الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
به، بل يحصل به تأنيسه، وفيه جواز التكنية بغير الولد، وتكنية الشخص بأكثر من كنية، والتلقيب بالكنية لمن لا يغضب، ويأتي في الأدب أنه كان يقدح إذا دعي بذلك، وفيه مداراة الصهر وتسكينه عن غضبه، ودخول الوالد بيت ابنته بغير إذن زوجها حيث يعلم رضاه، وأنه لا بأس بإبداء المنكبين في غير الصلاة، والتكنية بما يشتق من حال الشخص، وأن اللقب إذا صدر من الكبير في حق الصغير تلقّاه بالقبول، ولو لم يكن لفظةَ مدحٍ، وإن من حمل ذلك على التنقيص لا يلتفت إليه، وهو كما كان أهل الشام ينتقصون ابن الزبير بزعمهم، حيث يقولون له: ابن ذات النطاقين، فيقول:
تلك شكاة ظاهرٌ عنك عارها
وفيه أن أهل الفضل قد يقع بين الكبير منهم وبين زوجته ما طبع عليه البشر من الغضب، وقد يدعو ذلك إلى الخروج من بيته ولا يعاب عليه، ويحتمل أن يكون سبب خروج علي خشية أن يبدو منه، في حالة الغضب، ما لا يليق بجناب فاطمة رضي الله تعالى عنهما، فحسم مادة الكلام بذلك إلى أن تسكن فورة الغضب من كل منهما.
وفيه كرم خلق النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه توجه نحو عليّ ليترضَّاه، ومسح التراب عن ظهره ليبسطه، وداعبه بالكنية المذكورة المأخوذة من حالته، ولم يعاتبه على مغاضبته لابنته، مع رفيع منزلتها عنده، فيؤخذ منه استحباب الرفق بالأصهار، وترك معاتبتهم إبقاءً لمودتهم، لأن العتاب إنما تخشى ممن تخشى منه الحقد، لا ممن هو منزه عن ذلك.
رجاله أربعة:
وفيه ذكر عليّ وفاطمة، رضي الله تعالى عنهما.
الأول: قتيبة بن سعيد، وقد مرَّ في الحادي والعشرين من كتاب الإيمان.
والثاني: عبد العزيز بن أبي حازم سلمة بن دينار المحاربيّ، مولاهم، أبو تمام المدنيّ الفقيه. قال أحمد: لم يكن يعرف بطلب الحديث إلا كتب أبيه،
فإنهم يقولون إنه سمعها، وكان يتفقه، ولم يكن بالمدينة بعد مالك أفقه منه. ويقال إن كتب سليمان بن بلال وقعت إليه ولم يسمعها، وقد روى عن أقوام لم يكن يعرف أنه سمع منهم، وقال ابن مَعين: صدوق ثقة، ليس به بأس. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن عبد العزيز بن أبي حاتم وعبد الرحمن بن أبي الزناد وعبد الرحمن بن أسلم قال: متقاربون. قيل: فعبد العزيز؟ قال: صالح الحديث، وقال هو وأبو زرعة: عبد العزيز أفقه من الدراوَرْدِي وأوسع حديثًا منه.
وقال: النَّسائيّ: ثقة، وقال مُرة ليس به بأس. وذكره ابن عبد البَر فيمن كان مدار الفتوى عليه في آخر زمان مالك وبعده، وقال مالك: قوم يكون فيهم ابن أبي حازم لا يصيبهم العذاب، وقال ابن سعد: كان كثير الحديث دون الدراورديّ. وقال مصعب الزبيريّ: كان فقيهًا، وقد سمع مع سليمان بن بلال، فلما مات سليمان أوصى له بكتبه. وقال العجليّ وابن نُمير: ثقة، احتج به الجماعة. روى عن أبيه وسهيل بن أبي صالح، وهشام بن عُروة وكثير بن زيد بن أسلم وغيرهم. وروى عنه ابن مَهْدي وابن وهب والقعنبيّ وسعيد بن أبي مريم والحميديّ وقتيبة بن سعيد وغيرهم. مات سنة أربع وثمانين ومئة وهو ساجد، وله اثنان وثمانون سنة.
الثالث: أبو حازم سلمة بن دينار، وقد مرَّ هو وسهل بن سعد في الثامن والمئة من كتاب الوضوء، ومرَّ علي بن أبي طالب في السابع والأربعين من كتاب العلم، ومرت فاطمة الزهراء في الخامس والمئة من كتاب الوضوء.
فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين، والعنعنة في موضعين، وهو إسناد رباعيّ، ورواته مدنيون غير شيخ البخاريّ، فإنه بلخيّ. أخرجه البخاري في الاستئذان عن قتيبة أيضًا، وفي فضل عليّ عن القعنبيّ، ومسلم في الفضائل.