الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يا محمد. . . . قال اليهودي: فمن أول الناس إجازة؟ قال: " فقراء المهاجرين ". قال اليهودي: فما تحفتهم حين يدخلون الجنة؟ قال: " زيادة كبد النون ". قال: فما غذاؤهم (4)»
وفي هذا الحديث جاء ذكر الحوت، وهو ما يقدم زيادة كبده تحفة لأهل الجنة، وإن ذكر في هذه الرواية بعد ذكر فقراء المهاجرين إلا أن المراد أهل الجنة كما وضحته رواية البخاري المذكورة وغيرها، ثم ثور الجنة الذي يأكل من أطرافها ويكون غداء للمؤمنين.
وليس ما ذكرنا فقط هو ما في الجنة من الحيوانات، بل كل ما يتمنى المؤمن يكون موجودا. فلله الحمد والمنة.
(1) رواه مسلم في صحيحه (كتاب الحيض) حديث 215.
(2)
إجازة: الإجازة بمعنى الجواز والعبور. صحيح مسلم 1/ 252 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي. (1)
(3)
تحفتهم: بإسكان الحاء وفتحها، لغتان وهي ما يهدى إلى الرجل ويخص به ويلاطف. نفس المرجع السابق. (2)
(4)
(3) على أثرها؟ قال: "ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها "، قال: فما شرابهم عليه؟ قال: " من عين تسمى سلسبيلا "، قال: صدقت. . . .
طعام وشراب أهل الجنة:
قال الله تعالى: يطاف عليهم بصحاف (1) من ذهب وأكواب (2){وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (3).
(1) الصحاف: جمع صحفة: إناء من آنية الطعام. المعجم الوسيط 1/ 508.
(2)
الأكواب: جمع كوب، المستدير الرأس الذي لا أذن له. معاني القرآن للفراء 3/ 37.
(3)
سورة الزخرف الآية 71
جميع أنواع المأكولات والمشروبات تكون تحت طلب المؤمن في الجنة، فما من شيء يشتهيه إلا ويأتي إليه، مما لذ وطاب من الطعام والشراب.
عن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول.
هذا أدنى أهل الجنة وليس فيهم دني، فكيف بمن هو فوق ذلك؟
(1) روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني 25/ 98. وقال الألوسي: أخرجه ابن المبارك وابن أبي الدنيا في صفة الجنة والطبراني في الأوسط بسند رجاله ثقات.
(2)
زاد المسير في علم التفسير 7/ 328.
وقال الله تعالى: {وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ} (1) وقال تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} (2) وقال تعالى: {وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} (3) وقال تعالى: {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ} (4){وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} (5) وقال تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} (6) وقال تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (7).
وعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كنت قائما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء حبر من أحبار اليهود فقال: السلام عليك يا محمد. . . وحتى أن اليهودي قال: فما تحفتهم حين يدخلون الجنة؟ قال: " زيادة كبد النون "، قال: فما غذاؤهم على أثرها؟ قال: "ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها " قال فما شرابهم عليه؟ قال: " من عين تسمى سلسبيلا "، قال: صدقت. . . (8)» .
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله. صلى الله عليه وسلم قال: «تكون الأرض يوم القيامة خبزة (9) واحدة
(1) سورة الأنبياء الآية 102
(2)
سورة فصلت الآية 31
(3)
سورة الطور الآية 22
(4)
سورة الواقعة الآية 20
(5)
سورة الواقعة الآية 21
(6)
سورة الحاقة الآية 24
(7)
سورة المرسلات الآية 43
(8)
سبق تخريجه وبيان غريبه قريبا.
(9)
رواه مسلم في صحيحه (كتاب صفات المنافقين وأحكامهم) حديث 2792، ورواه البخاري في صحيحه (كتاب الرقاق) باب 44 حديث 6520.
يكفؤها الجبار بيده، كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا (1) لأهل الجنة "، قال: فأتى رجل من اليهود، فقال: بارك الرحمن عليك، أبا القاسم، ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة؟ قال: " بلى " قال: تكون الأرض خبزة واحدة! كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فنظر إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك حتى بدت نواجذه. قال: ألا أخبرك بإدامهم؟ قال: " بلى " قال: إدامهم بالام ونون. قالوا: وما هذا؟ قال: " ثور ونون يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفا».
وعجبا مما كنا نسمعه من الروايات والحكايات الخيالية بأن الأرض كانت طعاما أو شيئا من هذا، ولكن الأمر بعكس ما كنا
(1) نزلا: هو ما يعد للضيف عند نزوله. نفس المرجع السابق.
نسمع، فالأرض ستصبح طعاما نزلا لأهل الجنة فسبحان من بيده أمر كل شيء وهو على كل شيء قدير.
وقال الله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا} (1){عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا} (2) وقال تعالى: {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا} (3){قَوَارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا} (4){وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا} (5){عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا} (6).
من نعيم الجنة الطعام والشراب. فنجد في الآية الأولى أن الشراب ممزوج بالكافور ليوافق اللذة والشهية عند المؤمنين، كما نجد في الآية الأخيرة (7) أن الشراب قد مزج بالزنجبيل، وهذا من كمال فضل الله تعالى على عباده المؤمنين، كما نرى في الآيات التي معنا أن الأواني التي يقدم فيها الطعام أو الشراب أواني من فضة وأكواب من قوارير من فضة، وهذا لتتم السعادة في الجنة لعباد الله المؤمنين.
قال الله تعالى: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} (8){بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ} (9){لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ} (10).
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: " أما الأكواب فهي الكيزان التي لا خراطيم لها ولا آذان، والأباريق التي جمعت الوصفين، والكؤوس الهنايات. والجميع من خمر من عين جارية معين،
(1) سورة الإنسان الآية 5
(2)
سورة الإنسان الآية 6
(3)
سورة الإنسان الآية 15
(4)
سورة الإنسان الآية 16
(5)
سورة الإنسان الآية 17
(6)
سورة الإنسان الآية 18
(7)
هذه الآيات سبق تفسيرها عند الكلام عن عيون الجنة.
(8)
سورة الواقعة الآية 17
(9)
سورة الواقعة الآية 18
(10)
سورة الواقعة الآية 19
ليس من أوعية تنقطع وتفرغ، بل من عيون سارحة. لا تصدع رءوسهم ولا تنزف عقولهم، بل هي ثابتة مع الشدة المطربة واللذة الحاصلة " (1).
وقد بين تعالى نوعا آخر من أنواع الشراب للأبرار، فقال تعالى:{يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ} (2){خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} (3){وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ} (4){عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ} (5).
يشربون من خمر الجنة التي لا كدر فيها ولا زوال عقل، لا يفك ختم إنائها إلا هم نهاية شرابها طعم المسك.
قال ابن مسعود وابن عباس ومسروق وقتادة وغيرهم:
" يشربها المقربون صرفا، وتمزج لأصحاب اليمين مزجا "(6). وقال تعالى: {يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ} (7){بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} (8){لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ} (9)
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى: " أي يتردد عليهم الولدان المستعدون لخدمتهم بالأشربة اللذيذة، بالكاسات الجميلة المنظر، المترعة من الرحيق المختوم بالمسك، وهي كاسات الخمر. وتلك الخمر تخالف خمر الدنيا من كل وجه، فإنها في لونها (بيضاء) من أحسن الألوان، وفي طعمها
(1) تفسير القرآن العظيم 4/ 446.
(2)
سورة المطففين الآية 25
(3)
سورة المطففين الآية 26
(4)
سورة المطففين الآية 27
(5)
سورة المطففين الآية 28
(6)
تفسير القرآن العظيم 4/ 766.
(7)
سورة الصافات الآية 45
(8)
سورة الصافات الآية 46
(9)
سورة الصافات الآية 47