الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قالوا: إلا إله إلا الله، فقد أقروا ببطلان عبادة الأصنام، وأن هذه الكلمة ليست مجرد لفظ لا معنى له، ولهذا نفروا منها وقالوا:{أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (1) كما قال الله عنهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} (2){وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} (3) فعرفوا أن لا إله إلا الله تقتضي ترك عبادة ما سوى الله وإفراد الله بالعبادة، وأنهم لو قالوها واستمروا على عبادة الأصنام لتناقضوا مع أنفسهم، وعباد القبور اليوم لا يأنفون من هذا التناقض الشنيع، فهم يقولون: لا إله إلا الله، ثم ينقضونها بعبادة الأموات والتقرب إلى الأضرحة بأنواع من العبادات، فتبا لمن كان أبو جهل وأبو لهب أعلم منه بمعنى لا إله إلا الله. والحاصل أن من قال هذه الكلمة عارفا لمعناها عاملا بمقتضاها ظاهرا وباطنا من نفي الشرك وإثبات العبادة لله مع الاعتقاد الجازم لما تضمنته والعمل به، فهو المسلم حقا، ومن قالها وعمل بها بمقتضاها ظاهرا من غير اعتقاد لما دلت عليه فهو المنافق، ومن قالها بلسانه وعمل بخلافها من الشرك المنافي لها فهو الكافر ولو قالها آلاف المرات؛ لأن عمله يبطل نطقه بها، فلا بد من النطق بهذه الكلمة من معرفة معناها؛ لأن ذلك وسيلة للعمل بمقتضاها، قال تعالى:{إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (4) والعمل بمقتضاها وهو ترك عبادة ما سوى الله، وعبادة الله وحده هو الغاية من هذه الكلمة.
(1) سورة ص الآية 5
(2)
سورة الصافات الآية 35
(3)
سورة الصافات الآية 36
(4)
سورة الزخرف الآية 86
5 -
متى ينفع الإنسان قول لا إله إلا الله
؟
سبق أن قلنا أن قول لا إله إلا الله لا بد أن يكون مصحوبا بمعرفة معناها والعمل بمقتضاها، ولكن لما كان هناك نصوص قد يتوهم منها أن مجرد التلفظ بها يكفي وقد تعلق بهذا الوهم بعض الناس، فاقتضى الأمر إيضاح ذلك لإزالة هذا الوهم عمن يريد الحق، قال الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله على حديث عتبان. . الذي
فيه: «فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله (1)» قال: اعلم أنه قد وردت أحاديث ظاهرها أنه من أتى بالشهادتين حرم على النار كهذا الحديث وحديث أنس قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم ومعاذ رديفه على الرحل، فقال: يا معاذ. قال: لبيك رسول الله وسعديك. قال: ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا حرمه الله على النار (2)» ، ولمسلم عن عبادة مرفوعا:«ومن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله حرمه الله على النار (3)» ، ووردت أحاديث فيها أن من أتى بالشهادتين دخل الجنة، وليس فيها أن يحرم على النار، منها حديث عبادة الذي تقدم قريبا وحديث أبي هريرة «أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك (4)» الحديث وفيه:«فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيحجب عن الجنة (5)» رواه مسلم (6).
قال: وأحسن ما قيل في معناه ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره: إن هذه الأحاديث إنما هي فيمن قالها ومات عليها - كما جاءت مقيدة - وقالها خالصا من قلبه مستيقنا بها قلبه غير شاك فيها، بصدق ويقين، فإن حقيقة التوحيد انجذاب الروح إلى الله جملة، فمن شهد أن لا إله إلا الله خالصا من قلبه دخل الجنة؛ لأن الإخلاص هو انجذاب القلب إلى الله تعالى بأن يتوب من الذنوب توبة نصوحا، فإذا مات على تلك الحال نال ذلك، فإنه قد تواترت الأحاديث بأنه يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة وما يزن خردلة وما يزن ذرة. وتواترت بأن كثيرا ممن يقول: لا إله إلا الله، يدخل النار ثم يخرج منها،، وتواترت بأن الله حرم النار أن تأكل أثر السجود من ابن آدم، فهؤلاء كانوا يصلون ويسجدون لله، وتواترت بأنه يحرم على النار من قال: لا إله إلا الله، ومن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، لكن جاءت مقيدة بالقيود الثقال، وأكثر من يقولها لا يعرف الإخلاص ولا اليقين، ومن لا يعرف ذلك يخشى عليه أن يفتن عنها عند الموت فيحال بينه وبينها، وأكثر من
(1) رواه البخاري 11/ 206 ومسلم رقم (33).
(2)
رواه البخاري 1/ 199 ورواه مسلم في الإيمان.
(3)
صحيح مسلم 1/ 288 - 229 بشرح النووي.
(4)
سنن أبو داود البيوع (3357)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 171).
(5)
صحيح مسلم الإيمان (27)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 421).
(6)
صحيح مسلم مع شرح النووي 1/ 224.
يقولها يقولها تقليدا وعادة، لم يخالط الإيمان بشاشة قلبه، وغالب من يفتن عند الموت وفي القبور أمثال هؤلاء كما في الحديث:«سمعت الناس يقولون شيئا فقلته (1)» ، وغالب أعمال هؤلاء إنما هو تقليد واقتداء بأمثالهم، وهم أقرب الناس من قوله تعالى:{بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} (2)، وحينئذ فلا منافاة بين الأحاديث، فإنه إذا قالها بإخلاص ويقين تام لم يكن في هذه الحال مصرا على ذنب أصلا، فإن كمال إخلاصه ويقينه يوجب أن يكون الله أحب إليه من كل شيء، فإذا لا يبقى في قلبه إرادة لما حرم الله ولا كراهية لما أمر الله، وهذا هو الذي يحرم على النار، وإن كانت له ذنوب قبل ذلك، فإن هذا الإيمان وهذه التوبة وهذا الإخلاص وهذه المحبة وهذا اليقين لا تترك له ذنبا إلا يمحى كما يمحى الليل بالنهار. انتهى كلامه رحمه الله (3).
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كشف الشبهات: - (4) ولهم مشبهة أخرى، يقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على أسامة قتل من قال: لا إله إلا الله. وقال: «أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله (5)» ، وأحاديث أخرى في الكف عمن قالها، ومراد هؤلاء الجهلة أن من قالها لا يكفر ولا يقتل ولو فعل ما فعل، فيقال لهؤلاء الجهال معلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتل اليهود وسباهم وهم يقولون: لا إله إلا الله، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلوا بني حنيفة وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويصلون ويدعون الإسلام، وكذلك الذين حرقهم علي بن أبي طالب، وهؤلاء الجهلة مقرون أن من أنكر البعث كفر وقتل ولو قال: لا إله إلا الله، وأن من جحد شيئا من أركان الإسلام كفر وقتل ولو قالها، فكيف لا تنفعه إذا جحد شيئا من الفروع وتنفعه إذا جحد التوحيد الذي هو أصل دين الرسل ورأسه، ولكن أعداء الله ما فهموا معنى الأحاديث.
(1) رواه الترمذي بهذا المعنى في كتاب الجنائز.
(2)
سورة الزخرف الآية 22
(3)
تيسير العزيز الحميد بشرح كتاب التوحيد ص 66 - 67.
(4)
انظر مجموعة التوحيد ص 120 - 121.
(5)
صحيح البخاري الديات (6872)، سنن أبو داود الجهاد (2643)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 200).
وقال رحمه الله: فأما حديث أسامة فإنه قتل رجلا ادعى الإسلام بسبب أنه ظن أنه ما ادعاه إلا خوفا على دمه وماله، والرجل إذا أظهر الإسلام وجب الكف عنه حتى يتبين منه ما يخالف ذلك، وأنزل الله في ذلك:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا} (1) أي (فتثبتوا) فالآية تدل على أنه يجب الكف عنه والتثبت فإن تبين بعد ذلك ما يخالف الإسلام قتل؛ لقوله: فتبينوا ولو كان لا يقتل إذا قالها لم يكن للتثبت معنى، وكذلك الحديث الآخر وأمثاله معناه ما ذكرناه من أن من أظهر الإسلام والتوحيد وجب الكف عنه إلا إن تبين منه ما يناقض ذلك.
والدليل على هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال: «أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله (2)» وقال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله (3)» هو الذي قال في الخوارج: «أينما لقيتموهم فاقتلوهم، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد (4)» مع كونهم من أكثر الناس تهليلا حتى إن الصحابة يحقرون أنفسهم عندهم، وهم تعلموا العلم من الصحابة، فلم تنفعهم لا إله إلا الله ولا كثرة العبادة ولا ادعاء الإسلام لما ظهر منهم مخالفة الشريعة، وكذلك ما ذكرناه من قتال اليهود وقتال الصحابة بني حنيفة.
وقال الحافظ ابن رجب في رسالته المسماة: (كلمة الإخلاص)(5) على قوله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله (6)» قال: ففهم عمر وجماعة من الصحابة أن من أتى بالشهادتين امتنع من عقوبة الدنيا لمجرد ذلك، فتوقفوا في قتال مانعي الزكاة، وفهم الصديق أنه لا يمتنع قتاله إلا بأداء حقوقها لقوله صلى الله عليه وسلم:«فإذا فعلوا ذلك منعوا مني دمائها إلا بحقها وحسابهم على الله (7)» ، وقال:«الزكاة حق المال (8)» ، وهذا الذي فهمه الصديق قد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم صريحا غير واحد من الصحابة منهم ابن عمر وأنس وغيرهما وأنه قال: «أمرت أن
(1) سورة النساء الآية 94
(2)
رواه البخاري في الديات.
(3)
رواه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، ومسلم في الإيمان.
(4)
رواه أبو داود بهذا المعنى في كتاب السنة باب قتال الخوارج.
(5)
ص 13 - 14.
(6)
رواه مسلم في الإيمان.
(7)
رواه مسلم في الإيمان.
(8)
صحيح البخاري الزكاة (1400)، صحيح مسلم الإيمان (20)، سنن الترمذي الإيمان (2607)، سنن النسائي الجهاد (3092)، سنن أبو داود الزكاة (1556)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 19).
أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة (1)»، وقد دل على ذلك قوله تعالى:{فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (2) كما دل قوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (3) على أن الأخوة في الدين لا تثبت إلا بأداء الفرائض مع التوحيد، فإن التوبة من الشرك لا تحصل إلا بالتوحيد، فلما قرر أبو بكر هذا للصحابة رجعوا إلى قوله ورأوه صوابا، فإذا علم أن عقوبة الدنيا لا ترتفع عمن أدى الشهادتين مطلقا، بل يعاقب بإخلاله بحق من حقوق الإسلام، فكذلك عقوبة الآخرة.
وقال أيضا: (4): وقالت طائفة من العلماء المراد من هذه الأحاديث أن التلفظ بلا إله إلا الله سبب لدخول الجنة والنجاة من النار ومقتضى لذلك، ولكن المقتضى لا يعمل عمله إلا باستجماع شروطه وانتفاء موانعه، فقد يتخلف عنه مقتضاه لفوات شرط من شروطه أو لوجود مانع، وهذا قول الحسن ووهب بن منبه وهو الأظهر. ثم ذكر عن الحسن البصري أنه قال للفرزدق وهو يدفن امراته: ما أعددت لهذا اليوم؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله منذ سبعين سنة. قال الحسن: نعم العدة، لكن للا إله إلا الله شروط، فإياك وقذف المحصنات. وقيل للحسن: إن أناسا يقولون: من قال: لا إله إلا الله، دخل الجنة. فقال: من قال: لا إله إلا الله، فأدى حقها وفرضها دخل الجنة. وقال وهب بن منبه لمن سأله: أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة؟ قال: بلى ولكن ما من مفتاح إلا له أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك. .
وأظن أن في هذا القدر الذي نقلته من كلام أهل العلم كفاية في رد هذه الشبهة التي تعلق بها من ظن أن من قال: لا إله إلا الله، لا يكفر ولو فعل ما فعل من أنواع الشرك الأكبر التي تمارس اليوم عند الأضرحة وقبور الصالحين مما يناقض كلمة لا إله إلا الله تمام المناقضة ويضادها تمام المضادة، وهذه طريقة أهل الزيغ الذين
(1) رواه مسلم في الإيمان.
(2)
سورة التوبة الآية 5
(3)
سورة التوبة الآية 11
(4)
في ص 9 - 11 في رسالة كلمة الإخلاص.
يأخذون من النصوص ما يظنون أنه حجة لهم من النصوص المجملة، ويتركون ما تبينه وتوضحه النصوص المفصلة كحال الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض وقد قال الله في هذا النوع من الناس:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} (1){رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (2){رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} (3).
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه. .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. . والحمد لله رب العالمين.
(1) سورة آل عمران الآية 7
(2)
سورة آل عمران الآية 8
(3)
سورة آل عمران الآية 9
النسيان والذكر في القرآن الكريم
دراسة لغوية ومنهج جديد
في تفسير الكتاب الحكيم
صفحة فارغة
الدكتور السيد رزق الطويل
ولد في قرية نكلا الجيزة مصر سنة 1932م، حفظ القرآن الكريم قبل البلوغ، ثم التحق بالأزهر وحصل على الشهادة العالية من كلية اللغة العربية بامتياز عام 1959 م، ثم حصل على الماجستير في الدراسات اللغوية سنة 1967، وعلى الدكتوراه سنة 1974م.
عمل بوزارة المعارف السعودية لمدة عامين، ثم بوزارة التربية والتعليم بمصر، ثم في جامعة الأزهر كلية الدراسات الإسلامية والعربية أستاذا مشاركا، وأخيرا أستاذا مشاركا في قسم الدراسات العليا العربية بجامعة أم القرى بمكة المكرمة.
اشتغل بالدعوة الإسلامية منذ أن كان طالبا، أسس جماعة دعوة الحق الإسلامية بمصر عام 1395 هـ وهي جماعة مركزية تسهم في نشر الدعوة السلفية ويصدر عنها مجلة الهدي النبوي.
مؤلفاته الإسلامية: العقيدة في الإسلام -منهج حياة بنو إسرائيل في القرآن، دراسة وتحقيق- الدعوة في الإسلام عقيدة ومنهج - مجموعة أبحاث نشرت في دورية المقاولون العرب تحت عنوان مع القرآن وهي: القرآن والتفكر، القرآن وأهل البيت، والقرآن واللغة العربية.
ومن مؤلفاته اللغوية: اختلاف النحويين، دراسة وتحليل وتقويم- في علوم القراءات، مدخل ودراسة وتحقيق- أبنية الأفعال في اللسان العربي- النحو البسيط - بحوث لغوية نشرت في مجلات جامعية بعنوان: واو الثمانية- التوهم.
في الدراسة النحوية والصرفية: ظاهرة التغليب ومواقفها في القرآن.
وتحت الطبع الآن: الإسلام دعوة الحق- أساليب العموم والاستغراق في النحو العربي- اللسان العربي والإسلام معا في معركة المواجهة- إمام النحاة وقضية الاستشهاد بالحديث.
صفحة فارغة
(النسيان والذكر في القرآن الكريم)
مقدمة
باسم الله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
وبعد:
فهذا بحث ميدانه: كتاب رب العالمين.
وموضوعه: النسيان والذكر وتناول القرآن الكريم لهما.
ومنهجه: تتبع هذين اللفظين في الكتاب العزيز، في صورهما المتنوعة، واستخلاص النظرة الشاملة لهما بحيث يبدوان موضوعا واحدا متكاملا مدروسا على ضوء المنهج الإسلامي.
ومن هنا نرى هذا البحث يحمل طابع الدراسة اللغوية للقرآن الكريم، وفي الوقت نفسه أسلوب جديد في تفسير الكتاب العزيز.
والنسيان والذكر ظاهرتان بشريتان، ولهما أثرهما الكبير في مسيرة البشر من هذه الحياة، وهما أيضا من أعظم النعم التي أنعم الله بها على الإنسان؛ ليستعين بها في أداء رسالته في الحياة، رسالة العبودية الخالصة لله تعالى وحده.
وقد يتصور الإنسان بادئ الرأي أن هذين من الأمور البشرية التي لا يتعرض لها المنهج الإلهي بالبيان، فماذا يهم الإسلام إن نسي الإنسان في دنياه أو تذكر؟!
لكن الحقيقة التي يؤكدها السلوك الإنساني أن ظاهرتي النسيان والذكر قد تصبحان موضوعا إسلاميا عندما يتحول النسيان إلى غفلة، وعندما يكون الذكر سياجا يحمي عقيدة الإيمان.
ولهذا تحدث القرآن الكريم- كما سنرى- عن هاتين الظاهرتين كثيرا، وبشمول واستيعاب لجميع أوضاعهما الإنسانية والدينية.
وسنبدأ بالحديث عن النسيان اتباعا لمنهج القرآن الذي يحارب الكفر كمقدمة للدعوة إلى الإيمان، وينهى عن الشرك قبل الدعوة إلى التوحيد، ويحارب الطاغوت قبل أن يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له.