الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شيئًا، والدرن بالتحريك الوسخ، وقد يطلق على الحَبّ الصغار التي تحصل في بعض الأجساد. وقوله:"لا يُبقي"، بضم أوله أيضًا، وشيئًا منصوب على المفعولية، ولمسلم:"لا يَبقى" بفتح أوله، وشيءٌ بالرفع على الفاعلية.
وقوله: "فذلك مثل الصلوات"، الفاء في قوله "فذلك" جواب شيء محذوف، أي: إذا تقرر ذلك عندكم فهو مثل الصلوات، إلخ، وفائدة التمثيل التأكيد وجعل المفعول كالمحسوس. قال الطيبيّ: في هذا الحديث مبالغة في نفي الذنوب، لأنهم لم يقتصروا في الجواب على لا، بل أعادوا اللفظ تأكيدًا، وقال ابن العربيّ: وجه التمثيل أن المرء كما يتدنس بالأقذار المحسوسة في بدنه وثيابه، ويطهره الماء الكثير، فكذلك الصلوات تطهير العبد من أقذار الذنوب، حتى لا تُبقي له ذنبًا إلا أسقطته. وظاهره أن المراد بالخطايا في الحديث ما هو أعم من الصغيرة والكبيرة، لكن قال ابن بطال: يؤخذ من الحديث أن المراد الصغائر خاصة؛ لأنه شبه الخطايا بالدرن، والدرن صغير بالنسبة إلى ما هو أكبر من القروح والخُرَّاجات، وهذا مبنيٌّ على أن المراد بالدرن في الحديث الحَبّ، والظاهر أن المراد به الوسخ؛ لأنه هو يناسبه الاغتسال والتنظيف.
وقد جاء من حديث أبي سعيد الخُدري التصريح بذلك، وهو ما أخرجه البزار والطبراني بإسناد لا بأس به عن عطاء بن يسار، أنه سمع أبا سعيد الخدريّ يحدث أنه سمع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، يقول: "أرأيت لو أن رجلًا كان له مُعْتَمل، وبين منزله ومعتمله خمسة أنهار، فإذا انطلق إلى معتمله عمل ما شاء الله، فأصابه وسخ أو عرق، فكلما مرَّ بنهر اغتسل منه
…
الحديث. ولهذا قال القرطبي: ظاهر الحديث أن الصلوات الخمس تستقل بتكفير الذنوب، وهو مشكل، لكن روى مسلم قبله حديث العلاء عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا:"الصلوات الخمس كفّارة لما بينها ما اجتنبت الكبائر" إلى آخر ما مرَّ مستوفى في باب "قيام ليلة القدر" من كتاب الإيمان.
رجاله سبعة:
الأول: إبراهيم بن حمزة، وقد مرَّ في الرابع والأربعين من الإيمان، ومرَّ
عبد العزيز بن أبي حازم في الخامس، ومرّ أبو هريرة في الثاني من الإيمان.
الخامس من السند: عبد العزيز بن محمد بن عبيد بن أبي عبيد الدراوَرْدِيّ، أبو محمد، مولى جُهينة. قال مصعب الزبيريّ: كان مالك يوثق الدراورديّ. وقال أحمد بن حنبل: كان معروفًا بالطلب، وإذا حدث من كتابه فهو صحيح، وإذا حدث من كتب الناس وَهِم. وكان يقرأ من كتبهم فيخطىء، وربما قلب حديث عبد الله بن عمر يرويه عن عُبيد الله بن عمر. وقال ابن مَعين: الدراورديّ أثبت من فليح، وابن أبي الزناد، وابن أبي أويس. وقال مرة: ليس به بأس. وقال مرة: ثقة حجة. وقال أبو زرعة: سيىء الحفظ، وربما حدث من حفظه الشيء فيخطىء، وسئل أبو حاتم عن يوسف بن الماجشون والدراوردي، فقال: عبد العزيز محدث، ويوسف شيخ. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال مرة: ليس به بأس، وحديثه عن عُبيد الله بن عمر منكر.
وقال ابن سعد: ولد بالمدينة ونشأ بها، وسمع بها العلم والأحاديث حتى توفي، وكان ثقة كثير الحديث، يغلط. وقال العجليّ: هذا ثقة. وقال الساجي: كان من أهل الصدق والأمانة، إلا أنه كثير الوهم. وقال أحمد: حاتم بن إسماعيل أحب إلى منه. وقال عمرو بن علي: حدث عنه ابن مهدي حديثًا واحدًا. وقال عياش بن المغيرة بن عبد الرحمن: جاء الدراورديّ إلى أبي يعرض عليه الحديث، فجعل يلحن لحنًا منكرًا، فقال له أبي: ويحك، إنك كنت إلى لسانك أحوج منك إلى هذا.
قال ابن حجر في مقدمته: روى له البخاري حديثين، قرنه فيهما بعبد العزيز بن أبي حازم وغيره، وأحاديث يسيره أفرده، ولكنه أورده بصيغة التعليق في المتابعات، واحتج به الباقون. روى عن زيد بن أسلم وهشام بن عروة وربيعة وسعد بن سعيد الأنصاري وغيرهم. وروى عنه شعبة والثوري، وهما أكبر منه، وابن إسحاق، وهو من شيوخه، والشافعي وغيرهم. مات سنة سبع وثمانين ومئة. والدراورديّ نسبة إلى قرية بخراسان، وقيل: نسبة إلى دراب جرو بكسر الجيم، موضع، على غير قياس، وقياسه درابي أو جروي، والأول أكثر.
السادس: يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي الليثيّ، أبو عبد الله المدني. قال أحمد: لا أعلم به بأسًا. وقال ابن مَعين والنَّسائيّ: ثقة. وقال ابن أبي حازم عن أبيه: ابن الهاد أحب إليّ من عبد الرحمن بن الحارث ومحمد بن عمر بن علقمة، وهو ومحمد بن عجلان متساويان، وهو في نفسه ثقة. وذكره ابن حِبّان في "الثقات". وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث. وقال يعقوب بن سفيان: مدنيّ ثقة حسن الحديث، يروي عن الصغار والكبار.
وقال العجليّ: مدنيّ ثقة. روى عن ثعلبة بن أبي مالك القُرَظيّ، وله رؤية، وعمير مولى آبي اللحم وله صحبة، والصحيح أن بينهما محمد بن إبراهيم التيميّ، وعبد الله بن خَبّاب، وعبد الله بن دينار ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم. وروى عنه شيخه يحيى بن سعيد الأنصاريّ وإبراهيم بن سعيد ومالك وعبد العزيز الدراورديّ وحَيْوة بن شريح وغيرهم. توفي بالمدينة سنة تسع وثلاثين ومئة.
السابع: محمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد بن صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مُرّة القرشيّ التيميّ، أبو عبد الله المدنيّ، كان جده الحارث من المهاجرين الأولين. قال ابن مَعين وأبو حاتم والنَّسائيّ وابن خراش: ثقة، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث. وقال يعقوب بن شَيْبة: كان ثقة. وقال أحمد: في حديثه شيء، يروي أحاديث مناكير أو منكرة. قال ابن حَجَر: المنكر أطلقه أحمد وجماعة على الحديث الفرد الذي لا متابع له، فيحمل هذا على ذلك. وقد احتج به الجماعة.
روى عن أبي سعيد الخُدريّ، ورأى سعد بن أبي وقّاص، وروى عن أنس وجابر وعائشة وبسر بن سعيد وعطاء بن يسار وغيرهم. وروى عنه ابنه موسى ويحيى وعبد ربه وسعد بنو سعيد الأنصاري، وهشام بن عروة، والأوزاعي وغيرهم. مات سنة عشرين ومئة، وفي الستة محمد بن إبراهيم جماعة.
فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع، وبالإفراد في موضع، والعنعنة في