الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخذ بمفهومه من قال بقتل تارك الصلاة، وقد مرّ استيفاء الكلام عليه في كتاب الإيمان، في باب "فإن تابوا" .. الخ. وأخذ منه أن أمور الناس محمولة على الظاهر، فمن أظهر شعار الدين أجريت عليه أحكام أهله، ما لم يظهر منه خلاف ذلك، وأخذ منه اشتراط استقبال عين الكعبة لمن كان بمكة من قادر عليه، فلا تصح الصلاة بدونه اجماعًا، بخلاف العاجز عنه، كمريض لا يجد من يوجهه إلى القبلة، ومربوط على خشبة فيصلي على حاله. وقالت الشافعية: إنه يعيد، والمعتبر استقبالها بجميع البدن، بحيث لو خرجت منه جارحة عنها بطلت صلاته. ومن ليس بمكة ممن لا يمكنه استقبال عين الكعبة، يجب عليه استقبال جهتها لا عينها عند غير الشافعية من الأئمة الثلاثة، وعند الشافعية يجب استقبال عين الكعبة ظنًا لمن بغير مكة، ويقينًا لمن بمكة، ووافقهم من الحنفية الجرجانيّ شيخ القُدُوريّ، ولا يشترط الاستقبال في شدة الخوف ونفل السفر.
رجاله خمسة:
الأول: عمرو بن عباس الباهليّ، أبو عثمان البصريّ، الأهوازيّ الرُّزيّ، ذكره ابن حبّان في الثقات، وقال: ربما خالف. وفي الزُّهرة روى عنه البخاري أربعة عشر حديثًا، روى عن ابن عُيينة وغندر وابن مهدي ويزيد بن هارون وغيرهم. وروى عنه البخاريّ ومحمد بن عمرو بن جبلة، ومات قبله، وعباس العنبريّ وحرب الكرمانيّ وغيرهم. مات في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ومئتين، والرُّزيّ في نسبه، بضم الراء وتشديد الزاي، لعله نسبة إلى بيع الرّز، لغة في الأَرُزّ، وهو الحب المعروف، كما ينسب إليه ثابت بن محمد الأَرُزيّ، ويقال له الرُّزِّيُّ أيضًا، محدث، والأهوازيّ نسبة إلى الأهواز، وهي سبع أو تسع كور بين البصرة وفارس، لكل كورة منها اسم، وتجمعها الأهواز، ولا تفرد واحدة منها بهوز، افتتحها أبو موسى الأشعري في زمن عمر، رضي الله تعالى عنهما، وهي رامهرمز، وعسكر مكرم، وتستر، وجَند نَيْسابُور، ونسوس وسرق كسكر ونهرتيري، بالكسر، وإيذج ومُناذر.
الثاني: عبد الرحمن بن مهدي بن حسان بن عبد الرحمن العنبريّ، وقيل
الأَزدي، مولاهم، أبو سعيد البصريّ اللؤلؤيّ الحافظ الإِمام العَلَم. ذكره ابن حِبّان في الثقات، وقال: كان من الحفاظ المتقنين، وأهل الورع في الدين، ممن حفظ وجمع وتفقه، وصنف وحدث، وأبى الرواية إلا عن الثقات. وقال الخليليّ: هو إمام بلا مدافعة، ومات الثوريّ في داره. وقال الشافعي: لا أعرف له نظيرًا في الدنيا.
وقال علي بن المَدينيّ: إذا اجتمع يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي على ترك رجل لم أُحَدِّث عنه، فإذا اختلفا أخذت بقول عبد الرحمن؛ لأنه أقصدهما، وكان في يد يحيى تشدُّد. وقال أيضًا: كان عبد الرحمن بن مهدي أعلم الناس، قالها مرارا. وقال أيضًا: لو حلفت بين الركن والمقام، لحلفت بالله أني لم أر أحدًا قط أعلم بالحديث من عبد الرحمن بن مهدي. وقال أيضًا: كان يحيى بن سعيد أعلم بالرجال، وكان عبد الرحمن أعلم بالحديث، وما شبهت عِلم عبد الرحمن بالحديث إلا بالسِّحر. وقال أيضًا: أعلم الناس بالحديث عبد الرحمن بن مهدي. قال: وكان يعرف حديثه من حديث غيره، وكان يذكر له الحديث عن الرجل فيقول خطأ، ثم يقول: ينبغي أن يكون أتى هذا الشيخ عن حديث كذا من وجه كذا، فيوجد كما قال. وقال أيضًا: كان وِرده كل ليلة نصف القرآن. وقال أبو حاتم: هو أثبت أصحاب حماد بن زيد، وهو إمام ثقة أثبت من يحيى بن سعيد، وأتقن من وكيع، وكان يعرض حديثه على الثوريّ، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، وقال محمد بن عثمان بن أبي صفوان عن ابن مهدي: كتب عني الحديث وأنا في حلقة مالك، وسأل صدقةُ بن المفضل يحيى بن سعيد عن حديث فقال له: الزم عبد الرحمن بن مهدي. وقال أبو الربيع الزّهرانيّ: ما رأيت مثل عبد الرحمن، وأوصف منه بصيرًا بالحديث.
وقال العجليّ: قال له رجل: أيما أحب إليك: يغفر الله لك ذنبًا أو تحفظ حديثًا؟ قال أحفظ حديثًا، وسُئل عنه أحمد بن حنبل أكان كثير الحديث؟ فقال: قد سمع ولم يكن بذلك الكثير جدًا، لكن الغالب عليه حديث سفيان، وكان يشتهي أن يسال عن غيره من كثرة ما يسأل عنه، فقيل له: كان يتفقه. قال: كال أوسع فيه من يحيى بن سعيد، كان يميل إلى قول الكوفيين، وكان عبد الرحمن
يذهب إلى بعض مذاهب أهل الحديث، وإلى رأي المدنيين. وذكر له عن إنسان أنه يُحكى عن ابن مهدي القدر، قال: أو يحل له أن يقول هذا هو سمع هذا منه، ثم قال يحيى إلى إمام من أئمة المسلمين يتكلم فيه. وقيل له: كان عبد الرحمن حافظًا؟ فقال: كان حافظًا يتوقى كثيرًا، كان يحب أن يحدث باللفظ. وقال أيضًا: ما رأيت بالبصرة مثل يحيى بن سعيد، وبعده عبد الرحمن، أفقه الرجلين. وقال أيضًا: إذا اختلف وكيع وعبد الرحمن فعبد الرحمن أثبت، لأنه أقرب عهدًا بالكتاب. وقال أيضًا: كان عبد الرحمن أكثر عددًا لشيوخ سفيان من وكيع، وروى وكيع عن خمسين شيخًا لم يرو عنهم عبد الرحمن. قيل له: فأبو نعيم؟ قال: أين يقع من هؤلاء؟ وقال أيضًا: إذا حدّث عبد الرحمن عن رجل فهو حجة.
روى عن أيمن بن نابل، ومالك وشعبة، والسفيانين والحمادين، وهمام بن يحيى وخلق. وروى اعن ابن المبارك، وهو من شيوخه، وابن وهب، وهو أكبر منه، وأحمد وعليّ ويحيى بن معين، ويحيى بن يحيى وبندار وغيرهم. مات في جمادى الآخرة سنة ثمان وتسعين ومئة، وليس في الستة عبد الرحمن بن مهدي سواه. وإما عبد الرحمن فكثير.
الثالث: منصور بن سعد البصريّ، صاحب اللؤلؤ، قال ابن مَعين: شيخ. وقال ابن المدينيّ: شيخ بصريّ صاحب لؤلؤ، لم يكن به بأس. وقال النَّسائيّ: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات. له في الكتابين حديثه عن ميمون عن أنس "من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا
…
" الحديث. روى عن ميمون ابن سِيَاه، وبديل بن ميسرة، وثابت البُنَانيّ، وعبّاد بن كثير وغيرهم. وروى عنه ابن مهدي، ومُعَلّى بن منصور الرازيّ، وأبو سلمة موسى بن إسماعيل وغيرهم. ولبس في الستة منصور بن سعد سواه، وأما منصور فكثير.
الرابع: ميمون بن سِياه، بكسر السين وتخفيف الياء ثم ألف ثم هاء ساكنة، ومعناه بالفارسية الأسود، البصريّ كنيته أبو بحر. قال يحيى بن مَعين: ضعيف. وقال أبو حاتم: ثقة. وقال أبو داود: ليس بذاك، وقال سلام بن