الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّرغيب في الصَّدقة
وقع فيه قوله في حديث أبي طلحة: «ذلك مالٌ رابحٌ» فذكر البخاري أنه روى بالباء الموحدة من الربح، أي: وهي رواية أكثر الرواة، ومنهم يحيى بن يحيى الليثي كما صرَّح بذلك أبو عمر في «التمهيد» . وذكر البخاري أنَّه رواه إسماعيل، ويحيى بن يحيى التميمي «رايح» بالياء المثناة التحتية، أي: وهي رواية مطرف، وابن الماجشون، كما صرَّح به الباجي في «المنتقى» ، وهي أيضًا رواية ابن وهب كما في التمهيد. وعلى هذه الرواية وقع تقصير في تفسير هذا اللفظ في كلام الشراح كلِّهم. وتحقيقه أن معنى قولهم:«بياء» أنَّها صورة الياء، وأما النطق به فهو بهمزة بعد الألف، لوجوب إبدال الهمزة من حرف العلَّة في اسم الفاعل من المعتلِّ العين، وإنما تكتب في الرسم تحت صورة الياء؛ ولذلك كانوا لا يجعلون نقطتين تحت هذه الياء في نحو: قائل وبائع. وقد حكى ابن جنِّي أنَّ أبا علي الفارسي ذهب مع صاحب له إلى بعض المتَّسمين بالعلم يزورانه، فوجدا بين يديه أجزاء كتب فيه لفظ (قايل) بنقطتين تحت الياء فقال له أبو علي: خطُّ من هذا؟ فقال: خطي، فالتفت أبو علي إلى صاحبه، وقال: لقد أضعنا خطواتنا في زيارة مثله.
والمعنى أنَّه شبه ذلك الحائط بإبل تروح على صاحبها كل يوم بالدرِّ، كما في حديث أبي هريرة في «الموطإ» و «الصحيحين»:«نعم المنيحة اللقحة الصفيُّ تغدو بإناءٍ وتروح بإناءٍ» ؛ لأنَّهم يحلبون الإبل عند رواحها. والإبل تسمَّى
مالاً. قال زهير:
صحيحاتِ مالِ طالعات بمخرم
فهو تشبيه بمركب في هيئة العود على صاحبه بالفائدة وحذفت الكاف على طريقة التشبيه البليغ، ووقع في «شرح الزرقاني» عن الباجي أنَّه روي رايج بالجيم بدل الحاء، وهو غلط سرى إلى الزرقاني من تحريف في كلام «المنتقى» .
* * *
ووقع فيه قول مولاة عائشة: «شاة وكفنها» .
الكفن بفتحتين أصله ما يلفُّ فيه الميِّت من الثياب، ويطلق على ما يلفُّ فيه اللحم المطبوخ من أرغفة ورقاق.
* * *
قال مالك: قد بلغني أنَّ مسكينًا استطعم عائشة أمَّ المؤمنين وبين يديها عنبٌ، فقالت لإنسانٍ: خذ حبَّةً فأعطه إيَّاها، فجعل ينظر إليها ويتعجَّب، فقالت عائشة: أتعجب كم ترى في هذه الحبَّة من مثقال ذرة؟ .
قصدت عائشة? من فعلها هذا أن لا تردَّ السائل، وأن تعلِّم من معها فضل الصدقة ولو قليلة، ولعلَّ العنب الذي كان بين يديها كان قليلًا لا يفضل عن حاجة أهل بيتها، والعنب فاكهة مشتهاة، ورسول الله يقول:«وابدأ بمن تعول» ، فكرهت حرمان السائل من العنب الذي يشتهيه الناس، والثواب حاصل على الإعطاء دون الحرمان.
* * *
ووقع فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والَّذي نفسي بيده ليأخذ أحدكم حبله، فيحطب على ظهره، خيرٌ له من أن يأتي رجلًا» إلخ. قال أبو عمر: ثبت في جلِّ روايات «الموطإ»