المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌زوجات أهل الجنة: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٥٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ النقل عن الحنابلة:

- ‌فوائد:

- ‌ النقل عن المالكية:

- ‌ النقل عن الشافعية:

- ‌ النقل عن الحنابلة:

- ‌أولا: حق ولي الأمر في الجباية:

- ‌ثانيا: زكاة عروض التجارة:

- ‌ثالثا: الدين الذي للإنسان على غيره هل تلزمه زكاته

- ‌رابعا: هل الدين يمنع وجوب الزكاة

- ‌خامسا: التعزير:

- ‌الفتاوى

- ‌ استخدام الماء المشمس والسخانات الشمسية

- ‌ الوضوء للصلاة من ماء البحر

- ‌ الوضوء في الحمام

- ‌ فصل بيت الأدب (المرحاض) عن الحمام

- ‌بول الرجل وهو واقف في محل مستور عن الناس

- ‌ وقع شخص بما يسمى بنتر الذكر فكيف يترك هذه العادة

- ‌ ذكر اسم الله في الحمامات المعروفة حاليا

- ‌ يدخل الحمام ويذكر الله عز وجل

- ‌ التسمية والتسبيح والتحميد والتكبير داخل الحمام أثناء الوضوء

- ‌ دخول دورة المياه بالمصحف الشريف

- ‌ دخول الخلاء بالسلاسل التي تحمل اسم الله أو الرسول أو بعض الآيات القرآنية

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌فضل التوبة ووجوب تكرارها إذا لزم الأمر

- ‌الأنبياء معصومون فيما يبلغونه عن الله

- ‌ إزالة الشعر الذي ينبت في وجه المرأة

- ‌ قال في معنى اسم الله الظاهر: أي الظاهر في كل شيء

- ‌الأدعية المستجابة

- ‌من مشاهد يوم القيامة "الجنة

- ‌ البحوث

- ‌التعريف بالجنة:

- ‌بناء الجنة وتربتها:

- ‌أبواب الجنة ودخول المؤمنين منها:

- ‌درجات الجنة:

- ‌الأنهار:

- ‌العيون

- ‌المساكن:

- ‌القصور:

- ‌الخيام:

- ‌الغرف:

- ‌أشجار الجنة وبساتينها:

- ‌ثمار الجنة:

- ‌حيوانات الجنة:

- ‌مشهد الحوت والثور:

- ‌طعام وشراب أهل الجنة:

- ‌لباس وحلي أهل الجنة:

- ‌فرش أهل الجنة:

- ‌خدم أهل الجنة:

- ‌زوجات أهل الجنة:

- ‌سوق الجنة:

- ‌النظر إلى الله عز وجل:

- ‌مشاهد أهل الجنة:

- ‌المبحث الأول: اسمه، ونسبه، وكنيته، ومولده ووفاته:

- ‌المبحث الثاني: علمه وتوثيق العلماء له:

- ‌المبحث الثالث: رحلاته العلمية ومؤلفاته:

- ‌المبحث الرابع: شيوخه وتلاميذه:

- ‌المبحث الخامس: مقارنة ابن إسحاق بغيره:

- ‌المبحث السادس: جرح العلماء له والأجوبة على ذلك:

- ‌رابعا: التدليس:

- ‌خامسا: اتهام محمد بن إسحاق برواية أحاديث في الصفات:

- ‌سادسا: الضعف في الحديث:

- ‌سابعا: حديث ابن إسحاق عن المجهولين والضعفاء:

- ‌ثامنا: روايته عن أبناء اليهود:

- ‌الخاتمة:

- ‌من رواد العلم والتعليم في المملكةالشيخ: محمد بن عبد العزيز المانع

- ‌مقدمة:

- ‌نسبه ومولده:

- ‌نشأته:

- ‌رحلته في طلب العلم:

- ‌شيوخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌مؤلفاته:

- ‌أعماله:

- ‌صفاته وآثاره:

- ‌الأوراق والمكتبة:

- ‌ذكريات تلاميذه:

- ‌وفاته:

- ‌خاتمة:

- ‌الملاحق

- ‌واجب الشباب

- ‌وجوب الحذر من استقدام غير المسلمين

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌زوجات أهل الجنة:

قال ابن جرير: " كأنهم لؤلؤ في بياضه وصفائه، مكنون: يعني مصون في كن فهو أنقى له وأصفى لبياضه "(1) وقال تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا} (2). قال صديق حسن خان: " أي: إذا نظرت إليهم ظننتهم لمزيد حسنهم وصفاء ألوانهم ونضارة وجوههم وانبثاثهم في مجالسهم، لؤلؤا مفرقا، قال عطاء: يريد في بياض اللؤلو وحسنه، واللؤلؤ إذا نثر من الخيط على البساط كان أحسن منه منظوما "(3).

مما مر معنا نجد أن خدم أهل الجنة مخلدون لا يموتون ولا يتغيرون بأي حال من الأحوال، قد شبههم المولى عز وجل باللؤلؤ الذي كان محفوظا في كن لم يتعرض لأي مؤثر من المؤثرات التي تغير حاله، فإذا نثر فإذا هو يتلألأ من وضاءته وجماله، فهؤلاء خدم أهل الجنة فكيف بالمخدومين، إنه فضل الله يؤتيه من يشاء.

(1) جامع البيان عن تأويل آي القرآن 27/ 29.

(2)

سورة الإنسان الآية 19

(3)

فتح البيان في مقاعد القرآن 10/ 178 دار الفكر العربي.

ص: 202

‌زوجات أهل الجنة:

من تمام اللذة واكتمال الغبطة الزوجة، فبها يحصل الأنس، وتحصل الفرحة، ويكون التمتع، فإذا كان في الدنيا يعتري ذلك شيء من النغص والضيق وحصول المشاكل وعدم اكتمال الغبطة واللذة والتمتع، إلا أن الله عز وجل حقق بغية عباده المؤمنين في الجنة بما تشتهيه أنفسهم وتلذ به أعينهم. والزوجات من ضمن

ص: 202

ذلك النعيم.

قال الله تعالى: {وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (1). أي: في جنات رب العالمين يكون لهم فيها الزوجات الطاهرات من كل خبث ومن كل سوء. قال ابن القيم رحمه الله تعالى: " والمطهرة من طهرت من الحيض والبول والنفاس والغائط والمخاط والبصاق وكل قذر وكل أذى يكون من نساء الدنيا، فطهر مع ذلك باطنها من الأخلاق السيئة، والصفات المذمومة، وطهر لسانها من الفحش والبذاء، وطهر طرفها من أن تطمح به إلى غير زوجها، وطهرت أثوابها من أن يعرض لها دنس أو وسخ "(2) عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لروحة في سبيل الله أو غدوة خير من الدنيا وما فيها ولقاب على

(1) سورة البقرة الآية 25

(2)

حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح باب 53 ذكر نساء أهل الجنة وأصنافهن وحسنهن وأوصافهن وجمالهن ص 165.

(3)

رواه البخاري في صحيحه (كتاب الجهاد) باب 6 حديث 2796، ورواه الترمذي في (كتاب فضائل الجهاد) باب 17 حديث 1651.

ص: 203

رأسها خير من الدنيا وما فيها (1)». لقد اتصفت الزوجات في الجنة بصفات عجيبة من الحسن والجمال والأدب وحسن المقال، وهذا جزاء من الرب الكريم على ما كان من عباده المتقين من طيب الأعمال. قال تعالى:{كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} (2). على ما كان من العطاء الجزيل من المولى عز وجل من النعيم لعباده، كذلك يزوجهم بالحور العين.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: " والحور: جمع حوراء، وهي المرأة الشابة الحسناء البيضاء شديدة سواد العين "(3). وفي معرض تعداد نعم الله تعالى على عباده في الجنة قال تعالى: {وَحُورٌ عِينٌ} (4){كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} (5).

قال صديق حسن خان: " {كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} (6) أو المصون في الصفاء والنقاء، شبهن باللؤلؤ المكنون، وهو الذي لم تمسه الأيدي ولا وقع عليه الغبار، والشمس والهواء، فهو أشد ما يكون صفاء. قال ابن عباس: " المكنون: المخزون الذي في الصدف " (7). قال تعالى: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} (8). قال

(1)(3) قوس أحدكم من الجنة أو موضع قيد- يعني سوطه- خير من الدنيا وما فيها. ولو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما، ولملأته ريحا، ولنصيفها

(2)

سورة الدخان الآية 54

(3)

حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح باب 53 ص 166.

(4)

سورة الواقعة الآية 22

(5)

سورة الواقعة الآية 23

(6)

سورة الواقعة الآية 23

(7)

فتح البيان في مقاصد القرآن 7/ 259.

(8)

سورة الرحمن الآية 58

ص: 204

الزمخشري: " قيل: هن في صفاء الياقوت وبياض المرجان وصغار الدر أنصع بياضا "(1).

وقال تعالى: {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} (2). قال " ابن جرير رحمه الله تعالى: " شبهن في بياضهن، وأنهن لم يمسهن قبل أزواجهن إنس ولا جان ببياض البيض الذي هو داخل القشر، وذلك هو الجلدة الملبسة المح قبل أن تمسه يد أو شيء غيرها، وذلك لا شك هو المكنون، فأما القشرة العليا فإن الطائر يمسها، والأيدي تباشرها، والعش يلقاها. والعرب تقول لكل مصون مكنون ما كان ذلك الشيء لؤلؤا كان أو بيضا أو متاعا. . . " (3).

وقال تعالى: {وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا} (4). قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى: " النواهد اللاتي لم ينكسر ثديهن من شبابهن وقوتهن ونضارتهن على سن واحد متقارب. ومن عادة الأتراب أن يكن متآلفات، متعاشرات، وذلك السن الذي هن فيه ثلاث وثلاثون سنة أعدل ما يكون من الشباب "(5).

وقال تعالى: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} (6).

(1) الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل.

(2)

سورة الصافات الآية 49

(3)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن 23/ 57.

(4)

سورة النبأ الآية 33

(5)

تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 7/ 555.

(6)

سورة الرحمن الآية 56

ص: 205

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: " وصفهن سبحانه وتعالى بقصر الطرف في ثلاثة مواضع: أحدها: هذا. والثاني: قوله تعالى في الصافات: {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ} (1). والثالث: قوله تعالى في ص: {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ} (2) والمفسرون كلهم على أن المعنى قصرن طرفهن على أزواجهن فلا يطمحن إلى غيرهم. وقيل: قصرن طرف أزواجهن فلا يدعهم حسنهن وجمالهن أن ينظروا إلى غيرهن، وهذا صحيح من جهة المعنى، وأما من جهة اللفظ فقاصرات صفة مضافة إلى الفاعل لحسان الوجوه، وأصله قاصر طرفهن أي: ليس بطامح متعد "(3).

وقال رحمه الله تعالى: " {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} (4) أي لم يمسسن. قال المفسرون: لم يطأهن ولم يغشهن ولم يجامعهن، هذه ألفاظهم وهم مختلفون في هؤلاء، فبعضهم يقول: هن اللواتي أنشئن في الجنة من حورها، وبعضهم يقول: يعني نساء الدنيا أنشئن خلقا آخر أبكارا كما وصفن. قال الشعبي: نساء من نساء الدنيا لم يمسسن منذ أنشئن خلقا. وقال مقاتل: لأنهن خلقن في الجنة. وقال عطاء عن ابن عباس: هن الآدميات اللاتي متن أبكارا. وقال الكلبي: لم يجامعهن في هذا الخلق الذي أنشئن فيه إنس ولا جان. قلت- ابن القيم -: " ظاهر القرآن أن هؤلاء النسوة لسن من نساء الدنيا؛ وإنما هن من الحور

(1) سورة الصافات الآية 48

(2)

سورة ص الآية 52

(3)

حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح باب 53 فصل 1 ص167.

(4)

سورة الرحمن الآية 56

ص: 206

العين، وأما نساء الدنيا فقد طمثهن الإنس، ونساء الجن قد طمثهن الجن، والآية تدل على ذلك " (1). وقال تعالى:{فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} (2){فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (3){حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} (4). قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى: " أي: في الجنات خيرات الأخلاق حسان الأوجه، فجمعن بين جمال الظاهر والباطن، وحسن الخلق والخلق، محبوسات في خيام اللؤلؤ قد تهيأن وأعددن أنفسهن لأزواجهن، ولا ينفي ذلك خروجهن في البساتين ورياض الجنة، كما جرت العادة لبنات الملوك المخدرات الخفرات "(5)(6).

وقال تعالى: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً} (7){فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا} (8){عُرُبًا أَتْرَابًا} (9) قال صديق حسن خان: " قيل: هن الحور العين، أنشأهن الله لم تقع عليهن الولادة ولم يسبقن بخلق. وإنهن لسن من نسل آدم عليه السلام، بل مخترعات، وهو ما جرى عليه أبو عبيدة وغيره. وقيل: المراد نساء بني آدم، والمعنى أن الله سبحانه أعادهن بعد الموت إلى حال الشباب، والنساء وإن لم يتقدم لهم ذكر لكنهن قد دخلن في أصحاب اليمين، فتلخص أن نساء الدنيا يخلقهن الله في القيامة خلقا جديدا من غير توسط ولادة خلقا

(1) نفس المرجع السابق ص 168.

(2)

سورة الرحمن الآية 70

(3)

سورة الرحمن الآية 71

(4)

سورة الرحمن الآية 72

(5)

الخفر: بالتحريك شدة الحياء. لسان العرب مادة (خفر) 4/ 253.

(6)

تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 7/ 258.

(7)

سورة الواقعة الآية 35

(8)

سورة الواقعة الآية 36

(9)

سورة الواقعة الآية 37

ص: 207

يناسب البقاء والدوام، وذلك يستلزم كمال الخلق، وتوفر القوى الجسمية، وانتفاء سمات النقص، كما أن خلق الحور العين على ذلك الوجه " (1).

وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى: " {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا} (2) صغارهن وكبارهن، وعموم ذلك يشمل الحور العين ونساء أهل الدنيا، وأن هذا الوصف- وهو البكارة ملازم لهن في جميع الأحوال؟ كما أن كونهن {عُرُبًا أَتْرَابًا} (3) ملازم لهن في كل حال. والعروب هي: المرأة المتحببة إلى بعلها، وحسن هيئتها ودلالها وجمالها ومحبتها، فهي التي إن تكلمت سبت العقول، وود السامع أن كلامها لا ينقضي، خصوصا عند غنائهن بتلك الأصوات الرخيمة، والنغمات المطربة، وإن نظر إلى أدبها وسمتها ودلها ملأت قلب بعلها فرحا وسرورا، وإن انتقلت من محل إلى آخر امتلأ ذلك الموضع منها ريحا طيبا ونورا. والأتراب: اللاتي على سن واحدة ثلاث وثلاثين سنة التي هي غاية ما يتمنى، أكمل سن الشباب، فنساؤهم عرب أتراب، متفقات مؤتلفات، راضيات مرضيات، ولا يحزن ولا يحزن بل هن أفراح النفوس، وقرة العيون، وجلاء الأبصار "(4).

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

«أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر، لا يبصقون فيها، ولا يمتخطون، ولا يتغوطون. آنيتهم فيها الذهب،

(1) فتح البيان في مقاصد القرآن 9/ 262 دار الفكر العربي.

(2)

سورة الواقعة الآية 36

(3)

سورة الواقعة الآية 37

(4)

تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 7/ 267.

ص: 208

أمشاطهم من الذهب والفضة، ومجامرهم الألوة، ورشحهم المسك. ولكل واحد منهم زوجتان، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم قلب واحد، يسبحون الله بكرة وعشيا (1)». وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:«إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والتي تليها على أضوء كوكب دري في السماء. لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم، وما في الجنة أعزب (2)» . وعن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أول زمرة يدخلون الجنة يوم القيامة ضوء وجوههم على مثل ضوء القمر ليلة البدر، والزمرة الثانية على مثل أحسن كوكب دري في السماء. لكل رجل منهم زوجتان، على كل زوجة سبعون حلة، يرى مخ ساقها من ورائها (3)» .

وعن المقدام بن معدي كرب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

«للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة، ويرى

(1) رواه البخاري في صحيحه (كتاب بدء الخلق) 8 حديث 3245، ورواه مسلم في صحيحه (كتاب الجنة) حديث 2834، ورواه الترمذي (كتاب الجنة) باب 7 حديث 2537.

(2)

رواه مسلم في صحيحه (كتاب الجنة) حديث 2834.

(3)

رواه الترمذي في (كتاب صفة الجنة) باب 5 حديث 2535، وقال هذا حديث حسن.

(4)

رواه الترمذي في (فضائل الجهاد) باب 25 حديث 1663، وقال حديث حسن صحيح غريب، ورواه ابن ماجه في (كتاب الجهاد) باب 16 حديث 2799.

ص: 209

مقعده من الجنة (2)».

على ما كان من المولى عز وجل من الخلقة السوية لزوجات المؤمنين في الجنة، ومن الجمال، ومن الأدب، والخلق، والخصال الفاضلة الكثيرة، والتي وقفنا على البعض منها، ومما لا تتصوره العقول، إلا أن الأمر فوق ذلك وأعظم.

ولقد جعل سبحانه وتعالى القوة القادرة والكافية للمؤمنين؛ ليتمكنوا من اللذة، وبما يتلاءم مع تلك الزوجات. فقد أعطى سبحانه وتعالى لكل مؤمن قوة مائة رجل.

عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال.

«يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا من الجماع ". قيل: يا رسول الله أو يطيق ذلك؟ قال: " يعطى قوة مائة (3)» .

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: " والأحاديث الصحيحة إنما فيها أن لكل منهم زوجتين، وليس في الصحيح زيادة على

(1) دفعة: بفتح الدال المهملة وسكون الفاء: هي الدفعة من الدم. تحفة الأحوذي 5/ 303. (4)

(2)

(1)، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه

(3)

رواه الترمذي في (كتاب صفة الجنة) باب 6 حديث 2536 وقال حديث صحيح غريب.

ص: 210

ذلك، فإن كانت هذه الأحاديث محفوظة، فإما أن يراد بها ما لكل واحد من السراري زيادة على الزوجتين ويكونون في ذلك على حسب منازلهم في القلة والكثرة كالخدم والولدان، وإما أن يراد أنه يعطى قوة من يجامع هذا العدد ويكون هذا هو المحفوظ، فرواه بعض هؤلاء بالمعنى، فقال: له كذا وكذا زوجة. وقد روى الترمذي في جامعه من حديث قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا من الجماع " قيل: يا رسول الله، أو يطيق ذلك؟ قال: " يعطى قوة مائة (1)» . هذا حديث صحيح، فلعل من رواه يفضي إلى مائة عذراء رواه بالمعنى، أو يكون تفاوتهم في عدد النساء بحسب تفاوتهم في الدرجات. والله أعلم. ولا ريب أن للمؤمن في الجنة أكثر من اثنتين لما في الصحيحين من حديث أبي عمران الجوني عن أبي بكر عن عبد الله بن قيس عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن للعبد المؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة مجوفة، طولها ستون ميلا، للعبد المؤمن فيها أهلون، فيطوف عليهم، لا يرى بعضهم بعضا (3)» .

في الجنة تتحقق أمنية المتمنين، وتحصل رغبة الراغبين، مما يخطر على البال، وتشتهي الأنفس، وذلك بفضل أرحم الراحمين.

(1) سنن الترمذي صفة الجنة (2536).

(2)

رواه البخاري في صحيحه (كتاب بدء الخلق) باب 8 حديث 3243، ورواه مسلم (كتاب الجنة) حديث 2538.

(3)

حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح باب 53 فصل 7 ص 175. (2)

ص: 211

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة كما يشتهي (1)» .

قال الترمذي: " وقد اختلف أهل العلم في هذا، فقال بعضهم: في الجنة جماع ولا يكون ولد، هكذا روي عن طاوس ومجاهد وإبراهيم النخعي. وقال محمد- يعني البخاري - قال إسحاق بن إبراهيم في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا اشتهى المؤمن الولد في الجنة كان في ساعة واحدة كما يشتهي ولكن لا يشتهي (2)» قال محمد- يعني البخاري -: وقد روي عن أبي رزين العقيلي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أهل الجنة لا يكون لهم فيها ولد (3)»

وفي مشهد مؤنس للمؤمنين في الجنة نجد الحوريات يطربن أزواجهن بالغناء الذي يهز الأشواق، ويرقق القلوب، ويجلب الفرحة والسرور.

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال.

«إن أزواج أهل الجنة ليغنين أزواجهن بأحسن أصوات ما سمعها أحد قط. إن مما يغنين: نحن الخيرات الحسان، أزواج قوم كرام، ينظرن بقرة أعيان. وإن مما يغنين به: نحن الخالدات فلا يمتنه، نحن الآمنات فلا يخفنه، نحن المقيمات فلا يظعنه (4)»

(1) رواه الترمذي في (كتاب صفة الجنة) باب 23 حديث 2563، وقال حديث حسن غريب.

(2)

سنن الترمذي صفة الجنة (2563)، سنن ابن ماجه الزهد (4338)، سنن الدارمي الرقاق (2834).

(3)

رواه الترمذي في (كتاب صفة الجنة) باب 23 انظر سنن الترمذي 4/ 696. دار إحياء التراث العربي (تحقيق وتعليق إبراهيم عطوة علي).

(4)

صحيح الجامع الصغير 2/ 48 حديث رقم 1557 وصححه الألباني. .

ص: 212