الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي الحديث حثٌّ على المراقبة، والزجر عن السكنى في ديار المعذَّبين، والإسراع عند المرور بها، وقد أشير إلى ذلك في قوله تعالى {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ} [إبراهيم: 45] وقد تشاءم عليه الصلاة والسلام بالبقعة التي نام فيها عن الصلاة، ورحل عنها، ثم صلى، فكراهية الصلاة في مواضع الخَسْف أولى، لأنَّ إباحة الدخول فيها إنما هو على وجه الاعتبار والبكاء، لكن من صلى فيها لا تفسد صلاته، لأن الصلاة موضع البكاء والاعتبار كما مرَّ عن ابن بطال.
رجاله أربعة:
الأول: إسماعيل بن أبي أويس، وقد مرَّ في الخامس عشر من كتاب الإيمان، ومرَّ عبد الله بن دينار في الثاني منه، ومرَّ عبد الله بن عمر فيه قبل ذكر حديث منه، ومرَّ مالك في الثاني من بدء الوحي.
لطائف إسناده:
فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع، وبصيغة الإفراد في موضع، والعنعنة في موضع، ورواته كلهم مدنيون. أخرجه البخاري هنا، وفي المغازي عن يحيى بن بكير، وفي التفسير عن إبراهيم بن المنذر. ثم قال المصنف:
باب الصلاة في البِيعة
بكسر الموحدة بعدها مثناة تحتانية، مَعْبَد النصارى على المعتمد، كالكنيسة، وبهذا تحصل المطابقة بين الترجمة وذكر الكنائس الآتي في الحديث، والصلوات لليهود، والصوامع للرهبان، والمساجد للمسلمين، وبدخل في حكم البيعة الكنيسة وبيت المدراس والصومعة وبيت الصنم وبيت النار ونحو ذلك.
ثم قال: وقال عمر رضي الله عنه: إنّا لا ندخل كنائسكم من أجل التماثيل التي فيها الصور.
قوله: كنائسكم، في رواية الأصيلي كنائسهم، وقوله: من أجل التماثيل، هو جمع تَمثال، بمثناة مفتوحة ثم مثلثة بينهما ميم، وبينه وبين الصورة عموم وخصوصٌ مطلق، فالصورة أعم، وقوله: التي فيها الصور، الضمير عائد على الكنائس، والصور بالجر على البدل من التماثيل، أو بيان لها، أو بالنصب على الاختصاص، أو بالرفع على أن الصور مبتدأ خبره "فيها" السابق، والضمير للكنائس، والجملة صلة الموصول الذي هو صفة للكنائس، لا للتماثيل. وللأصيليّ: والصور، بواو العطف على التماثيل، أي: ومن أجل الصور التي فيها، وهذا الأثر وصله عبد الرزاق عن أسلم مولى عمر. قال: لما قدم عمر الشام صنع له رجل من النصارى طعامًا، وكان من عظمائهم، وقال: أُحب أن تجيئني وتكرمني. فقال له عمر: إنا لا ندخل كنائسكم من أجل الصور التي فيها، يعني التماثيل. وتبين بهذا أن روايتي الجر والنصب أوجه من غيرهما، والرجل المذكور من عظمائهم اسمه قسطنطين، وعمر قد مرَّ في الأول من بدء الوحي.
ثم قال: وكان ابن عباس يصلي في البِيعة إلاّ بيعة فيها تماثيل. أي: فلا يصلي فيها، والأثر أخرجه البغويّ في الجعديات، وزاد فيه "فإذا كان فيها تماثيل، خرج فصلى في المطر". وكره الحسن البصريّ الصلاة فيها، وكذا مالك، وسواء عنده كانت عامرة أو دارسة، ما لم يضطر إلى النزول فيها، لبرد أو نحوه، فلا كراهة. وقبل: تكره في العامرة ولو اضطر للنزول فيها، ولا إعادة عليه إذا صلى في الدارسة مطلقًا، وكذا في العامرة إن اضطر للنزول فيها، أو صلى على فراش طاهر. ولم ير الشعبيُّ وعطاء بن أبي رباح وابن سيرين بالصلاة في الكنيسة بأسًا، وصلى أبو موسى الأشعريّ وعمر بن عبد العزيز في الكنيسة. وابن عباس قد مرَّ في الخامس من بدء الوحي.