الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بيؤذ، والمراد بالحدث الناقضُ للوضوء ويحتمل أن يكون أعم من ذلك، لكن صرح في رواية أبي داود وعن أبي هريرة بالأول، وقد مرت بقية مباحث هذا الجزء عند ذكره في باب الحدث في المسجد من أبواب المساجد، وعند ذكره في باب "من لم ير الوضوء إلا من المخرجين" في كتاب الوضوء.
رجاله خمسة:
الأول: مسدد، وقد مرَّ في السادس من كتاب الإيمان، ومرَّ أبو معاوية محمد بن خازم في الثالث منه، ومرَّ الأعمش سليمان بن مهران في الخامس والعشرين منه، ومرَّ أبو صالح وأبو هريرة في الثاني منه.
لطائف إسناده:
فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين، والعنعنة في أربعة، وفيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، ورواته ما بين بصريّ وكوفي ومدني، أخرجه البخاري هنا وفي فضل الجماعة، ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه في الصلاة. ثم قال المصنف:
باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره
أورد فيه حديث أبي موسى، وهو دال على جواز التشبيك مطلقًا، وحديث أبي هريرة وهو دال على جوازه في المسجد، فهو في غيره أجوز، وقد اختلف العلماء في تشبيك الأصابع في المسجد وفي الصلاة، وكره إبراهيم ذلك في الصلاة، وهو قول مالك، ولا بأس عنده في غير الصلاة، ولو في المسجد، لكنه خلاف الأوْلى، ورخص في ذلك ابن عمر وابنه سالم، فكانا يشبكان أصابعهما في الصلاة، ذكره ابن أبي شيبة، وكان الحسن البصري يشبك بين أصابعه في المسجد.
قال ابن بطال: وجه إدخال هذه الترجمة في الفقه معارضة ما ورد في النهي عن التشبيك في المسجد، وقد وردت فيه مراسيل ومسندةٌ من طرق غير ثابتة.
أما المسند فهو حديث كعب بن عُجْرة قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم "إذا توضأ أحدكم ثم خرج عامدًا إلى المسجد، فلا يشبكن يديه، فإنه في صلاة" أخرجه أبو داود، وصححه ابن خُزيمة وابن حبان، وفي إسناده اختلاف ضعَّفه بعضهم بسببه. وروى ابن أبي شيبة من وجه آخر بلفظ "إذا صلى أحدكم فلا يشبكن بين أصابعه، فإن التشبيك من الشيطان، وإن أحدكم لا يزال في صلاة ما دام في المسجد حتى يخرج منه" وفي إسناده ضعيف ومجهول.
وقال ابن المنير التحقيق أنه ليس بين هذه الأحاديث تعارض، إذ المنهي عنه فعله على وجه العبث، والذي في الحديث إنما هو لمقصود التمثيل وتصوير المعنى في النفس بصورة الحسن، وما قاله ظاهر في حديث ابن عمر وأبي موسى، دون حديث أبي هريرة، وجمع الإسماعيلي بأن النهي مقيد بما إذا كان في الصلاة أو قاصدًا لها، إذ منتظر الصلاة في حكم المصلي، وأحاديث الباب الدالة على الجواز خالية عن ذلك. أما الأولان فظاهر فيهما ذلك، وأما حديث أبي هريرة فلأن تشبيكه إنما وقع بعد انقضاء الصلاة في ظنه، وفي حكم المنصرف من الصلاة، والرواية التي فيها النهي عن ذلك ما دام في المسجد ضعيفة، كما مرَّ، فلا تعارض حديث أبي هريرة.
واختلف في علة النهي عن التشبيك، فقيل: لكونه من الشيطان كما مرَّ، وقيل: لأن التشبيك يجلب النوم، وهو مظان الحَدَث، وقيل لأن صورة التشبيك تشبه صورة الاختلاف، كما نبه عليه في حديث ابن عمر الآتي قريبًا، فكره ذلك لمن هو في حكم الصلاة، حتى لا يقع في المنهي عنه، وهو قوله صلى الله تعالى عليه وسلم للمصلين "ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم".