الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الهمة وحب العلم لذات العلم، حيث بذل في سبيله أقصى ما يستطاع من جهد وتغرب عن الأوطان؛ إرضاء لنهمة في نفسه، وحبا في الارتقاء درجات في المكانة العلمية، وتحمل في هذا الطريق المشاق متمثلا بقول الشاعر:
وما المرء إلا حيث يجعل نفسه
…
فكن طالبا في الناس أعلى المراتب
فصبر وصابر واغترب وتحمل في زمن تشق الغربة ويشتد ألمها، ولسان حاله يردد مع الإمام الشافعي رحمه الله قوله:
تغرب عن الأوطان في طلب العلى
…
وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفرج هم واكتساب معيشة
…
وعلم وآداب وصحبة ماجد
فكان متأسيا بالعلماء من سلف هذه الأمة في حب العلم دراسة وتدريسا وتحمل شظف العيش في سبيله؛ استهانة بالتعب ووعثاء السفر، واحتساب كل ذلك لله سبحانه، فحقق الله على يديه خيرا في كل مكان حل فيه، إذ هو كالغيث أينما حل نفع، وهذه هي سمات العلماء المخلصين، فلم يكل ولم يمل حتى وافاه الأجل وهو على همته في الدعوة والتعليم.
نسبه ومولده:
ولد الشيخ محمد بن عبد العزيز بن محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن مانع بن إبراهيم بن حمدان بن محمد بن مانع بن شبرمة، ومن شبرمة إلى وهيب، مؤكدا النسب بلا ريب ولا شك،
وإنما يجهل أسماء الآباء وعددهم، فآل مانع من آل شبرمة، التي تشمل معهم آل جنيب، وآل سويكت في الزلفي، وآل أبي حسين، وآل شيحة وغيرهم من الأسر المتفرقة في بلدان نجد، وآل شبرمة من آل محمد الذين هم أحد فخذي آل وهيب، المسمون الوهبة الذين هم من بني حنظلة أحد البطون الكبار في القبيلة الكبيرة، الشهيرة- بني تميم - كما ذكر ذلك الشيخ عبد الله بن بسام في كتابه علماء نجد خلال ستة قرون (1) في تسلسل نسب الشيخ محمد بن مانع.
وجاء في معجم أسر بني تميم لحمد بن ناصر آل وهيب بعد شبرمة قوله: من آل محمد بن محمد بن علوي بن وهيب الوهبي الحنظلي التميمي (2).
وعلى قول الشيخ محمد بن مانع في نسبهم- مدير المعارف السابق-: فشب نسبنا في هذه الشبرمة (3). يقول حمد آل وهيب: قلت: ومعلوم أن الشبرمة شجرة ذات شوك وأغصان معوجة تنبت صيفا، فما دخل فيها قد ينشب (4).
وجاء في تحفة المستفيد في تاريخ الأحساء لمحمد بن عبد الله آل عبد القادر: محمد بن عبد العزيز آل مانع " ويرد ابن مانع، والمانع " فصل: المنتمون للقبائل العربية من سكانها. .
(1) انظر ج 3: ص 827.
(2)
ج2 ص 482.
(3)
(علماء نجد خلال ستة قرون) لابن بسام 3: 887 الهامش.
(4)
معجم أسر بني تميم 2: 482.
آل مانع ينتمون إلى بني تميم، وعميد آل مانع في عصرنا الحاضر: الشيخ محمد بن عبد العزيز آل مانع، ثم قال: ويعتبر من كتاب العلماء الذين تجول أقلامهم في مختلف حقول الإصلاح الديني والثقافي والاجتماعي، وله من الأبناء الذكور الشيخ عبد العزيز، وأوسطهم الشيخ عبد الرحمن، وأصغر منه الشيخ أحمد، فقيه محقق، متخصص بمعرفة الكتب ومؤلفيها (1).
ويقول الشيخ حمد الجاسر في مجلة العرب عنه: من أسرة برز عدد من أفرادها بالعلم، درس على مشاهير علماء نجد (2). وقد اختلف الكاتبون في تاريخ ولادته، ففي كتاب علماء آل سليم وتلامذتهم يقول المؤلف صالح بن سليمان العمري:
ولد الشيخ محمد بن مانع رحمه الله في آخر القرن الثالث عشر، وقال لي: إنه في سن الشيخ عمر بن سليم، والشيخ عمر ولد عام 1299 هـ، وقد ولد رحمه الله في بيت علم ودين، وورع وتقوى (3)، ولذا نراه لم يحدد سنة معينة لولادته، ولكنه قاس على ولادة الشيخ عمر بن سليم، وكأنه يحدد ميلاده حسب ما قال له بميلاد الشيخ عمر بن سليم.
أما الشيخ عبد الله بن بسام في كتابه علماء نجد خلال ستة قرون فيقول في ترجمته: ولد المترجم له في بلدة عنيزة، المدينة
(1) انظر تحفة المستفيد 1: 34 - 36.
(2)
مجلة العرب ج 3، 4 س 16 سنة 1401هـ.
(3)
انظر ج2 ص 459.
الشهيرة بالقصيم عام 1300 هـ (1)، وعنه أخذ الدكتور علي جواد الطاهر في معجم المطبوعات العربية (2)، وبه قال تلميذه ابن عبد القادر وهو أقدم من ترجم له في كتابه: تحفة المستفيد (3). وبمثل هذا جاء في مجلة المنهل تحت عنوان: الرائد الشيخ محمد بن مانع، فقد قال الكاتب الذي لم يسئم ولعل المقال من القائمين على المجلة حيث جاء في الهامش: استعنا بمقال عن الرائد الشيخ محمد بن مانع منشور في الأربعاء الأسبوعي، من إعداد نور الإسلام بن جعفر آل فايز 13 ربيع الآخر عام 1414هـ: ولد الرائد الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع بن شبرمة في بلدة عنيزة بالقصيم (4).
كما أخذ بهذا عبد الله بن أحمد الشباط في حديثه عن الشيخ محمد بن مانع في المجلة العربية، ولعل هؤلاء أخذوا عن الشيخ عبد الله البسام (5)، وأن الشيخ أخذ عن ابن عبد القادر في تحفة المستفيد كما مر بنا.
أما السيد ولي الدين أسعد الذي تعرف بالشيخ محمد عن كثب وارتبط بابنه أحمد عن قرب؛ لأن عملهما سويا في القاهرة في البعثات السعودية، فإنه قد كتب عن الشيخ محمد مقالا في
(1) ج3 ص827.
(2)
انظر ج3 ص1200.
(3)
انظر ج1: 34.
(4)
مجلة (المنهل) جمادى الآخرة 1414هـ ص89.
(5)
المجلة العربية العدد (247) شعبان عام 1418هـ ص36.
مجلة المنهل بعد ما توفي الشيخ مباشرة، وبدأ موضوعه بقوله: عرفته رحمه الله كوالد وصديق ورئيس، فلقد جمع العمل بيني وبينه عدة سنوات، فكان هو المدير العام للمعارف ببلادنا، وكنت أنا مديرا للبعثات العلمية والمعتمد الثقافي للمعارف بمصر، فلمست فيه الشمائل العالية النبيلة، والأخلاق الفاضلة العظيمة، فلقد كان مخلصا في عمله، نزيها إلى أقصى حدود النزاهة، محبا للخير وللناس، بعيدا عن الهوى والغرض، والتعصب المذهبي والعنصري.
وبعد أن أثنى عليه وعلى سيرته النزيهة وجهوده في عمله ذكر تاريخ وفاته، ولم يذكر تاريخ ولادته، إلا أنه قال: بعد نيف وثمانين عاما من عمره، قضاها في خدمة العلم والتعليم (1)، والنيف في اللغة ما بين الواحد إلى الثلاثة (2) فكان يتوقع ولادته ما بين واحد وتسعين إلى ثلاثة وتسعين ومئتين وألف.
والشيخ محمد بن عثمان القاضي بعنيزة، يجزم في كتابه:
روضة الناظرين عن مآثر علماء نجد، بسنة معينة هي عام 1298هـ، وينسب القول للشيخ نفسه فيقول: ولد هذا العالم الجليل في عنيزة عام 1298هـ، حسبما ذكر لي- رحمه الله في بيت علم وشرف ودين، فرباه والده أحسن تربية فنشأ نشأة حسنة (3).
(1) مجلة (المنهل) الجزء (11) المجلد (26) ذو القعدة عام 1385 هـ ص 865، 866.
(2)
لسان العرب المجلد 9: 342.
(3)
ج2 ص 281.
وبنفس العبارة والتاريخ قال صلاح بن إبراهيم الزامل في المجلة العربية، عندما تحدث بلمحات من حياة هذا العالم الجليل، ولعله استقى ذلك من كتاب الشيخ محمد بن عثمان القاضي (1) أما الشيخ صالح السليمان العمري في كتابه: علماء آل سليم، فقد اعتبر ولادة الشيخ محمد بن مانع في آخر القرن الثالث عشر، ولم يحدد سنة معينة، وكان ذلك بما نقله عن قوله رحمه الله بأنه والشيخ عمر بن سليم في سن واحدة، وقرر بأن الشيخ عمر بن سليم قد ولد عام 1299 هـ واضطرب الأمر عليه فقال: فكان والده قد توفي وهو في سن مبكرة لم يتجاوز العاشرة (2). وهذا القول فيه فرق عما قاله غيره، بأن عمره السابعة عندما توفي والده على رأي الأكثرية الذين قالوا: إن ولادته عام 1350 هـ، حيث يقول رحمه الله في نبذته التاريخية: توفي والدي عبد العزيز بن محمد في 27 جمادى الأولى عام 1357 هـ في بلد عنيزة (3).
وقد يتبادر لذهن القارئ أن الأرجح في تاريخ ولادته أنه في عام 1298هـ، وهو ما أورده الشيخ محمد القاضي منسوبا للشيخ نفسه، وهو مصدر يتجه ذهن القارئ معه إلى أنه من أوثق المصادر؟ لأنه إثبات وإخبار منسوب للشيخ بالمشافهة، ولكن قد يكون رأي الشيخ أحمد بن الشيخ محمد بن مانع أقرب للصحة، والقائل به من أقرب الناس للشيخ وهو ابنه؛ لتعارضه مع هذا
(1) العدد (214) ذو القعدة 1415 هـ، ص 88.
(2)
علماء آل سليم 2: 459.
(3)
مجلة العرب ج 5، 6 س 16/ 1401هـ ص 390.