الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الشوكاني: " السندس: ما رق من الديباج. والإستبرق: ما غلظ منه. . . إلى أن قال: ذكر سبحانه هنا أنهم يحلون بأساور الفضة، وفي سورة فاطر: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} (1) وفي سورة الحج: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا} (2) ولا تعارض بين هذه الآيات لإمكان الجمع بأن يجعل لهم سوارات من ذهب وفضة ولؤلؤ، أو بأن المراد أنهم يلبسون سوارات الذهب تارة، وسوارات الفضة تارة، وسوارات اللؤلؤ تارة، أو أنه يلبس كل أحد منه ما تميل إليه نفسه من ذلك "(3).
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: «أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بثوب من حرير، فجعلوا يعجبون من حسنه ولينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أفضل من هذا (4)» .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من يدخل الجنة ينعم لا يبأس، لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه (5)» .
(1) سورة فاطر الآية 33
(2)
سورة الحج الآية 23
(3)
فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير 5/ 352.
(4)
رواه البخاري في صحيحه (كتاب بدء الخلق) باب 8 حديث 3249، ورواه مسلم (كتاب فضائل الصحابة) حديث 2468.
(5)
رواه مسلم في صحيحه (كتاب الجنة) حديث 2836.
فرش أهل الجنة:
لقد فرشت منازل المؤمنين بالحرير، وصفت الأرائك من السرر المنسوجة بقضبان الذهب على صف واحد في تلك المنازل؛ للاتكاء على ذلك، وأخذ كمال الحرية، وبلوغ غاية الانبساط والسرور والانشراح. قال الله تعالى:{فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ} (1){وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ} (2){وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ} (3){وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ} (4).
(1) سورة الغاشية الآية 13
(2)
سورة الغاشية الآية 14
(3)
سورة الغاشية الآية 15
(4)
سورة الغاشية الآية 16
قال ابن كثير: ". {فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ} (1) أي: عالية ناعمة كثيرة الفرش مرتفعة السمك عليها الحور العين، قالوا فإذا أراد ولي الله أن يجلس على تلك السرر العالية تواضعت له. {وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ} (2) يعني أواني الشرب معدة مرصدة لمن أرادها من أربابها. {وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ} (3) قال ابن عباس: النمارق: الوسائد، وكذا قال عكرمة وقتادة والضحاك والسدي والثوري وغيرهم. {وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ} (4) قال ابن عباس: الزرابي: البسط، وكذا قال الضحاك وغير واحد. ومعنى مبثوثة أي: هاهنا وهاهنا لمن أراد الجلوس عليها "(5).
وقال تعالى: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} (6) ثم نشاهد المؤمنين وهم يتنعمون على تلك الفرش وهم في غاية الانبساط، كما قال تعالى مبينا ذلك:{مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا} (7) وكما قال تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} (8) وكما قال تعالى: {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ} (9){مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ} (10)" قيل: الموضونة: المنسوجة بقضبان الذهب، وقيل: المصفوفة "(11). وقال تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} (12)
(1) سورة الغاشية الآية 13
(2)
سورة الغاشية الآية 14
(3)
سورة الغاشية الآية 15
(4)
سورة الغاشية الآية 16
(5)
تفسير القرآن العظيم 4/ 794.
(6)
سورة الواقعة الآية 34
(7)
سورة الكهف الآية 31
(8)
سورة الطور الآية 20
(9)
سورة الواقعة الآية 15
(10)
سورة الواقعة الآية 16
(11)
انظر أضواء البيان 3/ 148 طبعة الأمير أحمد بن عبد العزيز. سورة الرحمن، الآية 54.
(12)
سورة الرحمن الآية 54
قال ابن جرير: " يقول تعالى ذكره: بطائن هذه الفرش من غليظ الديباج، والإستبرق عند العرب ما غلظ من الديباج وخشن "(1). قال ابن مسعود رضي الله عنه: " قد أخبرتم بالبطائن، فكيف لو أخبرتم بالظواهر؟ "(2).
وقال تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} (3). قال البغوي: " قال سعيد بن جبير: الرفرف: رياض الجنة، خضر: مخضبة، ويروى ذلك عن ابن عباس، واحدتها رفرفة، وقال: الرفارف جمع الجمع، وقيل: الرفوف: البسط، وهو قول الحسن ومقاتل والقرظي. وروى العوفي عن ابن عباس: الرفرف: فضول المجالس والبسط. وقال الضحاك وقتادة: هي مجالس خضر فوق الفرش. وقال ابن كيسان: هي المرافق. وقال ابن عيينة: الزرابي. وقال غيره: كل ثوب عريض عند العرب فهو رفرف. {وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} (4) هي الزرابي والطنافس الثخان، وهي جمع واحدتها عبقرية. وقال قتادة: العبقري: عتاق الزرابي. وقال أبو العالية: هي الطنافس المخملة إلى الرقة. وقال القتيبي: كل ثوب موشى عند العرب عبقري. وقال أبو عبيدة هو منسوب إلى أرض يعمل بها الوشي. قال الخليل: كل جليل نفيس فاخر من الرجال وغيرهم عند العرب عبقري، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في عمر رضي الله عنه:«فلم أر عبقريا يفري فريه (6)»
(1) جامع البيان عن تأويل أي القرآن 27/ 149 الطبعة الحلبية بمصر.
(2)
نفس المرجع السابق.
(3)
سورة الرحمن الآية 76
(4)
سورة الرحمن الآية 76
(5)
رواه البخاري في صحيحه (كتاب فضائل الصحابة) باب 6 حديث 3682 وهو قطعة من حديث رواه عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أريت في المنام أني أنزع بدلو بكرة على قليب فجاء أبو بكر فنزع ذنوبا أو ذنوبين نزعا ضعيفا والله يغفر له، ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غربا فلم أر عبقريا يفري فريه حتى روى الناس وضربوا بعطن " ورواه مسلم في صحيحه (كتاب فضائل الصحابة) حديث 2393، ورواه أحمد في المسند 2/ 28.
(6)
تفسير البغوي المسمى معالم التنزيل 4/ 278. (5)