الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإثبات عندما قال ضمن مذكرات الشيخ التاريخية: وولد كاتب الأحرف، على ما في خط الوالد ليلة السبت 9 ربيع الثاني 1300 هـ، ثم أضاف الشيخ حمد الجاسر ناشر هذه المذكرات في مجلة العرب: وهذه الجملة بخط ابنه الأستاذ أحمد (1). مما يجعلني أجزم بهذا في تاريخ ولادته وأراه الأصح فيها.
(1) مجلة العرب ج 5، 6س 16/ 1401 هـ ص 389.
نشأته:
نشأ الشيخ محمد بن مانع في بيت علم وصلاح، فهو من أسرة عرف رجالها بالعلم والعمل في قضاء المدن التالية: أشيقر وشقراء وعنيزة والرياض، منهم والده الذي تولى قضاء عنيزة، وإمامة وخطابة الجامع الكبير في عنيزة عام 1303 هـ حتى توفي، وقد ترجم حمد بن ناصر آل وهيب في كتابه: معجم أسر بني تميم في الحديث والقديم لمجموعة من علماء آلة مانع، وتحدث عن مكانتهم العلمية، ومنزلة من تولى القضاء منهم (1).
وعلى ما ذكر الشيخ محمد في مذكراته وبخط يده، فإن والده يعتبر قد توفي، وهو -أي الشيخ محمد - لا يزال صغيرا، حيث جاء في مذكراته التي نوهنا عنها قوله: توفي والدي في 27 جمادى الأولى عام 1307 هـ في بلد عنيزة (2).
ومن قال: إن والده أدخله الكتاب حين بلغ السابعة من
(1) ينظر هذا الكتاب ج 2 ص 480 - 483.
(2)
مجلة العرب السابق ذكرها ص 390.
عمره، وفيه تعلم قراءة القرآن، ووعى الدروس وعيا تاما (1). فلعله فعل ذلك قبل وفاته بمدة وجيزة، حيث توفي والده وهو في السابعة من عمره، ويؤيد هذا ما قاله الشيخ عبد الله بن بسام: فلما بلغ السابعة أدخله والده كتابا؛ ليتعلم القرآن، وكان والده مريضا إذ ذاك وهو قاضي بلدة عنيزة، وبعد أيام توفي والده، فقرأ القرآن كله وحفظ بعضه ثم اشتغل بطلب العلم (2).
أما الشيخ محمد بن عثمان القاضي فقد اعتبر عمره عندما توفي والده تسع سنوات؛ لأنه رأى أن ولادته كانت في عام 1298 هـ (3). وفي علماء آل سليم وتلامذتهم وعلماء القصيم يقول المؤلف صالح السليمان العمري: حدثني الشيخ العلامة والبحر الزاخر الفهامة، الشيخ محمد بن الشيخ عبد العزيز بن الشيخ محمد بن مانع رحمه الله قال: لما توفي والدي كنت صغيرا فقالت والدتي- وسماها المؤلف نورة بنت رشيد الشبيلي -: اذهب إلى تلميذ جدك وشيخ أبيك الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم في بريدة، فاقرأ عليه، قال: فذهبت إليه في بريدة فرحب بي وأكرمني واعتبرني كأحد أبنائه، ولازمته حتى توفي رحمه الله، وكنت في سن الشيخ عمر بن الشيخ محمد بن سليم، فكنا نتنافس أينا يسبق الآخر في أخذ حذاء الشيخ محمد بن سليم فيقدمها له عند خروجه من المسجد، قال: فغبت مرة، ولما عدت سبقت
(1) مجلة (المنهل) جمادى الآخرة 1414 هـ ص 89.
(2)
(علماء نجد خلال ستة قرون) 3: 827.
(3)
انظر روضة الناظرين 2: 282.
الشيخ عمر في أخذ حذاء الشيخ محمد وقدمتها له، فلما التفت إلي فرح وقال لي: أحسبك آبقا، وكان كثير التحدث عن شيخه الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم، ومجلسه وسعة علمه وورعه، وربما ساق بعض الأمثلة التي سمعها من الشيخ محمد في النحو وغيره، وإذا تحدث عنه وصفه بالبحر (1).
ومن هذا الإيراد تدرك أن الشيخ محمد بن مانع نشأ في بيت علم وفضل وأدب وعرفان بمكانة العلماء، وأن هذه المدرسة العلمية التي نشأ فيها انعكست على والدته التي أحسنت توجيهه بعد وفاة أبيه وكانت له نعم الموجهة إلى درب العلم لإدراكها مكانة العلم ومعرفتها بالمنبع الصافي الذي يمكن أن يرده ابنها لينهل منه، حيث أدركت الرابطة المتينة التي تشد العلماء صلة وبرا وعرفانا بالفضل لأهله، وما ذلك إلا أن للنشأة في بيت العلم انعكاسا على أهله، كحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تجد منه ريحا طيبا، فالعلماء هم المصابيح التي يستضيء بها الساري، ويسترشد بما آتاهم الله الناس، ولذا أحبت هذه الأم لابنها أن يرتقي لمكانة أبيه وجده في العلم؟ لأنها فاهمة مدركة، وهذا جزء من أثر العلماء فيمن حولهم، يقول حافظ إبراهيم:
الأم مدرسة إذا أعددتها
…
أعددت شعبا طيب الأعراق
(1) علماء آل سليم 2: 459.
فكانت لابنها مرشدة بالذهاب إلى شيخ أبيه، وتلميذ جده؛ لأن صلة العلم رابطة مودة ووفاء أقوى من صلة الرحم عند من يدرك للعلم حقه.
والتلميذ محمد بن مانع قد تأصلت في قرارة نفسه جذور الأدب مع مخائل الذكاء منذ حداثة سنه عرفانا بدور العلماء وما يجب لهم من احترام كما كان الوفاء موجودا عند شيخه محمد بن سليم عندما وفد إليه في بريدة، ليمكن الصلة العلمية وليبذر في حفيد شيخه وابن تلميذه ما يستطيع: لعلمه بأن هذا البيت أرضه خصبة، وأن التلميذ معدنه أصيل، ولذا نرى الشيخ محمد بن سليم يفرح عندما رأى تلميذه محمد المانع يقدم له حذاءه بعد غياب ظنه نكوصا عن طلب العلم، وفرحه هذا لم يكن من أجل تقديم الحذاء له وخدمته؛ لأنه يعرف أن هذا من أدب التلميذ مع شيخه، ومن توقير العلم وعرفان التلميذ وهو في السن الصغيرة بمكانة العلم، وما يجب أن يعمل مع حملته من احترام وتقدير، لكنه فرح بعودته لمجلس العلم ورغبته فيه، حيث كان يؤمل فيه خيرا، لحرصه عليه أكثر من حرصه على أولاده رعاية وتوجيها، ذلك أن العالم الحريص على تبليغ ما أفاء الله عليه وتأدية حق العلم الذي حمله في صدره يعتبر تلاميذه كلهم أبناءه، فيحوطهم بالنصح وحسن التوجيه، ويهتم بتنمية مواهبهم ويسعد بالنجباء منهم، يقول العمري في كتابه (علماء آل سليم) بعد أن وفد محمد بن مانع عليهم راغبا في العلم: فتلقاه الشيخ محمد ابن سليم خاصة وآل سليم عامة بكل حفاوة وإكرام؛ لمكانة والده