الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والترمذي، (1).
ومما يدل على ثقلها في الميزان أيضا ما رواه الترمذي وحسنه والنسائي والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، عن عبد الله بن عمرو: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يصاح برجل من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة، فينشر له تسعة وتسعون سجلا كل سجل منها مد البصر، ثم يقال: أتنكر من هذا شيئا؟ فيقول: لا يا رب، فيقال: ألك عذر أو حسنة؟ فيهاب الرجل فيقول: لا. فيقال: بلى إن لك عندنا حسنة، وإنه لا ظلم عليك. فيخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فيقول: يا رب، ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقال: إنك لا تظلم. فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة (2)» .
ولهذه الكلمة العظيمة فضائل كثيرة ذكر جملة منها الحافظ ابن رجب في رسالته المسماة (كلمة الإخلاص) واستدل لكل فضيلة، ومنها: أنها ثمن الجنة، ومن كانت آخر كلامه دخل الجنة، وهي نجاة من النار، وهي توجب المغفرة، وهي أحسن الحسنات، وهي تمحو الذنوب، وهي تخرق الحجب حتى تصل إلى الله عز وجل، وهي الكلمة التي يصدق الله قائلها، وهي أفضل ما قاله النبيون، وهي أفضل الذكر، وهي أفضل الأعمال وأكثرها تضعيفا، وتعدل عتق الرقاب، وتكون حرزا من الشيطان، وهي أمان من وحشة القبر وهول الحشر، وهي شعار المؤمنين إذا قاموا من قبورهم، ومن فضائلها أنها تفتح لقائلها أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء، ومن فضائلها أن أهلها وإن دخلوا النار بتقصيرهم في حقوقها فإنهم لا بد أن يخرجوا منها، هذه عناوين الفضائل التي ذكرها ابن رجب في رسالته واستدل لكل واحد منها (3).
(1) الترمذي في الدعوات رقم (3579)
(2)
رواه الترمذي رقم (2641) في الإيمان، والحاكم (1/ 5 - 6)، وغيرهما.
(3)
كلمة الإخلاص لابن رجب ص (54 - 66).
3 -
إعرابها وأركانها وشروطها:
إذا كان فهم المعنى يتوقف على معرفة إعراب الجمل- فإن العلماء رحمهم الله قد اهتموا بإعراب لا إله إلا الله - فقالوا إن (لا) نافية للجنس و (إله) اسمها مبني معها على الفتح، وخبرها محذوف تقديره (حق)، أي لا إله حق، وإلا الله استثناء من الخبر
المرفوع، و (الإله) معناه: المألوه بالعبادة- وهو الذي تألهه القلوب وتقصده رغبة إليه في حصول نفع أو دفع ضرر.
وأما أركان لا إله إلا الله: -
فلها ركنان:
الركن الأول: النفي، والركن الثاني: الإثبات.
والمراد بالنفي نفي الإلهية عما سوى الله تعالى من سائر المخلوقات.
والمراد بالإثبات إثبات الإلهية لله سبحانه، فهو الإله الحق- وما سواه من الآلهة التي اتخذها المشركون فكلها باطلة، {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (1).
قال الإمام ابن القيم: فدلالة لا إله إلا الله على إثبات إلهيته أعظم من دلالة قوله:
الله إله- وهذا لأن قول: (الله إله) لا ينفي إلهية ما سواه، بخلاف قول لا إله إلا الله فإنه يقتضي حصر الألوهية ونفيها عما سواه، وقد غلط غلطا فاحشا من فسر الإله بأنه القادر على الاختراع.
قال الشيخ سليمان بن عبد الله في شرح كتاب التوحيد: فإن قيل قد تبين معنى الإله والإلهية فما الجواب عن قول من قال بأن معنى الإله القادر على الاختراع ونحو هذه العبارة؟ قيل: الجواب من وجهين، أحدهما: أن هذا قول مبتدع لا يعرف أحد قاله من العلماء ولا من أئمة اللغة وكلام العلماء وأئمة اللغة هو معنى ما ذكرنا كما تقدم فيكون هذا القول باطلا. الثاني: على تقدير تسليمه فهو تفسير باللازم للإله الحق، فإن اللازم أن يكون خالقا قادرا على الاختراع، ومتى لم يكن كذلك فليس بإله حق وإن سمي إلها، وليس مراده أن من عرف أن الإله هو القادر على الاختراع فقد دخل في الإسلام وأتى بتحقيق المرام من مفتاح دار السلام فإن هذا لا يقوله أحد، لأنه يستلزم أن يكون كفار العرب مسلمين ولو قدر أن بعض المتأخرين أراد ذلك فهو مخطئ يرد عليه بالدلائل السمعية والعقلية (2).
(1) سورة الحج الآية 62
(2)
تيسير العزيز الحميد ص (80).