الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الثالث: أن يكون «يحيا» و «يحيون» بضم الياءين الأوليين في الفعلين، وفتح الثانيتين فيهما على أنَّه مبني للمجهول من أحيا، أي: حتَّى يحييهم الله، وهذا الوجه أضعف الوجوه.
ما جاء في نزع المعاليق والجرس من العين
قوله: «من العين» ظرف مستقر في موضع الحال من المعاليق والجرس، أي: حال كونهما من العين، و (من) للتعليل، أي: مجعولين لأجل العين، أي: لأجل دفع ضر العين، فذلك تأويل مالك في الترجمة، وهو الذي سيصرح به بعد ذكر حديث الأمر بقطعهما، فأما لو اتخذا لغير ذلك الاعتقاد مثل: الإشعار بمحل وجود الإبل عند تفرقها في المرعى، فلا ضير فيه.
الرُّقية من العين
المراد بالعين نظر العين، أي: نر الناظر إلى شيء نظر تعجب واستغراب، فقد خلقت في بعض النفوس قوَّة مغناطيسية تحصل عند البهت والتعجُّب القوى، تتوجه من الناظر إلى الشيء المنظور بواسطة العين، فينفعل لها المنظور انفعالاً يتأثر منه مزاجه بتغيير يكون على حسب تلك القوَّة التي في الناظر وعلى حسب قابلية المنظور، فليس كل ناظر بمشتل على تلك القوة ولا هي متساوية في الذين يشتملون عليها. وليس كلُّ منظور بقابلٍ للتأثر والانفعال، ولا الذين يتأثرون بذلك بمستوين في ذلك التأثر والانفعال. وقد يوجد مثل هذه القوَّة في بعض أصناف الحيوان، فقد ثبت أن بعض الحيات يخطف بنظره إلى عين ناظره بصر ناظره، وهو صنف يسمى عند العرب ذا الطُّفيتين، وأنَّه إذا نظر إلى المرأة الحامل ونظرت إليه سقط حملها، وسيجيئ ذكره في «الموطإ» . والأسد إذا نظر إلى الدابة بطل حراك رجليها فثبتت واقفة حتَّى يأتيها، وربما تشتهر هذه القوة في بعض الأمم أو في بعض القبائل كغيرها من الخلال النفسانية
مثل: الزجر، ومثل: القيافة، وتعبير الرؤيا، وصدق الرؤيا، والفراسة، وغير ذلك. وفي الحديث:«إن فيكم محدَّثين منهم عمر بن الخطاب» ؛ فلذلك قد تتفق الإصابة بنظر العين وقد تتخلف من الشخص الواحد وفي الشخص الواحد بحسب أحوال تحصل من مجموع المهيئات للإصابة أو من موانعها؛ فلذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث سهل بن حنيف «هل تتَّهمون أحدًا» ، أي: هل تظنُّون بأحدٍ أنه أصابه بنظره بأن يكون معروفًا بالإصابة بها، فظهر بهذا أن الإصابة بنظر العين عند التعجُّب أثر من آثار القوة الإنسانية المغناطيسية، فلا تحصل إصابة العين بين شخصين أحدهما غائب عن الآخر، إذا ذكره بعجب كما يتوهَّم عامة الناس، ولا بين شخص وشيء غير حيوان؛ لأن الجسم الحيواني هو القابل للمغناطيسية الحيوانية، فأما التبريك المأمور به في الحديث:«إذا نر أحد أحدًا أعجب به» ، فلعلَّ الناظر يحصل له بتذكر تلك الوصاية انفعال مضادٌ تنكسر به أشعَّة نفسه، ويرتدع في باطنه عن استرسال التعجب، فلا تحصل تلك المغناطيسية أو تحصل منكسرة ناقصة لا تؤثر في المنظور.
وأما الرقية بعد الإصابة فهي من الدعاء إلى الله بالشفاء، وقد قال الله تعالى:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]. وجعل بركاتٍ لألفاظ كتابه وتنزيهه.
وأما الوضوء الخاص لأعضاء العائن وصب مائه على المعين، فلعل المُعاين عقب نظره المغناطيسي ينتشر على بعض جسده شيء من القوى يزيلها الماء إذا مرَّ عليها، ويحملها فيه، فإذا صب الماء على المصاب بتلك النظرة أفاده؛ لأنَّ الماء فيه قابلية حمل الكهرباء؛ ولأن بعض الأدواء قد يُعالج بإدخال مثل سببه كالتلقيح من الجدري، ومن بعض السُّموم، ومن بعض الحمَّيات.