الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما شروط لا إله إلا الله: -
فإنها لا تنفع قائلها- إلا بسبعة شروط: -
الأول: العلم بمعناها نفيا وإثباتا.
الثاني: اليقين، وهو كمال العلم بها المنافي للشك والريب.
الثالث: الإخلاص المنافي للشرك.
الرابع: الصدق المانع من النفاق.
الخامس: المحبة لهذه الكلمة ولما دلت عليه والسرور بذلك.
السادس: الانقياد بأداء حقوقها وهي الأعمال الواجبة إخلاصا لله وطلبا لمرضاته. . السابع: القبول المنافي للرد (1) وهذه الشروط قد استنبطها العلماء من نصوص الكتاب والسنة التي جاءت بخصوص هذه الكلمة العظيمة وبيان حقوقها وقيودها.
(1) فتح المجيد ص (91).
4 -
معنى هذه الكلمة ومقتضاها:
معنى لا إله إلا الله: لا معبود بحق إلا إله واحد، وهو الله وحده لا شريك له، فتضمنت هذه الكلمة العظيمة أن ما سوى الله من سائر المعبودات ليس بإله حق وأنه باطل.
ولهذا كثيرا ما يرد الأمر بعبادة الله مقرونا بنفي عبادة ما سواه؛ لأن عبادة الله لا تصح مع إشراك غيره معه قال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (1) وقال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (2) وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (3)، وقال صلى الله عليه وسلم:«من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه (4)» الحديث.
(1) سورة النساء الآية 36
(2)
سورة البقرة الآية 256
(3)
سورة النحل الآية 36
(4)
رواه مسلم في الإيمان.
وكان كل رسول يقول لقومه: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (1) إلى غير ذلك من الأدلة، قال الإمام ابن رجب رحمه الله: وتحقيق هذا المعنى وإيضاحه أن قول العبد: لا إله إلا الله، يقتضي أن لا إله له غير الله، والإله هو الذي يطاع فلا يعصى هيبة له وإجلالا، ومحبة وخوفا ورجاء وتوكلا عليه وسؤالا منه ودعاء له، ولا يصلح ذلك كله إلا لله عز وجل.
ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم لكفار قريش: قولوا: لا إله إلا الله قالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (2) ففهموا من هذه الكلمة أنها تبطل عبادة الأصنام كلها وتحصر العبادة لله وحده، وهم لا يريدون ذلك، فتبين بهذا المعنى أن معنى لا إله إلا الله ومقتضاها إفراد الله بالعبادة وترك عبادة ما سواه، فإذا قال العبد: لا إله إلا الله، فقد أعلن وجوب إفراد الله بالعبادة وبطلان عبادة ما سواه من الأصنام والقبور والأولياء والصالحين، وبهذا يبطل ما يعتقده عباد القبور اليوم وأشباههم من أن معنى لا إله إلا الله هو الإقرار بأن الله موجود، أو أنه هو الخالق القادر على الاختراع، وأشباه ذلك، أو أن معناها لا حاكمية إلا لله ويظنون أن من اعتقد ذلك وفسر به لا إله إلا الله فقد حقق التوحيد المطلق ولو فعل ما فعل من عبادة غير الله والاعتقاد بالأموات والتقرب إليهم بالذبائح والنذور والطواف بقبورهم والتبرك بتربتهم، وما شعر هؤلاء أن كفار العرب الأولين يشاركونهم في هذا الاعتقاد، ويعرفون أن الله هو الخالق القادر على الاختراع، ويقرون بذلك، وأنهم ما عبدوا غيره إلا لزعمهم أنهم يقربونهم إلى الله زلفى، لا أنهم يخلقون ويرزقون.
ولو كان معنى لا إلى إلا الله ما زعمه هؤلاء لم يكن بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين المشركين نزاع، بل كانوا يبادرون إلى إجابة الرسول صلى الله عليه وسلم، إذا قال لهم بزعم: هؤلاء أقروا بأن الله هو القادر على الاختراع، لكن القوم وهم أهل اللسان العربي فهموا أنهم إذا
(1) سورة الأعراف الآية 59
(2)
سورة ص الآية 5