المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الذكر بمعنى الكتاب المنزل أو النبي المرسل: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ١٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ النهي عن قراءة الجنب والحائض القرآن

- ‌ تعليم الكافر القرآن:

- ‌الفتاوى

- ‌ مات المسلم ولم يقض فريضة الحج وهو مستكمل لشروط وجوبها

- ‌ اضطره عمله أن يغادر منى بعد الوقوف بعرفة ورمي الجمرة بعد فجر يوم النحر

- ‌ هل أحج عن والدي اللذين ماتا ولم يؤديا فريضة الحج لفقرهما

- ‌ حج من قبل وأنزل بعد التحلل الأول

- ‌ أخر رمي الجمار في اليوم الحادي عشر حتى أدركه الليل

- ‌ المسلمة التي حاضت في أيام حجها

- ‌ رمى الجمار في الليلة الثانية من ليالي التشريق

- ‌ ترك المبيت بمزدلفة

- ‌ صلى صلاتي المغرب والعشاء قصرا وجمع تأخير قبل دخول مزدلفة

- ‌ رمي جمرة العقبة ليلا

- ‌ ترك المبيت بمنى أيام التشريق

- ‌ ترك المبيت بمنى ليلة واحدة لعذر المرض

- ‌ رمي جمار أيام التشريق كلها في يوم واحد

- ‌ المراد باليومين اللذين أباح الله جل وعلا للمتعجل الانصراف من منى بعد انقضائهما

- ‌ وقت رمي الجمار جمار أيام التشريق الثلاثة

- ‌ هل يجب الهدي على أهل مكة لمن أحرم منهم بالحج فقط

- ‌ فاته الركوع الثاني في صلاة الكسوف

- ‌ فضل هذه الكلمة:

- ‌ إعرابها وأركانها وشروطها:

- ‌ معنى هذه الكلمة ومقتضاها:

- ‌ متى ينفع الإنسان قول لا إله إلا الله

- ‌النسيان في القرآن

- ‌النسيان ظاهرة بشرية:

- ‌تناول القرآن لهذه الظاهرة الإنسانية:

- ‌النوع الأول: النسيان الحقيقي

- ‌ في صورة النفي:

- ‌ في صورة الدعاء أو الالتماس:

- ‌ أخبار قرآنية تتصل بالنسيان:

- ‌النوع الثاني: النسيان المقصود:

- ‌بواعث النسيان:

- ‌عقوبة النسيان

- ‌الذكر في القرآن

- ‌ صلة حديث الذكر بحديث النسيان

- ‌ألفاظ الذكر في القرآن وأوضاعها اللغوية والنحوية:

- ‌الذكر بمعنى الحديث:

- ‌الذكر بمعنى الشأن والشرف:

- ‌الذكر بمعنى الكتاب المنزل أو النبي المرسل:

- ‌ذكر الله

- ‌الذكر عبادة والعبادة ذكر:

- ‌ذكر اسم الله:

- ‌واذكر ربك:

- ‌الإعراض عن الذكر. . وآثاره وبواعثه

- ‌مصير الغافلين:

- ‌ منزلة الذاكرين:

- ‌التذكر والتذكير في القرآن

- ‌التذكير منهج لرسالات السماء:

- ‌ التذكر منطلق المسئولية:

- ‌بواعث التذكر

- ‌مصادر البحث:

- ‌«أنزل القرآن على سبعة أحرف

- ‌ السبب الذي أوجب الاختلاف بين القراء فيما احتمله خط المصحف

- ‌مصادر البحث والتحقيق

- ‌ رواية أنس رضي الله

- ‌الإسناد وأهميته في نقد الحديث النبوي

- ‌ المحاولة للقضاء على الفتنة:

- ‌ أهمية الإسناد:

- ‌ الإسناد ركن من ركني الحديث:

- ‌ دور الرحلة في خدمة الإسناد:

- ‌ أثر الإسناد في نقد الحديث:

- ‌ استعمال الإسناد لرواية الكتب:

- ‌ الإسناد من اختصاص المسلمين:

- ‌ محمد بن عبد الوهابعبقري العصر وأستاذ الجيل

- ‌تمهيد:

- ‌عودة الجاهلية الأولى:

- ‌الجاهلية تعم المسلمين:

- ‌حياة الشيخ:

- ‌وفاة الشيخ:

- ‌آثار الشيخ العلمية:

- ‌الشيخ كان أسوة:

- ‌محمد بن مسلمة الأوسي الأنصاري

- ‌نسبه وأيامه الأولى:

- ‌قائد السرايا:

- ‌ سريته إلى كعب بن الأشرف

- ‌ سريته إلى القرطاء:

- ‌ سريته إلى ذي القصة:

- ‌مع الخلفاء الراشدين

- ‌ مع عثمان:

- ‌ اعتزال الفتنة الكبرى:

- ‌الإنسان:

- ‌القائد:

- ‌محمد بن مسلمة في التاريخ

- ‌لقاء مع الداعية البريطانيالمسلميوسف إسلام

- ‌متى ثبتت رؤية الهلالثبوتا شرعياوجب العمل بها ولم يجزأن تعارض بكسوف ولا غيره

- ‌حكم الحيوان المذبوح بالصعق الكهربائي

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌الذكر بمعنى الكتاب المنزل أو النبي المرسل:

الذكر بمعنى العلم:

والعلم أصول وقواعد مستحضرة في أذهان البشر يواجهون بها مشكلات الحياة والوجود، والعالمون بها هم أقدر الناس على بذل العون لغيرهم ممن لا يعلمون، ولذا كان توجيه القرآن الكريم لغير العالمين أن يسألوا العالمين الذاكرين لهذه الأصول، يقول تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (1).

ووعد النبي صلى الله عليه وسلم قومه بشيء من العلم عن ذي القرنين عندما سألوه عنه، قال تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا} (2).

وطلب الرجل الصالح من موسى عليه السلام أن يلوذ بالصمت حتى يذكر له فيما بعد شيئا من علم ذلك {قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} (3).

ومن أهداف عروبة اللسان القرآني أن يقود قلوب العرب في رفق إلى الخوف من بارئها العظيم، ويمنحها العلم به {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا} (4)، ويعلل الضالون لانحرافهم عن منهج الإخلاص بافتقادهم شيئا من العلم الذي هدى به السابقون، أو من التجارب التي مروا بها، وهو استنتاج دقيق منهم، لكن بعد فوات الأوان {لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ} (5){لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} (6).

(1) سورة الأنبياء الآية 7

(2)

سورة الكهف الآية 83

(3)

سورة الكهف الآية 70

(4)

سورة طه الآية 113

(5)

سورة الصافات الآية 168

(6)

سورة الصافات الآية 169

ص: 151

‌الذكر بمعنى الكتاب المنزل أو النبي المرسل:

الكتاب المنزل مبادئ قويمة، وشرائع مستقيمة، ونصح رشيد، وتوجيه سديد، ولا عجب فهو كتاب رب العالمين، الذي خلقهم ويعلم ما يصلحهم ويسددهم،

ص: 151

وعلى قدر بشريتهم شرع لهم من الدين ما وصى به رسله جميعا {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (1).

والكتاب المنزل ذكر؛ لأنه يضع أمام ذاكرة البشر هذه المبادئ التي تحكم الحياة، وتقود السلوك، إنه ذكر حكيم، وذكرى للمؤمنين.

وقد جاء الذكر بهذا المعنى في واحد وثلاثين موضعا من القرآن الكريم، من هذه المواضع ما كان الذكر فيه بمثابة العلم على القرآن {وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} (2)، {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (3)، {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (4)، {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} (5)، {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ} (6)، ومعنى هذه الآية أنهملكم فنحرمكم من هدي الكتاب لتجاوزكم حد الاعتدال. . وتتساءل قريش في استنكار: كيف ينزل هذا الذكر على محمد من بينهم؟ {أَؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} (7)، {أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ} (8).

وقد يترك القرآن ببيانه المعجز آثارا في القوم، يندر في قلوبهم حقدا، وفي أعينهم زيغا وغيظا {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ} (9)

(1) سورة الملك الآية 14

(2)

سورة الحجر الآية 6

(3)

سورة الحجر الآية 9

(4)

سورة النحل الآية 44

(5)

سورة الأنبياء الآية 105

(6)

سورة الزخرف الآية 5

(7)

سورة ص الآية 8

(8)

سورة القمر الآية 25

(9)

سورة القلم الآية 51

ص: 152

وتسمية القرآن ذكرا فيه معنى الاسمية والوصفية، على السواء، غير أنه في بعض المواضع تغلب الاسمية، وفي بعضها تغلب الوصفية.

فالقرآن من أبرز صفاته أنه ذكر، وأن رسالته هي الذكر {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ} (1) ويقول تعالى:{ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} (2)، {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ} (3) فهو ليس ذكرا فحسب وإنما هو ذكر محكم يصيب كبد الحقيقة، فلا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ويقتحم القلب فيصيب الشغاف، قال تعالى:{ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (4) وهو ذكر مبارك تسمو به حياة الناس، وينمو في طريق الخير مجتمعهم {وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ} (5).

ورسالة الذكر في القرآن تعم الوجود كله، ففي أكثر من آية يقول رب العالمين عن كتابه:{إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} (6) يوسف، ص، التكوير، الأنعام {وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} (7)، ومع عمومها تخص العرب بذواتهم، يقول تعالى ممتنا على النبي وقومه:{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} (8)، كما يقول:{وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا} (9) ولفظ لدنا: فيه إكبار لهذا الذكر أي إكبار، ولذا ينتقد القرآن انصرافهم عنه، وإعراضهم عن هديه {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ} (10)

(1) سورة يس الآية 69

(2)

سورة ص الآية 1

(3)

سورة آل عمران الآية 58

(4)

سورة الزمر الآية 23

(5)

سورة الأنبياء الآية 50

(6)

سورة يوسف الآية 104

(7)

سورة القلم الآية 52

(8)

سورة الزخرف الآية 44

(9)

سورة طه الآية 99

(10)

سورة الأعراف الآية 63

ص: 153

{مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ} (1)، {وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ} (2)، {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} (3).

وأكبر خطأ يتورط فيه البشر أن يستبد بهم الغي، فلا ينتفعون بحكمة هذا الذكر.

وهذا هو الكافر يلوم قرين السوء الذي أغواه {لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي} (4)، كما يقول المعبودون من دون الله يتبرءون أمام ربهم من ضلال عابديهم:{وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا} (5).

والذي يتبع الذكر ويهتدي بآثاره هو الذي يستجيب للنذير، ويؤثر فيه التبشير:{إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ} (6).

وأروع ما في الذكر القرآني - وكله رائع - أنه يحوي خلاصة التجربة البشرية، يقول رب العالمين:{هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (7).

وقد سمى القرآن الرسول "ذكرا" لأنه يحمل الذكر للبشرية، ويثير ذاكرتها نحو الاتجاه إلى المبادئ السماوية {قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا} (8){رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ} (9).

(1) سورة الأنبياء الآية 2

(2)

سورة الأنبياء الآية 36

(3)

سورة فصلت الآية 41

(4)

سورة الفرقان الآية 29

(5)

سورة الفرقان الآية 18

(6)

سورة يس الآية 11

(7)

سورة الأنبياء الآية 24

(8)

سورة الطلاق الآية 10

(9)

سورة الطلاق الآية 11

ص: 154