الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حديث أبي هريرة عند البخاريّ ومسلم وأبي داود والنَّسائيّ في قصة ثُمامة المختصرة هنا، ففيها، عند الجميع، أن النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم "مرَّ عليه في اليوم الأول وهو مربوط فقال له: ماذا عندك يا ثمامة؟ فقال: عندي خيرٌ يا محمد، إنْ تقتلني تَقْتُلْ ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال، فسل منه ما شئت، فتركه حتى كان الغد فقال: ما قلت لك: إنْ تُنعمْ تُنعمْ على شاكر؟ فتركه حتى كان الغد، فقال: "ما عندك؟ فقال: عندي ما قلت لك. فقال: أطلقوا ثُمامة، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله
…
" الحديث، فهذا صريح في أن إطلاقه كان قبل إسلامه، والاعتماد عليه أوْلى من الاعتماد على ما قاله العينى، ويأتي تمام الكلام على هذا الحديث عند ذكره تامًا.
رجاله أربعة:
وفيه ذكر ثمامة بن أُثال.
الأول: عبد الله بن يوسف، وقد مرَّ في الثاني من بدء الوحي، ومرَّ الليث بن سعد في الثالث منه، ومرَّ سعيد بن أبي سعيد المَقْبَرِيَّ في الثاني والثلاثين من الإيمان، ومرَّ أبو هريرة في الثاني منه.
السادس: ثمامة بن أُثال بن النعمان بن سَلَمة بن عتيبة بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدُؤل بن حنيفة الحنفيّ، أبو أُمامة اليماميّ، حديثه هو هذا المذكور في البخاريّ، وروى ابن إسحاق أنّ ثمامة كان عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد قتله، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمكنه منه، فقد روى عمارة بن غَزِيّة، من طريق أبي هريرة، قال:"خرج ثُمامة بن أُثال الحنفيّ معتمرًا فظفرتْ به خيلٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم بنجد، فجاءوا به، فأصبح مربوطًا بأسطوانة عند باب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرآه فعوفه ثم قال له: ما تقول يا ثُمامَ. قال: إن تسألْ مالًا تُعْطَه، وإن تَقْتُل تَقتُلْ ذا دم، وإن تنعم تنعمْ على شاكر، فمضى عنه وهو يقول: "اللهم إنّ أكلة من لحم
جزور أحب إليّ من دم ثمامة، ثم أكثر عليه بعد ذلك، وقال لَه مثل قوله أولًا، والنبي يقول مثل قوله، ثم كر عليه في الثالثة، وأجاب بمثل ما أجاب به أولًا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول مثل قوله، ثم أمر به، فأطلق، ثم ذهب إلى المصانع فغسل ثيابه واغتسل، ثم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم، وشهد شهادة الحق، وقال: يا رسول الله، إن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فمر من يسيرني إلى الطريق، فأمر من يُسَيِّره، فخرج حتى قدم مكة.
فلما سمع به المشركون جاءوه فقالوا: يا ثُمامة، صَبَوْت وتركَت دين آبائك، فقال: لا أدري ما تقولون، إلا أني أقسمت برب هذه البنية لا يصل إليكم من اليمامة شيء مما تنتفعون به، حتى تتبعوا محمدًا عن آخركم، وكان مِيرة قريش ومنافعهم من اليمامة، ثم خرج فحبس عنهم ما كان يأتيهم منها من مِيرتهم ومنافعهم، فلما أضَرَّ بهم كتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم "أن عهدنا بك وأنت تأمر بصلة الرحم، وتحض عليها، وإن ثمامة قد قطع مِيرتنا وأَضَرَّ بنا فإنْ رأيت أن تكتب إليه أن يخلي بيننا وبين مِيرتنا، فافعل، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن خلِّ بين قومي وبين ميرتهم.
وكان ثُمامة حين أسلم قال: "يا رسول الله، لقد قدمت عليكَ وما على وجه الأرض وجه أبغض إليّ من وجهك، ولا دين أبغض إليّ من دينك، ولا بلد أبغض إليّ من بلدك، وما أصبح على الأرض وجه أحب إليّ من وجهك، ولا دين أحب إلى من دينك، ولا بلد أحب إليّ من بلدك". وقال محمد بن إسحاق: ارتد أهل اليمامة عن الإِسلام غير ثمامة بن أُثال ومن تبعه من قومه، فكان مقيمًا باليمامة ينهاهم عن اتّباع مُسَيْلمة وتصديقه، ويقول: إياكم وأمرا مظلمًا لا نور فيه، وإنه لشقاء كتبه الله عز وجل على من أخذ به منكم، وبلاء على من لم يأخذ به منكم يا بني حنيفة. فلما عَصَوْه ورأى أنهم قد أصفقوا على اتباع مسيلمة، عزم على مفارقتهم، ومر العلاء بن الحضرميّ ومن معه على جانبهم، فلما بلغه ذلك قال لأصحابه من المسلمين: إني والله ما أرى أنْ أُقيم مع هؤلاء بعدما قد أحدثوا، وإن الله تعالى لَضَارِبُهم ببلية لا يقومون بها ولا