الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الخامس
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ رَجُلاً أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}. فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِيْ هَذَا؟ قَالَ: "لِجَمِيعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ".
قوله: "إن رجلًا أصاب من امرأة قُبلة"، وعند مسلم والإسماعيليّ: فذكر أنه أصاب من امرأة قبلة، أو مسًّا بيدٍ، أو شيئًا كأنه يسأل عن كفارة ذلك، وعند عبد الرزاق: ضرب رجل على كَفَل امرأة، الحديث، وعند مسلم وأصحاب السنن، عن ابن مسعود: جاء رجل إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني وجدت امرأة في بستان، ففعلت بها كل شيء، كير أني لم أجامعها، قبلتها ولزمتها، فافعل بي ما شئت.
وقد اختلف في اسم هذا الرجل اختلافًا كثيرًا، والأصح أن اسمه كعب بن عمرو، وهو أبو اليَسَر، بفتح التحتانية والمهملة، الأنصاريّ، فقد أخرج الترمذيّ والنسائيّ والبزار عنه أنه أتته امرأة، وزوجها قد بعثه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في بَعْثٍ، فقالت له: بعني تمرًا بدراهم، قال: فقلت لها، وأعجبتني: إن في البيت تمرًا أطيب من هذا، فانطلق بها معه، فغمزها وقبّلها، ثم فرغ فخرج، فلقي أبا بكر فأخبره، فقال: تُبْ ولا تَعُدْ، فلقيت عمرَ فذكرتُ له ذلك، فقال: استر على نفسك، وتُبْ ولا تُخبر أحدًا، فلم أصبر، فأتيت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فذكرت له ذلك، فقال:"أخَلَفْتَ غازيًا في سبيل الله في أهله؟ " حتَّى تمنَّى أنه لم يكن أسلم إلى تلك الساعة، حتى ظن أنه من
أهل النار، فأطرق النبي صلى الله تعالى عليه وسلم طويلًا، حتى أُوحِي إليه: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ
…
} الآية.
وفي روايته أنه صلَّى مع النبيّ، صلى الله تعالى عليه وسلم العَصْرَ. وقيل: هو فلان بن مُعَتِّب. وقيل: معتب، فقد أخرج الطبري، عن إبراهيم النخعيّ، قال: جاء فلان بن معتب الأنصاريّ، فقال: يا رسول الله، دخلت على امرأة، فنلتُ منها ما ينال الرجل من أهله، إلا أني لم أجامعها .... الحديث. وأخرجه ابن أبي خَيْثمة، لكنه قال: إن رجلًا من الأنصار يقال له معتب، وفي رواية ابن مردويه عن أبي بُريدةَ، عن أبيه: "جاءت امرأة من الأنصار إلى رجل يبيع التمر بالمدينة، وكانت حسناء جميلة، فلما نظر إليها أعجبته، فذكر نحو حديث أبي اليَسَر، ولم يسم الرجل، ولا المرأة ولا زوجها.
وقيل: اسمه نَبهان التَّمَّار، فقد أخرج الثعلبيّ وغيره أنّ نبهان التمَّار أتته امرأة حسناء تبتاع تمرًا منه، فضرب على عجيزتها، ثم ندم، فأتى النبيَّ صلى الله تعالى عليه وسلم، فقال:"إياك أن تكونَ امرأةَ غازٍ في سبيلٍ الله"، فذهب يبكي ويصوم ويقوم، فأنزل الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً
…
} الآية، فأخبره فحمد الله، وقال: يا رسول الله، هذه توبتي قُبِلَتْ، فكيف لي بأن يتقبل شكري؟ فنزلت:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} ، وهذا إن ثبت حمل على واقعة أخرى، لما بين السياقين من المغايرة.
وقيل: اسمه عمرو بن غَزِيَّة، فقد أخرج ابن مَنْدَه من طريق الكلبي، عن ابن عباس في قوله:{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} ، قال: نزلت في عمرو بن غَزِيَّة، وكان يبيع التمر، فأتته امرأة تبتاع تمرًا، فأعجبته .... الحديث. والكلبيّ ضعيف، فإنْ ثَبَتَ حُمِل أيضًا على التعدد.
وقيل: هو أبو مقبل عامر بن قيس الأنصاريّ، ذكر ذلك مقاتل بن سليمان في تفسيره.
وقيل: هو عبّاد، اسم جد أبي اليَسَر، حكى ذلك القرطبيُّ، ولم يعزه،
فلعله نسب أبا اليَسَر، ثم سقط شيء. وأما ما أخرجه أحمد وعبد بن حميد وغيرهما عن أبي أمامة، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فقال: إني أصبت حدًّا، فأقمه عليّ، فسكت عنه ثلاثًا، فأقيمت الصلاة، فدعا الرجل، فقال:"أرأيت حين خرجت من بيتك، ألست قد توضأت فأحسنت الوضوء؟ " قال: بلى، قال:"ثم شهدت الصلاة معنا؟ " قال: نعم، قال:"فإن الله قد غفر لك"، وتلا هذه الآية، فهي قصة أخرى، ظاهر سياقها أنها متأخرة عن نزول الآية، ولعل الرجل ظن أن كل خطيئة فيها حدٌّ، فأطلق على ما فعل حدًّا.
وقوله: "فأتى النبيِّ صلى الله تعالى عليه وسلم، فأخبره" في رواية عبد الرزاق أنه أتى أبا بكر وعمر، وقال فيها كل من سأله عن كفارة ذلك، قال: أمُعْزِبة هي؟ قال: نعم. قال: لا أدري. حتى أنزل قوله: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} الآية، واختلف في المراد بطرفي النهار، فقيل: الصبح والمغرب، وقيل: الصبح والعصر، وعن مالك وابن حبيب: الصبح طرف، والظهر والعصر طرف. وقوله:{وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} ، أي: ساعات بعد ساعات، ومنه سميت المزدلفة، الزُّلَف منزلة بعد منزلة، وأما الزُّلفى، فمصدر، قال أبو عبيدة في قوله:{وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} : ساعات، واحدتها زُلْفة، أي: ساعة، ومنزلة وقربة. واختلف في المراد بالزلف، فعن مالك: المغرب والعشاء، واستنبط منه بعض الحنفية وجوب الوِتر، لأن زُلَفًا جمع أقلُّه ثلاثة، فيضاف إلى المغرب والعشاء الوِتر.
وقوله: "فقال الرجل: يا رسول الله، أَلِيْ هذا؟ "، أي الآية، يعني خاصة بي بأن صلاتي مُذهبة لمعصيتي؟ وظاهر هذا أن صاحب القصة هو السائل عن ذلك، ولأحمد والطبرانيّ عن ابن عباس، قال: يا رسول الله، ألي خاصةً أم للناس عامّةً؟ فضرب عمر صدره، وقال: لا ولا نعمة عين، بل للناس عامة. فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم:"صدق عمر".
وفي حديث أبي اليَسَر: "فقال إنسان: يا رسول الله، له خاصة؟ " عند