الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من مشاهد يوم القيامة "الجنة
"
للدكتور / دوخي بن زيد بن علي الحارثي (1)
الحمد لله، نحمده حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، كما ينبغي لجلاله وعظيم سلطانه، ونشهد أنه الإله الحق المستحق للعبادة دون سواه وغيره من الآلهة باطل، جعل الحياة الدنيا مزرعة للدار الآخرة، فيها يتسابق المتسابقون في العبادة، من توحيد الله تعالى، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، والحج، ومن الواجبات والسنن؛ ليظفروا بما أعد الله تعالى في الدار الآخرة من النعيم، ونشهد أن محمدا عبد الله ورسوله وخيرته من خلقه، أرسله الله بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد:
فإذا كان الناس في الحياة الدنيا على قسمين: أهل طاعة واستقامة، وأهل معصية وانحراف، فكذا في الدار الآخرة: أهل نعيم في الجنة، وأهل عذاب أليم في النار، على ما كان من عمل في الدار الدنيا {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} (2){وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (3).
ولتشويق العباد لما أعد الله للطائعين من نعيم في الجنة
(1) وردت ترجمة للكاتب في العدد الأربعين من مجلة
البحوث
صفحة (167).
(2)
سورة الزلزلة الآية 7
(3)
سورة الزلزلة الآية 8
رأيت أن أكتب بحثا عن الجنة وما أعد الله تعالى فيها لعباده، سائله عز وجل أن يوفقني للصواب، ولدخول الجنة مع الأحباب.
فيا خاطب الحسناء إن كنت راغبا
…
فهذا زمان المهر فهو المقدم
وإن ضاقت الدنيا عليك بأسرها
…
ولم يك فيها منزل لك يعلم
فحي على جنات عدن فإنها
…
منازلنا الأولى وفيها المخيم
الجنة:
اقتضت حكمة الله تعالى أن يخلق هذا الخلق، وأن يكلفهم بعبادته، ابتلاء واختبارا، ليظهر الطائع المستقيم من العاصي المنحرف، وليميز بعضهم من بعض، كما قال الله تعالى:{لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (1)، وكما قال تعالى:{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (2){الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} (3).
فخلق سبحانه وتعالى الجنة، وجعلها دار المتقين، مستقر الأبرار الموحدين، نعيم عباد الله العاملين، إرث أتباع رسل رب
(1) سورة الأنفال الآية 37
(2)
سورة الملك الآية 1
(3)
سورة الملك الآية 2
العالمين، الحياة المستمرة أبد الآبدين.
قال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ} (1){فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} (2){يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ} (3){كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} (4){يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ} (5){لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} (6){فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (7) وقال تعالى في وصف الجنة: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} (8) وقال تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ} (9) وقال تعالى في وصف نعيم الجنة: {وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ} (10){جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ} (11){مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ} (12){وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ} (13){هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ} (14){إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ} (15)، وقال تعالى:{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا} (16){حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا} (17){وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا} (18){وَكَأْسًا دِهَاقًا} (19){لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا} (20){جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا} (21)، وقال تعالى:{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (22).
(1) سورة الدخان الآية 51
(2)
سورة الدخان الآية 52
(3)
سورة الدخان الآية 53
(4)
سورة الدخان الآية 54
(5)
سورة الدخان الآية 55
(6)
سورة الدخان الآية 56
(7)
سورة الدخان الآية 57
(8)
سورة الرعد الآية 35
(9)
سورة محمد الآية 15
(10)
سورة ص الآية 49
(11)
سورة ص الآية 50
(12)
سورة ص الآية 51
(13)
سورة ص الآية 52
(14)
سورة ص الآية 53
(15)
سورة ص الآية 54
(16)
سورة النبأ الآية 31
(17)
سورة النبأ الآية 32
(18)
سورة النبأ الآية 33
(19)
سورة النبأ الآية 34
(20)
سورة النبأ الآية 35
(21)
سورة النبأ الآية 36
(22)
سورة السجدة الآية 17
الجنة فيها النعيم، فيها القصور، فيها الغرف، فيها الخيام، فيها الحلي، فيها الفرش، فيها الأرائك، فيها الحور، فيها الغلمان (الخدم) فيها الأشجار، فيها الفواكه، فيها الأنهار، فيها العيون، فيها الأسواق، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله تبارك وتعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر (1)» .
وقال أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} (2).
وقال تعالى في أهل الجنة: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} (3){عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ} (4){تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ} (5) وقال تعالى: {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ} (6){عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ} (7) وقال تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} (8) وقال ابن القيم في وصف الجنة: (9)
فاسمع إذن أوصافها وصفاتها
…
تيك المنازل ربة الإحسان
(1) رواه البخاري في صحيحه (كتاب التفسير) سورة السجدة باب 32 حديث 4779، ورواه مسلم في صحيحه (كتاب الجنة) حديث 2824.
(2)
سورة السجدة الآية 17
(3)
سورة المطففين الآية 22
(4)
سورة المطففين الآية 23
(5)
سورة المطففين الآية 24
(6)
سورة المطففين الآية 34
(7)
سورة المطففين الآية 35
(8)
سورة الحجر الآية 47
(9)
نونية ابن القيم، (وصف الجنة).