الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تتلمذ عليه الصغار والكبار، وانتفع القاصي به والداني. فمن أشهر تلاميذه ابنه العلَّامة المحقق محمَّد الفاضل ابن عاشور. والعلَّامة محمَّد الشاذلي النيفر، والعلامة محمَّد الحبيب ابن الخوجة وغيرهم من العلماء والباحثين.
* مكانته العلمية وثناء العلماء عليها:
قال فيه شيخ الأزهر العلَّامة المحقق قرنه في الدراسة محمَّد الخضر حسين: «وللأستاذ فصاحة منطق، وبراعة بيان. ويضيف إلى غزارة العلم، وقوة النظر، صفاء الذوق، وسعة الاطلاع في آداب اللغة
…
وبالإجمال ليس إعجابي بوضاءة أخلاقه، وسماحة آدابه بأقل من إعجابي بعبقريته في العلم».
وقال فيه العلَّامة المصلح الشيخ محمَّد البشير الإبراهيمي قائلًا: عَلَم من الأعلام الذي يعدُّهم التاريخ الحاضر من ذخائره. فهو «إمام مُتبحّر في العلوم الإسلامية، مستقلٌ في الاستدلال. واسع الثراء من كنوزها. فسيح الذرع بتحملها. نافذ البصيرة في معقولها، وافر الاطلاع على المنقول منها، أقرأ وأفاد، وتخرَّجت عليه طبقات ممتازة في التحقيق العلمي.
وقال الدكتور العلمي عبد الرحمن العثيمين: «من أفاضل الرجال في عصرها، أدركته ولم يُقدَّر لي رؤيته -وهو بلا شك- من محاسن العصر، ونوادر الرِّجال. رئيس المفتين المالكيين في تونس. وشيخ جامعة الزيتونة بها
…
خلف مكتبة حافلة بنوادر المخطوطات والمطبوعات. وألَّف آثارًا جليلة.
*
آثاره العلمية:
تنوَّعت مصنفات الشيخ ابن عاشور، فشملت ضروبًا من الثقافة الإسلامية، بل لعلها تناولت جميع جوانبها. وأشهر أعماله وأعظمها تفسيره للقرآن الموسوم بـ «التحرير والتنوير» «مضى فيه الشيخ على نمط فريد في عصرنا الحاضر، يُداني به كبار أئمة التفسير المعتمدين. ويجنح بطلابه فيه إلى مختلف الطرق، تمكينًا لهم من فهم النص القرآني فهمًا كاملًا، وتدريبًا لهم على الغوص على لطائف معانيه وإشارته غوصًا يسمح لهم بالانتباه إلى دقائقه، مع التربية لملكاتهم والصَّقل لمواهبهم،
والارتقاء بأذواقهم».
وخاض الشيخ رحمه الله غمار علم أصول الفقه، فوضع فيه تأليف تدل على عمق فهمه لعلم الشريعة وأصولها وفروعها، بل على علوِّ كعبه في المنقول والمعقول. فوضع وهو في سنِّ مبكرة «حاشية على تنقيح الفصول» للقرافي.
ولعل ما يشدُّ انتباه الباحث المهتم بهذه الشخصية الباحث على النَّهل من ينابيعها كتاب «مقاصد الشريعة الإسلامية» هذا الكتاب الذي يُعدُّ فذًا في بابه، ومفخرة لأهل المغرب عامةً ولأهل تونس خاصةً. وهو ما دعا كثيرًا من الباحثين إلى التنويه بشأن الكتاب، وإبداء الإعجاب به، من بينهم الأستاذ الدكتور محمَّد سعيد رمضان البوطي الذي قال: «من أهمِّ ما يمتاز به هذا الكتاب فيما أعتقد، أنه أول مؤلف يعالج موضوعًا من أبرز وأهم الموضوعات في أصول الفقه. ألا وهو مقاصد الشريعة الإسلامية، ويفرده بالبحث والتحليل
…
لا ريب أن صنيع العلامة المرحوم ابن عاشور يُعدُّ تأسيسًا كبيرًا لذاتية هذا العلم، ورسْمًا لإطاره الذي ميَّزه عن غيره».
كما اعتبره الباحث الدكتور عبد المجيد النَّجار بأنه تطوير وتهذيب. ويقرب من ذاك الكتاب الفذ، كتابه الآخر القيم الموسوم بـ «أصول النظام الاجتماعي في الإسلام» الذي حُظي باهتمام الدارسين والباحثين وأولوه عناية خاصة.
وخاض الشيخ ابن عاشور الحديث، فألف حول «الموطأ» كتابه «كشف المغطى» -موضوع بحثنا هذا- وحول «صحيح البخاري» واضح كتابه المسمى بـ «النظر الفسيح عند مضايق الأنظار في الجامع الصحيح» أوضح فيه جملة من
المسائل أشكلت على شراح البخاري، وتعرض لجملة من القضايا استعصت على كثير من العلماء.
أما نشاطه في علوم اللغة، والأدب فاضح ومتميز. فساهم الشيخ ابن عاشور بقسط مفيد في تحقيق جملة من عيون الكتب وأمهات المصنفات مثل عمله في «ديوان النابغة الذبياني» و «ديوان بشار بن بُرد» و «الواضح في مشكلات شعر المتنبي» للأصفهاني، و «سرقات المتنبي ومشكل معانيه» لابن السراج، و «قلائد العقيان ومحاسن الأعيان» لأبي نصر بن خاقان، وشرح المقدمة الأدبية للإمام المرزوقي، ووضعَ «أصول الإنشاء والخطابة» و «موجز البلاغة» . إضافة إلى دراسات فكرية. ومقالات أدبية ذات صفة نقدية. وبالجملة فجهود الشيخ رحمه الله في اللغة والأدب كبيرة ونافعة بل إنه يعتبر فارس هذا المضمار، وإمامًا لا يشقُّ له غبار.
* وفاته:
وبعد عُمر مَديد قضاه الشيخ ابن عاشور بين البحث والتدريس، والعلم والتأليف. توفي رحمه الله تعالى يوم الأحد 13 رجب 1393/ 12 أو ت 1973. ودُفن بمقبرة الزلاج.