الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاعتذارات التي لا تدفع سؤال: ما الحكمة في الاقتصار على ذلك؟ وقد بلغ بعض المتأخرين الفوائد من حديث بَريرة إلى أربع مئة أكثرها مستبعد متكلف، كما وقع نظير ذلك للذي صنف في الكلام على حديث المُجامع في رمضان، فبلغ به ألف فائدة وفائدة، وقد لخصت فيه ما ذكره في فتح الباري متفرقًا تلخيصًا لم يبق مما ذكره مسألة إلا إيضاح ألفاظ مذكورة في متون الأحاديث.
رجاله خمسة:
الأول: علي بن المَدِينيّ، وقد مرَّ في الرابع عشر من كتاب العلم، ومرَّ سفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد الأنصاري في الأول من بدء الوحي، ومرت عائشة في الثاني منه.
الخامس: عمرة بنت عبد الرحمن، وقد مرت في الثاني والثلاثين من الحيض.
لطائف إسناده:
فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين، وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع، ورواته ما بين مدنيّ ومكيّ، وفيه رواية التابعيّ عن التابعية عن الصحابية. أخرجه البخاريّ في مواضع عديدة، في الزكاة في باب الصدقة على موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي العتق والمكاتب والهبة والبيوع والفرائض والطلاق والشروط والأطعمة وكفارة الأيمان، ومسلم مطولًا ومختصراً، وأبو داود في العتق، والترمذيّ في الوصايا، والنَّسائيّ في البيوع والعتق والشروط، وابن ماجه في العتق.
وفي متن الحديث ذكر بَريرة وهي بنت صَفوَان، مولاة عائشة، كانت لعتبة بن أبي لهب، وقيل لبعض بني هلال، فكاتبوها ثم باعوها، فاشترتها عائشة، وجاء الحديث في شأنها بأن الولاء لمن أعتق، وعتقت تحت زوجها، فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت سنة، وكانت تخدم عائشة قبل أن تشتريها، وقصتها في ذلك في الصحيحين، وفيهما عن عائشة "كانت في بريرة
ثلاث سنن
…
" الحديث، وفيها الولاء لمن أعتق.
قال ابن حجر: وقد جمع بعض الأئمة فوائد هذا الحديث فزادت على ثلاث مئة ولخصتها في فتح الباري، وروى عبد الخالق بن يزيد بن واقد عن أبيه أن عبد الملك بن مروان قال: كنت أجالس بَريرة بالمدينة، وكانت تقول: يا عبد الملك، إني أرى فيك خصالًا، وإنك لخليق أن تلي هذا الأمر، فإن وليته فاحذر الدماء، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الرجل ليدفع عن باب الجنة بعد أن يَنْظر إليه بملء محجمة من دَم يريقه من مُسلم بغير حق.
عاشت إلى زمن يزيد بن معاوية، واختلف في زوجها هل كان حرًا أم عبدًا، ففي نقل أهل المدينة أنه كان عبدًا يسمى مُغيثًا، وفي نقل أهل العراق أنه كان حرًا.
ثم قال: ورواه مالك عن يحيى عن عمرة أن بريرة، ولم يذكر "فصعد المنبر". وهذا التعليق وصله في باب المكاتب وصورة سياقه الإرسال، ومالك قد مرَّ في الثاني من بدء الوحي، ومر يحيى بن سعيد الأنصاري في الأول منه، ومرَّ محل عمرة في الذي قبله.
ثم قال: قال علي عن يحيى وعبد الوهاب عن يحيى عن عمرة نحوه. قوله: عن عمرة نحو، يعني نحو رواية مالك، وقد وصله الإسماعيليّ عن محمد بن بشار عن يحيى القطان وعبد الوهاب، كلاهما عن يحيى بن سعيد. قال: أخبرتني عمرة أن بَريرة
…
، فذكره، وليس فيه ذكر المنبر أيضًا، وصورته الإرسال، لكن قال في آخره: فزعمت عائشة أنها ذكرت ذلك للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فذكر الحديث، فظهر بذلك اتصاله، والحاصل أن عليّ بن عبد الله حدث البخاريّ عن أربعة أنفس، حدثه كل منهم عن يحيى بن سعيد الأنصاريّ، وإنما أفرد رواية سفيان لمطابقتها للترجمة بذكر المنبر فيها، ويؤيد ذلك أن التعليق عن مالك متأخر في رواية كريمة عن طريق جعفر بن عون.