الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هي جنة طابت وطاب نعيمها
…
فنعيمها باق وليس بفان
دار السلام وجنة المأوى ومنزل
…
عسكر الإيمان والقرآن
فالدار دار سلامة وخطابهم
…
فيها سلام واسم ذي الغفران
التعريف بالجنة:
الجنة: " هي دار النعيم في الدار الآخرة، من الاجتنان وهو الستر، لتكاثف أشجارها وتظليلها بالتفاف أغصانها.
قال: وسميت بالجنة وهي المرة الواحدة من مصدر جنه جنا إذا ستره، فكأنها سترة واحدة لشدة التفافها وإظلالها " (1).
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: " ولما علم الموفقون ما خلقوا له وما أريد بإيجادهم رفعوا رؤوسهم فإذا علم الجنة قد رفع لهم فشمروا إليه، وإذا صراطها المستقيم قد وضح لهم فاستقاموا عليه، ورأوا من أعظم الغبن بيع ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر في أبد لا يزول ولا ينفد بصبابة عيش إنما هو كأضغاث أحلام أو كطيف زار في المنام، مشوب بالنغص، ممزوج بالغصص إن أضحك قليلا أبكى كثيرا، وإن سر يوما أحزن شهورا.
آلامه تزيد على لذاته، وأحزانه أضعاف مسراته، أوله مخاوف، وآخره متالف، فيا عجبا من سفيه
(1) لسان العرب مادة (جنن) 13/ 100.
في صورة حليم، ومعتوه في مسلاخ (1) عاقل، آثر الحظ الفاني الخسيس على الحظ الباقي النفيس، وباع جنة عرضها السماوات والأرض بسجن ضيق بين أرباب العاهات والبليات؛ ومساكن طيبة في جنات عدن تجري من تحتها الأنهار بأعطان ضيقة آخرها الخراب والبوار؛ وأبكارا عربا أترابا كأنهن الياقوت والمرجان بقذرات دنسات سيئات الأخلاق، مسافحات أو متخذات أخدان؛ وحورا مقصورات في الخيام بخبيثات مسيبات بين الأنام؛ وأنهارا من خمر لذة للشاربين بشراب بخس مذهب للعقل مفسد للدنيا والدين؛ ولذة النظر إلى وجه العزيز الرحيم بالتمتع برؤية الوجه القبيح الدميم؛ وسماع الخطاب من الرحمن بسماع المعازف والغناء والألحان؛ والجلوس على منابر اللؤلؤ والياقوت والزبرجد يوم المزيد بالجلوس في مجالس الفسوق مع كل شيطان مريد؛ ونداء المنادي يا أهل الجنة إن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا، وتحيوا فلا تموتوا، وتقيموا فلا تظعنوا له، وتشبوا فلا تهرموا، بغناء المغنين.
وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي
…
متأخر عنه ولا متقدم
(1) المسلاخ: الجلد، ويقال في المدح والذم: هو ملك أو حمار في مسلاخ إنسان. المعجم الوسيط 1/ 442.
أجد الملامة في هواك لذيذة
…
حبا لذكرك فليلمني اللوم
وإنما يظهر الغبن الفاحش في هذا البيع يوم القيامة، وإنما يتبين سفه بائعه يوم الحسرة والندامة، إذا حشر المتقون إلى الرحمن وفدا، وسيق المجرمون إلى جهنم وردا، ونادى المنادي على رءوس الأشهاد، ليعلمن أهل الموقف من أولى بالكرم من بين العباد، فلو توهم المتخلف عن هذه الرفقة ما أعد الله لهم من الإكرام، وادخر لهم من الفضل والإنعام، وما أخفي لهم من قرة أعين لم يقع على مثلها بصر، ولا سمعته أذن ولا خطر على قلب بشر، لعلم أي بضاعة أضاع، وأنه لا خير في حياته وهو معدود من سقط المتاع، وعلم أن القوم قد توسطوا ملكا كبيرا لا تعتريه الآفات، ولا يلحقه الزوال، وفازوا بالنعيم المقيم في جوار الكبير المتعال، فهم في روضات الجنة يتقلبون، وعلى أسرتها تحت الحجال (1) يجلسون، وعلى الفرش التي بطائنها من استبرق يتكئون، وبالحور العين يتنعمون، وبأنواع الثمار يتفكهون، يطوف عليهم ولدان مخلدون، بأكواب وأباريق وكأس من معين، لا يصدعون عنها ولا ينزفون، وفاكهة مما يتخيرون، ولحم طير مما يشتهون، وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون، جزاء بما كانوا يعملون، يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون.
تالله لقد نودي
(1) الحجال: بيت كالقبة يستر بالثياب ويكون له أزرار، لسان العرب مادة حجل 14/ 11.