الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الرُّؤيا الحسنة من الرَّجل الصَّالح جزءٌ من ستَّةٍ وأربعين جزءًا من النُّبوءة» .
المراد بالحسنة يحتمل أن يكون المنتظمة الدال حالها على سلامتها من اضطراب في الدماغ ناشئ عن أبخرة من أخلاط البدن، وهي المعروفة بأضغاث الأحلام، فليست الحسنة بمعنى الملائمة للرائي أو لغيره؛ لأنَّها قد تكون بما فيه مساءة مثل: ما ورد في حديث رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم بقرا تذبح، ورؤياه السيف الذي هزَّه فانكسر، ويحتمل أن يكون المراد بالحسنة المسرة التي تلائم الرائي؛ لأنَّها لا تنشأ عن اضطراب الأخلاط البدنية، فيكون هذا الوصف جزءًا أصليًّا من أمارة كون الرؤيا صادقة، أما الرؤيا المسيئة فيحتمل أمرها أن تكون ناشئة عن أخلاط واضطراب المزاج وأن تكون انكشافًا صادقًا، فعلى الوجه الأول: يكون الخبر عن الرؤيا الصادقة كلها سواء كانت مسرة أم مسيئة، وعلى الثاني: يكون الخبر عن الرؤيا المسرة وسكت عن المسيئة.
وشرط كونها من الرجل الصالح؛ لتحقق سلامتها من سلطان الشيطان على نفس الرائي، ومعنى كونها جزءًا من النبوءة أن من خصال النبوءة انكشاف الأمور المغيبة للنبي، قال الله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا
مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن: 26، 27] وبقية التجزئة بستة وأربعين تجزئة لا يعلمها إلا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهي تجزئة أنواع من خصال النبوءة لا محالة.
الاستئذان
مالكٌ عن الثِّقة عنده، عن بكير بن عبد الله بن الأشجِّ عن بسر بن سعيدٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، عن أبي موسى الأشعريِّ قال: قال رسول الله: «الاستئذان ثلاثٌ، فإن أذن لك فادخل، وإلَّا فارجع» .
قوله: «عن أبي سعيد الخدري عن أبي موسى الأشعري» ظاهره أنَّ أبا سعيد لم
يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، فلذلك حدث به عن أبي موسى الأشعري، وهو مشكل؛ لأنَّ الحديث المذكور بعده من طريق ربيعة بن أبي عبد الرحمن صريح في أنَّ أبا سعيد سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم، وأخبر به عمر بن الخطاب، ولم يورد الباجي، وابن العربي، توقفًا فيه وليس بين يدي هذا الموضع من كتاب «التمهيد» ، ورأيت في كتاب «تجريد أسانيد التمهيد» المجعول مدخلًا له، والذي يسمى «بالتقصِّي» لأبي عمر بن عبد البرٍّ كلمة قال:«أما قوله عن أبي سعيد عن أبي موسى، فليس كذلك، ومعناه عن أبي سعيد عن قصة أبي موسى أو في قصة أبي موسى. ومثل هذا حديث عمير بن سلمة الضمري عن البهزي في قصة الحمار الوحشي، وإنَّما الحديث لعمير بن سلمة الضمري عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعمير بن سلمة مشهور في الصحابة، والبهزي إنَّما كان صائد الحمار» انتهى كلامه. وهو خلاف الظاهر؛ لأنَّ قول بسر بن سعيد عن أبي موسى صريح في قصد الرواية؛ لأنَّ كلمة عن في الأسانيد من ألفاظ التحديث، ولا يظن بمالك ولا بأهل سنده أن يوردوها في غير موردها، ومما نظَّر به أبو عمر من حديث عمير بن سلمة يقال عليه ما قلناه هنا؛ لأنَّ كون عمير من الصحابة لا يمنع روايته خبرًا عن غيره إذا كان لم يشهده، فالذي أراه أن يكون المعنى أحد وجهين: