الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما سواه باطله) (1).
روي عن قتادة رحمه الله تعالى قال: (أرسلت الرسل بالإخلاص والتوحيد، لا يقبل منهم عمل حتى يقولوه ويقروا به)(2)، فهو الخطوة الأولى، الذي لا يصح تجاوزه إلى غيره، ما دام لا يقبل منهم عمل؛ حتى يتم تقريره والإقرار به.
(1) السعدي: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، جـ2 ص 59
(2)
انظر، الطبري، جامع البيان، جـ 17 ص 15.
ثانيا: النصوص التفصيلية من القرآن الكريم عن دعوة بعض الأنبياء:
يقول الله سبحانه وتعالى عن دعوة نوح عليه السلام: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (1) وقال سبحانه وتعالى عن دعوة هود عليه السلام: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (2) وقال تعالى عن دعوة صالح عليه السلام: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (3) وقال تعالى عن دعوة إبراهيم عليه السلام: {وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (4){إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (5) وقال
(1) سورة الأعراف الآية 59
(2)
سورة الأعراف الآية 65
(3)
سورة الأعراف الآية 73
(4)
سورة العنكبوت الآية 16
(5)
سورة العنكبوت الآية 17
تعالى عن دعوة شعيب عليه السلام: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (1) وقال سبحانه وتعالى عن دعوة عيسى عليه السلام: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} (2) وقال عن دعوة محمد صلى الله عليه وسلم: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (3) عن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (من أراد أن ينظر إلى وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي عليها خاتمه، فليقرأ هؤلاء الآيات:
{قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (4) إلى قوله تعالى {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا} (5).
هذه دعوة الأنبياء، كل منهم يواجه قومه بالدعوة إلى التوحيد، فما بعث نبي إلا وبدأ مع قومه بهذه الدعوة (6).
وعلم الرسول صلى الله عليه وسلم هذا المنهج لأصحابه، فإنه «لما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن قال له: "إنك تقدم على قوم أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله، فإذا عرفوا الله؛ فأخبرهم أن الله قد فرض
(1) سورة الأعراف الآية 85
(2)
سورة المائدة الآية 72
(3)
سورة الأنعام الآية 151
(4)
سورة الأنعام الآية 151
(5)
سورة الأنعام الآية 153
(6)
انظر، محمد أحمد العدوي، دعوة الرسل، ص 1.
عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا الصلاة، فأخبرهم أن الله فرض عليهم زكاة من أموالهم، وترد على فقرائهم، فإن أطاعوا بها فخذ منهم، وتوق كرائم أموال الناس (1)»، يقول ابن حجر رحمه الله تعالى:(ووقعت البداءة بهما- أي بالشهادتين- لأنهما أصل الدين الذي لا يصح شيء غيرهما إلا بهما)(2).
من هذه الآيات والأحاديث التي استعرضت تاريخ دعوة الأنبياء عليهم السلام، نستطيع أن نقرر أن الأنبياء عليهم السلام، متواطئون على دعوة الناس إلى التوحيد أولا، لا فرق بين رسول ورسول، وأن من كذب رسولا من رسل الله فهو مكذب بالرسل أجمعين، ألا ترى إلى قول الله تعالى:{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} (3) مع أنهم لم يواجهوا بهذا التكذيب إلا رسولا واحدا، هو نبي الله نوح عليه السلام. ومثل هذا قيل لقوم هود:{كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ} (4) وقوم صالح: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ} (5) هـ قوم لوط: {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ} (6) وأصحاب الأيكة: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ} (7) مما يدل على وحدة
(1) صحيح البخاري المطبوع مع فتح الباري، دور 3 ص322 حديث رقم 1458.
(2)
ابن حجر فتح الباري، جـ 3 ص 358.
(3)
سورة الشعراء الآية 105
(4)
سورة الشعراء الآية 123
(5)
سورة الشعراء الآية 141
(6)
سورة الشعراء الآية 160
(7)
سورة الشعراء الآية 176
الدعوة، وترابطها ترابطا وثيقا، يجعل المصدق بواحد من الأنبياء مصدق بالجميع، والمكذب لواحد منهم مكذبا بالجميع.
وعلى هذه الأصول اتفقت دعوتهم عليهم السلام، واجتمعت كلمتهم، لتؤكد أن القضية الأولى، في جميع الدعوات، من لدن أول الأنبياء إلى آخرهم، يجب أن تبدأ بالتوحيد، أيا كانت الظروف والأحوال التي يعيشها هذا المجتمع، مهما اختلفت الأزمنة والأمكنة.
ثم إذا سرنا قليلا في دراسة دعوات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، سنجد أنهم بعد هذه القضية- قضية تقرير العقيدة في النفوس - وعند الشروع في القضية الثانية، التي يدعون إليها، يختلف الأمر، فنجد أن لكل نبي قضية خاصة يركز عليها، فكل نبي يعنى عناية خاصة بالأمراض التي توجد في مجتمعه وبين قومه.
فإبراهيم (أبو الأنبياء) عليه السلام اهتم كثيرا بالتوحيد، ومحاربة الشرك، يقول تعالى:{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (1) وقال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ} (2){إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} (3) وقال تعالى: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ} (4){أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ} (5) وكأنه عليه السلام يرى ما وقع فيه بعض الناس من
(1) سورة الأنعام الآية 74
(2)
سورة الأنبياء الآية 51
(3)
سورة الأنبياء الآية 52
(4)
سورة الصافات الآية 85
(5)
سورة الصافات الآية 86
الضلال، بسبب الشرك الذي صرفهم عن الحق، الذي أتى به الرسل:{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} (1){رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (2) وإنه ليخيل لمن يقرأ قصص دعوة إبراهيم عليه السلام في القرآن، أنه عليه السلام لم يبعث إلا بالتوحيد؛ وذلك بسبب تفشي الوثنية في مجتمعه، فكان التوحيد هو قضية إبراهيم عليه السلام الأولى والثانية، في حين نرى أن لوطا عليه السلام مع اتحاد زمان بعثته، لكن اختلف المجتمع، فقد كان قوم لوط مجتمعا فشت فيه الفاحشة، واعتادوها، حتى أصبح التنزه عنها جرما يستحق صاحبه الإخراج والطرد، قال تعالى:{أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ} (3){وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} (4){قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ} (5) ولذلك نجد لوطا عليه السلام يركز بعد الدعوة إلى التوحيد على التحذير من هذه الفاحشة، قال تعالى:{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} (6){إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} (7) وقال تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} (8){أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ} (9)
(1) سورة إبراهيم الآية 35
(2)
سورة إبراهيم الآية 36
(3)
سورة الشعراء الآية 165
(4)
سورة الشعراء الآية 166
(5)
سورة الشعراء الآية 167
(6)
سورة الأعراف الآية 80
(7)
سورة الأعراف الآية 81
(8)
سورة العنكبوت الآية 28
(9)
سورة العنكبوت الآية 29
وهذا التركيز على هذه القضية، من قبل لوط عليه السلام لا نجد له ما يماثله من قبل الأنبياء الآخرين، مما يعني أن التركيز كان سببه البيئة، وانتشار الفاحشة فيها، وليس لنوعية الفاحشة فقط.
ونجد أن نبي الله شعيبا عليه السلام يدعو قومه بعد التوحيد إلى أن يوفوا الكيل والميزان؛ وذلك لأن الغش في الكيل والوزن منتشر شائع في قومه، قال تعالى:{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (1) وقال تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ} (2)
وموسى عليه السلام بعث في قوم قد تسلط عليهم فرعون، وسامهم سوء العذاب؛ يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم، فاهتم عليه السلام بعد التوحيد الذي أشرنا إلى أدلته في البداية- بإنقاذ بني إسرائيل من الذل الذي نشأوا عليه، وإحباط ظلم وطغيان فرعون، وتربية العزة والكرامة في نفوس القوم،
(1) سورة الأعراف الآية 85
(2)
سورة هود الآية 84
قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} (1){يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} (2) وكما خاطب موسى قومه بهذه القضية فقد واجه بها فرعون، قال تعالى:{فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى} (3)
وعلى هذا فالقضية الثانية في الدعوة تختلف اختلافا كاملا عن القضية الأولى، القضية الأولى محسومة منتهية، لا مجال فيها لاجتهاد بشر، ولا تتأثر بالبيئة، ولا تختلف باختلاف الزمان أو المكان، فلا بد من التوحيد؛ لأنه أساس كل دعوة، ومنطلق كل داعية.
أما القضية الثانية فهي بخلاف ذلك، إذ هي تتأثر بالبيئة وبالزمان والمكان، وكل نبي- كما رأينا- له قضية خاصة، نشأت من حاجة مجتمعه، فالمجتمع الوثني المنغمس في الوثنية، تستمر معه قضية التوحيد، تأثرا بحاجة المجتمع إلى الاستمرار في هذا الأمر، والمجتمع الذي تتفشى فيه الأخلاق السيئة، يكون مواجهة هذا الأمر هو القضية الثانية وهكذا. ولم يؤثر هذا الاختلاف في وحدة الأنبياء، ولم يكن مصدر نزاع أو مشاقة، بل هو مما يؤكد اتجاه غايتهم جميعا نحو أسلم طريق للإصلاح وتحقيق الهدف
(1) سورة المائدة الآية 20
(2)
سورة المائدة الآية 21
(3)
سورة طه الآية 47
المشترك، وأهم أمر يصلح هو إصلاح علاقة العبد بربه، ثم بعد ذلك يصلح ما فسد من أمر المجتمع كل بحسبه.
ويهمنا من هذا أن نقرر أن الداعية إلى الله سبحانه وتعالى، يبدأ دائما- وفي كل الأحوال- بإصلاح العقيدة، ثم يصرف همه إلى معالجة الأمراض الموجودة في المجتمع الذي يدعو فيه (1).، وإذا كان هناك أمراض متفاوتة بدأ بأشدها فتكا وأعمقها ضررا على المجتمع.
وما دامت دعوة الأنبياء عليهم السلام بهذا المنهج الواضح، وهم القدوة والأسوة لكل داعية، فلا يسع أحدا الخروج عن هذا المنهج، أو تقديم بعض أولوياته المقررة على بعض، وذلك بإصلاح العقيدة أولا وهي الأساس.
أما القضية الثانية فالدعاة لهم فيها متسع من الاجتهاد، إذ لكل مجتمع مشكلاته وقضاياه التي قد تختلف عن غيره، وبالتالي يتسع الصدر بين الدعاة في هذا الجانب، فالمجتهد في تقدير القضية الثانية مأجور- إن شاء الله تعالى- فإن أصاب الحق فله أجر آخر على الإصابة، وإن كانت الأخرى فلن يعدم من يعذره؛ لكون المجال سائغا فيه الاجتهاد، وليس لأحد حق اللوم والتثريب أو المشاقة والمنازعة والفرقة.
وبهذا تلتقي آراء الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى، وتتآلف القلوب، وينتفي الخلاف، ويحل التعاضد والتآزر، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
(1) انظر محمد العدوي (دعوة الرسل إلى الله) صفحة (ل) في المقدمة