المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الأندلس وما جاورهاوجزر البحر الأبيض المتوسطقبل الفتح الإسلاميّ وفي أيامه

- ‌الموقع والحدود

- ‌1 - الأندلس

- ‌أ - الموقع:

- ‌ب - مصطلح الأندلس ومدلوله:

- ‌2 - المدن

- ‌1 - جزيرة طَرِيْف Tarifa:

- ‌2 - الجزيرة الخضراء Algeciras:

- ‌3 - طُلَيْطِلة Toledo:

- ‌3 - قَرْطَاجَنَّة الجزيرة Cartagena:

- ‌4 - بَنْبُلُونَة Pamplona:

- ‌5 - قُرْطُبَة Cordova:

- ‌6 - شَقُنْدَة Secunda:

- ‌7 - شَذُوْنَة Sidonia:

- ‌8 - إسْتِجَة Ecija:

- ‌9 - قَادِس Cadiz:

- ‌10 - مُرْسِيَة Murcia:

- ‌11 - شَرِيش Xeres - Jerez:

- ‌12 - المَدُوْر، Almodovar:

- ‌13 - إِشْبِيْلِيَة Sevilla ، Seville:

- ‌14 - مَالَقَة Malaga:

- ‌15 - إِلْبِيْرَة Elvira:

- ‌16 - غَرْنَاطة Granada:

- ‌17 - تُدْمِيْر Tudmir:

- ‌18 - أُوْرْيُوْلَة Orihuela:

- ‌19 - جَيَّان Jaen:

- ‌20 - جِلِّيْقِيَّة Galicia:

- ‌21 - أسْتُرْقَة Astorga:

- ‌22 - طَلَبِيْرَة Talavera:

- ‌23 - أَكْشُوْنُبَة Ocsonoba:

- ‌24 - قَرْمُوْنَة Carmona:

- ‌25 - رَعواق Alcala Guadaira:

- ‌26 - لَبْلَة Niebla:

- ‌27 - بَاجَة Beja:

- ‌28 - مَارِدَة Merida:

- ‌29 - لَقَنْت Alicante:

- ‌30 - قَشْتَالَة Castile - Castilla:

- ‌31 - سَرَقُسْطَة Zaragoza:

- ‌32 - وَشْقَة Huesca:

- ‌33 - لارِدَة Larida:

- ‌34 - طَرَّكُوْنَة Tarragna:

- ‌35 - بَرْشَلُوْنَة Barcelona:

- ‌36 - أماية Amaya:

- ‌37 - لِيُوْن Leon:

- ‌38 - بَلَنْسِيَة Valencia:

- ‌39 - أُرْبُوْنَة Narbonne:

- ‌40 - قَرْقَشُوْنَة Carcassone:

- ‌41 - بَلانة Villena:

- ‌42 - مُوْلَة Mula:

- ‌43 - بسْقَرَة Bigastre:

- ‌44 - إِلُة Ello:

- ‌45 - لُوْرَقَة Lorca:

- ‌46 - يَابُرَة Evora:

- ‌47 - شَنْتَرِيْن Santarein - Santaren:

- ‌48 - قُلُمْرِيَّة Coimira:

- ‌49 - أَشْتُورِش Austurias:

- ‌50 - لشبونة Lisbon:

- ‌51 - بَطَلْيُوْس Badjoz:

- ‌52 - مدينة وَلِيْد Valladolid:

- ‌53 - المَرِيَّة Almeria:

- ‌54 - وادي الحجارة = مدينة الفَرَج Guadalajara:

- ‌55 - مدينة سالم Medinaceli:

- ‌56 - دَانِيَة Dania:

- ‌57 - تُطِيْلَة Tadela:

- ‌58 - طَرْطُوْشَة Tortosa:

- ‌59 - شَنْت يَاقُب Santiago:

- ‌60 - سَلْمَنْكَة Salmanca:

- ‌61 - قُوْرِيَّة Coria:

- ‌62 - بَرْغَش Burgos:

- ‌63 - قَسْطَلُوْنَة Castallon:

- ‌64 - أُسْتُوْرِيْس Asturias:

- ‌65 - أُبَّدَة Ubeda:

- ‌66 - بَيَّاسَة Baeza:

- ‌67 - بَرْبُشْتَر Berbastro:

- ‌68 - بَرْبَطانِيَة Boltania:

- ‌69 - بُبَشْتَر Bobastro:

- ‌70 - بَقِيْرَة Viguera:

- ‌71 - بَرْمِنَّش Bermndo:

- ‌72 - قَبْرَة Cabra:

- ‌73 - بَيَّانَة Bayanne:

- ‌74 - قَلَهُرَّة Calahorra:

- ‌75 - قلعة أيوب Calatayud:

- ‌76 - قلعة رَباح Calatrava:

- ‌77 - جبل طارق Gibraltar:

- ‌78 - المُُنَكَّب Almunacar:

- ‌79 - شَوْذَر Jodar:

- ‌80 - مَجْرِيْط (مدريد الآن) Magerit:

- ‌81 - مِيْرتُلَة Mertola:

- ‌82 - مُنْت شُوْن Monzon:

- ‌83 - مُنْت لُوّن Mentileon:

- ‌84 - تُرْجِيْلَة Trujillo:

- ‌85 - شَنْتَمَرِيَّة الشَّرق Santa Maria de Albarracin:

- ‌86 - شَنْتَمَرِيَّة الغرب Santa Maria de Algarve:

- ‌87 - شَنْتَبَرِيَّة Santaver:

- ‌88 - طُولوز Toulouse:

- ‌89 - شَاطِبَة Xativa - Jativa:

- ‌90 - طُرُّش Torrox:

- ‌91 - بُرْذِيل (بوردو الآن) Bordeaux:

- ‌92 - الأرض الكبيرة:

- ‌93 - المنارة: برج هِرَقْل Torre de Hercules:

- ‌94 - بَرْبَشْتَر Berbastro:

- ‌95 - أُقْلِيش Acles:

- ‌96 - قوْنْكَة Ceuenca:

- ‌97 - البَسِيْطَة Albacete:

- ‌98 - شَنْتَجَالَة Chinchilla:

- ‌99 - ليون Leon:

- ‌100 - طَلَمَنْكَة Salamanqua:

- ‌101 - زَمُّوْرَة Zamora:

- ‌102 - كُوْرْنِيَّة Corigna:

- ‌103 - الحُمَّة Alhoma:

- ‌104 - أراغون Aragon:

- ‌105 - نبارة (نافار) Navarre:

- ‌106 - تِرُوْل Teruel:

- ‌107 - جَرِيْقَة Gerica:

- ‌3 - الثّغور الأندلسيّة

- ‌أ - الثّغر الأعلى:

- ‌ب - الثغر الأوسط:

- ‌ج - الثغر الأدنى:

- ‌4 - جبال الأندلس

- ‌5 - الأنهار

- ‌أ - نهر إبْرُهْ Ebro:

- ‌ب - الوادي الكبير Guadilquivir:

- ‌ج - نهر تَاجُهْ Togo:

- ‌د - النهر الأبيض:

- ‌و - المجمل:

- ‌السكان

- ‌الموارد الاقتصادية

- ‌1 - المناخ العام:

- ‌2 - الموارد الزراعية والحيوانية:

- ‌3 - المعادن والأحجار الكريمة:

- ‌4 - المصنوعات الأندلسيّة والتّصدير:

- ‌تاريخ الأندلس قبل الفتح الإسلاميوفي أيامه الأولى

- ‌1 - في أوروبا وإفريقيَّة

- ‌أ - البرابرة:

- ‌ب - أجناسهم وممالكهم:

- ‌ح - وصولهم إلى أوروبّة:

- ‌د - القوط الغربيون في إيطاليا:

- ‌هـ - في إسبانيا:

- ‌و- الفاندال في إفريقية:

- ‌ز - سقوط رومة:

- ‌ج - مقتل آدوفاكر:

- ‌ط - اضطراب أحوال الفاندال:

- ‌ي - القوط الغربيون في إسبانيا:

- ‌ك - الفرنجة في فرنسة:

- ‌ل - الهيطل (الهون):

- ‌م - الخلاصة:

- ‌2 - في إسبانيا

- ‌أ - القوط الغربيون في أواخر أيامهم:

- ‌ب - دولة القوط الغربيين في إسبانيا:

- ‌ج - لُذَرِيق:

- ‌د - أحوال إسبانيا تحت حكم القوط:

- ‌هـ - مجلس طُلَيْطُلَة:

- ‌و- المجتمع الإسباني أيام القوط:

- ‌ز - الحالة الثقافية:

- ‌يُلْيَان

- ‌1 - شخصيته:

- ‌2 - يليان والمسلمون الفاتحون:

- ‌فتح الأندلس

- ‌1 - الموقف العام:

- ‌2 - فتح طَرِيْف:

- ‌3 - فتح طارق بن زياد:

- ‌4 - الفتح المشترك بين موسى وطارق:

- ‌5 - فتح موسى بن نصير:

- ‌6 - فتح مغيث الرومي:

- ‌7 - فتح عبد العزيز بن موسى بن نصير:

- ‌8 - فتح عبد الأعلى بن موسى بن نصير:

- ‌9 - فتح عبد الله بن موسى بن نصير:

- ‌10 - فتح السمح بن مالك الخولاني:

- ‌عبرة الفتح

- ‌1 - التوقيت:

- ‌2 - أسباب النصر:

- ‌حضارة العرب والمسلمين في الأندلس

- ‌1 - الجذور:

- ‌2 - العرب في أوج مجدهم:

- ‌3 - مدينة النور والحب:

- ‌4 - علوم العرب وآدابهم:

- ‌الكارثة

- ‌طارق بن زيادفاتح شطر الأنْدلُس

- ‌نسبه وأيامه الأولى

- ‌في فتح طنْجَة

- ‌1 - مقدمات الفتح

- ‌أ - الأسباب:

- ‌ب - الاستطلاع:

- ‌2 - الفتح

- ‌أ - الخطّة العامَّة:

- ‌ب - المناوشات التمهيدية:

- ‌أ - الموقف العام:

- ‌أولاً: موقف القُوْط:

- ‌ثانياً. موقف المسلمين:

- ‌4 - خطبة طارق وحرق السُّفن

- ‌أ - الخطبة:

- ‌أولاً: الرّفض:

- ‌ثانياً: القبول:

- ‌ثالث‌‌اً. في المصادروالمراجع:

- ‌اً. في المصادر

- ‌نص ابن حبيبعبد الملك بن حبيب الألبيري (ت 238 هـ)في كتابه استفتاح الأندلس

- ‌ نص ابن قُتَيبة (ت 276 هـ)في كتابهالإمامة والسياسة

- ‌نص أبي بكر الطرطوشي (ت 520 هـ)في كتابهسراج الملوك

- ‌نص أبي محمد بن إبراهيم (ابن خيرة) المراعينيالأشبيلي (ت 564 هـ)في كتابهريحان الألباب وريعان الشبابفي مراتب الآداب

- ‌نص ابن خلكّان (ت 681 هـ)في كتابهوفيّات الأعيان وأنباء أبناء الزمان

- ‌نصّ ابن الشباط (ت 681 هـ)محمد بن علي بن محمد بن الشباط المصري التوزريفي كتابه صلة السّمط وسمة المرط في شرح سمط الهدىفي الفخر المحمّديّ

- ‌نصّ ابن هُذَيْل (ت 763 هـ)علي بن عبد الرحمن بن هُذَيْلفي كتابهتحفة الأنفس وشعار أهل الأندلس

- ‌نصّ المقَّرِي (ت 1041 هـ)أحمد بن محمد المقّري التِلمِسانيفي كتابهنفح الطيبمن غُصن الأندلس الرّطيب

- ‌(ب). في المراجع:

- ‌ب - حرق السُّفن:

- ‌5 - سير المعركة الحاسمةمعركة وادي بَرْباط أو وادي لَكُّهْ

- ‌أ - قوّات الطرفين:

- ‌أولاً: المسلمون:

- ‌ثانياً. القوط:

- ‌ب - التوقيت:

- ‌ج - ميدان القتال:

- ‌د - سير القتال:

- ‌6 - فتوح طارق قبل عبور موسى بن نُصَيْرإلى الأندلس

- ‌أ - الموقف العام بعد المعركة الحاسمة:

- ‌ب - فتوح المدن الثانوية:

- ‌ج - فتح قُرْطُبة:

- ‌د - فتح طُلَيْطُلَة

- ‌7 - فتوحات طارق بعد عبور موسى بن نُصَيْرإلى الأندلس

- ‌أ - بين موسى وطارق:

- ‌ب - فتوح موسى قبل لقاء طارق:

- ‌ج - لقاء القائدين:

- ‌د - الفتح المشترك بين القائدين:

- ‌الإنسان

- ‌1 - عودة القائدين إلى دمشق

- ‌أ - العودة:

- ‌ب - أسباب استدعاء موسى وطارق:

- ‌2 - الرّجل

- ‌القائد

- ‌1 - سماته القيادية عامة:

- ‌فما هي مجمل تلك المزايا

- ‌2 - طارق ومزايا القيادة العامة:

- ‌3 - في تطبيق مبادئ الحرب

- ‌أ - اختيار المقصد وإدامته

- ‌ب - التّعَرض

- ‌ج - المباغتة

- ‌د - تحشيد القوّة

- ‌هـ - الاقتصاد في المجهود

- ‌و- الأمن

- ‌ز - المرونة

- ‌ح - إدامة المعنويات

- ‌ط - الأمور الإدارية

- ‌ي - التّعاون

- ‌4 - نقطة الضعف:

- ‌5 - مجمل السِّمات:

- ‌أ - سِماته الخاصة:

- ‌ب - سِماته العامة:

- ‌طارق في التاريخ

- ‌نسبه وأيامه الأولى

- ‌الفاتح

- ‌الإنسان

- ‌القائد

- ‌طَرِيْف في التاريخ

- ‌مغِيْث الرُّومِيّفاتح قُرْطُبَة

- ‌نسبه وأيامه الأولى

- ‌الفاتح

- ‌الإنسان

- ‌القائد

- ‌مُغِيْث في التاريخ

- ‌فهرس الجزء الأول

الفصل: ‌أ - العودة:

‌الإنسان

‌1 - عودة القائدين إلى دمشق

‌أ - العودة:

بادر موسى بالعودة من لُكْ بجلِّيقية مع أبي نصر الرسول الثاني للوليد بن عبد الملك، وكان مع أبي نصر رسَالة من الوليد إلى موسى، يوبِّخ الوليد بها موسى، ويأمره بالخروج من الأندلس، وألزم رسوله إزعاجه (1)، فأخذ موسى في طريق العودة أواخر سنة خمس وتسعين الهجرية (منتصف صيف 714 م)(2). وفي طريقه من لُكْ، التقى بطارق الذي كان عائداً من حملة له على أراغون ( Aragon) في الثغر الأعلى (3)، فسار الاثنان معاً إلى طليطلة. أما غالبية جنودهما، ففضلوا البقاء في المدن والأرياف المفتوحة، حيث استقروا وأقاموا منازلهم (4). ومرّ موسى بطليطلة وقرطبة في طريقه إلى إشبيلية، حيث عَيّن هناك ابنه عبد العزيز (5) والياً على الأندلس، وترك معه مساعدين من أمثال حبيب بن أبي عُبَيْدة الفِهْري (6) وكثيراً من القادة المسلمين الآخرين مع رجال

(1) نفح الطيب (1/ 276).

(2)

كانت مغادرة موسى من إشبيلية إلى شمالي إفريقية في شهر ذي الحجّة من سنة خمس وتسعين الهجرية (أيلول- سبتمبر- 714 م).

(3)

الثغر الأعلى: ويشمل سرقسطة عاصمة هذا الثغر، ولاردة، وتطيلة، ووشقة، وطرطوشة وغيرها، وكان هذا الثغر يواجه برشلونة ومملكة نافار، وتمثله اليوم منطقة أراغون، أنظر جغرافية الأندلس وأوروبا (95).

(4)

نفح الطيب برواية ابن حيّان (1/ 276).

(5)

عبد العزيز بن موسى بن نصير: سترد ترجمته المفصلة في كتابنا "قادة فتح الأندلس والبحار".

(6)

ورد اسمه في البيان المغرب (2/ 30): حبيب بن أبي عبده بن عقبة بن نافع، وكذلك =

ص: 346

قبائلهم، ليدافعوا عن البلد ويحموه (1). وقد اختار موسى إشبيلية عاصمة للبلاد، وذلك بسبب قربها من البحر والمضيق، كما جعلها أيضاً قاعدة بحرية للمسلمين في الأندلس (2).

وركب موسى البحر، ومعه طارق ومغيث الرومي وأبو نصر وكبار الجند، في شهر ذي الحجة من سنة خمس وتسعين الهجرية (أيلول- سبتمبر 714 م)، ومعهم يُليان، وقد أبحر موسى ومَن معه من إشبيلية، وهو متلهِّف على الجهاد الذي فاته، آسف على ما لحقه من إزعاج، وكان يؤمل أن يخترق ما بقي عليه من بلاد إفرنجة (فرنسا)، ويقتحم الأرض الكبيرة حتى يصل بالناس إلى الشام، مؤمِّلاً أن يتخذ مُخْتَرَقَه (3) بتلك الأرض طريقاً مُهْيعاً (4)، يسلكه أهل الأندلس في مسيرهم ومجيئهم من المشرق وإليه على البر لا يركبون بحراً (5).

وتذهب بعض المصادر العربية، إلى أن موسى استصحب معه ثلاثين ألف رأس من الأسرى (6)، وفي ذلك مبالغة واضحة، فهذا العدد الضخم من الأسرى، يحتاج إلى وسائط نقل هائلة لنقلهم برّاً وبحراً من الأندلس إلى دمشق، ويحتاج إلى تدابير إدارية من الصعب جداً تحقيقها، والغالب أن عدداً قليلاً من الأسرى رافق موسى في رحلته هذه، وأما الباقون منهم، فقد تُركوا

= في المعجب من تاريخ المغرب (34). أما في تاريخ افتتاح الأندلس (36)، فقد ورد اسمه: حبيب بن أبي عبيدة. (1) أخبار مجموعة (19) وفتح الأندلس (17) وابن الأثير (4/ 566) والمراكشي (8) والبيان المغرب (2/ 23) والنويري (22/ 29) وابن خلدون (2/ 255) ونفح الطيب برواية ابن حيان (1/ 276) والرسالة الشريفية (210).

(2)

أخبار مجموعة (19) ونفح الطيب برواية ابن حيان (1/ 276) والرسالة الشريفية (210)، وهي قاعدة متقدِّمة.

(3)

مخترقة: أي المكان الذي يخترقه، أي يسلكه ويجتاز البلاد منه.

(4)

مهيعاً: الواضح البيِّن، وهو أيضاً الواسع المنبسط.

(5)

نفح الطيب (1/ 277).

(6)

أنظر نفح الطيب (1/ 277).

ص: 347

في المزارع يزرعونها ويديمونها، وفي الأعمال الإدارية الأخرى يديرونها ويدبّرون أمرها. ولكنه استصحب معه مائة رجل من أشراف الناس: من قريش ومن الأنصار، ومن سائر العرب ومواليها. وأخرج معه من وجوه البربر مائة رجل: منهم أبناء كسيلة، وملك السّوس الأقصى، وملك قلعة أوساف، وملك ميورقة ومنورقة، ومعه الغنائم من الذهب والفضة والجوهر، محمولة على ثلاثين ومائة عجلة (1)، فكان مع موسى أربعمائة رجل (2)، بل هناك رواية أن موسى دخل دمشق ومعه ثلاثون من خيرة أسرى القوط، ألبسهم أفخر الثياب، وسار بهم في موكبه، ليدلّ على عظم الفتح الذي تم على يديه (3).

واستخلف موسى ابنه عبد الله على إفريقية، وابنه مروان على طنجة والسّوس (4)، فمرّ بطريق عودته بالقيروان (5)، ثم قدم مصر سنة خمس وتسعين الهجرية (كانون الأول - ديسمبر 714 م)، فأقام هناك ثلاثة أيام، يأتيه أهل مصر في كل يوم، فلم يبق شريف إلاّ وقد أوصل إليه موسى صلة ومعروفاً كثيراً، وأهدى لولد عبد العزيز بن مروان فأكثر لهم، وجاءهم بنفسه فسلم عليهم، ثم سار متوجهاً حتى أتى فلسطين (6).

ولما قدم موسى ومعه طارق إلى الوليد بن عبد الملك في دمشق، كان قدومه عليه وهو في آخر شكايته التي تُوفي فيه، إذ بلغا دمشق سنة ست وتسعين الهجرية (كانون الثاني - يناير 715 م) أي قبل وفاة الوليد بأربعين

(1) أنظر التفاصيل في: الإمامة والسياسة (2/ 82).

(2)

تاريخ افتتاح الأندلس (36).

(3)

أنظر: فجر الأندلس (107).

(4)

ابن حبيب (231 - 232) وفتح مصر وإفريقية (210) وأخبار مجموعة (19) وفتح الأندلس (18) وابن الأثير (4/ 566) وابن الكردبوس (50) وابن الشباط (123) والبيان المغرب (2/ 18 - 19 و 44) ونفح الطيب (1/ 277).

(5)

المعجب في تلخيص أخبار المغرب (34).

(6)

الإمامة والسياسة (2/ 82 - 83).

ص: 348

يوماً (1)، وتوفي الوليد في الخامس عشر من جمادى الثانية من سنة ست وتسعين الهجرية (25 شباط - فبراير 715 م)، فخلفه في الحكم أخوه سليمان بن عبد الملك الذي كان مستاء أيضاً من موسى، فتروي المصادر أنه حينما اقترب موسى من بلاد الشام، كتب إلى موسى، يأمره بتأخير وصوله إلى دمشق، حتى يموت الوليد، وبذلك يتسنى لسليمان الحصول على الكنوز التي جلبها موسى معه، وينال فخر الفتح لنفسه. ولكن موسى أهمل طلب سليمان، وتقدم إلى دمشق (2). وكان سليمان بعث إلى موسى مَن لقيه في الطريق قبل قدومه على الوليد، يأمره بالتريث في مسيره، وألاّ يعجل، فإن الوليد بآخر رمقه، فقرأ موسى الكتاب، وقال:"خنت والله وغدرت وما وفيت! والله لا تربّصتُ ولا تأخّرت ولا تعجّلت! ولكني أسير بمسيري، فإن وافيته حيّاً لم أتخلّف عنه، وإن عجلت منيّته فأمره إلى الله"، فرجع الرسول إلى سليمان، فأعلمه (3). وقد أبى موسى أن يتجاوب مع سليمان، لأن دِينه منعه من هذا التجاوب، فقدم على الوليد وهو حي، فسلم له الأخماس والمغانم والتّحف والذخائر، فلم يمكث الوليد إلا يسيراً بعد قدوم موسى حتى توفي، واستُخلف سليمان، فحقد عليه وأهانه (4).

وقيل: إن موسى وصل إلى دمشق بعد وفاة الوليد، فقدم على سليمان حين ..............................................................

(1) فجر الأندلس (107)، ولم تكن مقابلة الوليد لموسى مقابلة حسنة بسبب تماديه في سياسته فى أثناء فتح الأندلس، وتباطؤه فى إطاعة أوامر الخلافة، أنظر ابن الأثير (4/ 566) والنويري (22/ 30) وابن الكردبوس (50).

وانظر كذلك: Chr. 154. p. 149. (no.4)

وسترد أسباب مقابلة الوليد لموسى بجفاء، وأسباب سحبه وسحب طارق معه من الأندلس إلى دمشق وشيكاً.

(2)

ابن الكردبوس (50) والبيان المغرب (2/ 20) ونفح الطيب (1/ 280 - 281).

(3)

الإمامة والسياسة (2/ 83)، وانظر البيان المغرب (2/ 25).

(4)

نفح الطيب (1/ 262) و انظر تاريخ افتتاح الأندلس (36).

ص: 349

استُخلف (1).

والصواب، هو أن موسى وطارقاً وصلا إلى دمشق قبل موت الوليد، وكان الوليد مريضاً، فمثُلَ موسى بحضرة الوليد، ولكن الوليد لم يقابله مقابلة حسنة بسبب تماديه في سياسته في أثناء فتح الأندلس، وتباطئه في إطاعة أوامر الخلافة (2)، وكان مع موسى وطارق كميات هائلة من الغنائم والأسرى والهدايا الثمينة من الذهب والفضة واللؤلؤ، كما حملا أيضاً (المائدة) المشهورة وكثيراً من الكنوز الأندلسية الأخرى. ولكن الظّاهر أن قلب الوليد كان متغيِّراً على موسى تغيّراً لا سبيل إلى إصلاحه، لذلك لم يُحسن الوليد لقاء موسى، ثم لم يلبث الوليد أن لقي ربه وخلفه أخوه سليمان، وهو أشدّ غضباً من أخيه على موسى، ولهذا كان طبيعياً ألاّ ينتظر موسى خيراً كثيراً من سليمان، وأن يُدرك أن أيام مجده وعزِّه قد مضت مع أمس الدابر (3).

بيد أننا نستبعد صحة ما يبالغ به قسم من المؤرخين من أفاعيل سليمان بموسى، فمن المستبعد ما يقال: إن سليمان كان يقيم موسى في الشمس حتى يكاد يغمى عليه من شدة التعب والجهد والحر (4)، وأن سليمان حبسه وأمر بتقصي حسابه (5)، فأغرمه غرماً عظيماً كشفه فيه، حتى اضطر إلى أن سأل العرب معونته، فيقال: إن لَخْماً (6) حملت عنه من أعطيتها تسعين ألفاً ذهباً، وقيل: حمّله سليمان غرم مائتي ألف، فأدى مائة ألف وعجز، فاستجار بيزيد

(1) فتوح مصر والمغرب (284)، وانظر المعجب في أخبار المغرب (1/ 35).

(2)

ابن الأثير (4/ 566) والنويري (22/ 30) وابن الكردبوس (50).

(3)

قادة فتح المغرب العربي (1/ 279).

(4)

أنظر التفاصيل في الإمامة والسياسة (2/ 84 - 85).

(5)

تقصّي حسابه: أي تتبعه وشدّد البحث عنه لتعرف حقيقته، أنظر ما جاء حول ذلك في نفح الطيب (1/ 212).

(6)

بنو لخم: هو مالك بن عَدي بن الحارث بن مُرَّة بن أُدد بن زيد بن يَشْجُب بن عريب بن زيد بن كُهْلان بن سَبَأ، أنظر جمهرة أنساب العرب (418 - 422)، وكان موسى من بني لخم.

ص: 350

بن المُهلَّب (1)، فاستوهبه من سليمان، فوهبه إياه، إلاّ أنه عزل ابنه عبد الله عن إفريقية (2)، وأن سليمان ألزم موسى أن يطوف بالقبائل محروساً يستجديها مالاً يفتدي به نفسه، حتى لقد كان يستجدي الدرهم والدرهمين، فيفرح بذلك موسى، ويدفعه إلى الموكلين به، فيخفّفون عنه العذاب (3)، لأن

(1) يزيد بن المُهَلَّب بن أبي صُفْرة: أنظر سيرته المفصّلة في كتابنا: قادة فتح بلاد ما وراء النهر- مخطوط.

(2)

نفح الطيب (1/ 262).

(3)

أنظر التفاصيل في نفح الطيب (1/ 265 - 266)، وفي الإمامة والسياسة (2/ 84 - 85): "لما أفضت الخلافة إلى سليمان بن عبد الملك، بعث إلى موسى، فأُتي به، فعنّفه بلسانه، فكان مما قال له يومئذ: اجترأت، وأمري خالفت، والله لأقللنّ عددك ولأفرقنّ جمعك، ولأبددنّ مالك، ولأضعنّ منك ما كان يرفع غيري ممن كنت تمنيه أماني الغرور، وتخدعه من آل أبي سفيان، وآل مروان! فقال له موسى: والله يا أمير المؤمنين، ما تعتلّ عليّ بذنب، سوى أني وفيت للخلفاء قبلك، وحافظت على مَن ولي النعمة عندي فيه، فأما ما ذكر أمير المؤمنين من أنّه يقلّ عددي، ويفرِّق جمعي، ويبدِّد مالي، ويخفض حالي، فذلك بيد الله وإلى الله، وهو الذي يتولّى النعمة على الإحسان إليّ، وبه أستعين، ويعيذ الله عز وجل أمير المؤمنين ويعصمه أن يجري على يديه شيئاً من المكروه لم أستحقه ولم يبلغه ذنب اجترمته، فأمر سليمان أن يوقف في يوم صائف شديد الحر على طريقه، وكانت بموسى نسمة (ربو)، فلما أصابه حرّ الشمس وأتعبه الوقوف، هاجت عليه، وجعلت قِرب العرق تنصبّ منه، فما زال كذلك حتى سقط، وكان عمر بن عبد العزيز حاضراً، إلى أن نظر سليمان إلى موسى، وقد وقع مغشياً عليه، قال عمر بن عبد العزيز: ما مرّ بي يوم كان أعظم عندي، ولا كنت أكرب من ذلك اليوم، لما رأيت من الشيخ موسى، وما كان عليه من بُعد أثره في سبيل الله، وما فتح الله على يديه وهذا يُفعل به! فالتفتَ إليّ سليمان، فقال: يا أبا حفص! ما أظنّ إلاّ قد خرجت من يميني! فقال عمر: فاغتنمت ذلك منه، فقلت: يا أمير المؤمنين! شيخ كبير بادن، وبه نسمة قد أهلكته، وقد أتيت على ما فيه من السلامة لك من يمينك، وهو موسى البعيد الأثر في سبيل الله، العظيم الغناء عن المسلمين. قال عمر: منعني من الكلام فيه، ما كنت أعلم من يمينه وحقده عليه، فخشيت إن ابتدأته أن يلحّ عليه، وهو لحوح. قال عمر: فلما قال لي ما قال آخراً، حمدت الله على ذلك، وعلمت أنّ الله قد أحسن إليه، وأنّ سليمان قد ندم فيه. فقال سليمان: مَن يضمّه؟ فقال يزيد بن المهلّب: أنا أضمّه يا أمير المؤمنين. قال: =

ص: 351

سليمان لو كان قد أنزل بموسى هذه المساءات لما ترك أولاده ولاة على إفريقية والأندلس، ولأن موسى كان أثيراً على نفس يزيد بن المُهلَّب الذي كان مقرّباً جداً من سليمان بن عبد الملك وصاحب الأمر في دولته (1)، ولأن عمر بن عبد العزيز كان من أقرب المقرّبين إلى سليمان، ومن المستحيل أن يرضى عمر بن عبد العزيز عن مثل تلك التصرفات، دون أن يقول كلمة الحق، لإحقاق الحق وإزهاق الباطل، ولأن سيرة سليمان الذي وصفه المؤرخون، بأنه مفتاح الخير، أطلق الأسارى، وخلّى أهل السجون، وأحسن إلى الناس، واستخلف عمر بن عبد العزيز (2)، لا تستقيم مع اتهامه بالتنكيل بموسى، وهو

= وكانت الحال بين يزيد وسليمان لطيفة خاصة. قال سليمان: فضمه إليك يا يزيد، ولا تضيّق عليه. قال: فانصرف به يزيد، وقد قدم إليه دابة ابنه مخلد، فركبها موسى، فأقام أياماً. قال: ثمّ إنه تقارب ما بين موسى وسليمان في الصلح، حتى افتدى منه بثلاثة آلاف دينار"

انتهى.

ومن الواضح أن المبالغة والتناقض يسودان هذه الرواية، فسليمان لا يتورّع من تعذيب شيخ فانٍ عذاباً يقربه من حافة القبر، وسليمان تارة قاس غاية القسوة، وهو رحيم غاية الرحمة تارة أخرى في نفس الوقت، بحيث يوصي بهذا الشيخ خيراً، فلا يرضى أن يضيق عليه أحد! كما أن هذه القصة تناقض ما جاء عن سليمان من مزايا، فهو: "مفتاح الخير، أطلق الأسارى، وخلى السجون، وأحسن إلى الناس، واستخلف عمر بن عبد العزيز

" .. الخ، كما جاء في الطبري (5/ 304)، فكيف يقوم بتعذيب شيخ له ماضٍ مجيد، كما وصفه عمر بن عبد العزيز بالذات، وكما يعرف عنه الناس جميعاً؟!

كما أن هناك تناقضاً فاضحاً بين هذه القصة، وبين ما جاء في القصص التي نوهنا عنها في أعلاه، ويبدو أن هذه القصة وأمثالها من جملة القصص الموضوعة للتشنيع بسليمان وغيره من رجال العرب المسلمين الخلفاء ومَن عمل معهم في تلك الأيام الذهبية من تاريخ العرب والإسلام، وبخاصة في مجال الفتوح شرقاً وغرباً، وأمثال هذه القصص ظاهرة التهافت والتناقض، لا تستقيم مع خلق العرب وتعاليم الإسلام، التي كانت سائده في المجتمع العربي الإسلامي حينذاك.

(1)

أنظر قادة فتح المغرب العربي (1/ 278 - 279).

(2)

الطبري (5/ 304).

ص: 352