الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخبرنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وقد سئل عنها الرسول الكريم فقال: «ما أنا عليه اليوم وأصحابي (1)» . وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة، فعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن أهل الكتاب افترقوا في دينهم على اثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة - يعني أهل الأهواء - كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة (2)» .
فلا نجاة لأحد إلا باتباع القرآن الكريم وسنة الرسول الأمين وأصحابه البررة الطاهرين.
(1) رواه الترمذي في كتاب الفتن " باب افتراق الأمم " بهذا المعنى.
(2)
رواه أبو داود في كتاب السنة " باب شرح السنة " بهذا المعنى.
عودة الجاهلية الأولى:
في أوائل القرن الثاني عشر الهجري كانت الجزيرة العربية تغط في جهل عميق، وتسبح في بحر من الظلم والفسق والتغيير والتبديل، فلا ترى أثرا لدعوة ولا لإصلاح مما أفضى بها إلى الشرك كشرك الجاهلية الأولى، فقد كثر الاعتقاد في أشياء كثيرة كالأشجار والأحجار والقبور والأضرحة، والتبرك بها، والنذر لها، والذبح عندها، وطلب الحاجات منها، والتوسل إليها، وتمسح المصابين والمرضى وذوي العاهات بها، ابتغاء الشفاء، تاركين الله جانبا، ناسين كتابه الكريم وسنة رسوله الأمين، وإذا سألتهم عن ذلك أجابوا بالإجابة التي أجاب بها المشركون الأوائل {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (1) ذلك هو المدخل الذي يدخل منه الشيطان على ابن آدم ليضله عن سبيل الله، وقد صار ذلك بتعاقب الأيام ومر السنين والأسباب في ذلك كثيرة. فقد كانت الأعراب تنزل البلدان وقت الثمار وصار منهم رجال ونساء يطببون ويداوون، فإذا كان في أحد من أهل البلدة مرض أو في أحد أعضائه أتى إلى مطببه فوصف له الدواء بأن يقول له: اذبح في الموضع الفلاني كذا وكذا إما خروفا بهيما أسود وإما تيسا أصمع. ثم يقولون لهم لا تسموا على ذبحه وأعطوا المريض منه كذا وكذا وكلوا منه كذا وكذا واتركوا كذا وكذا. فربما يشفي الله مريضهم فتنة لهم واستدراجا فتكثر الأقاويل وتنتشر بين الناس فيقعون في حبائل الشيطان.
(1) سورة الزمر الآية 3
وعكفوا على ضلالاتهم وأوثانهم ونذورهم وذبائحهم واعتقدوا في هذه الأشياء التي لا تضر ولا تنفع وصدق الله العظيم {نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (1) وجعلوا لله شركاء وأندادا يدعونهم من دون الله ونسوا أن الله واحد لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. قال الله تعالى:{وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} (2) وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (3).
ونسوا أن الضار والنافع هو الله وأنه هو الملجأ عند الشدة والمعين عند الحاجة قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (4) وقال تعالى {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (5) ولقد كان ما يرتكبه الناس من أوضار وآثام يندى لها الجبين خزيا ويقشعر منها قلب كل مؤمن. ومن ذلك أنهم كانوا يقصدون قبر زيد بن الخطاب يدعونه لتفريج الكرب وكشف الضر، وكانوا يذهبون إلى الدرعية زاعمين أن بها قبور بعض الصحابة يعبدونهم ويدعونهم ويتوسلون إليهم ولقد انطبق عليهم قول الله تعالى {أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ} (6) وكأن الجواب كان حاضرا {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} (7) وكانوا يتوجهون إلى ذلك الغار الموجود بالدرعية أيضا، ويزعمون أن الله خلقه في الجبل لامرأة تسمى بنت الأمير أراد بعض الفسقة أن يظلمها فصاحت ودعت الله فانفلق لها الغار بإذن الله، فأجارها من ذلك السوء، فكانوا يرسلون الطعام واللحم وأنواع الهدايا.
(1) سورة الحشر الآية 19
(2)
سورة النحل الآية 51
(3)
سورة الأعراف الآية 33
(4)
سورة البقرة الآية 186
(5)
سورة غافر الآية 60
(6)
سورة الصافات الآية 86
(7)
سورة الزخرف الآية 22