المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الأندلس وما جاورهاوجزر البحر الأبيض المتوسطقبل الفتح الإسلاميّ وفي أيامه

- ‌الموقع والحدود

- ‌1 - الأندلس

- ‌أ - الموقع:

- ‌ب - مصطلح الأندلس ومدلوله:

- ‌2 - المدن

- ‌1 - جزيرة طَرِيْف Tarifa:

- ‌2 - الجزيرة الخضراء Algeciras:

- ‌3 - طُلَيْطِلة Toledo:

- ‌3 - قَرْطَاجَنَّة الجزيرة Cartagena:

- ‌4 - بَنْبُلُونَة Pamplona:

- ‌5 - قُرْطُبَة Cordova:

- ‌6 - شَقُنْدَة Secunda:

- ‌7 - شَذُوْنَة Sidonia:

- ‌8 - إسْتِجَة Ecija:

- ‌9 - قَادِس Cadiz:

- ‌10 - مُرْسِيَة Murcia:

- ‌11 - شَرِيش Xeres - Jerez:

- ‌12 - المَدُوْر، Almodovar:

- ‌13 - إِشْبِيْلِيَة Sevilla ، Seville:

- ‌14 - مَالَقَة Malaga:

- ‌15 - إِلْبِيْرَة Elvira:

- ‌16 - غَرْنَاطة Granada:

- ‌17 - تُدْمِيْر Tudmir:

- ‌18 - أُوْرْيُوْلَة Orihuela:

- ‌19 - جَيَّان Jaen:

- ‌20 - جِلِّيْقِيَّة Galicia:

- ‌21 - أسْتُرْقَة Astorga:

- ‌22 - طَلَبِيْرَة Talavera:

- ‌23 - أَكْشُوْنُبَة Ocsonoba:

- ‌24 - قَرْمُوْنَة Carmona:

- ‌25 - رَعواق Alcala Guadaira:

- ‌26 - لَبْلَة Niebla:

- ‌27 - بَاجَة Beja:

- ‌28 - مَارِدَة Merida:

- ‌29 - لَقَنْت Alicante:

- ‌30 - قَشْتَالَة Castile - Castilla:

- ‌31 - سَرَقُسْطَة Zaragoza:

- ‌32 - وَشْقَة Huesca:

- ‌33 - لارِدَة Larida:

- ‌34 - طَرَّكُوْنَة Tarragna:

- ‌35 - بَرْشَلُوْنَة Barcelona:

- ‌36 - أماية Amaya:

- ‌37 - لِيُوْن Leon:

- ‌38 - بَلَنْسِيَة Valencia:

- ‌39 - أُرْبُوْنَة Narbonne:

- ‌40 - قَرْقَشُوْنَة Carcassone:

- ‌41 - بَلانة Villena:

- ‌42 - مُوْلَة Mula:

- ‌43 - بسْقَرَة Bigastre:

- ‌44 - إِلُة Ello:

- ‌45 - لُوْرَقَة Lorca:

- ‌46 - يَابُرَة Evora:

- ‌47 - شَنْتَرِيْن Santarein - Santaren:

- ‌48 - قُلُمْرِيَّة Coimira:

- ‌49 - أَشْتُورِش Austurias:

- ‌50 - لشبونة Lisbon:

- ‌51 - بَطَلْيُوْس Badjoz:

- ‌52 - مدينة وَلِيْد Valladolid:

- ‌53 - المَرِيَّة Almeria:

- ‌54 - وادي الحجارة = مدينة الفَرَج Guadalajara:

- ‌55 - مدينة سالم Medinaceli:

- ‌56 - دَانِيَة Dania:

- ‌57 - تُطِيْلَة Tadela:

- ‌58 - طَرْطُوْشَة Tortosa:

- ‌59 - شَنْت يَاقُب Santiago:

- ‌60 - سَلْمَنْكَة Salmanca:

- ‌61 - قُوْرِيَّة Coria:

- ‌62 - بَرْغَش Burgos:

- ‌63 - قَسْطَلُوْنَة Castallon:

- ‌64 - أُسْتُوْرِيْس Asturias:

- ‌65 - أُبَّدَة Ubeda:

- ‌66 - بَيَّاسَة Baeza:

- ‌67 - بَرْبُشْتَر Berbastro:

- ‌68 - بَرْبَطانِيَة Boltania:

- ‌69 - بُبَشْتَر Bobastro:

- ‌70 - بَقِيْرَة Viguera:

- ‌71 - بَرْمِنَّش Bermndo:

- ‌72 - قَبْرَة Cabra:

- ‌73 - بَيَّانَة Bayanne:

- ‌74 - قَلَهُرَّة Calahorra:

- ‌75 - قلعة أيوب Calatayud:

- ‌76 - قلعة رَباح Calatrava:

- ‌77 - جبل طارق Gibraltar:

- ‌78 - المُُنَكَّب Almunacar:

- ‌79 - شَوْذَر Jodar:

- ‌80 - مَجْرِيْط (مدريد الآن) Magerit:

- ‌81 - مِيْرتُلَة Mertola:

- ‌82 - مُنْت شُوْن Monzon:

- ‌83 - مُنْت لُوّن Mentileon:

- ‌84 - تُرْجِيْلَة Trujillo:

- ‌85 - شَنْتَمَرِيَّة الشَّرق Santa Maria de Albarracin:

- ‌86 - شَنْتَمَرِيَّة الغرب Santa Maria de Algarve:

- ‌87 - شَنْتَبَرِيَّة Santaver:

- ‌88 - طُولوز Toulouse:

- ‌89 - شَاطِبَة Xativa - Jativa:

- ‌90 - طُرُّش Torrox:

- ‌91 - بُرْذِيل (بوردو الآن) Bordeaux:

- ‌92 - الأرض الكبيرة:

- ‌93 - المنارة: برج هِرَقْل Torre de Hercules:

- ‌94 - بَرْبَشْتَر Berbastro:

- ‌95 - أُقْلِيش Acles:

- ‌96 - قوْنْكَة Ceuenca:

- ‌97 - البَسِيْطَة Albacete:

- ‌98 - شَنْتَجَالَة Chinchilla:

- ‌99 - ليون Leon:

- ‌100 - طَلَمَنْكَة Salamanqua:

- ‌101 - زَمُّوْرَة Zamora:

- ‌102 - كُوْرْنِيَّة Corigna:

- ‌103 - الحُمَّة Alhoma:

- ‌104 - أراغون Aragon:

- ‌105 - نبارة (نافار) Navarre:

- ‌106 - تِرُوْل Teruel:

- ‌107 - جَرِيْقَة Gerica:

- ‌3 - الثّغور الأندلسيّة

- ‌أ - الثّغر الأعلى:

- ‌ب - الثغر الأوسط:

- ‌ج - الثغر الأدنى:

- ‌4 - جبال الأندلس

- ‌5 - الأنهار

- ‌أ - نهر إبْرُهْ Ebro:

- ‌ب - الوادي الكبير Guadilquivir:

- ‌ج - نهر تَاجُهْ Togo:

- ‌د - النهر الأبيض:

- ‌و - المجمل:

- ‌السكان

- ‌الموارد الاقتصادية

- ‌1 - المناخ العام:

- ‌2 - الموارد الزراعية والحيوانية:

- ‌3 - المعادن والأحجار الكريمة:

- ‌4 - المصنوعات الأندلسيّة والتّصدير:

- ‌تاريخ الأندلس قبل الفتح الإسلاميوفي أيامه الأولى

- ‌1 - في أوروبا وإفريقيَّة

- ‌أ - البرابرة:

- ‌ب - أجناسهم وممالكهم:

- ‌ح - وصولهم إلى أوروبّة:

- ‌د - القوط الغربيون في إيطاليا:

- ‌هـ - في إسبانيا:

- ‌و- الفاندال في إفريقية:

- ‌ز - سقوط رومة:

- ‌ج - مقتل آدوفاكر:

- ‌ط - اضطراب أحوال الفاندال:

- ‌ي - القوط الغربيون في إسبانيا:

- ‌ك - الفرنجة في فرنسة:

- ‌ل - الهيطل (الهون):

- ‌م - الخلاصة:

- ‌2 - في إسبانيا

- ‌أ - القوط الغربيون في أواخر أيامهم:

- ‌ب - دولة القوط الغربيين في إسبانيا:

- ‌ج - لُذَرِيق:

- ‌د - أحوال إسبانيا تحت حكم القوط:

- ‌هـ - مجلس طُلَيْطُلَة:

- ‌و- المجتمع الإسباني أيام القوط:

- ‌ز - الحالة الثقافية:

- ‌يُلْيَان

- ‌1 - شخصيته:

- ‌2 - يليان والمسلمون الفاتحون:

- ‌فتح الأندلس

- ‌1 - الموقف العام:

- ‌2 - فتح طَرِيْف:

- ‌3 - فتح طارق بن زياد:

- ‌4 - الفتح المشترك بين موسى وطارق:

- ‌5 - فتح موسى بن نصير:

- ‌6 - فتح مغيث الرومي:

- ‌7 - فتح عبد العزيز بن موسى بن نصير:

- ‌8 - فتح عبد الأعلى بن موسى بن نصير:

- ‌9 - فتح عبد الله بن موسى بن نصير:

- ‌10 - فتح السمح بن مالك الخولاني:

- ‌عبرة الفتح

- ‌1 - التوقيت:

- ‌2 - أسباب النصر:

- ‌حضارة العرب والمسلمين في الأندلس

- ‌1 - الجذور:

- ‌2 - العرب في أوج مجدهم:

- ‌3 - مدينة النور والحب:

- ‌4 - علوم العرب وآدابهم:

- ‌الكارثة

- ‌طارق بن زيادفاتح شطر الأنْدلُس

- ‌نسبه وأيامه الأولى

- ‌في فتح طنْجَة

- ‌1 - مقدمات الفتح

- ‌أ - الأسباب:

- ‌ب - الاستطلاع:

- ‌2 - الفتح

- ‌أ - الخطّة العامَّة:

- ‌ب - المناوشات التمهيدية:

- ‌أ - الموقف العام:

- ‌أولاً: موقف القُوْط:

- ‌ثانياً. موقف المسلمين:

- ‌4 - خطبة طارق وحرق السُّفن

- ‌أ - الخطبة:

- ‌أولاً: الرّفض:

- ‌ثانياً: القبول:

- ‌ثالث‌‌اً. في المصادروالمراجع:

- ‌اً. في المصادر

- ‌نص ابن حبيبعبد الملك بن حبيب الألبيري (ت 238 هـ)في كتابه استفتاح الأندلس

- ‌ نص ابن قُتَيبة (ت 276 هـ)في كتابهالإمامة والسياسة

- ‌نص أبي بكر الطرطوشي (ت 520 هـ)في كتابهسراج الملوك

- ‌نص أبي محمد بن إبراهيم (ابن خيرة) المراعينيالأشبيلي (ت 564 هـ)في كتابهريحان الألباب وريعان الشبابفي مراتب الآداب

- ‌نص ابن خلكّان (ت 681 هـ)في كتابهوفيّات الأعيان وأنباء أبناء الزمان

- ‌نصّ ابن الشباط (ت 681 هـ)محمد بن علي بن محمد بن الشباط المصري التوزريفي كتابه صلة السّمط وسمة المرط في شرح سمط الهدىفي الفخر المحمّديّ

- ‌نصّ ابن هُذَيْل (ت 763 هـ)علي بن عبد الرحمن بن هُذَيْلفي كتابهتحفة الأنفس وشعار أهل الأندلس

- ‌نصّ المقَّرِي (ت 1041 هـ)أحمد بن محمد المقّري التِلمِسانيفي كتابهنفح الطيبمن غُصن الأندلس الرّطيب

- ‌(ب). في المراجع:

- ‌ب - حرق السُّفن:

- ‌5 - سير المعركة الحاسمةمعركة وادي بَرْباط أو وادي لَكُّهْ

- ‌أ - قوّات الطرفين:

- ‌أولاً: المسلمون:

- ‌ثانياً. القوط:

- ‌ب - التوقيت:

- ‌ج - ميدان القتال:

- ‌د - سير القتال:

- ‌6 - فتوح طارق قبل عبور موسى بن نُصَيْرإلى الأندلس

- ‌أ - الموقف العام بعد المعركة الحاسمة:

- ‌ب - فتوح المدن الثانوية:

- ‌ج - فتح قُرْطُبة:

- ‌د - فتح طُلَيْطُلَة

- ‌7 - فتوحات طارق بعد عبور موسى بن نُصَيْرإلى الأندلس

- ‌أ - بين موسى وطارق:

- ‌ب - فتوح موسى قبل لقاء طارق:

- ‌ج - لقاء القائدين:

- ‌د - الفتح المشترك بين القائدين:

- ‌الإنسان

- ‌1 - عودة القائدين إلى دمشق

- ‌أ - العودة:

- ‌ب - أسباب استدعاء موسى وطارق:

- ‌2 - الرّجل

- ‌القائد

- ‌1 - سماته القيادية عامة:

- ‌فما هي مجمل تلك المزايا

- ‌2 - طارق ومزايا القيادة العامة:

- ‌3 - في تطبيق مبادئ الحرب

- ‌أ - اختيار المقصد وإدامته

- ‌ب - التّعَرض

- ‌ج - المباغتة

- ‌د - تحشيد القوّة

- ‌هـ - الاقتصاد في المجهود

- ‌و- الأمن

- ‌ز - المرونة

- ‌ح - إدامة المعنويات

- ‌ط - الأمور الإدارية

- ‌ي - التّعاون

- ‌4 - نقطة الضعف:

- ‌5 - مجمل السِّمات:

- ‌أ - سِماته الخاصة:

- ‌ب - سِماته العامة:

- ‌طارق في التاريخ

- ‌نسبه وأيامه الأولى

- ‌الفاتح

- ‌الإنسان

- ‌القائد

- ‌طَرِيْف في التاريخ

- ‌مغِيْث الرُّومِيّفاتح قُرْطُبَة

- ‌نسبه وأيامه الأولى

- ‌الفاتح

- ‌الإنسان

- ‌القائد

- ‌مُغِيْث في التاريخ

- ‌فهرس الجزء الأول

الفصل: ‌2 - الرجل

‌2 - الرّجل

كان طارق مع موسى بن نصير في رحلته الطويلة من الأندلس إلى دمشق، وقد احترق طارق بنار موسى كما ذكرنا، فسحب من قيادته في الأندلس، وأصبح مع موسى رجلاً بلا غد، له رصيد في الفتح وتاريخ، ولكن السّلطة تخلّت عنه إلى الأبد.

وقد توفي موسى سنة سبع وتسعين الهجرية (1)(718 م) وهو في الحج برفقة الخليفة سليمان بن عبد الملك (2)، وكانت وفاة موسى بوادي القُرى (3)، ولم يعد من حجه إلى دمشق.

ولا ندري هل كان طارق مع موسى في رحلة حجه، أم بقي في دمشق؟ كما لا ندري أبقي في دمشق بعد رحيل موسى عن هذه الدنيا، أم رحل طارق إلى إفريقية أو الأندلس؟.

وعلى كل، فكان لطارق عَقِب لهم ذكر في الأندلس، وكانوا ينكرون ولاء طارق لموسى إنكاراً شديداً (4)، ويذكر قسم منهم أنه من قبيلة صَدِف العربية من حضرموت، ويذكر قسم آخر، أنه من موالي قبيلة صَدِف وليس بمولى موسى بن نصير. كما يذكر قسم منهم، أن طارقاً من بني ليث من قُضَاعة (5)،

(1) تاريخ العلماء ورواة العلم بالأندلس (2/ 144) وجذوة المقتبس (317) وبغية الملتمس (442) والحلة السيراء (2/ 334) والعبر (1/ 115 - 116) وشذرات الذهب (1/ 113) ونفح الطيب (1/ 254).

(2)

الإمامة والسياسة (2/ 101).

(3)

وادي القرى: وادٍ بين المدينة والشام، من أعمال المدينة، كثير القرى، أنظر التفاصيل في معجم البلدان (8/ 375).

(4)

نفح الطيب (1/ 254) برواية الرازي.

(5)

أنظر: نفح الطيب (1/ 254) برواية الرازي و (1/ 239) وأخبار مجموعة (6).

ص: 363

كما ذكرنا ذلك في الحديث على: نسبه وأيامه الأولى، فلا ندري هل عاد طارق إلى الأندلس بعد موت موسى، أم رحل إليها عقبه، أو رحل إليها قسم منهم، ومتى؟

ومن المرجح أن عقبه هم الذين رحلوا إلى الأندلس، لأن طارقاً لو رحل إليها، لذكر رحيله المؤرخون، ولما سكتوا عنه.

ومن الواضح، أن طارقاً نَفْزاوِيّ من البربر ومن إفريقية، كما ذكرنا ذلك من قبل، ولم يدّعي أنه عربي، ولكن من جاء بعده من ولده ادّعى ذلك.

وقد ولد مسلماً، إذ كان أبواه وجده مسلمين، فهو من أسرة اشتهرت بسبقها إلى اعتناق الإسلام، إذ أسلم والد طارق أيام عُقبة بن نافع، والتحق طارق بعد وفاة والده بخدمة المسلمين، وكان إذ ذاك صغير السن، ولكنه كان يتمتع بقدر كبير من الحماسة والغيرة على الدين الإسلامي، جعله من أشد المقربين إلى موسى بن نصير (1). ولا نعلم بالضبط متى تم اتصال طارق بموسى ولا بمكانه، ولكننا نعلم أنه ولاّه مقدمته في فتح مدينة طنجة، فلما فتحت هذه المدينة ولاّه موسى على إدارة وقيادة هذه المدينة، وكان ذلك في حدود سنة تسعين الهجرية (708 م) وأبقى معه عدداً قليلاً من العرب لنشر الإسلام بين البربر (2).

وقد ظهر اسم طارق لأول مرة، بعد خروج موسى من القيروان لفتح مدينة طنجة، فولاّه موسى مقدمته، مما يدل على تبادل الثقة بين موسى وطارق، ولا تكون هذه الثقة إلاّ نتيجة لتجربة عملية طويلة، نجح فيها طارق بالنسبة لموسى، فحصل على ثقة موسى الكاملة به، فولاّه قيادة مقدّمته، فهل كانت

(1) الشيخ محمد أبو زيد طنطاوي - فتح العرب للأندلس - مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة (43 - 44) العدد الثاني - السنة العاشرة - رمضان 1397 هـ - مؤسسة مكة للطباعة والإعلام.

(2)

ابن حبيب (222) وفتح مصر والمغرب (204 - 205) وابن الأثير (4/ 540) ووفيات الأعيان (5/ 320).

ص: 364

هذه التجربة التي نجح فيها طارق في إفريقية والمغرب حسب، وقد مكث موسى فيها سنوات قليلة، أم أن هذه التجربة سبقت قدوم موسى إفريقية والمغرب، واستمرت بعد ذلك في إفريقية والمغرب؟؟

والجواب على ذلك صعب، لأن المصادر المعتمدة لا تيسر الجواب الواضح، إذ لا نصوص تدلّ عليه أو تشير إليه، فمثل هذه الثقة لا تتكوّن بسهولة وسرعة، فمن المحتمل أنّ طارقاً اتصل بموسى في مصر قبل توليه، إفريقية والمغرب، وليس ذلك ببعيد الاحتمال، ولكن لا دليل عليه من النصوص المتيسرة في المصادر المعتمدة.

على كل حال، نجح طارق إدارياً في ولايته على طنجة، فقد أصبح موثوقاً به من البربر بخاصة، ومن أهل المدينة بعامة، وأصبح موضع حبّهم وولائهم، وقد تخطت شعبية طارق حدود ولايته إلى ما جاورها من الولايات، فكان سبباً من أسباب استمالة يُليان إلى المسلمين، مهما تكن الأسباب الأخرى، فاتصل يُليان بطارق، وكان طارق صلة ارتباط يُليان بموسى بن نصير، وسبباً من أسباب تسليم سَبْتَة للمسلمين سلماً بدون قتال، ومعاونة يُليان وتعاونه مع المسلمين في فتح الأندلس، كما ذكرنا ذلك.

ولا مجال للشك، فى أن اتصال يُليان بطارق وموسى، وتسليم سبتة للمسلمين سلماً، بعد أن استعصى عليهم فتحها بالقتال، وتعاون يُليان مع المسلمين ومعاونته لهم في فتح الأندلس، كان حسنة من حسنات طارق، تُعرف له وتُذكر بالشكر والعرفان.

كما كان التفاف البربر حول قيادته في طنجة أولاً، وفي الأندلس ثانياً، دليلاً على تمتعه بالخلق الكريم.

ولا أحد يدري أين ولد طارق؟ ولا أيامه الأولى قبل اتصاله بموسى بن نصير؟ ولا أيامه بعد رحيل موسى عن هذه الدنيا إلى جوار الله؟ كما لا يعرف أحد عن عدد أولاده ولا أسمائهم، ومتى جرى رحيل بعضهم أو رحيلهم إلى الأندلس، ولا يدري أحد هل رحل أولاد طارق إلى الأندلس، أم رحل

ص: 365

أعقابهم، كل ذلك غير معروف! كما لا يدري أحد متى مات وأين مات، وكم كان عمره يوم توفي؟.

وقد ذكرنا نص خطبة طارق في رجاله، قبل أن يخوضوا المعركة الحاسمة، معركة وادي لَكُّهْ، وتروى لطارق كذلك أبيات من الشعر، لا بأس من ذكرها هنا، وهي:

ركبنا سَفِيناً بالمجاز مُقَيَّراً

عسى أن يكون الله مِنّا قد اشترى

نُفُوساً وأمولاً وأهلاً بجَنَّةٍ

إذا ما اشْتَهَيْنَا الشَّيء منها تَيَسَّرا

ولسنا نُبالي كيف سَالت نُفُوسُنا

إذا نحن أدركنا الذي كان أَجْدَرا

وهذه الأبيات مما يُكتب لمراعاة قائلها ومكانته، لا لعلوّ طبقتها (1). وهي ليست من الشعر البليغ، ولكنها من النظم الموزون المقفّى، وهي إن دلّت على شىء، فإنما تدل على إيمان طارق العميق بالإسلام، ومبلغ حبّه للجهاد في سبيل الله واستعداده للتضحية في سبيل إعلاء كلمة الله بالمال والنفس والأهل. ومن الواضح أن هذه الحماسة الدينية لطارق، كانت وراء اندفاعه الشديد في طريق الفتح.

وهذه الأبيات، في معانيها مقتبسة من قوله تعالى:((*إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَلَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقّاً فِي الْتَّوْرَاةِ وَالْلإِنْجِيلِ وَالْقُرْءَانِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ*)) (2).

"وكان طارق حسن الكلام، ينظم ما يجوز كتبه"(3)، إنه كان بليغ العبارة في نثره، قوي الأسلوب، متين التراكيب، كما يشهد على ذلك خطابه التاريخي، وإنه كان ينظم الشعر، ومهما قيل في ضعف شعره وقلّته، فإن نثره

(1) أنشد في المُسْهَب وابن اليَسَع في المُعْرِب لطارق من قصيدة قالها في الفتح، أنظر نفح الطيب (1/ 215).

(2)

الآية الكريمة من سورة التوبة (9/ 111).

(3)

نفح الطيب (1/ 231) برواية بشكوال.

ص: 366

وشعره يدلاّن على معايشة العرب معايشة طويلة، فلا يُستبعد أن يكون قد رحل إلى مصر أو بلاد الشام أو كان مع موسى في البصرة يوم كان هناك، ولكن لا دليل يثبت تلك المعايشة إلاّ نثره ونظمه، وقد تكون تلك المعايشة تمت في إفريقية مثلاً (تونس) في أحد حواضرها كالقيروان، التي كانت يومذاك تعج بالعرب الفاتحين وأبنائهم وذويهم ومواليهم.

ومن ثقة موسى به قائداً وإنساناً، وثقة البربر به ومحبتهم له واعتمادهم عليه:"لو أمر أهلها بالصلاة إلى أيّ قبلة شاءها لتبعوه، ولم يروا أنهم كفروا"(1)، وعدم اتهامه بنزاهته، يمكن أن نستنتج، أنه كان مسلماً حقاً، قوي الإيمان، راسخ العقيدة، مجاهداً صادقاً، قوياً أميناً، نزيهاً لم يتلوث بمال حرام، ولم يخلف درهماً ولا ديناراً ولا عقاراً، دمث الأخلاق، حليماً كريماً سخياً، محباً للناس محبوباً منهم، شهماً غيوراً.

ولا أعرف قائداً فاتحاً، له في تاريخ الفتوح ما لطارق في تاريخ الفتوح، بخل عليه التاريخ إنساناً كما بخل على طارق الإنسان، فاقتصر تاريخه على مجده في الفتح، وهو مجد عظيم، دون أن يشمل تاريخه إنساناً، وقد عوّض عليه مجده في الفتح ما فاته إنساناً، وحسبه ما فتح عوضاً مجزياً.

(1) نفح الطيب (4/ 12).

ص: 367