الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولا: حق ولي الأمر في الجباية:
مما تقدم يتبين ما يأتي:
أ- الأموال الظاهرة بالنسبة لما تجب فيه الزكاة هي: بهيمة الأنعام والحبوب والثمار. والأموال الباطنة هي: النقدان وعروض التجارة. أما زكاة الفطر فقيل من الظاهرة وقيل من الباطنة.
2 -
يجب على ولي الأمر جباية الزكاة ممن امتنع من إخراجها، فإن أبى أن يعطيها لعمال الإمام أيضا وجب قتاله حتى تؤخذ منه؛ لحديث:«أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة (1)» . . " الحديث، ولقتال أبي بكر رضي الله عنه من منعها، مع تسليم الصحابة رضي الله عنهم ذلك له، وقتالهم معه، والمحافظة على حقوق مستحقيها، وإقامة هذه الشعيرة التي هي من أعظم أركان الإسلام، ولا إنكار للمنكر.
3 -
إذا طلب ولي الأمر دفع زكاة الأموال الظاهرة إلى عماله وكان عادلا وجب على أرباب هذه الأموال دفعها إلى جباتها إجماعا، وإذا طلب دفع زكاة الأموال الباطنة فقيل: يجب دفعها إلى عماله؛ لعموم آية: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} (2) ولعموم الأحاديث الواردة في ذلك، ولما في منعها بعد طلبها من شبهة الخروج عليهم المؤدي إلى الهرج والفساد، ولأنه طلب أمرا جائزا له فوجبت طاعته فيه، ولأنه يتيقن
(1) صحيح البخاري الإيمان (25)، صحيح مسلم الإيمان (22).
(2)
سورة التوبة الآية 103
سقوط الفرض به، بخلاف توزيعها من قبل رب المالي بنفسه أو وكيله بعد طلبها منه، ولأن الإمام أعرف بالمستحقين وبالمصالح وبقدر الحاجات وبمن أخذ من قبل، ولأنه يقصد لها. وقيل: يجوز لرب المال أن يفرقها بنفسه أو وكيله، ليكون على يقين من وصولها إلى مستحقيها.
4 -
إذا كان الإمام عادلا ولم يطلب زكاة الأموال الباطنة فقيل: الأفضل أن يفرقها رب المال بنفسه. وقيل: الأفضل أن يسلمها لعمال الإمام. وتعليل القولين ما تقدم في الفقرة الثالثة. والاختلاف بين ما ذكر في الفقرتين إنما هو في الوجوب والأفضلية بناء على وجود طلب من الإمام وعدمه.
5 -
إذا طلب الإمام زكاة الأموال الظاهرة وكان جائرا فقد قيل: يجب دفعها إليه؛ لعموم الأدلة ولدرء الفتنة، على ما تقدم، وبذلك تبرأ ذمة دافعيها، والإثم على من خان فيها من الإمام أو عماله. وقيل: لا يدفعها له، بل يحتال لإخفائها منه، ثم يخرجها بنفسه أو وكيله الأمين، ويضعها في مصارفها الشرعية. وإن طلب زكاة الأموال الباطنة ففي وجوب دفعها ومنعها خلاف. وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه ينبغي ألا يدفعها له، ويجب توزيعها على مستحقيها، فإن أكره على أخذها منه في الأموال الظاهرة والباطنة أجزأته وبرئت منها ذمته، وإن لم يطلبها لم تدفع له، بل يجب على رب المال تفريقها في مصارفها الشرعية.