الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أ -
سواد الوجوه:
قال الله تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ} (1)
إنها الوصمة التي طبعت بها الوجوه حتى تغيرت من البياض والنضارة إلى السواد والظلمة جزاء على شركهم بربهم في عبادته ثم مصيرهم إلى جهنم وبئس المهاد. وقال تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} (2)
لا يزال القرآن الكريم يبين لنا هذا المشهد الفاضح ويبين ما يقابله من مشاهد المؤمنين حيث بياض وجوههم ليكون في ذلك عظة لأولي الألباب، ولا يتوقف الأمر على السواد فحسب بل هذا ميزة وصفة يعقبها العذاب في نار جهنم وقال تعالى:{وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (3) في هذه الآية الكريمة مشهدان:
المشهد الأول: ترهقهم ذلة، فيعتريهم الخوف والقلق من معاصيهم.
المشهد الثاني: كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما، من
(1) سورة الزمر الآية 60
(2)
سورة آل عمران الآية 106
(3)
سورة يونس الآية 27
الذل وسوء ما قدموا قد علاها السواد والظلمة.
وقال تعالى: {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ} (1){تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ} (2)
قال الفخر الرازي: (والمعنى أنها عابسة كالحة قد أظلمت ألوانها وعدمت آثار السرور والنعمة منها لما أدركها من الشقاء واليأس من رحمة الله ولما سودها الله حين ميز الله أهل الجنة والنار. . وإنما كانت بهذه الصفة لأنها أيقنت أن العذاب نازل وهو قوله: {تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ} (3) والظن هنا. بمعنى اليقين) (4).
{فَاقِرَةٌ} (5)(داهية تقصم فقار الظهر)(6) وقال تعالى: {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ} (7){تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ} (8){أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ} (9)
قال الشيخ صديق خان: ثم لما فرغ سبحانه من ذكر حال المؤمنين
(1) سورة القيامة الآية 24
(2)
سورة القيامة الآية 25
(3)
سورة القيامة الآية 25
(4)
تفسير الفخر الرازي المشتهر بالتفسير الكبير ومفاتيح الغيب 30/ 229، 230.
(5)
سورة القيامة الآية 25
(6)
الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل 4/ 192.
(7)
سورة عبس الآية 40
(8)
سورة عبس الآية 41
(9)
سورة عبس الآية 42