الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يا أبا إسحاق إن بين الحجاج بن دينار، وبين النبي صلى الله عليه وسلم مفاوز تنقطع فيها أعناق المطي (1). وعنه أيضا: مثل الذي يطلب أمر دينه بلا إسناد كمثل الذي يرتقي السطح بلا سلم (2).
وقال سفيان الثوري: الإسناد سلاح المؤمن فإذا لم يكن معه سلاح، فبأي شيء يقاتل (3). وقال الشافعي: مثل الذي يطلب الحديث بلا إسناد كمثل حاطب ليل يحمل حزمة الحطب، فيها أفعى تلدغه وهو لا يدري.
ويمر الزمن ويستقر في أذهان الأئمة النقاد أن الإسناد جزء لا يتجزأ من رواية الحديث، وانكبوا يفحصونه، وينظرون فيه بأسلوبهم المعين. قال الحاكم: لولا كثرة طائفة المحدثين على حفظ الأحاديث، لا ندرس منار الإسلام ولتمكن أهل الإلحاد والمبتدعة من وضع الأحاديث، وقلب الأسانيد (4).
(1) الكفاية / 393.
(2)
التدريب / 359، فتح المغيث / 335.
(3)
الحطة / 37.
(4)
الرحلة في طلب الحديث / 17.
6 -
دور الرحلة في خدمة الإسناد:
ومن أجل أهمية السند في تلقي السنة الصحيحة، رحل المحدثون المسافات البعيدة، على بعد الشقة، وعظم المشقة، طلبا للحديث وبحثا عن أسانيد الأحاديث بل عن إسناد الحديث الواحد.
ويبدو أثر الرحلة للناظر في أسانيد الأحاديث واضحا جليا. إذا ما تناولنا أي إسناد منها، ودرسنا تاريخ رواته، نجد في أغلب الأحيان أنهم ينتمون إلى أكثر من موطن. بل ربما وجدنا كل واحد منهم من بلدة، جمعت الرحلة في طلب الحديث شتاتهم، وقربت بعد ما بينهم، حتى تسلسلوا في قرن واحد في سند الحديث الواحد (1). فهذا جابر بن عبد الله يشتري راحلة، ويسير من المدينة إلى مصر ليسأل عقبة بن عامر عن حديث في ستر المؤمن، لم يبق أحد سواهما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ويؤكد له عقبة: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من ستر مؤمنا في الدنيا على خربة ستره الله يوم القيامة (2)» ، فيعود أدراجه لا يلوي على شيء.
(1) معرفة علوم الحديث / 8.
(2)
مسند أحمد بن حنبل (4/ 159).