المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الخامس والثمانون - كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري - جـ ٧

[محمد الخضر الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌أبواب استقبال القبلة وما يتبعها من آداب المساجد

- ‌باب فضل استقبال القبلة

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله أربعة:

- ‌رجاله خمسة:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب قبلة أهل المدينة وأهل الشام والمشرق

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب قوله تعالى {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التوجه نحو القبلة حيث كان

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ما جاء في القبلة ومن لم ير الإعادة على من سها فصلى إلى غير القبلة

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌أبواب المساجد: باب حك البزاق باليد من المسجد

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب حك المخاط بالحصى من المسجد

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب لا يبصق في الصلاة

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله سبعة:

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب ليبصق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب كفارة البزاق في المسجد

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب دفن النخامة في المسجد

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا بدره البزاق فليأخذ بطرف ثوبه

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب عظة الإِمام الناس في إتمام الصلاة وذكر القبلة

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب هل يقال مسجد بني فلان

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب القسمة وتعليق القنو في المسجد

- ‌باب من دعا لطعام في المسجد ومن أجاب منه

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب القضاء واللعان في المسجد

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا دخل بيتًا يصلي حيث شاء أو حيث أُمر ولا يتجسس

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المساجد في البيوت

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب التيمن في دخول المسجد وغيره

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد؟ لقول النبي صلى الله عليه وسلم "لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" وما يكره من الصلاة في القبور

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في مرابض الغنم

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في مواضع الإبل

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من صلى وقدامه تنور أو نار أو شيء مما يعبد فأراد به وجه الله تعالى

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب كراهية الصلاة في المقابر

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في مواضع الخسف والعذاب

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في البِيعة

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌باب

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث الأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌[باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: جُعِلَت لي الأرضُ مسجدًا وطَهورًا:

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب نوم المرأة في المسجد، أي إقامتها فيه

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب نوم الرجال في المسجد

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث السادس والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الصلاة إذا قدم من سفر، أي في المسجد

- ‌الحديث السابع والأربعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب إذا دخل المسجد فليركع ركعتين

- ‌الحديث الثامن والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الحدث في المسجد

- ‌الحديث التاسع والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب بنيان المسجد، أي النبوي

- ‌الحديث الخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التعاون في بناء المساجد، بالجمع وفي رواية بالإفراد

- ‌الحديث الحادي والخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الاستعانة بالنجار والصناع في أعواد المنبر والمسجد

- ‌الحديث الثاني والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثالث والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب من بني مسجدًا

- ‌الحديث الرابع والخمسون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب يأخذ بنصول النبل إذا مر في المسجد

- ‌الحديث الخامس والخمسون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب المرور في المسجد

- ‌الحديث السادس والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الشعر في المسجد

- ‌الحديث السابع والخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب أصحاب الحراب في المسجد

- ‌الحديث الثامن والخمسون

- ‌رجاله برجال التعليق تسعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد

- ‌الحديث التاسع والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب التقاضي والملازمة في المسجد

- ‌الحديث الستون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب كنس المسجد والتقاط الخرق والقذى والعيدان

- ‌الحديث الحادي والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب تحريم تجارة الخمر في المسجد

- ‌الحديث الثاني والستون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب الخدم للمسجد

- ‌الحديث الثالث والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الأسير أو الغريم يربط في المسجد

- ‌الحديث الرابع والستون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب الاغتسال إذا أسلم وربط الأسير أيضًا في المسجد

- ‌الحديث الخامس والستون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الخيمة في المسجد للمرض وغيرهم

- ‌الحديث السادس والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إدخال البعير في المسجد للعلة

- ‌الحديث السابع والستون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الثامن والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الخُوخة والممر في المسجد

- ‌الحديث التاسع والستون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث السبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب الأبواب والغلق للكعبة والمساجد

- ‌الحديث الحادي والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب دخول المشرك المسجد

- ‌الحديث الثاني والسبعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب رفع الصوت في المسجد

- ‌الحديث الثالث والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب الحَلَق والجلوس في المسجد

- ‌الحديث الخامس والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌رجاله ثلاثة:

- ‌الحديث السابع والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الاستلقاء في المسجد ومد الرِجل

- ‌الحديث الثامن والسبعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب المسجد يكون في الطريق من غير ضرر بالناس

- ‌الحديث التاسع والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الصلاة في مسجد السوق

- ‌الحديث الثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره

- ‌الحديث الحادي والثمانون

- ‌فيه تسعة أنفس:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب المساجد التي على طرق المدينة والمواضع التي صلى فيها صلى الله عليه وسلم

- ‌الحديث الرابع والثمانون

- ‌رجاله ستة:

- ‌الحديث الخامس والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌أبواب سترة المصلى

- ‌باب سترة الإِمام سترة من خلفه

- ‌الحديث السادس والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌الحديث السابع والثمانون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثامن والثمانون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب قدر كم ينبغي أن يكون بين المصلي والسترة

- ‌الحديث التاسع والثمانون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث التسعون

- ‌رجاله ثلاثة:

- ‌باب الصلاة إلى الحربة

- ‌الحديث الحادي والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الصلاة إلى العَنَزَة

- ‌الحديث الثاني والتسعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثالث والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب السترة بمكة وغيرها

- ‌الحديث الرابع والتسعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب الصلاة إلى الأُسطوانة

- ‌الحديث الخامس والتسعون

- ‌رجاله ثلاثة:

- ‌الحديث السادس والتسعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب الصلاة بين السواري في غير جماعة

- ‌الحديث السابع والتسعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الثامن والتسعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب

- ‌الحديث التاسع والتسعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الصلاة إلى الراحلة والبعير والشجر والرحل

- ‌الحديث المائة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الصلاة إلى السرير

- ‌الحديث الحادي والمئة

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب يرد المصلي من بين يديه

- ‌الحديث الثاني والمئة

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إثم المار بين يدي المصلي

- ‌الحديث الثالث والمئة

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب استقبال الرجل الرجل وهو يصلي

- ‌الحديث الرابع والمئة

- ‌رجاله ستة:

- ‌باب الصلاة خلف النائم

- ‌الحديث الخامس والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب التطوع خلف المرأة

- ‌الحديث السادس والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب من قال إن الصلاة لا يقطعها شيء

- ‌الحديث السابع والمئة

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثامن والمئة

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة

- ‌الحديث التاسع والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا صلى إلى فراش وفيه حائض

- ‌الحديث العاشر والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي عشر والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب يغمز الرجل امرأته عند السجود لكي يسجد

- ‌الحديث الثاني عشر والمئة

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب المرأة تطرح عن المصلي شيئًا من الأذى

- ‌الحديث الثالث عشر والمئة

- ‌رجاله ستة:

- ‌خاتمة

- ‌كتاب مواقيت الصلاة

- ‌ باب مواقيت الصلاة وفضلها

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله تسعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب قول الله تعالى: {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب البيعة على إقام الصلاة

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الصلاة كفّارَةٌ

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب فضل الصلاة لوقتها

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌بابٌ الصلوات الخمس كفارة

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله سبعة:

- ‌باب في تضييع الصلاة عن وقتها

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌ورجاله ثلاثة:

- ‌باب المصلي يناجي ربه عز وجل

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب الإبراد بالظهر في شدة الحر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب الإِبراد بالظهر في السفر

الفصل: ‌الحديث الخامس والثمانون

‌الحديث الخامس والثمانون

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْزِلُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ حِينَ يَعْتَمِرُ، وَفِي حَجَّتِهِ حِينَ حَجَّ، تَحْتَ سَمُرَةٍ فِي مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِذِي الْحُلَيْفَةِ، وَكَانَ إِذَا رَجَعَ مِنْ غَزْوٍ كَانَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ هَبَطَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ، فَإِذَا ظَهَرَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ أَنَاخَ بِالْبَطْحَاءِ الَّتِي عَلَى شَفِيرِ الْوَادِى الشَّرْقِيَّةِ، فَعَرَّسَ ثَمَّ حَتَّى يُصْبِحَ، لَيْسَ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِحِجَارَةٍ، وَلَا عَلَى الأَكَمَةِ الَّتِي عَلَيْهَا الْمَسْجِدُ، كَانَ ثَمَّ خَلِيجٌ يُصَلِّي عَبْدُ اللَّهِ عِنْدَهُ، فِي بَطْنِهِ كُثُبٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَمَّ يُصَلِّي، فَدَحَا السَّيْلُ فِيهِ بِالْبَطْحَاءِ حَتَّى دَفَنَ ذَلِكَ الْمَكَانَ الَّذِى كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بن عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى حَيْثُ الْمَسْجِدُ الصَّغِيرُ الَّذِي دُونَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بِشَرَفِ الرَّوْحَاءِ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْلَمُ الْمَكَانَ الَّذِى كَانَ صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ثَمَّ عَنْ يَمِينِكَ حِينَ تَقُومُ فِي الْمَسْجِدِ تُصَلِّي، وَذَلِكَ الْمَسْجِدُ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ الْيُمْنَى، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ الأَكْبَرِ رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي إِلَى الْعِرْقِ الَّذِي عِنْدَ مُنْصَرَفِ الرَّوْحَاءِ، وَذَلِكَ الْعِرْقُ انْتِهَاءُ طَرَفِهِ عَلَى حَافَةِ الطَّرِيقِ، دُونَ الْمَسْجِدِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُنْصَرَفِ، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ. وَقَدِ ابْتُنِيَ ثَمَّ مَسْجِدٌ، فَلَمْ يَكُنْ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ، كَانَ يَتْرُكُهُ عَنْ يَسَارِهِ وَوَرَاءَهُ، وَيُصَلِّي أَمَامَهُ إِلَى الْعِرْقِ نَفْسِهِ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَرُوحُ مِنَ الرَّوْحَاءِ، فَلَا يُصَلِّي الظُّهْرَ حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ الْمَكَانَ فَيُصَلِّي فِيهِ

ص: 353

الظُّهْرَ، وَإِذَا أَقْبَلَ مِنْ مَكَّةَ فَإِنْ مَرَّ بِهِ قَبْلَ الصُّبْحِ بِسَاعَةٍ أَوْ مِنْ آخِرِ السَّحَرِ عَرَّسَ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهَا الصُّبْحَ. وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْزِلُ تَحْتَ سَرْحَةٍ ضَخْمَةٍ دُونَ الرُّوَيْثَةِ عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ، وَوِجَاهَ الطَّرِيقِ فِي مَكَانٍ بَطْحٍ سَهْلٍ، حَتَّى يُفْضِيَ مِنْ أَكَمَةٍ دُوَيْنَ بَرِيدِ الرُّوَيْثَةِ بِمِيلَيْنِ، وَقَدِ انْكَسَرَ أَعْلَاهَا، فَانْثَنَى فِي جَوْفِهَا، وَهِيَ قَائِمَةٌ عَلَى سَاقٍ، وَفِي سَاقِهَا كُثُبٌ كَثِيرَةٌ. وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي طَرَفِ تَلْعَةٍ مِنْ وَرَاءِ الْعَرْجِ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى هَضْبَةٍ عِنْدَ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ قَبْرَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ، عَلَى الْقُبُورِ رَضْمٌ مِنْ حِجَارَةٍ عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ، عِنْدَ سَلِمَاتِ الطَّرِيقِ، بَيْنَ أُولَئِكَ السَّلِمَاتِ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَرُوحُ مِنَ الْعَرْجِ بَعْدَ أَنْ تَمِيلَ الشَّمْسُ بِالْهَاجِرَةِ، فَيُصَلِّي الظُّهْرَ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ. وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ عِنْدَ سَرَحَاتٍ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ، فِي مَسِيلٍ دُونَ هَرْشَى، ذَلِكَ الْمَسِيلُ لَاصِقٌ بِكُرَاعِ هَرْشَى، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ قَرِيبٌ مِنْ غَلْوَةٍ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي إِلَى سَرْحَةٍ، هِيَ أَقْرَبُ السَّرَحَاتِ إِلَى الطَّرِيقِ وَهْىَ أَطْوَلُهُنَّ. وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْزِلُ فِي الْمَسِيلِ الَّذِي فِي أَدْنَى مَرِّ الظَّهْرَانِ، قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ يَهْبِطُ مِنَ الصَّفْرَاوَاتِ يَنْزِلُ فِي بَطْنِ ذَلِكَ الْمَسِيلِ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ، وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى مَكَّةَ، لَيْسَ بَيْنَ مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ الطَّرِيقِ إِلَاّ رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ. وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْزِلُ بِذِي طُوًى وَيَبِيتُ حَتَّى يُصْبِحَ، يُصَلِّي الصُّبْحَ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ، وَمُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ، لَيْسَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ، وَلَكِنْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَكَمَةٍ غَلِيظَةٍ. وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَقْبَلَ فُرْضَتَيِ الْجَبَلِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَبَلِ الطَّوِيلِ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، فَجَعَلَ الْمَسْجِدَ الَّذِي يُبنِىَ ثَمَّ يَسَارَ الْمَسْجِدِ بِطَرَفِ الأَكَمَةِ، وَمُصَلَّى النَّبِيِّ -صلى الله عليه

ص: 354

وسلم- أَسْفَلَ مِنْهُ عَلَى الأَكَمَةِ السَّوْدَاءِ، تَدَعُ مِنَ الأَكَمَةِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ أَوْ نَحْوَهَا، ثُمَّ تُصَلِّي مُسْتَقْبِلَ الْفُرْضَتَيْنِ مِنَ الْجَبَلِ الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ.

قوله: بذي الحُلَيفة، بضم الحاء المهملة وفتح اللام، الميقات المشهور لأهل المدينة. وقوله: تحت سَمُرة، أي بفتح المهملة وضم الميم، شجرة ذات شوك، وهي التي تعرف بأُم غِيلان. وقوله: من غزو كان في تلك الطريق، أي طريق ذي الحليفة، وكان صفة لغزو، وفي نسخة "وكان" بالواو قبل الكاف، وفي نسخة "غزوة كان" بالهاء، فتذكير الضمير في كان باعتبار تأويلها بسفر. وفي نسخة "غزوة وكان" بتاء التأنيث والواو. وقوله: هبط من بطن واد، هو وادي العقيق، وسقط حرف الجر عند أبي ذرٍّ والوَقت، ولابن عساكر وحده "هبط من ظهر واد" بدل بطن واد.

وقوله: بالبطحاء، أي بالمسيل الواسع المجتمع فيه دقاق الحصى من مسيل الماء. وقوله: شفير الوادي، بفتح الشين المعجمة، أي طرفة. وقوله: الشرقية، صفة للبطحاء، وقوله: فعرَّسَ، بمهملات مع تشديد الراء، والتعريس نزول استراحة لغير إقامة، وأكثر ما يكون في آخر الليل، وخصه بذلك الأصمعيّ، وأطلق أبو زيد. وقوله: ثَمّ حتى يُصبح، بفتح الثاء المثلثة، أي هناك، وبضم أول يُصبح، أي يدخل في الصباح، وهي تامة استغنت بمرفوعها.

وقوله: ولا على أكمة، بالتحريك، الموضع المرتفع على ما حوله، وقيل: هو تل من حجر واحد. وقوله: خليج، بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام، وادٍ له عمق. وقوله: عنده كُثُبْ بضم الكاف والمثلثة جمع كثيب، وهو رمل مجتمع. وقوله: فَدَحا السيلُ فيه، بالحاء المهملة أي دفع، ولأبي ذَرٍّ "فدحا فيه السيل" وفي رواية الإسماعيلي "فدخل" بالخاء المعجمة واللام، وفي بعض الروايات "قد جاء" بالقاف والجيم على أنهما كلمتان: حرف التحقيق، والفعل الماضي من المجيء.

ص: 355

وقوله: حدثه، أي بالإِسناد المذكور إليه. وقوله: حيث المسجُد الصغير، يرفع الصغير صفة للمسجد المرفوع بتقدير هو المسجد؛ لأن حيث لا تضاف إلا إلى الجملة. وفي بعض النسخ "صلى جنب المسجد" بالجيم والنون والباء، والمسجد حينئذ مجرور بالإضافة. وقوله: بشَرَف الروحاء، مرَّ تفسيرها قريبًا، والمسجد هو الأوسط في الوادي المعروف الآن بوادي بني سالم. وقوله: يَعلم، بفتح أوله من العلم، وبضم أوله من أعلم يُعْلِم من العلامة، أو بمثناة فوقية وتشديد اللام مفتوحتين.

وقوله: على حافة الطريق، بتخفيف الفاء، أي جانبه. وقوله: إلى العِرق، بكسر العين وسكون الراء، الجبل الصغير، أو عرق الظبية: الوادي المعروف. وقوله: مُنْصَرف الروحاء، بفتح الراء فيهما أي آخرها. وقوله: انتهاء طرفه، وللكشميهنيّ "انتهى طرفه" بالقصر ورفع طرفه. وقوله: دون المسجد، أي قريب أو تحت. وقوله: وقد ابتُني، بضم المثناة الفوقية مبنيًا للمفعول. وقوله: وراءه، بالنصب على الظرفية بتقدير في، أو الجر عطفًا على سابقه. وقوله: أو من آخر السحر، ما بين الفجر الكاذب والصادق، والفرق بينه وبين قوله: قبل الصبح بساعة، أنه أراد بآخر السحر أقلّ من ساعة، وحينئذ فيغاير اللاحقُ السابقَ.

وقوله: تحت سَرْحَة ضخمة، أي شجرة عظيمة، وهي بفتح السين والحاء بينهما راء ساكنة. وقوله: دون الرَّويثة، بالراء مصغرًا، قرية جامعة بينها وبين المدينة سبعة عشر فرسخًا. وقوله: ووُجاهَ الطريق، بكسر الواو وضمها، أي مقابلها، والهاء خفض عطفًا على يمين، أو نصباً على الظرفية. وقوله: في مكان بَطْحِ، أي بفتح الموحدة وسكون الطاء وكسرها، واسع. وقوله: حتى يفضي، كذا للأكثر، وللمستملي "حين يفضي" وقوله: "دُوَين بَريد الرُّويثة بميلين، أي بينه وبين المكان الذي ينزل فيه البريد بالرويثة ميلان، وقيل: المراد بالبريد سِكة الطريق، ودُوين بضم الدال وفتح الواو مصغرًا، ولابن عساكر، دون الرويثة.

ص: 356

وقوله: فانثنى، بفتح المثلثة، أي انعطف مبنيٌّ للفاعل. وقوله: على ساق، أي كالبنيان، ليست متسعة من أسفل. وقوله: وفي ساقها كثبٌ، بكاف ومثلثة مضمومتين جمع كثيب، وهي تلال الرمال. وقوله: في طرف تَلْعَة، بفتح المثناة وسكون اللام بعدها مهملة، وهي مسيل الماء من فوق إلى أسفل، ويقال أيضًا: لما ارتفع من الأرض ولما انهبط. وقوله: من وراء العَرْج، بفتح العين وسكون الراء بعدها جيم، قرية جامعة، بينها وبين الرويثة ثلاثة عشر، أو أربعة عشر ميلًا.

وقوله: إلى هضبة، بسكون الضاد المعجمة، جبل منبسط على وجه الأرض، أو ما طال واتسع وانفرد من الجبال. وقيل: هي فوق الكثيب في الارتفاع ودون الجبل، وقيل: الأكمة الملساء. وقوله: على القبور رَضْم، بفتح الراء وسكون المهملة، الحجارة الكبار، واحدها رَضْمَة، بسكون الضاد والمعجمة أيضًا في الواحد، وعند الأصيلي رَضَم، بالتحريك. وقوله: عند سَلِمات الطريق، بفتح المهملة وكسر اللام في رواية أبي ذَرٍّ والأصيلي، أي ما يتفرع عن جوانبه. وفي رواية الباقين بفتح اللام، وقيل هي: بالكسر الصخرات، وبالفتح الشجرات يدبغ بورقها الأديم. وقوله: بالهاجرة، نصف النهار عند اشتداد الحر. وقوله: عند سَرَحات، أي بالتحريك جمع سوحة، وهي الشجرة الضخمة.

وقوله: في مسيل دون هَرْشى، المسيل بفتح الميم وكسر المهملة، المكان المنحدر، وهرشَى، بفتح الهاء وسكون الراء بعدها شين معجمة مقصور، جبل على ملتقى طريق المدينة والشام، قريب من الجحفة. وكراع هرشى طوفها. وقوله: غَلْوَة، بفتح الغين المعجمة، غاية بلوغ السهم، أو أمد جري الفرس، وقيل: قدر ثُلُثي ميل. وقوله: مرّ الظهران، بفتح الميم وتشديد الراء في الأولى، وبفتح الظاء المعجمة وسكون الهاء في الأخرى، وهو الوادي الذي تسميه العامة الآن بطن مَرْو، بإسكان الراء بعدها واو. قال البكريّ: بينه وبين مكة ستة عشر ميلًا. قيل: سمي بذلك لأن في بطن الوادي كتابة بعرق من الأرض أبيض هجاء

ص: 357

"م ر" الميم منفصلة عن الراء، وقيل سمي بذلك لمرارة مائة.

وقوله: قِبَل المدينة، بكسر القاف وفتح الموحدة، أي مقابل. وقوله: من الصفراوات، بفتح المهملة وسكون الفاء، جمع صفراء، وهي الأودية أو الجبال التي بعد مَر الظهران. وقوله: ينزل، بالمثناة التحتية أو"تنزل" بتاء الخطاب، ليوافق قوله: وأنت ذاهب. وقوله: بذي طُوَى، بضم الطاء، موضع بمكة. وللحمويّ والمستمليّ "بذي الطِّوى" بزيادة التعريف وبكسر الطاء. وحكى عياض الفتح أيضًا. وقوله: فُرْضَتي الجبل، بضم الفاء وسكون الراء بعدها ضاد معجمة، مدخل الطريق إلى الجبل. وقيل الشق المرتفع كالشرافة. ويقال أيضًا لمدخل النهر. وقوله: أسفلَ منه، بالنصب على الظرفية، أو بالرفع خبر مبتدأ محذوف.

فقد عرف من صنيع ابن عمر استحباب تتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم، والتبرك بها، وقد قال البغويّ من الشافعية: إن المساجد التي ثبت أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم صلى فيها، لو نذر أحد الصلاة فيها، تعين كما تتعين المساجد الثلاثة، وقال أشهب من المالكية: لا يعجبني ذلك إلا في قباء، لأنه عليه الصلاة والسلام كان يأتيه راكبًا وماشيًا، ولم يفعل ذلك في تلك الأمكنة، وما فعله ابن عمر، مع ما عُلِم من تشدده في الاتِّباع، لا يعارض ما ثبت عن أبيه، من أنه رأى الناس في سفر يتبادرون إلى مكان، فسأل عن ذلك، فقالوا: قد صلّى فيه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فقال: من عرضت له الصلاة فليصل، وإلا فليمضِ، فإنَّما أهلك أهل الكتاب أنهم كانوا يتتبعون آثار أنبيائهم، فاتخذوها كنائس وبِيَعًا، لأن ذلك من عمر محمول على أنه كره زيارتهم لمثل ذلك بغير صلاة، أو خشي أن يشكل ذلك على من لا يعرف حقيقة الأمر فيظنه واجبًا، وكلا الأمرين مأمون من ابن عمر، وقد تقدم حديث عتبان، وسؤاله النبيَّ صلى الله تعالى عليه وسلم أن يصلي له في بيته ليتخذه مسجدًا، وأجابةُ النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إلى ذلك، فهو حجة قوية في التبرك بآثار الصالحين، ولم تزل المسلمون من لدن عصر الصحابة إلى الآن،

ص: 358

يتبركون بآثار الصالحين، لم يخالف في ذلك إلا الخوارج دمرهم الله.

وقد قال العلماء: إن في فعل ابن عمر، ونهي أبيه رضي الله تعالى عنهما، فائدة جليلة في الدين، ففي فعل ابن عمر اقتفاء آثاره عليه الصلاة والسلام، والتبرك، والتعظيم له. وفي نهي عمر الاحتياط في السلامة من الابتداع لمن يُخشى منه ذلك، ثم إن هذه المساجد المذكورة لا يعرف منها الآن غير مسجد ذي الحُليفة، والمساجد التي بالروحاء يعرفها أهل تلك الناحية. وقد ذكر البخاريّ المساجد التي كانت بالمدينة، لأنه لم يقع له إسناد في ذلك على شرطه.

وقد ذكر عمر بن شبّة في أخبار المدينة المساجد والأماكن التي صلى فيها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بالمدينة مستوعبًا. ورُوي عن أبي غسان عن غير واحد من أهل العلم أن كل مسجد بالمدينة ونواحيها مبنيّ بالحجارة المنقوشة المطابقة، فقد صلى فيه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وذلك أن عمر بن عبد العزيز حين بني مسجد المدينة سأل الناس، وهم يومئذ متوافرون، عن ذلك، ثم بناها بالحجارة المنقوشة المطابقة. قلت: في هذا حجة قوية على التبرك بآثار الصالحين، لصدوره من خامس الخلفاء عمر بن عبد العزيز، لم يوجد أحد في زمنه مثله في اتباع السنة، كما شهد له بذلك إجماع المسلمين وعدم إنكار أحد من التابعين وأتباعهم المتوافرين يومئذ كذلك، فصار إجماعًا، ولا يحتمل أن يقصد بفعله إلا بقاء الآثار معلومة ليتبرك بها.

وقد عين عمر بن شبة منها كثيرًا، لكن أكثره في هذا الوقت قد اندثر، وبقي من المشهورة الآن مسجد قباء، ومسجد الفضيخ، وهو شرقيّ قُباء، ومسجد بني قُريظة، ومَشْرَبة أم إبراهيم، وهي شمال مسجد قريظة، ومسجد بني ظَفَر شرقيّ البَقيع، ويعرف بمسجد البَغْلة، ومسجد بني معاوية، ويعرف بمسجد الإجابة، ومسجد الفتح، قريب من سَلْع، ومسجد القِبلتين في بني سَلِمة.

قال في الفتح: وفائدة معرفة ذلك ما تقدم عن البغويّ، وقد اشتمل حديث المساجد بهذا السياق الذي أخرجه البخاري على تسعة مساجد أخرجها الحسن

ص: 359