الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن مانع، صفحاتها 918 صفحة.
19 -
وله آثار أخرى، منها: مناسك الحج على المذاهب الأربعة، جمعها ابن مانع، ومذكرات تاريخية نشرها الشيخ حمد الجاسر في مجلة العرب، وقال عبد الله بن بسام في ترجمة جده الشيخ صالح بن حمد البسام: والدي ألف رسالة صغيرة في تاريخ عنيزة، نسبها الشيخ محمد بن مانع لنفسه ولم يزد (1). ولا أظن الشيخ محمد ممن يعمل ذلك لعلمه وسعة اطلاعه، ولمكانته التي لا يتطرق إليها الشك.
(1) انظر (معجم المطبوعات العربية) في المملكة العربية السعودية 3: 1202 إلى ص 1209.
أعماله:
كانت الدعوة إلى دين الله الحق، وتوضيح منهج السلف الصالح للناس، والرغبة في تبليغ ما أعطاه الله من علم، من أهم الهواجس التي تعتمل في جوانحه. . ولذا كان في طلبه العلم معلما يبين حقيقة التوحيد ويدافع عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية بين زملاء الطلب، ومع معلميه في كل من العراق والشام ومصر، وفي البحرين والأحساء وقطر، بل وفي مهد طفولته عندما كان يتعلم في القصيم.
1 -
وكان أول عمل قام به في بغداد، عندما كان يتعلم، بعدما دعاه بعض أكابر بغداد ليكون إماما له ويقرأ عليه كتب الحديث، فقرأ عليه بعضا من صحيح البخاري، وجميع صحيح مسلم، والجزء الأول من زاد المعاد لابن القيم،
والجزء الأول في مسند الإمام أحمد بن حنبل، والموطأ للإمام مالك، وكثيرا من كتب التاريخ، وقرأ نزهة النظر للحافظ ابن حجر (1)، وكان ذلك قبل رجوعه إلى بلده عنيزة - عام 1329 هـ.
2 -
وفي عام 1330 هـ دعاه مقبل بن عبد الرحمن الذكير أحد تجار نجد وأعيانها المقيمين في البحرين (2) إلى أن يكون رئيسا للنادي الذي أنشأه في البحرين لمكافحة التبشير، وتحرير المقالات والتباحث، وإعداد الردود على المسيحيين المبشرين، الذين انتشروا في أطراف الجزيرة العربية والخليج العربي للتبشبر بالنصرانية، وقد قام المترجم له بالعمل خير قيام (3).
3 -
وفي عام 1334 هـ طلبه حاكم قطر الشيخ عبد الله بن ثاني، فرحل إليه وولاه القضاء فيها والتدريس والخطابة في جامعها، فأمضى فيها حوالي ربع قرن، ورحل إلى الدوحة للقراءة عليه جمع لا حصر لعددهم، ونفع الله به، وصارت كلمته عندهم نافذة ومسددا في أعماله (4). وقد اختلف الكاتبون عنه في مدة بقائه في قطر ما بين 25، 24، 23 سنة.
وفي أثناء وجوده في قطر سعى لإنشاء المدرسة الأثرية
(1)(مشاهير علماء نجد وغيرهم) لعبد الرحمن آل الشيخ ص269.
(2)
المصدر السابق.
(3)
(علماء نجد خلال ستة قرون) لابن بسام 3: 830.
(4)
(روضة الناظرين) لمحمد القاضي 2: 283.
التي أسهم بعض أعيان البلاد في إنشائها، وفي مقدمتهم: خالد بن محمد الغانم، وخليل إبراهيم الباكر، وقد استمرت هذه المدرسة تؤدي رسالتها من عام 1913 م إلى عام 1938 م.
كما ذكر الأستاذ عبد الله بن أحمد الشباط نقلا عن محاضرة التعليم في قطر للدكتور كمال ناجي، حيث بين أثرها، وبعضا من العلماء والأدباء الذين تخرجوا منها (1).
4 -
وفي عام 1358 هـ قدم الأحساء، ومكث فيها إلى شهر جمادى الآخرة من السنة المذكورة- كما ذكر ذلك عبد الرحمن آل الشيخ في كتابه مشاهير علماء نجد وغيرهم- وفي هذه الأثناء قدم الأحساء عبد الله السليمان الحمدان، فاتصل به وقابله، وأشار عليه ابن سليمان بالقدوم على الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود والبقاء عنده، فقبل ذلك، وقدم على الملك عبد العزيز في مدينة" الرياض فأكرمه الملك عبد العزيز وعينه مدرسا في الحرم المكي الشريف، فأقام في مكة واجتمع عليه كثير من طلاب العلم يقرءون عليه في الفقه والحديث، والنحو والفرائض (2)، ثم ذكر بعضا ممن يعرف من تلاميذه في الحرم.
5 -
ثم عينه الملك عبد العزيز رئيسا لثلاث هيئات: هيئة تمييز الأحكام الشرعية، وهيئة الأمر بالمعروف، وهيئة الوعظ
(1) انظر (المجلة العربية) شعبان عام 1418 هـ ص 36 مقال لعبد الله الشباط عن الشيخ محمد بن مانع.
(2)
(مشاهير علماء نجد) ص 270.
والإرشاد (1)، فقام بهذه الأعمال إلى جانب قيامه بالتدريس في المسجد الحرام بعد صلاة الفجر، وبعد صلاة المغرب (2).
وزاد الشيخ محمد بن عثمان القاضي بقوله: إنه رئيس ومشرف للوعظ والإرشاد في الحرمين، فقام بهذه الوظائف خير قيام، وسدد في أعماله (3). أما الدكتور جواد الطاهر في معجمه فقال: صدر مرسوم ملكي عام 1365 هـ بتعيينه مديرا عاما للمعارف، ورئيسا لمجلس المعارف، ولهيئة تأديب الموظفين، ورئيسا لهيئة تمييز القضاء الشرعي (4).
6 -
ويجمل السيد ولي الدين أسعد عمل الشيخ في الخليج بقوله: ولما عاد من القاهرة استدعاه أمراء إمارات الخليج كالبحرين وقطر وعمان، واستعانوا به في نشر التعليم، وإنشاء المدارس، وبقي مدة بين البحرين وقطر، وأخيرا استقر به المقام بقطر، ومكث بها نحو أربعة وعشرين عاما، تولى فيها وظيفتي الإفتاء والقضاء، وإلى جانب هذا كله كان يقوم بنشر التعليم في منطقة الخليج العربي بإلقاء الدروس والمحاضرات وإنشاء المدارس، ولقد تتلمذ عليه واستفاد منه خلق كثير في هذه المنطقة، وتخرج عدد كبير من العلماء والمثقفين من المدرسة التي أنشأها بقطر، هم طليعة النهضة التعليمية في تلك البلاد،
(1)(علماء نجد خلال ستة قرون) 3: 830.
(2)
(مشاهير علماء نجد وغيرهم) ص 270.
(3)
(روضة الناظرين) 2:283.
(4)
(معجم المطبوعات العربية) في المملكة العربية السعودية 3: 1200.
وفي ساحل عمان (1). والسيد ولي الدين أسعد هو أول من أشار إلى عمان، ضمن البلاد التي كان له أثر فيها.
7 -
وفي عام 1365 هـ صدر مرسوم ملكي كريم، بتعيينه مديرا عاما للمعارف، ثم أسندت إليه رئاسة دار التوحيد بالطائف. .
كما ذكر ابن بسام (2)، ويرى عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ في كتابه: مشاهير علماء نجد وغيرهم أن إسناد رئاسة دار التوحيد إليه كان في عام 1366 هـ واستمر في عمله التعليمي إلى أن أحدثت وزارة المعارف سنة 1373 هـ وعين صاحب السمو الملكي الأمير فهد " خادم الحرمين الشريفين " وزيرا للمعارف، فحينئذ نقل الشيخ محمد بن مانع مستشارا برتبة وكيل وزارة إلى عام 1377 هـ (3).
8 -
وفي عام 1372 هـ يذكر الشيخان محمد بن عثمان القاضي وعبد الله بن بسام: أن الشيخ محمد بن مانع قام بجولة تفقدية من مكة على مدارس بعض مناطق المملكة، فمر بجدة فطريق المدينة، حتى وصل المدينة، ومنها إلى حائل ثم القصيم، ثم واصل سيره إلى بلدان الوشم وسدير ثم الرياض، ومنه إلى الأحساء والمنطقة الشرقية والشمالية، ثم عاد إلى الرياض، واستأنف الجولة في جنوب نجد.
وقد استقبل في كل بلدة ومدينة وقرية مع الأعضاء الذين
(1) مجلة (المنهل) ذو القعدة 1385 هـ ص 865.
(2)
(علماء نجد خلال ستة قرون) 3: 830.
(3)
(مشاهير علماء نجد وغيرهم) ص 271.
انتدبوا معه استقبالا رائعا لم يعهد له مثيل قبله، وخاصة في القصيم، حيث عمل له في عنيزة مخيم كبير في قبلي عنيزة، واحتفوا به احتفاء عظيما، وألقيت بين يديه القصائد الرنانة والخطب الطنانة، وخرج الطلبة وأعيان البلاد، وأنشد الأساتذة والطلاب أناشيد الترحاب بمقدمه الميمون. وكان ممن ودعه لما انتهى من الأحساء تلميذه الشيخ: محمد بن عبد الله آل عبد القادر الأحسائي بقوله:
هبوا إلي صبرا قبل يوم التفرق
…
يخفف ما بي من عظيم التشوق
فكيف سلوي عن لطيف شمائل
…
أرق وأصفى من شمول معتق
شمائل تهدي الزائرين بعرفها
…
لصاحبها الشهم التقي الموفق
محمد المعطي المنى وابن مانع
…
لأهل الردى عن غيهم والمعوق
محقق فقه الحنبلي بوقته
…
فأكرم به من حافظ ومحقق
وفي عنيزة حياه عبد الله بن محمد السناني بقصيدة طويلة منها قوله:
أهلا بمقدمك السعيد ومرحبا
…
وعليك من أم القصيم سلام
إنا نحيي فيك حبرا فاضلا
…
شهدت له في فضله الأعلام
فانزل على الرحب الرحيب مبجلا
…
كالغيث أرسله الغداة غمام
بسمت عنيزة إذ نزلت بساحها
…
وتزحزحت بقدومك الآلام
اليوم شرفت البلاد فحبذا
…
رجل المعارف لو يطول مقام
شق الشباب بها ميادين العلى
…
قدما وأنت القائد المقدام
والنشء هم قلب البلاد وروحها
…
وجراحها بطموحهم تلتام
حي المدارس فالتقدم دأبها
…
أثر المعاهد والطموح زحام
والنشء مثل الزهر بعض ضاحك
…
والبعض لم تقذف به الأكمام
عاش المليك لشعبه وبلاده
…
ترنو الملوك إليه والحكام
يدعو بطول بقائه وحياته
…
الشعب والعرفان والإسلام
وهي طويلة. . أما أخبار الرحلة، فيوجد نبذة عنها في مجلة المنهل العدد الثاني لعام 1373 هـ.
9 -
ويذكر ولي الدين أسعد في مجلة المنهل: أن المعارف قد ازدهرت في عهده، ونهضت البلاد نهضة مباركة كان من أثرها أن كثرت البعوث إلى مصر، وعني بمدرسة تحضير البعثات، وكثر المتخرجون من الجامعات المصرية، وأنشئت مدارس كثيرة ومن أهم هذه المدارس: كليتا الشريعة الإسلامية واللغة العربية، ولشدة حرصه على نجاح الدراسة بالكليات العالية ككلية الشريعة ودار التوحيد وغيرهما، كان يحضر إلى القاهرة بنفسه ويختار الأساتذة لهذه الكليات بعد دراسة واختبار لحالتهم من جميع النواحي، وفي الوقت نفسه كان يبحث عن العلم والمعرفة وعلى إذاعتهما كما هي عادته، فكان يحضر محاضرات ودروس بعض علماء مصر الأعلام ويباحثهم ويناقشهم في كثير من المسائل العلمية، حتى بهرهم بكثرة علمه وسعة اطلاعه (1).
10 -
يذكر صلاح بن إبراهيم الزامل ضمن مقال له في المجلة عن الشيخ محمد بن مانع بعضا من أبرز أعماله في مجال الدعوة والتعليم فيقول باقتضاب:
أ- في البحرين طلب منه الأديب مقبل الذكير أن يأتي إلى البحرين لأجل مكافحة إرساليات التنصير التي
(1) مجلة (المنهل) ج 11 مجلد 26 ذو القعدة 1385 هـ ص 866.
يتزعمها- وقتذاك- القس زويمر، وخصوصا في بلاد البحرين، فقام بهذا العمل هو والأستاذ مقبل الذكير، وكافحا التنصير بتوعية الناس وتحذيرهم من هذا الداء العضال، إضافة إلى نشر الكتب والرسائل التي تحذر من هذا التنصير، وقد استمر في هذا العمل الجليل أربع سنوات.
ب- بعد أن عينه الملك عبد العزيز مسئولا عن التعليم بالمملكة، فتحت عشرات المدارس في عهده، وأدخل كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مناهج التعليم على حسب المستويات، فانتفع بها عظيم النفع (1).
11 -
يذكر الشيخان عبد الله البسام، ومحمد القاضي أنه في عام 1374 هـ طلبه حاكم قطر - سابقا- الشيخ علي بن عبد الله بن ثاني من حكومتنا- الحكومة السعودية - فلبت الحكومة نداء الشيخ علي فرحل إلى قطر، وصار مشرفا على سير التعليم فيها وإصلاح مناهجه، ومستشارا وإماما وخطيبا لجامع الدوحة، وصار لكلمته نفوذ وسدد في أعماله، وقد استقبله أهل قطر استقبالا رائعا، وعينه الشيخ علي مشرفا على التعليم والشئون الدينية، فصار جليس صدق، وموضع سر للشيخ علي، وأخذ يشير على الشيخ بطبع كتب العلم النفيسة، وكان عنده أكبر خزانة للمخطوطات، وهم حنابلة، وهو من رجال العلم، مع مخطوطات كثيرة ونفيسة عند الشيخ ابن مانع، وأخذ ينشر الكتب المفيدة بطباعة حسنة نيرة، يوزعها
(1) المجلة العربية العدد (214) ذوالقعدة عام 1415 هـ ص 88، 89.
على طلبة العلم مجانا، وأكثر من الطباعة، حتى بلغ ما يزيد على مائة كتاب، من كتب الحنابلة في الفقه، وفي الأدب والتاريخ والتفسير والحديث، والتوحيد، هذا غير الرسائل والمناسك.
ولا شك أن له نصيبا من الأجر، فالدال على الخير كفاعله، فقد وجدت الكتب النادرة، فحصلت منها الفائدة الكبيرة، وقد كتب إليه تلميذه الشيخ محمد بن عبد الله آل عبد القادر قصيدة بعدما وصل إلى قطر للإشراف على سير التعليم وإصلاح مناهجه منها هذه الأبيات:
سقى قطرا قطر السماء وعلها
…
فقد جاءها الحبر الكريم وحفها
تبدى بها الشيخ الإمام ابن مانع
…
حوى من صفات الأكرمين أجلها
فتاهت به أرجاؤها وتزخرفت
…
فهل لبلاد أن تسامى محلها
هو العالم النحرير في فقه أحمد
…
إذا ما تصدى للمشاكل حلها (1)
12 -
وعن عودته للعمل في قطر يقول ولي الدين أسعد: ولما له من مكانة سامية، وسمعة طيبة يتمتع بها في القطر الشقيق " قطر " لسابق عمله في هذا القطر، قبل أن ينزح إلى الحجاز،
(1) ينظر في هذا كتاباهما (روضة الناظرين) 2: 484، و (علماء نجد خلال ستة قرون) 3:832.
حيث شارك هناك في نشر التعليم، وفي إدارة القضاء- كما أسلفنا- مما جعل أمراء قطر يقدرونه ويحترمونه، ويثقون به، طلبوا من الحكومة السعودية انتدابه للعمل بهذا القطر العربي الشقيق، فلم يسع الحكومة السعودية إلا الموافقة على ذلك، برغم حاجة البلاد إلى أمثاله من رجالات العلم المخلصين.
فانتهت إليه هناك رئاسة الشئون الدينية، وفي الوقت نفسه كان كمستشار لأمير قطر لا يبرم أمرا ما لم يستطلع رأيه فيه أولا، وكان يؤدي عمله في هذا البلد على أتم وجه وأحسنه إلى أن فاجأه المرض (1).
وعن تاريخ انتقاله إلى قطر - كما مر بنا- يرى الشيخان ابن بسام والقاضي، أن ذلك كان في عام 1374 هـ، وغيرهما ممن كتب عنه يرى الانتقال لقطر دون تحديد تاريخ معين، إلا أن الشيخ: عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ في كتابه (مشاهير علماء نجد وغيرهم يرى أن ذلك كان في عام 1377 هـ (2)، وأجدني أميل مع قوله هذا؛ لأن الشيخ محمد بن مانع قد انتقل للرياض، واشترى بيتا في شارع آل سويلم، وسكنه فترة من الزمن، وكان له صلة بوالدي وأبناء عمي ومصاهرة، وسكناه الرياض بعد ما انتقلت وزارة المعارف وغيرها من الوزارات للرياض.
كما قال لي أحد كبار العاملين في وزارة المعارف: إن الوزارة بعد انتقاله كانت في بيت مستأجر في الحلة، ولم تنتقل
(1) مجلة (المنهل) ذو القعدة 1385 هـ ص 866.
(2)
(مشاهير علماء نجد وغيرهم) ص 271.