعركة الحاسمة:

- ‌ب - فتوح المدن الثانوية:

- ‌ج - فتح قُرْطُبة:

- ‌د - فتح طُلَيْطُلَة

- ‌7 - فتوحات طارق بعد عبور موسى بن نُصَيْرإلى الأندلس

- ‌أ - بين موسى وطارق:

- ‌ب - فتوح موسى قبل لقاء طارق:

- ‌ج - لقاء القائدين:

- ‌د - الفتح المشترك بين القائدين:

- ‌الإنسان

- ‌1 - عودة القائدين إلى دمشق

- ‌أ - العودة:

- ‌ب - أسباب استدعاء موسى وطارق:

- ‌2 - الرّجل

- ‌القائد

- ‌1 - سماته القيادية عامة:

- ‌فما هي مجمل تلك المزايا

- ‌2 - طارق ومزايا القيادة العامة:

- ‌3 - في تطبيق مبادئ الحرب

- ‌أ - اختيار المقصد وإدامته

- ‌ب - التّعَرض

- ‌ج - المباغتة

- ‌د - تحشيد القوّة

- ‌هـ - الاقتصاد في المجهود

- ‌و- الأمن

- ‌ز - المرونة

- ‌ح - إدامة المعنويات

- ‌ط - الأمور الإدارية

- ‌ي - التّعاون

- ‌4 - نقطة الضعف:

- ‌5 - مجمل السِّمات:

- ‌أ - سِماته الخاصة:

- ‌ب - سِماته العامة:

- ‌طارق في التاريخ

- ‌نسبه وأيامه الأولى

- ‌الفاتح

- ‌الإنسان

- ‌القائد

- ‌طَرِيْف في التاريخ

- ‌مغِيْث الرُّومِيّفاتح قُرْطُبَة

- ‌نسبه وأيامه الأولى

- ‌الفاتح

- ‌الإنسان

- ‌القائد

- ‌مُغِيْث في التاريخ

- ‌فهرس الجزء الأول

الفصل: ‌أ - الأسباب:

جهاده في الأندلس

‌1 - مقدمات الفتح

‌أ - الأسباب:

كان فتح الأندلس نتيجة طبيعيّة لتمام فتح المغرب، لأنّ الأندلس هو الجناح الغربي للمغرب (1)، ولأنّ الأندلس كان المجال الحيوي للفتح الإسلاميّ بعد إنجاز فتح المغرب الأفريقيّ، واستقرار الفتح فيه بانتشار الإسلام في ربوعه، وبوجود القوّة الضّاربة بجانب العرب المسلمين والبربر المسلمين.

ولم تستعص على موسى بن نُصَيْر غير مدينة سَبْتَة ( Gevta) لمناعتها ووصول الإمدادات إليها من إسبانيا القوطيّة عن طريق البحر، وكان يحكمها من قِبَل القُوط (2) حاكم اسمه: جوليان، أو كما يسميه الأسبان (خوليان Julian) ويسميه العرب: يُلْيَان (3)،!! إليان (4)، أو يوليان (5). وقد اختلفت المصادر في شخصيّة يليان، فبعضها يذكر أنّه قُوطيّ، وبعضها يزعم أنّه روميّ، وبعضها ينسبه إلى بربر قبيلة غمارة (6). والواقع أنّ يليان كان حاكماً

(1) المسالك والممالك للأصطخري (33).

(2)

يذكر صاحب أخبار مجموعة: أن موسى بن نُصَيْر سار إلى مداين تقع على شاطئ البحر، فيها عمّال صاحب الأندلس، على رأسها سبتة، انظر: أخبار مجموعة في فتح الأندلس (4).

(3)

البيان المغرب (2/ 6).

(4)

صفة المغرب للبكري (104).

(5)

ابن الأثير (4/ 213).

(6)

انظر تاريخ المسلمين في الأندلس (47) وفجر الأندلس (52 - 53).

ص: 227

عاماً على إقليم موريطانيا الطنجية، وهي تابعة لموريطانيا القيصرية، إحدى الولايات السبع الخاضعة للدولة البيزنطيّة، فلما عجزت الدولة البيزنطيّة عن حمايتها، ولّت سبتة وجهها شطر إسبانيا القوطية (1). وقد بدأ يليان ولايته لهذا الإقليم في سنّ مبكِّرة، وأنّه أقام مدّة طويلة فى أرض المغرب، حتى توثقت علاقته بمن جاوره من قبائل البربر، واستطاع أن يكتسب صداقة البربر له، حتى أصبح يعدّ نفسه واحداً منهم، لذلك اختلط الأمر على الناس، فظنّوه بربرياًّ، ومن هنا كان مرجع الرواية التي تنسبه إلى بربر غمارة. أما علاقته بالدولة القوطية في إسبانيا، فمرجعه أنّه كان يتوجّه بطلب المعونة إلى هذه الدولة، لبعد مدينته عن بيزنطة، واضطراب أمور بيزنطة في تلك الأيام (2).

وكان يليان حليفاً لملك إسبانيا غيطشة ( Witiza) الذي تولّى عرش البلاد في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من سنة (700 م) بعد وفاة أبيه إخيكا ( Egica) وقد خُلع غيطشة عن العرش على أثر ثورة قام بها نفرٌ من أنصار لذريق (3)( Rodrigo) وأثار اغتصاب لذريق للعرش الإسبانيّ نقمة أنصار غيطشة وأبنائه، فهبُّو على هذا المغتصب الذي انتزع الملك لنفسه من البيت المالك الشّرعيّ، وبدأت حركة استقلاليّة في أطراف البلاد، ظلّت مستمرة حتى دخول المسلمين أرض الأندلس.

وفرّ ابن غيطشة المدعو وقلة ( Achila) الذي تولّى العرش بعد أبيه إلى إفريقية، وأقام عند يليان حاكم سبتة الذي كان لا يزال على ولائه للملك غيطشة وأولاده، بينما استبقى لذريق ولدي غيطشة الآخرين وهما: أرطباس

(1) ذكر الحميري أن يُليان هذا كان عامل لذريق على سبتة- انظر الحميري- صفة جزيرة الأندلس- نشره ليفي بروفنسال- القاهرة- 1937 م.

(2)

انظر: تاريخ المسلمين وآثارهم في الأندلس (47 - 48) وفجر الأندلس (53 - 54). (3) ورد اسمه في تاريخ الطبري (5/ 245): ادرينوق، وفي فتوح مصر والمغرب (279) لذريق. وفي ابن الأثير (4/ 213) لذريق وفي ابن خلدون (4/ 117) لذريق وفي اليعقوبي (3/ 29) أدريق.

ص: 228

( Artavasdes) والمند ( Almundo) إلى جواره، حتى يستوثق إخلاصهما له، ويقضي بذلك على الثورات المناهضة لحكومته والموالية لبيت غيطشة. وساءت حال البلاد في عهد لذريق، إذ أرهق شعبه بالضرائب الفادحة، لحاجته إلى المال اللاّزم لمواجهة أعدائه. ويبدو أنّه اعتدى على ذخائر الكنائس القوطيّة ونفائسها التي كانت محفوظة في غرفتين مغلقتين في كنيستي (سان بدرو) و (سان بابلو) في طُلَيْطِلَة (1)، فنصحه القساوسة ورجال البلاط بعدم الإقدام على ذلك، فلم يُصغ لنصحهم، ومن هنا جاءت الأسطورة التي رواها مؤرخو العرب، وهي أسطورة بيت الحكمة (2).

وقد حقق قسم من المؤرخين الغربيين شخصية يُلْيَان، وأثبتوا وجودها فعلاً، بعد أن كان قسم من العلماء الغربيين، قد ذهبوا إلى أنّه شخصية أُسطورية خلقها خيال العرب (3).

وقد عرف المسلمون يليان أوّل مرّة عند وصول موسى بن نصير إلى إقليم

(1) طليطلة: مدينة كبيرة في الأندلس، على شاطئ نهر تاجه، انظر التفاصيل في معجم البلدان (6/ 56) وتقويم البلدان (176 - 177).

(2)

خلاصة هذه الأسطورة، أنّه كان في طليطلة دار ملك القوط، بيت مغلق يحرسه قوم من ثقات القوط. وكانت العادة أنه إذا تولّى من القوط ملك زاد على البيت قفلاً، فلما تولّى لذريق عزم على فتح الباب والاطّلاع على ما بداخل هذا البيت، فأعظم ذلك أكابرهم، وتضرعوا إليه أن يكفّ عن ذلك، فأبى. وظنَّ أنّه بيت مال، ففضّ الأقفال عنه ودخله، فأصابه فارغاً لا شيء فيه، إلا المائدة التي كانت تُعرف بمائدة سليمان، وتابوت عليه قفل، فأمر بفتح التابوت، فألفاه فارغاً ليس فيه شيء غير شقّة مدرجة، قد صورت فيها صور العرب على الخيول وعليهم العمائم، متقلّدي السّيوف، متنكبي القسيّ، رافعي الرايات على الرِّماح، وفي أعلاها كتابة بالعجمية، فقُرئت فإذا هي: إذا كُسرت هذه الأقفال من هذا البيت، وفُتح التّابوت، فظهر ما فيه من هذه الصورة، فإنَّ الأُمّة المصوّرة قد تغلب على الأندلس وتملكها.

انظر التفاصيل حول هذه القصة في: تاريخ افتتاح الأندلس لابن القوطية (32 - 33) والبيان المغرب (2/ 4) ونفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب (1/ 231 - 232) و (1/ 235).

(3)

انظر التفاصيل في فجر الأندلس (52 - 53).

ص: 229

طنجة سنة تسع وثمانين الهجريّة (709 م)، وكان ملك إسبانيا في ذلك الحين غيطشة، وكان الودّ معقوداً بينه وبين يليان (1). فلما أراد المسلمون فتح سبتة، دافع عنها يليان دفاعاً شديداً واستطاع صدّ المسلمين عن فتحها، كما ذكرنا ذلك.

وكان موسى يتوق إلى افتتاح سبتة، وتطهير إفريقية من البقيّة الباقية من الأعداء. وبينما كان يرقب الفرص لتحقيق هذه الأمنية، جاءته رسالة من يليان، يعرض فيها تسليم معقله، ويدعوه إلى فتح إسبانيا. وتختلف الروايات في أمر هذا الاتصال، فيقال إنّ موسى ويليان اتّصلا بالمراسلة، وقيل إنّهما اتّصلا بالمقابلة الشخصية، وأنّ يليان استدعى موسى إلى سبتة، وهناك وقعت المفاوضة بينهما. وقيل أخيراً إنهما اجتمعا في سفينة في البحر (2). وتقول روايات أخرى: بأنّ يليان سار إلى طارق بن زياد والي طنجة، وأخبره بأنّه مستعد للتعاون مع جيشه للحرب في إسبانيا أرض القوط (3). ولا تناقض بين تلك الروايات، كما يبدو ذلك لأول وهلة، فالذي حدث هو أن يليان فاوض موسى بن نصير أولاً لأنه القائد العام في إفريقية. فلما عاد إلى القيروان أكمل يليان مفاوضاته مع طارق بن زياد لأنه قائد المنطقة القريب منه والمسئول عني المنطقة والمخوّل من القائد العام موسى بن نصير لإكمال المفاوضات. وقد كان طارق رجلاً سياسياً بحق بعيد النظر، فصادق يليان ليستعين به على إخضاع مَن تحت سلطانه من البربر، وهم كثيرون (4).

ومن الواضح أنّ السّلام الذي رفرفت راياته بين المسلمين ويليان سببه

(1) فجر الأندلس (54).

(2)

راجع ابن الأثير (4/ 213) والبيان المغرب (2/ 6) وانظر: أخبار مجموعة (5) وفتح الأندلس (3 - 4)، والحميري (7 - 8)، ونفح الطيب (1/ 251 - 253).

(3)

فتوح مصر والمغرب (205) وتاريخ افتتاح الأندلس (7 - 8) والبيان المغرب (2/ 6 - 7) وابن خلدون (4/ 203) ونفح الطيب (1/ 232 - 233).

(4)

فجر الأندلس (54 - 55).

ص: 230

المباشر: انقطاع المدد من إسبانيا بعد رحيل غيطشة وتولى لذريق، ذلك المدد الذي أعانه على الثبات أمام المسلمين الفاتحين. فلما انقطع المدد لانشغال لذريق عن يليان بالاضطرابات الداخلية، كما سيرد تفصيل ذلك، أصبح يليان ضعيفاً أمام المسلمين الفاتحين، وأصبح ثباته في سبته تجاه تفوّق المسلمين وانتشار الإسلام في البربر انتشاراً واسعاً صعباً للغاية، لذلك فاوض موسى وطارقاً، وقام السّلام بين يليان والمسلمين، وأصبح التعاون بين الجانبين ممكناً وقائماً.

وسبب إقدام يليان على عرض تعاونه في فتح الأندلس قائم على أساس أنّ لذريق اعتدى على شرف ابنة يليان، فحقد يليان على لذريق وأقسم على الانتقام منه (1).

ويرى أكثر المؤرخين العرب، أنّ السبب الرئيسي لفتح الأندلس، هو قصة ابنة يليان التي اغتصبها الملك لذريق واعتدى على شرفها قسراً ولكن بعض المؤرخين المحدثين وعلى رأسهم قسم من المستشرقين، يرون بأنّ قصة ابنة يليان في بلاط طليطلة محض أسطورة ليس لها أساس من الواقع، وقد شايعهم قسم من المؤرخين العرب والمسلمين (2). وهناك ما يسوغ التشكيك في هذه القصة من مؤرخي الأجانب والمستشرقين، والهدف من هذا التشكيك واضح ومفهوم، ولكن متابعة المؤرخين العرب والمسلمين للأجانب في هذا

(1) مجمل القصة، أن يليان أرسل ابنته إلى بلاط لذريق لتتعلّم وتتثقف مع بنات الملك، وقد سحر جمالها الملك الذي حاول أن ينال منها، فقاومته ورفضت، فلجأ إلى العنف واغتصبها رغم إرادتها، أُنظر التفاصيل في أخبار مجموعة (5) وابن الأثير (4/ 560 - 561) والنويري (22/ 25 - 26) والحميري (7) ونفح الطيب (1/ 251 - 253).

(2)

قارن: Saavedra، PP.58-59 وفجر الأندلس (59 - 60) ومحمود علي مكي - ملحمة آخر ملوك القوط - المجلة (30 - 35) العدد 74 - 1963 ومحمد عبد الله عنان - دولة الإسلام في الأندلس (1/ 35 - 37) والفتح والاستقرار العربي الإسلامي في شمال إفريقيا والأندلس (160).

ص: 231

التشكيك في هدفه غير واضح ولا مفهوم، ومن المعروف أنّ مؤرخي الأجانب شككوا في وجود شخصية يليان وذهبوا إلى أنّه شخصية أسطورية خلقها خيال العرب - كما ذكرنا قبل قليل - فتابعهم في هذا التشكيك قسم من مؤرخي العرب والمسلمين تقليداً وعلى غير هدى وبصيرة. حتى إذا حقق قسم من المؤرخين الغربيين شخصية يليان، وأثبتوا وجودها فعلاً، عاد المقلدون إلى متابعة الغربيين من جديد، فكانوا في كلا الحالتين مقلِّدين ينقلون آراء الأجانب بلا تدقيق ولا تمحيص.

وقصة ابنة يليان تنتظر مَن يحقّق وقوعها من المؤرخين الغربيين لتصبح حقيقة بالنسبة لبعض مؤرخي العرب والمسلمين المحدثين ولا تبقى أسطورة من الأساطير. ولا أرى أن تلك القصة لا يمكن حدوثها. وبخاصة في تلك الأيام التي اتّسمت بالانحراف الذي أصبح قاعدة في القوط، وبالاستقامة التي أصبحت استثناءاً فيهم، كما أنّ ردّ الفعل الذي أظهره يليان ليس مستغرباً من أب تجاه انتهاك عرض ابنته غصباً، كما أنّ ذكرها في المصادر المعتمدة يوثِّق حدوثها ويؤيّد وقوعها، ولا عبرة بالمصادر التي لم تتطرق إليها اختصاراً أو لأسباب أخرى، إذ لو كانوا لا يصدقونها لأبدوا رأيهم حولها، ولكنهم لم يفعلوا (1). ومثل هذه القصة تكرّرت قديماً في محيط الواقع ولا تزال تتكرر، وأكثرنا سمع أمثالها، فلماذا لا نكذِّبها؟ ونكذِّب قصة ابنة يليان لأن مصادرها المعتمدة عربية إسلامية؟!

ولست مع الذين يُشككون في هذه القصة، ولكنني لا أراها السبب الرئيسي لتعاون يليان مع المسلمين، بل السبب الرئيسي هو أنّه كان يتلقى الإمدادات عدداً وعُدداً في إسبانيا في عهد غيطشة (2)، ولكن عندما جاء لذريق إلى العرش، وبسبب مشاكله الداخلية، توقف عن مساعدة يليان، فاستاء من هذا

(1) البلاذري (230 - 231) برواية الواقدي، والبيان المغرب (2/ 6) برواية الواقدي و (2/ 4) برواية عريب بن سعد، وابن الشباط (105 - 106) برواية عريب بن سعد.

(5)

أخبار مجموعة (4).

ص: 232