الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طارق في التاريخ
يذكر التاريخ لطارق، أنه فتح شطر الأندلس، وكان أول قائد بدأ بفتح الأندلس فتحاً مستداماً.
ويذكر له، أنه شارك موسى بن نصير في فتح ولاية طنجة الواسعة الأرجاء من المغرب.
ويذكر له، أنه فتح مدينة سبتة المغربية سِلْماً، بعد أن استعصى فتحها على الفاتحين عَنْوَة.
ويذكر له، أنه كان إدارياً لامعاً، برز في إدارته الحازمة على ولاية طنجة المغربية.
ويذكر له، أثه كان سياسياً حصيفاً، استمال يُليان بالحسنى، حيث عجز السيف عن استمالته.
ويذكر له، أنه أول قائد غير عربي، تسنّم منصباً قيادياً كبيراً، بمجهوده وجهاده ومزاياه، لا بنسبه وحسبه وكفايته حسب.
ويذكر له، أنه كان قائداً لامعاً، من ألمع قادة الفتح الإسلامي، في القرن الأول الهجري، قرن الفتوح والانتصارات.
ويذكر له، أنه أول من نشر العربية لغةً، والإسلام ديناً، في الفردوس العربي المفقود.
ويذكر له، أنه كان من أشجع الشجعان، لا يُبالي أَوَقَع الموت عليه، أو وقع هو على الموت.
ويذكر له، أنه في سماته القيادية يشابه خالد بن الوليد، فهو خالد فتوح المغرب، كما كان خالد بن الوليد قائد فتوح المشرق، وكان طارق بطل غير العرب المسلمين، كما كان خالد بطل العرب المسلمين.
ويذكر له، أنه في مزاياه القيادية، يشابه المثنّى بن حارثة الشّيباني، فهو
بطل فتوح الأندلس، كما كان المثنى بطل فتوح العراق.
ويذكر له، أنه غنم مغانم جسيمة في الأندلس، ولكنه لم يخلّف أرضاً ولا داراً، ولم يُورث درهماً ولا ديناراً.
ويذكر له، أنه كان محبوباً من البربر، تتوجه حشودهم بأمره إلى الجهاد، بدون سؤال ولا جواب.
ويذكر له، أنه لمع سنوات معدودات فاتحاً، ثم سطع حتى بهر الناس شرقاً وغرباً، ولكنه انطفأ فجأة، فاندثر إنساناً، وبقيت فتوحه لا تندثر أبداً.
ويذكر له، أنّ بقدر حديث المؤرخين عنه قائداً، بقدر إغفال الحديث عنه إنساناً، فطارق القائد معروف جداً، وطارق الإنسان مجهول جداً.
ويذكر له، أن فتوحه الأندلسية، قوبلت بالعقوق، وقضى أيامه بعد رحيله من الأندلس إلى دمشق، مغموراً مجهول المكانة والمكان.
ويذكر له، أنه احترق بنار مولاه موسى، فتحمَّل ما تحمَّله موسى ثابتاً صابراً محتسباً، دون أن يقترف ما يستحق عليه العقاب.
ويذكر له، أنه لم يحاسب كما حوسب غيره في تصرفه بالأموال، بل كانت جريمته الأولى والأخيرة، أنه ذو شعبية طاغية في المغرب والأندلس، فيخشى على السُّلطة من شعبيته وعواقبها، ويُخشى من الناس أن يستغلّوه في مصاولة السُّلطة، ويُخشى من استجابته للناس، فيضع السُّلطة في اختبار عسير.
ويذكر له، أن الخروج على السُّلطة، كان يدور في خَلَد حاسديه من الطامعين في ولاية الأندلس، ولا يدور في خلده طرفة عَيْن، لأنه كان أكبر من المناصب، تسعى إليه ولا يسعى إليها، ويعتبرها تكليفاً لا تشريفاً.
ويذكر له، أن السُّلطة أقصته عن القيادة، اعتماداً على ما سمعته عنه لا على ما تحققته منه، فذهب ضحيّة الوشاية والافتراء، لا ضحية الواقع واليقين، وخسر الفتح بإقصائه قائداً لا يتكرر إلاّ نادراً، وكانت الخسارة بإقصائه قائداً وإنساناً لا تعوّض.
رحم الله القائد الفاتح، البطل المجاهد، الإداري الحازم، السياسي البارع، التقي، الذكي الألمعي، طارق بن زياد فاتح شطر الأندلس.